إليك أيها التاااريخ .. إلى من سطر بطولات الماضي ، وأحصى عثرات الأمس ، وتوقع إنتصارات الغد . إلى من حمل بين أوراقه خطط القادة وحيل الأوغاد . إلى من امتلأت صفحاته أنين وحرمان ..وصمود ونضال . إلى من اعتاد على الحركة وهجر السكون . إليك أيها التااااااريخ .. وقفت وكلي خجل أمام ما ستضيفه إلي ذاكرة الزمن . أمشي بخطوات متأرجحة عن ما ستحتفظ به لأبنائي لأجيالٍ متعاقبة . ربما سأروي لتقص لاحقاً.. وربما سأحكي لتصغي جيداً .. وربما سأبوح لأرتاح أكثر .. فبماذا أبداااا ..؟!!! أحكي قصة الجمهورية بشكلها الجذاب ، وبمضمونها الملكي الوراثي العبثي . أشرح خطابات الديمقراطية كخيال ، ونظم الدكتاتورية كواقع أُعرف الحرية كمصطلح في بلدٍ يراد بها القيد والأغلال . أكتب كيف انتقلنا من الصفر إلى خانة السوالب ..؟!! أروي عن النساء اللاتي ينمن مع إسطونات الغاز في محطات التعبئة ، وأطفالا خرجوا من المدارس ليحملون السلاح ، وشباب شابوا وهم يقنعون عشاق الموت بجمال الحياة ؟!! وأحياء تحولت إلى أطلال يسكنها الأشباح ولا يسمع فيها غير صدى الرصاص . أأذكر الأم التي رحل إبنها أم الزوجة التي ستعيش على الإنتظار ، والشابة التي تخشى مُّر الفقد والإنكسار . لن أنسى شهر العسل الذي يقضيه المتحاورون والمصلحون وجالبوا الحظ في فنادق العالم . لن أغفر للمناورين خبثهم ، والمحتكرين جشعهم ، والمتقاعسين سواد نياتهم . لن أهمل بالطبع مأساة 25 مليون يمني عاشوا على الكذب وأفاقوا على حقيقة مرة . مهلا .. أتريد أن تعرف حقاً من الجاني .؟!! سأقول لك على عجالة .. حين تُولي السفية على المال .. وتمنح للمجنون أنصار .. وتنصب المعتوه سلطان .. يصبح الوطن بأسره مشفى للأمراض العقلية . فلا يوجد من ينهى ويستهجن ،ولا أحد يبالي إن كنت على صواب ، ولا مصغي لك إن صرخت . فهلا رفقت أيها التاريخ أو إن شئت لا ترفق ، فلعل أسواط الخزي والعار تلحق بهم دنيا ، وخزنة النار تشتاق إليهم في الآخرة.