منذ أمدٍ بعيد واليمنيون يحلمون بدولة مدنية تسودها العدالة والمساواة بعيداً عن الفوارق التي صنعتها مراكز النفوذ السياسية والعسكرية والدينية والقبلية خلال عقود مضت على اندلاع ثورتي 26 سبتمبر/ أيلول 1962، و14 أكتوبر/ تشرين الأول 1963، اللتين حررتا الشعب اليمني من كهنوت الإمامة الطائفية العرقية شمالاً، وظلام الاحتلال البريطاني جنوباً. ولقد خرج الشعب اليمني من قمقم الوصاية ومستمر في مطالبه بالحرية... وبالنسبة للطموح الشعبي في بناء دولة مدنية فإن ذلك يتماشى مع إسلامية الدولة ... وسياسي لدولة مدنية حديثة تقوم على العدالة والمساواة والمواطنة خاصة من قبل شباب الثورة.. و رغم معوقات انقلاب مليشيا الحوثي وقوات الرئيس المخلوع صالح إلا أن بناء الدولة ومؤسساتها ... منذ أمدٍ بعيد واليمنيون يحلمون بدولة مدنية تسودها العدالة والمساواة. أعاد الحراك السياسي و الاجتماعي ، والذي طالب بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، فتح النقاش حول طبيعة الدولة التي يريدها شعوب المنطقة. وقد اشتد النقاش بالخصوص بعد الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط النظام السابق، بهدف بناء الدولة التي يستطيع جميع المواطنين العيش في كنفها بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو العرق. وأخذا بعين الاعتبار التنوع الثقافي واللغوي والديني. إن وصول الحركات الإسلامية والمحافظة للسلطة عبر الانتخابات، بعد الاحتجاجات التي أدت إلى سقوط السلطة السابقة لم تستجب لتطلعات الحركات الاحتجاجية. وانقلبت على مطالب الثورة والحراك الشعبي، مستغلة المرحلة الانتقالية وهشاشة البنيات المؤسساتية في بعض البلد، لتقيم أنظمة تيوقراطية تنتهك الحريات، وتتعارض مع مطالب الثورات والحراك الشعبي المتجسد في إقامة أنظمة ديمقراطية تحترم الحريات الجماعية والفردية،والعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان ببعدها الكوني والشمولي، كما عملت تيارات الإسلام السياسي التي وصل إلى الحكم على إقصاء كل الآراء المخالفة تحت مبرر الشرعية الانتخابية، والجميع يعرف محدودية المشاركة فيها . يضاف لهذا تصاعد الخطابات التكفيرية، والعنصرية، ومحاولات تنميط الفكر وانتهاك الحق في حرية الاعتقاد،وغياب الأمن والاستقرار في بعض الدولة ، مما جعل من طبيعة الدولة التي نريد والتي يجب أن تضمن لجميع المواطنات والمواطنين الحقوق والحريات، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو اللون أو العرق، قضية مركزية في استراتيجية القوى المدنية الديمقراطي وتختلف العديد من التيارات باختلاف مرجعيتها الفكرية والسياسية.. أن الدولة المدنية تشكل جوابا منطقيا باعتبارها الضامن للتعدد والتنوع الفكري، والثقافي، والديني واللغوي والعرقي، إلا أن مفهوم الدولة المدنية مضامين مختلفة باختلاف المرجعيات والخلفيات، وأصبح من الضروري تحديد المفاهيم. نعتبر أنه لا بديل اليوم ولا مناص من مطلب الدولة المدنية وضمان التعايش السلمي بين مكونات المجتمع في مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية. إن الرهان على الدولة المدنية هو مطلب راهن تقتضيه المطالبة بالدولة المدنية بجميع أجهزتها، ودمقرطة المجتمع، في أفق التحديث السياسي، كما تستوجبه إقامة دولة المؤسسات ومجتمع المواطنة. إن توسيع المشاركة السياسية وتوضيح مبدأ سلطة التشارك وبناء دولة الحق و القانون، بديل لا مناص منه في مجتمعنا للحد من سلطة الاستبداد والتحكم. وبالنسبة للطموح الشعبي في بناء دولة مدنية فإن ذلك يتماشى مع إسلامية الدولة وليس دينيتها، والاختلاف كبير بين الحالتين، فالدول العربية في مجملها ومعها التي تدين بالإسلام، تعيش الحالة الإسلامية في حياتها اليومية، وبالتالي فالدين يتجسد في دواخل المواطن ولا تستطيع الدولة الابتعاد عن ذلك. ومن المهم ان نوضح أننا عندما نتكلم عن الدولة المدنية التي تتوافق مع الشريعة الاسلامية السمحة، فيجب الا تخضع لوصاية أو فكر مستبد لفئة تدّعي العصمة، وتفرض رأياً واحداً قد يخالف الدين والمنطق والاعتدال . والمسلم مطالب بقبول الحق والفطرة السليمة ولا يرتضي بغير الله حكما، فالشاهد من كل ما تقدم الايمان بالدولة المدنية حسب مفهومها الصحيح وبالوسطية التي جاء بها الإسلام وسماحته، من غير غلو ولا وصاية على المجتمع اليمني . .