وكيلة نقابة الصحفيين سابقا الصحفية والناشطة والمدربة الحقوقية تتناول المرحوم الاستاذ عرفات مدابش بطريقة توحي مكانتها واقترابها من الفقيد فالنتابع ما كتبتة عن الذكرى الثانية لطريقة منصفة عرفات مدابش.. ابن تهامة الطموح فاطمة مطهر
شاب أسمر طويل يحمل حقيبة كبيرة في يده وطموحا أكبر منها بكثير، اتعرف اليه في صحيفة الشورى ليصبح أحد الصحفيين ضمن دائرة الزمالة والصداقة . كان عرفات مدابش يكره تلك الصورة السلبية المرسومة عن أبناء تهامة ويلمؤه فخر وكبرياء كبيران كونه من تلك المنطقة الغنية بالعلم والثقافة والأرض المعطاءة. أتى الشاب المكافح من أسرة بسيطة وفكر ماركسي يساري كان يؤمن أنه الأصلح للفقراء والطبقات المتوسطة وأنه من سينهي معاناتهم اقتصادية واجتماعية ويحقق المساواة والعدالة، بدء في صحيفة الثوري التابعة للحزب الاشتراكي اليمني ليكون أحد أبرز وأنشط صحفييها الشباب. تطور عرفات بشكل مهني متسارع رغم عدم تخصصه في الصحافة بل وانه كان يحمل فقط الثانوية العامة وكم كبير من الاطلاع والمعرفة، وأصبح يتنقل من وسيلة لأخرى أكثر انتشارا محلية وعربية حتى وصل ليكون مراسلا لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية و راديو سوا الأمريكية. ولم يتوقف طموحه عند ذلك فأصبح يحلم بان يكون له مشروعه الاعلامي الخاص وحمل ذلك الحلم سنينا حتى أتى يوما وأصبح "التغيير" واقعا، بدأ به موقعا الكترونيا اخباريا حقق نجاحا كبيرا وأصبح من أهم المصادر الاخبارية للجمهور وللمهتمين والمعنيين بالشأن اليمني ومصدرا للصحفيين أنفسهم. نشط "التغيير" كمؤسسة وأصبح يقيم ندوات فكرية شهرية يتناول فيها قضايا مختلفة ومتنوعة اعلامية وحقوقية وسياسية وغيرها، وكان يحلم ان يكمل ذاك الحلم ويصبح "التغيير" قناة تلفزيونية ولكن تعدد أنشطته ومشاغله ، وتعرضه لحادث مروري أفعده سنينا عن الحركة وراء تأجيل تلك الفكرة، وهنا نرى عرفات آخر المقاوم للاعاقة والعجز فلم يستسلم لسنوات قضاها على السرير ممددا على ظهره بل استمر في عمله وعطائه وادارته لعمله الصحفي والاداري. قضى عرفات سنوات طويلة داخل غرف العمليات وحتى قبل وفاته بشهور قليلة كان في القاهرة في زيارة علاجية لتبعات ذلك الحادث الذي نجا منه بأعجوبة واكسبه اصرارا وعزيمة. اصبح عرفات وكيلا لوزارة الاعلام ولكنه لم يترفع على اصدقائه ولم يبعد عنهم بل دائم السؤال والود، كان له علاقات لامحدودة ، تزوره في شقته في القاهرة ولن تخلو من الزائرين والزائرات للاطئنان عليه، وكلهم مقربون منه ويتذكرون له كل مواقف الوفاء وأوقات الذكريات الجميلة من كفاح وعمل ولحظات للصحفي وقبله الانسان عرفات. تحل علينا ذكرى رحيله الثانية ذاك الرحيل الذي اتى بشكل مفاجئ وهو المقاوم للموت على فراشه ، يرحل وهو في قمة نشاطه وعطائه، يرحل وهو يعمل ولم يوقف مسيرة طموحه ومسار أحلامه.