العمامة لبس من لباس العرب اشتهروا به قديما حتى قيل فيهم "اختصت العرب بأربع: العمائم تيجانها, والدروع حيطانها, والسيوف سيجانها, والشعر ديوانها" وكان العرب يعتبرون ارتداء العمامة رمزا للشرف والسؤدد حتى قال شاعرهم مادحا ومفتخرا "فجاءت به سبط البنان كأنما عمامته بين الرجال لواء". في اليمن ارتبط ارتداء العمامة بفئة معينة من المجتمع اليمني وهم الهاشميون والقضاة وبعض الفقهاء وأئمة العلم, لكن الأحداث الأخيرة في اليمن جعلت من العمامة في تصور البعض رمزا للسلالية والطائفية نظرا لارتباطها كما ذكرنا بالهاشميين والذي يقف الكثير منهم في صف الحركة الحوثية, ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأن مشاكل اليمن وفتنها الطائفية مرتبطة بارتداءها وبمن يرتديها. وللإنصاف والتوضيح أقول أن المشكلة ليست في قطع القماش التي نرتديها أو العمامة التي نضعها فوق رؤوسنا. المصيبة في العقول التي تقبع تحت تلك العمامة أو تحت ذلك الشال أو أعلى تلك الكرفتة الجميلة أو خلف ذلك الشعر الجميل المدهون والذي يتلألأ ظاهرا ويخفي وراءه عقلا لا يزيد قيمة أو أهمية عن العلب الفارغة المرمية على قارعة الطريق أو جوار براميل القمامة (أعز الله القراء) ولو كانت العمامة مشكلة بحد ذاتها لما حملها من حمل إلينا تباشير الإنعتاق والتحرر ممن يدعون السيادة سواءا كانوا "معممين" أو "مقبعين" بالشيلان وما أبو الأحرار محمد محمود الزبيري وزيد الموشكي ومحيي الدين العنسي والحورش وغيرهم من الثوارإلا خير مثال على ذلك. إذا المشكلة لدينا ليست في ما نرتدي أو فيما نضع فوق رؤوسنا, مشكلتنا وأم مصائبنا تكمن في طريقة تفكيرنا في عقولنا التي أبت إلا أن تكون عتبات على سلالم المستبدين تلك العقول التي استمرأت الاستعباد لعقود طويلة من الزمن سواءا لحملة العمامة أو لأصحاب الكرفتة. أما نلاحظ أن هناك أناس يضحون بأرواحهم ويقذفون بأنفسهم إلى فوهات الموت إما من أجل سلالية مقيتة أو من أجل كهل مهووس أثقل كاهله الهوس بالسلطة واستعباد العباد وكثير من هؤلاء للأسف الشديد إما مثقفين أو لديهم قدر لا بأس به من التعليم, لكن طريقة تفكيرهم جعلت منهم أبواقا وفرشات لصقل وتلميع من تصدأت وتشوهت سيرتهم إما بقتل الآلاف بل عشرات الآلاف من اليمنيين أو بظلم الناس وسلب حقوقهم ومقدراتهم لعقود من الزمن ولا حول ولا قوة إلا بالله.