أجمع المشاركون بندوة "الفتنة الحوثية في اليمن.. الأبعاد والآثار والمعالجات" التي اختتمت أعمالها الأحد بصنعاء على وجود اختلاف واضح بين مضامين المذهب الزيدي الذي يحرم سب الخلفاء الراشدين والصحابة الكرام، وبين الفكر الحوثي الذي يعتمد على المذهب الاثني عشري الجعفري جملة وتفصيلا. وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء جلال فقيرة في دراسة عنوانها "الدلالات السياسية لتطور الحركة الحوثية من الارتباط بالخارج إلى التمرد في الداخل" أن الحركة الحوثية نسفت المواد الدستورية المنظمة لآليات التداول السلمي للسلطة, من خلال رفضها القاطع للانتخابات الرئاسية والتشكيك في شرعية من يتبوأ منصب رئيس الدولة من خارج آل البيت, واشتراط ولاية البطنين كمبدأ أصيل في التنظير لنظام الحكم. واتهم فقيرة جماعة الحوثيين بالارتباط بالخارج, وقال للجزيرة نت إن قدرة الحركة على خوض ست حروب لفرض أفكارها يؤكد أن اعتمادها على إمكاناتها الذاتية فرضية غير مقبولة وأن دعما خارجيا يقف وراءها. وأشار فقيرة بأصابع الاتهام لإيران، التي حسب قوله قدمت دعما لوجستيا ملحوظا خلال حروب الحوثيين مع السلطة, إيمانا منها بأهمية اليمن الذي يتجاوز فيه أتباع المذهب الزيدي نسبة 30%، في نشر ثورتها، مستشهدا بأن السفارة الإيرانية بصنعاء قدمت لتنظيم "الشباب المؤمن" 650 ألف دولار لدعم المراكز الصيفية للحركة خلال عامي 2001 و2002. الجذور الفكرية وقال أستاذ أصول التربية بجامعة صنعاء أحمد الدغشي في دراسته "الجذور الفكرية للحركة الحوثية" إن المشكلة الحوثية في جوهرها فكرية تربوية. وتذكر المداخلة أن الحوثية في مرحلة تأسيسها عام 1990 استطاعت أن تستقطب نحو 18 ألف طالب وزعوا على 67 حلقة مسجدية ومركزا يوجد في تسع محافظات. وأثبتت دراسة أستاذة طرق التدريس بجامعة صنعاء صفاء السبع انحراف الحوثيين عن فكر الشيعة الزيدية, من خلال إنكارهم علم أصول الفقه والتوحيد المؤصل بعلم الكلام الذي يعتمد عليه المذهب الزيدي. واستشهدت على ذلك بما جاء في ملزمة مؤسس الحركة حسين الحوثي "معرفة الله -عظمة الله- الدرس السابع" التي سب فيها الصحابة الكرام حينما قال "ألم نقل في مقام آخر أن من الفخر لنا أن قدواتنا من أهل البيت, وليسوا من أولئك الملطخين بعار المخالفة للرسول الملطخين بالأخطاء والمساوئ والمواقف السيئة". حرب إعلامية وافترضت دراسة عميد كلية الإعلام أحمد العجل أن نجاح الحوثيين في نشر أفكارهم بين الناس كان سببه الإعلام النشط, الذي اعتمدت عليه الحركة عبر صحفهم ومواقعهم الإلكترونية. واتهم العجل عددا من صحف أحزاب اللقاء المشترك المعارضة بتبني أطروحات الجماعة, بقصد الثأر من السلطة فضلا عن بعض القنوات الشيعية العراقية والإيرانية واللبنانية, وقنوات الفكر الطائفي الاثني عشري العالمي التي تعاطفت مع قضايا الحوثيين بشكل مركز، حسب قوله. وأوضح العجل للجزيرة نت أن الحوثيين استطاعوا من خلال الإعلام تضليل الرأي العام, والتأثير على النشء والشباب لاعتناق فكرهم الخاطئ. لكن الباحث محمد الحوثي يرى أن التهميش والإقصاء وانعدام العدل في تقاسم الثروة والسلطة وتوزيع المشاريع الخدمية, ساعد أبناء المناطق في الالتفاف حول الحوثيين. وتضمنت توصيات الندوة التي نظمها مركز حقوق الإنسان وقياس الرأي العام بجامعة صنعاء دعوة السلطة إلى التعامل مع الحوثية كظاهرة فكرية يجب التعاطي معها بحذر شديد. كما دعا المشاركون السلطة والحوثيين إلى الاحتكام الفعلي لمؤسسات الدولة ودستورها, والبدء في حوار جاد ومسؤول بالإضافة إلى تشكيل لجنة علمية تربوية للنظر في أوضاع التعليم المذهبي بشقية الثانوي والجامعي.