حقيقة وفاة ''عبده الجندي'' بصنعاء    رجال القبائل ينفذوا وقفات احتجاجية لمنع الحوثيين افتتاح مصنع للمبيدات المسرطنة في صنعاء    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    الزنداني يلتقي بمؤسس تنظيم الاخوان حسن البنا في القاهرة وعمره 7 سنوات    حقائق سياسية إستراتيجية على الجنوبيين أن يدركوها    حضرموت هي الجنوب والجنوب حضرموت    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    تطورات خطيرة للغاية.. صحيفة إماراتية تكشف عن عروض أمريكية مغرية وحوافز كبيرة للحوثيين مقابل وقف الهجمات بالبحر الأحمر!!    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الضربة القاضية في الديربي.. نهاية حلم ليفربول والبريميرليغ    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لأول مرة.. زراعة البن في مصر وهكذا جاءت نتيجة التجارب الرسمية    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    عبد المجيد الزنداني.. حضور مبكر في ميادين التعليم    "صدمة في شبوة: مسلحون مجهولون يخطفون رجل أعمال بارز    البحسني يثير الجدل بعد حديثه عن "القائد الحقيقي" لتحرير ساحل حضرموت: هذا ما شاهدته بعيني!    وحدة حماية الأراضي بعدن تُؤكد انفتاحها على جميع المواطنين.. وتدعو للتواصل لتقديم أي شكاوى أو معلومات.    شبوة تتوحد: حلف أبناء القبائل يشرع برامج 2024    إصابة مدني بانفجار لغم حوثي في ميدي غربي حجة    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    البرق بتريم يحجز بطاقة العبور للمربع بعد فوزه على الاتفاق بالحوطة في البطولة الرمضانية لكرة السلة بحضرموت    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    رئيس رابطة الليغا يفتح الباب للتوسع العالمي    يوكوهاما يصل لنهائي دوري أبطال آسيا    وزارة الداخلية تعلن الإطاحة بعشرات المتهمين بقضايا جنائية خلال يوم واحد    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن تعليلات تاجيل معركة تحرير صنعاء
نشر في التغيير يوم 15 - 06 - 2019

لشهور خلت لم تدخر دول التحالف وقيادات الجيش الوطني المؤيد للرئيس هادي جهداً في المضي قدماً بحشد قوات عسكرية كبيرة للغاية بمحافظة مارب ترقباً لمعركة فاصلة استبد بها داء الانتظار خضعت سابقاً لتاجيلات عدة تبعاً لتقلب المناخات والطقوس.
نحو 29 الف مقاتل وفق احصائيات اعلامية ينتظرون في معسكرات مارب اشارة التاهب التي غدت فعلاً سابقاً للانطلاق بفعل متواليات التاجيل المشار اليها التي اقدمت على ترحيل حدث ظل لاشهر وسنوات خلت مراوحاً لتموقعات قاب قوسين او ادنى.
ومع ان الحدث "انطلاق معركة تحرير صنعاء" حاضر كغاية عسكرية لقوات التحالف والجيش التابع لحكومة هادي بدليل الوقائع الجارية في منطقة نهم التي ترتبط بحدود مع محافظة مارب ومنطقة بني حشيش الاقرب الى امانة العاصمة صنعاء الا ان ذلك الزحف الكبير الذي كان متوقعاً لتحرير العاصمة صنعاء لم يتم ومازال حدثاً مؤجلاً منذ نحو ثلاثة اعوام ربما اعتماداً على نظرية التقدم التدريجي المتباطئ ميدانياً تجاه العاصمة عبر منطقتي نهم وبني حشيش.
تفادياً لتكرار اي اثار سيكولوجية في معنويات القوات المحتشدة في مارب تحاول الاطراف الممسكة بتلابيب "قرار التحرك" (الزحف الكبير) عدم تكرار موجه التاكيدات التي كادت ان تحسم الجدل حول مواعيد لحظة الصفر "الانطلاق نحو تحرير صنعاء".
بعد اجازة عيد الاضحى؛ تاكيدات سابقة من تصريحات عسكرية حاولت حصر موعد المعركة وتحديده، غير ان التحرك المحدود عبر نهم وبني حشيش يبدو هو البديل الافتراضي لزحف كان يعول عليه كثيراً في اجلاء الحوثيين عن صنعاء واعادتهم الى ثكنات شمالية بعيداً عن حدود العاصمة صنعاء.
حسابات المعركة
مع ان مؤشرات عدة عادة عزت مسببات عدم الانبراء السريع انذاك للمعركة الى عوامل ميدانية ذات صلة بمربعات القوات وتمركزها ومسائل ذات علاقة بالافضلية الميدانية وقدرات الطرف الاخر الا ان تعليلات اخرى لا تقل في تراتبية الاهمية عن انف المبررات ان لم تكن تتخطاها في جوانب الوصول الى التعليلات الجوهرية؛ في تقديرات كثيرين تبدو "حسابات المعركة" ومعطيات نجاح عملياتها ومؤشرات القدرة على تحقيق غاية التحرير تعليل اساسي ادى الى تخليق حالة من النكوص منذ اكثر من ثلاث سنوات مضت وإدرار افرازات التأني وعدم الانجرار الى ميدان المعركة الفاصلة دون تحقيق ضمانات بلوغ المرامي والغايات.
ومع ان ضآلة ضمانات تحقيق النصر لأي زحف تجسد مبرراً ضمن قوائم التعليلات الا ان احداثاً اخرى كان لها ادوار لافتة في تحفيز واقع التثبيط وتعزيز قناعات التروي في الاتجاه الى زحف لا يبقي ولا يذر لتحرير صنعاء.
حين كانت القوات في اعلى مستويات التاهب استعداداً لقرار الزحف باتجاه صنعاء وتحديداً في عز الترهلات الميدانية الحوثية تعرضت جبهة مارب لسلسلة من المباغتات القتالية الموصوفة ربما بغير المتوقعة "مارب تهيمن عليها قوات الرئيس هادي والتحالف".

على طريقة اشغال القوات بمعارك جانبية استطاع الحوثيون تخليق واقع من انهماك القوات المحتشدة في مارب بمعارك جانبية في اطار مارب نفسها.
عمليات الاشغال استطاعت ان تجني ثماراً على صعيدين اساسيين اولهما: الحيلولة دون تركيز القوات في مارب على الغاية الرئيسية المتمثلة في معركة تحرير صنعاء وثانيهما: اجبار القوات على القبول بمآلات التاجيل لتلك المعركة بموازاة تفويت فرصة استغلال حالة الترهل الحوثية الميدانية التي تجلت في سيناريوهات الهروب العظيم من جبهات قتالية عديدة وهو السيناريو الذي كان مرجحاً حدوثة في جبهة صنعاء مارب اذا ما تمكنت القوات المحتشدة من استغلال الموقف انذاك.
تفضيل خيارات التاجيل
حتى وان اتصفت فائت الاسباب بكونها الدوافع الاساسية لواقع النكوص السابق عن التقدم باتجاه صنعاء الا ان ثمة ابعاداً سياسية واحتمالات اسهمت بطريقة او باخرى في تفضيل خيارات تاجيل الزحف الكبير والقبول بتقدم بطيء كبديل افتراضي في جبهة نهم وبني حشيش.
لا يدرك كثيرون حجم وابعاد التداعيات المترتبة على قيام الجيش الوطني المكون من المقاومة الجنوبية وقوات التحالف بتحرير العاصمة صنعاء.
بالنسبة للاغلبية ربما، هو مجرد انتصار لقوات التحالف واستعادة واقع سابق بموازاة اعادة صنعاء الى شرعية منتخبة.
الابعاد الانفة لا تجعل حدثاً كهذا يمر بمستويات السطحية التي لا تدرك ربما –للوهلة الاولى فحسب- كنة الواقع السياسي والسيكولوجي المتخلق بفعل قيام المقاومة الجنوبية بتحرير صنعاء وما يترتب على هذا الحدث من تداعيات واشياء وتطورات.
في حسابات المصالح الاستراتيجية لليمن الموحد يمكن ادراج معركة تحرير صنعاء ضمن دعائم بلوغ غاية تبديد الواقع المتضاد مع هذه المصالح.
في تاريخ صنعاء الحديث لم يسبق لقوات جنوبية ان هيمنت على العاصمة نهائياً وهو ما يعني ان قوات الجيش الوطني "المقاومة الجنوبية" المسنودة بقوات التحالف ستكون بمثابة اول جيش جنوبي في التاريخ يسيطر على صنعاء عسكرياً في حال نجاح التحركات الراهنة بجبهتي نهم وبني حشيش.
ليس للمساءلة هنا علاقة بنظرية رد صاع استيلاء الشماليين على عدن بصاع الاستيلاء على صنعاء مع الفوارق الفلكية بين دوافع وغايات شماليي عدن وجنوبيين صنعاء القادمين لتحريرها من الاستلاب الحوثي.
دلالات تحرير صنعاء من جانب قوات جنوبية لا تقتصر في واقع الامر على تخليق فرصة حقيقية لتمكين الجنوب من حكم صنعاء عسكرياً وامنياً كناتج متوقع لنجاح معركة التحرير، اذ ثمة تداعيات ودلالات عدة ستتخلق بفعل سيطرة المقاومة الجنوبية على صنعاء.
التاسيس لمرحلة ما بعد الغبن الجنوبي
بعد معركة التحرير بفواصل متباعدة لن تفاجئنا اصوات بالقول ان عدناً قد ضامت صنعاء حين اشرف ابناؤها وابناء الجنوب على ادارة صنعاء وسنحت لهم الفرصة للسيطرة والادارة المباشرة عسكرياً وامنياً لمؤسساتها السيادية.
تداعيات كتلك لا يبدو انها ستقتصر على التموضعات التاريخية للجنوبيين الذين لم يبرحوا منذ 1994م مواقع الضيم والشعور بالغبن الدائم، اذ ستمتد تاثيراتها الى واقع يؤسس لمرحلة جديدة على غرار اللحظات الفارقة التي عادةً ما تؤدي الى تغييرات جذرية في الاوضاع والوقائع السياسية. في عناوين هذه المرحلة والتفاصيل سيكون من المستعصي على الجنوبيين البقاء في مواقع الضيم ومربعات الغبن وهي مرحلة يخشى البعض حدوثها نظراً لحجم التاثيرات المرجح حدوثها كناتج متوقع لواقع ما بعد تحرير صنعاء.
لن يكون في وسع صنعاء –ما بعد التحرير- الاستمرار في تادية ادوار القائمين بفعل الضيم في حق الجنوب اذ ان صنعاء غدت –في حال نجاح غايات التحرير- تدار من جانب قيادات عسكرية وامنية جنوبية وما سيترتب على ذلك من تحجيمات عظمى وصغرى لساسة صنعاء واولئك الذين صاغو تفاصيل المعاناة الجنوبية وهو امر متعلق بطبيعة الاداءات والادوار التي سيقوم بها القائمون بفعل التحرير اثناء ادارتهم لصنعاء.
بالنسبة لهؤلاء لا يبدو ان ادارة الجنوبيين لصنعاء سوف تسمح لأداءاتهم بالاستمرار إذ يُرجح ان يتخلق واقع جديد كلياً لا حضور فيه لأي بصمات او لمسات على شاكلة الاستمرار في العبث التقليدي بحقوق الجنوبيين.
البحث عن رؤى جديدة
تحرير صنعاء يعني في تفاصيله اتاحة فرصة حقيقية لاشراف الجنوبيين على ادارة العديد من المؤسسات التي عانى الجنوب منها وتحديداً تلك المصنفة في اطار "المؤسسات السيادية".
الوصول الى مرحلة ادارة مؤسسات صنعاء السيادية امنياً وعسكرياً يعني على مداءات قريبة وغير متباعدة مبارحة الجنوبيين لتموضعات الشكوى التاريخية من الضيم والظلم وهي خشية اخرى تؤرق جانباً ساسة الكواليس الذين لن يدخروا جهداً ليس لابتكار رؤى جديدة تتلاءم مع واقع مبارحة الضيم جنوباً وانما لاجل الحيلولة دون تخليق تداعيات ما بعد تحرير صنعاء وهو امر يستدعي حالة من انعدام الحماس النخبوي للقيام بمهمة تحرير العاصمة من جانب المقاومة الجنوبية.
مع التقادم الزمني سيتعين على صنعاء وقاطنيها التاهب لشغر مواقع الشكوى والضيم من جانب حكامها الجدد "الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية" ليس للمسألة هنا علاقة بانتقامات قدرية ارادت للجنوبيين القيام بفعل زحزحة الضيم من جغرافيا الجنوب وإحلاله في جغرافيا الشمال.
وصم شكاوى الجنوبيين بنعوت المبالغة حدث يتوقع الوصول اليه اذ يُرجح "بعد حكم صنعاء من جانب الجيش والمقاومة الجنوبية" ان تشهد نبرات التمسك بالقضية الجنوبية ضروباً من عدم الحماس بالنظر الى كون صنعاء بمؤسساتها اضحت تُدار من جانب الجنوبيين انفسهم مع احتمالية بقاء الوضع كما هو عليه قبل تحرير العاصمة.
اتخاذ وضعية القهقرى ناتج متوقع لاي اصوات جنوبية تتحدث عن مظالم الجنوبيين دون ان يعتريها مآل التخفيض، وهو ما يعني امكانية تخطي حقبة الصلابة وتراجع الموقف الجنوبي الثابت ازاء الشمال.
تداعيات كالتي سلفت لا يُستبعد ان يكون لها حضور سببي هام في التجميد اللاحق بفكرة الزحف والتحرير وحصرها فقط في تقدم نسبي محدود عبر نهم وبني حشيش لتحرير صنعاء.
مجاراة معطيات الميدان
ليس هنالك ثمة مواقف بائنة الجلاء يمكن الاتكاء عليها لسلوك منحى التسبيب، غير ان مؤشرات شتى لا تستبعد ان تكون خشيات البعض من واقع ما بعد تحرير صنعاء مبرراً رئيسياً يدفع جهات اتخاذ القرار للتروي في مسألة الزحف الكبير كي لا تصل المآلات حد تبديد الشكاوى التاريخية وتداعيات المستقبل الذي سيتشكل في اتجاه تراجع نبرة الرفض الجنوبي للشماليين "قاطنو صنعاء" باعتبار ان القوات لن تستمرء سلوك نهج الاستجرار والتوغل شمالاً "حسابات ما بعد صنعاء" التفكير في تحرير محافظات اخرى شمال صنعاء.
وبما ان محاولات ابقاء واقع ما قبل المعركة في كل ما يتصل بالقضية الجنوبية ومطالبها العادلة سيغدو ضرباً من ضآلة المنطق بالنظر الى ادارة الجنوبيين لصنعاء عسكرياً وامنياً ومدنياً فان واقع الخشيات الآنف يجعل من اي اندفاعات باتجاه الزحف ضرباً من اللا متاح وفعلاً متعذر الحدوث لحين تخليق اكليشة تتلاءم مع الواقع الراهن الذي يُراد له الاستمرار كي لا تتحول القضية الجنوبية مع التقادم الى مجرد تاريخ فحسب.
جدلية الخشية من ادارة الجنوبيين لصنعاء تفترض واقعاً من عدم جدية ساسة الكواليس، اذ ان واقعاً كإدارة صنعاء بمؤسساتها السيادية يفترض على الراسمين مجاراة معطيات الميدان والبناء عليها إتساقاً لتخليق واقع قابل للاستدامة كعنوان عريض ومدخل للقبول بحل القضية الجنوبية بسواعد الحكام الجدد لصنعاء ما بعد التحرير.

رفض معركة الزحف للتحرير او الاسهام في إبقاءها في ثلاجة التجميد والتروي لا يعني عدم القدرة على مجاراة الاحداث ميدانياً فحسب بل ويضع ساسة الكواليس امام تحديات ايجاد سيناريوهات موازية قابلة للاسقاط على الواقع الميداني الذي يسمح بحلول سانحة للقضية الجنوبية من طراز "ادارة الجنوبيين لصنعاء بكامل مؤسساتها السيادية" في واقع صنعاء ما بعد التحرير اي اتخاذ قرارات من جانب القائمين بفعل الادارة في اتجاه معالجة اي اثار او امتدادات حقيقية من تلك المؤسسات ساهمت في ضيم الجنوب.
تطويع مسببات الخشية
جدلية النقد الجالب للحلول تجيز لنا جانباً من القسوة المفضية الى قيام ساسة الكواليس بتخليق حضور سياسي وفكري ورؤى جدية تسمح للقضية بالتماهي مع ممكنات الحل بسواعد القائمين بفعل التحرير.
منطقية ارباب الخشية –من منطلق جنوبي بحت- لا تشكل تعليلاً كافياً لإبقاء ممكنات الزحف لتحرير صنعاء في لستة الانتظار المُفضي -لا قدر الله- الى عدم القيام بها اصلاً من منطق الاكتفاء بجبهة نهم وبني حشيش فقط.
موجبات السعي الى تحرير صنعاء تضع فريق الرافضين في تموضع صعب يفرض عليهم الانكفاء للبحث عن حلول جدية بدلاً من الاعتكاف في محراب الحيلولة دون تنفيذ هذه الزحف الذي ينتظره الواقعون تحت نير العبث الحوثي بفارغ الصبر.
"مرحلة من عمر القضية الجنوبية" عبارة بوسعها ان تتخذ عنواناً عريضاً لاعادة بث الحماس في دواخل الغير متحمسين واولئك الملتحفين بداءات ودواءات الخشية من تداعيات التحرير.
ممكنات التطويع لهذه المرحلة تجعل في وسع ساسة الكواليس ابتكار سيناريوهات عدة يمكنها تفادي تحجيم القضية الجنوبية وهو ما يعني قصوراً نسبياً في مخاوف الذين يخشون من واقع ما بعد التحرير.
ليبقى اذن الأثر الميداني طاغياً وجالباً لمصلحة اليمن في ان يكون للجنوبيين دور اساسي في تحرير صنعاء، بالاضافة الى ادوار حل جوانب من القضية الجنوبية بسواعد الحكم الجنوبي لعاصمة الشمال التي ينتظر قاطنوها لحظات التحرير بفارغ الصبر.
الحفاظ على توازن القوى في اليمن
ما مدى دقة الاطروحات التي يشير اربابها الى ان كل من السعودية والامارات لا تريدان الوصول الى مراحل حاسمة من الحرب كتحرير صنعاء مثلا حيث انهما تتغيان الابقاء على واقع الحوثي الراهن خدمة لاجندة خاصة من بينها الحفاظ على توازن القوى في اليمن..
الحوثي ليس قوة عظمى لكي يصمد لمدة خمس سنوات كاملة هنالك اشياء في الخفاء تحرك ما يدور على ارض الميدان وهنا يزعم البعض ان الدولتان الراعيتان للتحالف العربي لا تحبذا تحجيم الحوثي بشكل فعلي وهو الامر الذي تسبب في استطالة الحرب حيث تتطلع الدولتان الى حوار يفضي لشراكة سلطوية بين الحوثي من جهة وحكومة الرئيس هادي من جهة اخرى تؤدي الى عودة المنفيين قسرا الى صنعاء وبالتالي تشكيل حكومة مناصفة وهو الامر الذي سيحقق للدولتان ما تصبوان اليه حيث ستتحقق لهما غاية الحفاظ على حجم الحوثي الراهن بموازاة عودة حكومة هادي الى صنعاء وبالتالي تنتهي الازمة وتتلاشى كل المشكلات
يزعم ارباب هذا الطرح بان قوات التحالف والجيش التابع للرئيس هادي كانا قادران على تحرير صنعاء غير ان اي تقدم في جبهة نهم سرعان ما يصاب بداء التراجع والانكفاء تنفيذا لتوجهات عليا من الدولتين وهذا مجرد مثال يدلل على عدم رغبة الدولتين في تحجيم الحوثي واصرارهما على بقاء واقع الحرب دون اي حسم يذكر بانتظار نتائج الحوار السياسي برعاية الامم المتحدة السؤال المطروح هل بوسعنا اعتبار هذه الاطروحات ليست مجرد افتراضات بل مسلمات مستمدة من حقائق فعليه ام انها تظل مجرد تكهنات ناتجه عن سأم البعض من استمرار واقع الحرب العبثية اللا متناهية منذ خمس سنوات خلت.
تحرير الجنوبيين لصنعاء بوصفه مصلحة عليا لليمن
في اطار مصالح الوطن العليا بوسعنا ادراج مسالة سيطرة الجنوبيين على صنعاء تحت هذا الاطار السبب الذي يبدد ضباب العجب يكمن في تمكين الجنوبيين من ادارة المنطقة الجغرافية التي ضامت الجنوبيين وجعلتهم يعانون الامرين على مدى اكثر من عقد زمني كامل.
لاشك ان تحرير صنعاء على ايدي الجنوبيين ومن ثم ادارتهم لها كحصاد متوقع لهذا التحرير يعني اذابة جليد الرفض الجنوبي لكل ما هو شمالي بموازاة اتاحة الفرصة لما يمكن تسميته بالانتقام من العاصمة التي جعلت منهم مظلومين على مدى سنين طويلة.
مصالح الوطن العليا تتحقق كامر واقع اذا ما نجح الجيش المؤيد لهادي وهو في تكوينه مستمد من المقاومة الجنوبية في تحرير صنعاء حيث سيكون بوسع القائمين بفعل التحرير اتخاذ خطوات عديدة لتبديد واقع الضيم جنوبا وتبني استراتيجيات تفضي الى تخفيض كل ما قامت به المؤسسات السيادية في صنعاء من نهج وسياسات واعمال ضد الجنوبيين.
وماذا بعد
معركة تحرير صنعاء عنوان عريض لفعل عسكري ما انفك يخضع لطائلة التباطؤ والتلكؤ والتاجيل كنتاج لغايات وسياسات لم يجري كشفها للراي العام.
بلغة منطق الواقع ليس لقوة الحوثيين دور وحيد في تاجيل هذه المعركة وعدم الاتجاه نحو الاقدام على القيام بها للمساءلة على ما يبدو اسباب وتعليلات حاولنا الاقتراب من بعضها في انف الاسطر.
الواقع المنتظر تخلقه بفعل السيطرة العسكرية على صنعاء من جانب قوات هادي والتحالف يبدو هو التعليل الاكثر ايضاحا وانباءً بالحقائق حيث تخشى قوى محركة للفعل العسكري من تداعيات مثل هذا الواقع وما يمكن ان يترتب عليه.
وبما ان غايات السعودية والامارات تبدو تعليلا اساسيا لترحيل هذه المعركة واخضاعها لطائلة التاجيل الا ان هنالك دوافع كثيرة مازالت ترقب مشهد تحرير صنعاء بقلق بالغ الامر الذي ادى الى جعل هذه المعركة اثرا بعد عين.
ورغم ان تطلعات السعودية والامارات تعدان سببا رئيسيا في تكريس واقع تجاهل معركة صنعاء وعدم القيام بها الا ان الزمن يبدو كفيل بكشف حقائق معركة كبيرة لم تأذن لها السماء والاقدار بالتحول الى امر واقع حتى الان وكفى
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.