في البداية دعونا نتفق بأن قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية، إلى جانب اللوائح الداخلية المعتمدة في الجامعات، هي من تمثل الأساس لتنظيم عمل تلك الجامعات. وبالتالي فأي قرارات يصدرها هذا المسؤول أو ذاك مهما علت مكانته لا يعتد بها في حال عدم استنادها للقوانين واللوائح النافذة، أما في حال تعارضها مع تلك القوانين واللوائح فتعد هي والعدم سواء، لأن تلك القرارات هي مجرد اجتهادات، بينما القوانين واللوائح تمثل نصوصا، والقاعدة القانونية صريحة وواضحة بأنه (لا اجتهاد مع نص). والملاحظ بأن تصنيف كثير من أعضاء هيئة للتدريس في الجامعات اليمنية الحكومية كمنقطعين تعتمد على تفسيرات مغلوطة بخصوص إجازة التفرغ العلمي والإجازة بدون راتب. وبالعودة إلى قانون الجامعات اليمنية الصادر عام 1995م، وكذلك لائحته التنفيذية الصادرة عام 2007م، سنجد أنهما قد أغفلا تماما عملية تتظيم إجازات التفرغ العلمي والإجازة بدون راتب. تجدر الإشارة بأن جامعة صنعاء باعتبارها الجامعة الأم للجامعات اليمنية كانت قد أصدرت لائحة خاصة بالعمل الأكاديمي ضمن اللوائح الأخرى المنظمة للعمل في مجالات الجامعة الأخرى، كلائحة شؤون الطلاب، ولائحة الدراسات العليا. وقد أطلقت جامعة صنعاء على لائحتها الأكاديمية مسمى (اللائحة المنظمة لأعمال المجلس الأكاديمي)، وتم اعتمادها وبداية العمل بها من العام 2002م، وكانت هذه اللائحة قد صارت بمثابة مرجع لمعظم الجامعات الحكومية. وبعد صدور لائحة تنفيذية لقانون الجامعات اليمنية في العام 2007م تم اتخاذ قرار لاحق باعتماد ماجاء في تلك اللائحة في جميع الجامعات الحكومية، وإيقاف العمل باللوائح الداخلية للجامعات في الجوانب التي نظمتها الللأئخة التنفيذية لقانون الحامعات اليمنية، وبالتالي عدم العمل بلائحة المجلس الأكاديمي في جامعة صنعاء. لكن مثلما قلنا بأن قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية قد أغفلا عملية تنظيم إجازة التفرغ العلمي والإجازة بدون راتب، وهو ما حدا بجامعة صنعاء وغيرها من الجامعات الحكومية لأن تستمر بالعمل بالنصوص الواردة في لائحة المجلس الأكاديمي لجامعة صنعاء، التي نظمت تلك العملية في المادتين التاسعة والعاشرة. واستمر تطبيق لائحة المجلس الأكاديمي ساريا وفقا للتقاليد العلمية المتراكمة حتى السنتين الأخيرتين، حيث بدأت السلطات في صنعاء ممثلة بوزارة التعليم العالي ومعها رئاسات الجامعات الحكومية في المناطق التي تتبعها بالمطالبة بتطبيق قرارات صادرة عن وزارة التعليم العالي على حساب نصوص اللائحة الأكاديمية التي صارت تقليدا متبعا، ولا يجوز إلغاؤها إلا بنصوص قانونية ولائحية بديلة تقوم بتنظيم عملية التفرغ العلمي والإجازة بدون راتب. وبدأت سلطات الجامعات وبصفة خاصة جامعة صنعاء تقدم تعريفات وتفسيرات للتعامل مع المتفرغين علميا أو الحاصلين على إجازات بدون راتب بطريقة طغى عليها المزاج والتعسف وأحيانا التسييس.. حيث بدأوا يتحدثون عن رفض طلب المتفرغ علميا منحه إجازة بدون راتب إثر تفرغه، ويشترطون عودته للعمل ثلاث سنوات، مع أن التقليد العلمي الذي تأسس بناء على نصوص لائحة المجلس الأكاديمي كان يعطي المتفرغ حق مواصلة تفرغه بإجازة بدون راتب، وكان هذا معمول به منذ تأسييس جامعة صنعاء تقريبا. وكأن من يطلب ذلك يريد أن يقول لواضعي تلك اللائحة: بأنكم لم تفهموا نصوص اللائحة التي وضعتموها أنتم، ولذلك فنحن لن نعترف إلا بفهمنا نحن لها، رغم أنكم أنتم من قمتم بإعدادها..!! وبالعودة إلى نصوص لائحة المجلس الأكاديمي في جامعة صنعاء (باعتبارها اللائحة التي نظمت إجازة لتفرغ والإجازة بدون راتب بعد أن أغفل الحديث عنها قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية) سنجد بأنها كانت صريحة وواضحة. فهي في المادة (9) قد نظمت إجازة التفرغ العلمي، وأعطت عضو هيئة التدريس حق أخذه سنة تفرغ مقابل كل أربع سنوت عمل، وتراوحت فيها سنوات إجازة التفرغ من سنة إلى سنتين، مع استثناء لسنة ثالثة لم يتم العمل به إلا نادرا. ثم تحدثت في المادة (10) عن حق عضو هيئة التدريس في أخذ إجازة بدون راتب تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات بعد أن يكون قد أمضى ثلاث سنوات على الأقل عقب تعيينه في الجامعة، حسبما ورد في الفقرة (ب) من المادة. لكن التفسيرات التعسفية ذهبت تتحدث عن ضرورة عودة المتفرغ علميا إلى جامعته ودوامه لثلاث سنوات ليحق له أخذ إجازة بدون مرتب! مع أن نص المادة صريح بعدم ربط الإجازة بدون مرتب بإجازة التفرغ العلمي، حيث نصت اللائحة على حق عضو هيئة التدريس بالحصول على إجازة بدون مرتب بعد ثلاث سنوات من تعيينه، وحقه في الحصول على سنة تفرغ علمي بعد أربع سنوت من تعيينه. علما بأن اللائحة تتعامل مع إجازة التفرغ العلمي على أنها جزء من خدمة عضو هيئة التدريس في الجامعة، لأنها تكون بمرتب كامل، وهدفها يتمثل بالتأهيل العلمي لعضو هيئة للتدريس، لذلك فهي قد اشترطت عليه في المادة (9) الفقرة (هاء) أن يحضر تقريرا مفصلا عن نشاطه الأكاديمي خلال تفرغه، وذلك بعد الانتهاء من إجازة تفرغه مباشرة. ولا يوجد في النص اللائحي أي عبارة يمكن الاستدلال بها للربط بين إجازة التفرغ العلمي والإجازة بدون راتب وعدم جواز أخذهمها على التوالي، وذلك ما فهمه القائمون على الجامعات منذ بدء التعامل مع هذين الحقين (التفرغ والإجازة بدون راتب)، حيث كان يحق للمتفرغ أن يأخذ إجازة دون راتب بعد تفرغه مباشرة، حتى ظهرت لنا التفسيرات الجديدة كانعكاس للصراع العسكري والسياسي القائم في اليمن. وذلك يجعلنا نقول بأنه من حق عضو هيئة التدريس المتفرغ أن يلحق تفرغه بطلب أخذ إجازة بدون راتب، ولا يجوز بأي حال من الأحوال التعامل معه كمنقطع. مع الإشارة هنا بأن لائحة المجلس الأكاديمي في المادة (10) اشترطت في الفقرة (أ) تقدم عضو هيئة التدريس بطلب كتابي للحصول على إجازة بدون راتب، ولم تشترط حضوره الشخصي وفقا للتفسيرات التعسفية التي طرأت علينا، والتي تعارض التقاليد الأكاديمية المعمول به منذ تأسيس جامعة صنعاء. وكان المفترض مراعاة ظروف بعض أعضاء هيئة التدريس الناتجة عن الحرب القائمة في اليمن وليس استغلالها لفصلهم من الجامعة. وبالتالي فإن حديثنا عن عدم جواز أن يأخذ عضو هيئة التدريس إجازة بدون راتب بعد تفرغه العلمي لن يكون إلا اعتسافا واضحا وصريحا لنصوص تلك اللائحة، سيتحمل وزره (أمام الله وأمام القانون) كل من سيتطوع بتقديمه. ولعله من المناسب أن نذكر هنا بأن قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية وبقية اللوائح الداخلية المعمول بها في الجامعات اليمنية تعد كل لا يتجزأ، وبالتالي سيكون عجيبا عندما نتحمس لتطبيق نصوص (ظنية) لنفصل بها عشرات من الكادر الجامعي الأكاديمي المؤهل الذي ظلت الجامعة تبنيه على مر عقود من السنين، في الوقت الذي نتغاظى فيه عن مخالفات لنصوص صريحة في قانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية. وسأكتفى هنا كمثال على ذلك بالإشارة إلى نصوص صريحة وواضحة في القانون واللائحة تحدد الشروط الواجب توفرها في رؤساء الجامعات ونوابهم، وأمنا عموم الجامعات ومساعديهم، وعمداء الكليات ونوابهم، ورؤساء الأقسام العلمية، وتحدد الدرجات العلمية الواجب توافرها لمن يشغل كل موقع، والمدة القصوى التي يحق للشخص البقاء خلالها في منصبه. ومع ذلك سنجد بأن أكثر التعيينات في تلك المناصب تتم خارج إطار القانون ولائحته، وسيكون من الغرائب أن نوكل لمسؤولين تمت تعييناتهم خارج إطار القانون أو أنهم مستمرين في مناصبهم خارج المدة التي حددها القانون لنطلب منهم إصدار قرارات الفصل بحق زملائهم بذريعة تطبيق القانون!!! وهذا مجرد مثال فقط، وهناك أمثلة كثيرة لمخالفات صريحة تتم لقانون الجامعات اليمنية ولائحته التنفيذية في أروقة العديد من الجامعات الحكومية يعرفها الجميع. (ممثل الأساتذة في مجلس جامعة صنعاء) .... لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet