تطل الذكرى الرابعة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962واليمن في وضع شبه كارثي بسبب الحرب المزدوجة والتي تشتعل في عموم المدن اليمنية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا , ومن لم يكتوي بالنيران المباشرة يكتوي بالحالة الاقتصادية المتردية. اليمن 2016 تعاني من انحدار نحو كارثة اقتصادية مريعة وتهديم شبه كامل للبنى التحتية الضرورية لأستمرار سير معيشة الناس.هذا الى جانب غياب الدولة وبالتالي غياب مرافقها الخدمية من صحة وكهرباء ومياه صحية. تأتي ذكرى الثورة الاولى التي نقلت اليمن من حكم ملكي انعزالي مغلق الى الى جمهورية لها دستورها وقوانينها وملمحها الشعبي الديمقراطي.في ظل هذه الظروف الملحمية ليضع الناس تساؤلاتهم الحائرة المتعددة الجوانب: ما الذي حققته ثورة سبتمبر 1962 من مكاسب في كافة المستويات؟ لماذا الاحتفالية بهذه الثورة في ظل هذا الدمار الحادث؟ ثورة سبتمبر 1962 استقامت فوق اشلاء اشخاص اعدموا وسجنوا واخفوا ظلما فلم لم يصحح الوضع؟ ثورة سبتمبر 1962 همشت الكثير من الفئات الاجتماعية وابقت الحال كما كان ولربما اسواء لأن متطلبات الحياة تغيرت كثيرا عما كانت عليه! في المقابل هناك الرأي الاخر المتحمس لهذه الاحتفالية لعدة اسباب: أن 26 من سبتمبر هو اليوم الوطني الاول الذي قام من اجل الجماهير وباسمهم . أن 26 من سبتمبر فتح باب الحياة على مصراعيه لكافة الشرائح الشعبية ولم يناد بسلطة ملك او سلالة أن 26 من سبتمبرهي البداية الاولى لدولة دستوربة قانونية منظمة أن ثورة 26 سبتمبر دعمت الثوار في جنوباليمن ولولاها لما تحرر الجنوب من الاستعمار الذي ظل احقاب طويلة في ذلك الجزء من ارض اليمن. حجج كثيرة يقولها هذا الطرف او ذاك ولكن! هناك التوجسات الشعبية التي يحملها البعض وهم صامتون من قائل: الحوثيون سينتصرون ويعلنوا حكم امامي من جديد. علي عبدالله صالح سينتصر ويعلن نفسه بطل شعبي ثم يدحر الحوثيين وينصب ولده رئيسا كما كان يخطط. السعودية والامريكان سيدعمون حكومة هادي في عدن ويعلنوا الجنوب جمهورية مستقلة محمية بقوات دوليةتحت حجة الحماية من القاعدة . اقليم الجند سيتحرر ويصبح اقليم مستقل للسلفيين وان تبع حكومة الجنوب ظاهريا . وبعد ماهي الطريقة المثلى للتعامل مع كل تلك الهواجس في عقول الناس ؟خاصة واعلام جميع الاطراف لايغني الا لليلاه ولا يري ليلي سواها؟ للجميع الحق فيما يرونه. كيف؟ الطرف الاول وهي فئة كبيرة من الشرائح الاجتماعية من السياسيين والمثقفين والمستنيرين الذين هدفوا الى تحقيق وجودهم وقيمهم التي نادوا بها باسلوب عملي لنهضة البلاد لكنهم ووجهوا باسلوب تعامل وسلوكيات حطمت احلامهم هذا ان لم يكن الكثير منهم قد أغتيل او سجن او اخفي.فاضطر الكثير منهم اما للهجرة خارج البلاد او اعتزال الحياة العامة ولربما الاستقالة من وظائفهم العالية الرتبةوالاكتفاء بما يوفر لهم مصدر عيش لاغير. الفئة الثانية فئة "الهاشميين" والذين ربطوا مباشرة بعد الثورة بالحكم الامامي السابق أعدم من اعدم منهم وشرد من شرد خارج البلاد منهم ومن بقي شاركوا عن مضض او عن رغبة بكل ماوجدوه من الفرص المتاحة لهم. وانوه هنا بل واحذر بان يكون للتيار الحوثي تاثير على انفس الناس بالتفريق بين فئة وفئة اذيجب التفريق بين الامامة التي حكمت وبين الفئة الاجتماعية من " الهاشميون" هؤلاء بينهم من المستنيرين الكثيروكان منهم من ثار على الامامة نفسها وكان هناك من الضباط من انتظم في سلك الثورة وتولوا المناصب العسكرية والسياسية والدبلماسية العلياو تهميش البعض حادث كما هو حادث للكثير من الفئات الاجتماعية الاخرى . لابسبب الثورة نفسها ولكن بسبب وضع اجتماعي ثقافي دام طويلا وليس من السهل التخلص منه ان لم تتكاتف كافة القوى الاجتماعية الاقتصادية السياسية على انهاء ذلك الوضع. الاعدامات والاخفاء لأقطاب من هذه الفئة الاجتماعية تم ايضا نتاج ثقافة ديكتاتورية كرست ان الخلاص ممن يخالف السلطة الرأي لابد من اعدامه. الى جانب ان جل الثورات التي حدثت في العالم ارتكبت أخطاء جسيمة في حق ناس ابرياء وهو نفس ماحدث في اليمن ؟طبعا ليس هذا بالتبرير المنطقي لما حدث وما زال يتكرر الى يومنا هذا من قبل كافة الجهات السلطوية التي أمسكت بجانب من السلطة ايا كانت استراتيجيتها الاعلامية المعلنة لكن الحادث في تصرفات تلك الفئات يخالف ذلك تماما. الرأي الثاني والقائل باحتفالية 26سبتمبر ونبذ التشاؤم والعدمية في التعامل مع الأنجازات الثورية التي غيرت الكثير في الثقافة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية رأي تحليلي اجتماعي صائب. كيف؟ على مدي 1200 عام كانت اليمن خراج للولاة والأئمة في المدن وكان معظم الزراع اجراء في الارض لايملكونها , واظن الكثير من المشائخ الذين عاشوا تلك الفترة مازالون يعيشون بين ظهرانينا ويعلمون انهم انفسهم ماكانوا ينعمون بالاستقرار الا ان وضعوا ابنائهم رهائن في قلاع الأئمة .لايهمني هنا استعراض التاريخ بقدر مايهمني ايضاح البنية الاجتماعية والسياسية التي انبثق منها فجر السادس والعشرين من سبتمبر فجر الجمهورية والذي يعني ان تحكم الجماهير نفسها بنفسها.هذا اليوم غير شكل الدولة نهائيا وهو الثورة بحد ذاتها اذ لم يكن هناك رئيس لليمن من ذلك اليوم الا من الشعب وتغير المفهوم تماما. كون ابن الشعب للاسف خان منبته وتنكر لأصوله وتحول الى دكتاتور للقمع وخازن فردي لأموال الوطن ومعه العصبة التي تكابلت عليه فهو ماسجل انتكاسة لمبادئ الثورة لكنه العيب لافي مبدأ الثورة نفسها ولكم في ثقافة الافراد التي اكتسبوها والتي اعتبروا بها ان السلطة جاه ومال وسيطرة لاوظيفة تؤدى الى ان يأتي من هو الاجدر. أزمة الثورة في اليمن أزمة ديمقراطية ازمة أخلاقية أزمة قيم ومبادئ يومن بها مجتمع كامل ويمارسها منذ طفولة أفراده الاولى. للأسف نحتاج لأحقاب طويلة لكي يتم اصلاح كل ذلك وهذا مايجب ان يحدث الان. الصامتون من المتوجسين ومن لايريدون تجربة السباحة ضد التيار! الامر يكتنفه الغموض اذ كيف ينجح مؤتمر الحوار وتتقارب كل الاطياف ويكاد البدء باعداد الدستور والتصويت لحكومة لها زمنهاعوض الحكومة الانتقالية ان يتم وفجاة يظهر الجميع في صلاة واحدة يتقاتلون عقبها وتسيل الدماء ويهرب الرئيش الانتقالي رغم الحراسة في غرفة نومه وتتدخل السعودية عسكريا وهي التي حاربت الجمهورية اليمنية ونهضتها واغذت حكامها ومشائخها ورؤساء احزابها بالمال للانحراف بسير الثورة؟ كيف يتحالف عبد الملك الحوثي مع رئيس حزب معزول قاد ضده ستة حروب لايعلم الشعب لم كانت ولا من اجل من؟ الحيرة والغموض هو السائد والحقيقة منتظرة ان تظهر,ولكن ما نامله الا تعود الايادي التي ساهمت في دمار اليمن الى الساحة التي نريد لها الشرف والوطنية الخالصة ومعكم ساقف هنا ولن أطيل. لاحياةمع اليأس وسبتمبر الغض مازال يقاوم من يقول انه انهزم واهم . مايحدث الان ماهو الاغربلة لثقافة اجتماعية عاشت الاف الاحقاب في بئرداج من الغيبيات والقبلية والتسلط والمحسوبيات 54 عاماليس بالزمن الكافي لأنهاء كل ذلك ماهو ظاهر على السطح الان هو الغث الذي يلفظه العمق بعد مقاومة شديدة وصراع طويل. لكن ثورة 26 من سبتمبر تظل المهد الاول لثقافتنا الديمقراطية التي ستوصلنا للسلام والتعايش الانساني والتنمية الحقيقية عاش 26 سبتمبر وعاشت كل الثورات التي لاتأتي الا بالسلام.وعمار يايمن. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet