انتقاد الحكومة اليمنية إزاء تفشي ظاهرة تهريب مشتقات الطاقة وعلى رأسها مادتا الديزل والغاز المنزلي المدعومتان من الدولة تصاعدت مؤخرا في البلاد، وخاصة بين أوساط اقتصادية وبرلمانية، وذلك في ظل مرور البلاد بأزمة اقتصادية جراء شح الموارد وارتفاع الالتزامات. فالباحث الاقتصادي عضو تحالف الشفافية ومراقبة الصناعات الاستخراجية سعيد عبد المؤمن وصف موقف الحكومة تجاه الظاهرة بالمتخاذل، مؤكدا أن كميات كبيرة من المشتقات النفطية المدعومة من الدولة تذهب لغير مستحقيها. وعزا تفشي الظاهرة إلى الضعف الواضح في الإجراءات التنفيذية اللازمة لمواجهة التهريب بما فيها التشريعات القانونية تجاه الذين يقفون وراءها سواء كانوا أشخاصا أو شركات. وأوضح عبد المؤمن للجزيرة نت أن وزير النفط السابق خالد محفوظ بحاح كان أعد قائمة سوداء بأسماء المهربين وقدمها لمجلس الوزراء تمهيدا لمحاكمتهم، إلا أنه استبعد من الوزارة وعين سفيرا لليمن في كندا. تهاون وتشير إحصائيات رسمية حديثة صادرة عن شركة النفط اليمنية الحكومية إلى أن كميات الديزل المهربة عبر ميناءي عدن والمخا تصل إلى نحو مائة ألف طن شهريا، وتكلف الخزينة ما يربو على مليار دولار سنويا. وهو ما دفع النائب عبد العزيز جباري لاعتبار ظاهرة التهريب مشكلة كبيرة تحتاج إلى وقفة جادة من قبل الجهات المسؤولة. وبين جباري في حديث للجزيرة نت أن الحكومة تعهدت للبرلمان بمكافحة تهريب المشتقات النفطية لكنها لم تنفذ من ذلك شيئا، واستمرت العملية وهو ما يكبد الخزينة العامة ملايين الدولارات سنويا. وأضاف أن تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تشير إلى تورط شخصيات نافذة تقوم بتهريب الديزل المدعوم حيث تشتري اللتر الواحد ب35 ريالا (0.16 دولار) وتبيعه في عرض البحر بأكثر من 140 ريالا (0.62 دولار) . ومؤخرا صدر تقرير برلماني اتهم الحكومة بالتواطؤ وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة تهريب المشتقات النفطية داخليا وخارجيا. ووفقا للتقرير فإن الكميات المستهلكة محلياً من المشتقات النفطية غير واقعية، وجميع المؤشّرات تؤكد وجود فساد كبير وتهريب للخارج. ودلل التقرير بارتفاع فاتورة دعم المشتقات النفطية التي تبلغ نحو 49 مليار ريال شهرياً (217 مليون دولار) في حين بلغت تكلفة المشتقات النفطية المستوردة من الخارج عبر شركة مصافي عدن خلال الربع الأول من العام الحالي قرابة 467 مليون دولار. وأوصى التقرير بإعادة النظر في مخصّصات كافة الجهات الرسمية المدنية والعسكرية من المشتقات المدعومة، واتّخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة عمليات التهريب وتطوير مصفاة عدن وتشجيع القطاع الخاص لتوجيه استثماراته نحو إنشاء مصاف جديدة لتكرير النفط بهدف سد احتياجات البلاد. مسؤولية أمنية في مقابل ذلك نفى مدير العلاقات العامة بوزارة النفط والمعادن عارف المحرم تورط الوزارة في عمليات التهريب. واعترف بوجود ظاهرة التهريب مؤكدا للجزيرة نت أن مكافحة الظاهرة والقبض على المهربين مسؤولية الدفاع والأمن وخفر السواحل، وليس بمقدور وزارة النفط إيقافها. وفي نفس السياق أكد مسؤول يمني اعتزام الحكومة إعداد قانون لمكافحة تهريب المشتقات النفطية وإصدار لائحة لتنظيم استيرادها خلال العام الجاري لتخفيض كلف المشتقات النفطية على موازنة الدولة، جاعلها في إطار الأولوية الثالثة من الأولويات العشر للحكومة للعامين 2010 و2011. ونقل موقع المؤتمر نت التابع للحزب الحاكم عن المسؤول قوله إن القرار سيضم لجنة لإعداد مشروع قانون مكافحة التهريب تضم في عضويتها مجلس الوزراء ووزارات الشؤون القانونية والدفاع والداخلية.