تشهد منطقة شبوة في اليمن حملة عسكرية غير مسبوقة قامت بها القوات الحكومية، ويتراوح عدد القتلى فيها بين 8 و10 جنود، إضافة إلى أكثر من 10 جرحى، في حين قتل 3 من أعضاء تنظيم القاعدة وفقًا لآخر التأكيدات. وأوضح مصدر رسمي أن قوات الحكومة مازالت تفرض طوقًا على المنطقة، حيث يتحصن عددًا من عناصر القاعدة، مشيرًا إلى أن الأضرار في صفوف تلك العناصر لم تعرف بدقة، متوقعًا زيادة عدد الضحايا منهم. يأتي حديث المسؤول الحكومي بعدما كانت القوات الحكومية التي تتضمن عدد من قوات مكافحة الإرهاب عرضت على عناصر القاعدة تسليم أنفسهم في ظل وساطة لعدد من مشايخ المنطقة لإنهاء المواجهات سلميًا، لكن المسلحين رفضوا ذلك. وحسب المصدر، فإن العناصر المسلحة يتحصنون في عدد من منازل المواطنين وجبل "سقاه" المطل على مدينة الحوطة، الأمر الذي تسبب بعدد كبير من النازحين، وهو أمر مرشح للزيادة، حيث لا يزال عدد من السكان محاصرين في ظل انقطاع الكهرباء والمياه عنهم منذ وصول الحملة العسكرية. وتقع مديرية ميفعة في الجزء الجنوبي الشرقي من محافظة شبوة، ويبلغ سكانها حسب إحصائيات 2008 أكثر من 55 ألف نسمة، وتبعد عن مركز العاصمة "عتق" حوالي 120 كيلو متر. جمعية الهلال الأحمر تطالب بإغاثة وصف بلاغ لمنسق تنمية القدرات في فرع جمعية الهلال الأحمر اليمني في شبوة فرج ناصر باراس وضع المنطقة ب "السيء" لافتًا إلى أن منازل ومساجد هدمت بفعل القصف، وأن محلي ميفعة لجأ إلى المدارس لإيواء النازحين، إضافة إلى انتقالهم إلى المناطق المجاورة، وهي عزان، وحبان ومحافظتي حضرموت وعدن. وتطالب جمعية الهلال الأحمر بأغذية وفرش وأغطية لمساعدة الأسر النازحة، منها غذاء لعدد 8 ألف نسمة كحد أدنى، وأدوات مطابخ لعدد 1000 أسرة كحد أدنى، وفرش نوم مفردة لعدد 8000 فرد، وأدوات ومعدات إسعافات أولية وخدمات الطوارئ والتوليد والمعاينة الطارئة إضافة إلى وسائل نقل ومواصلات متطوعين. وتصر الحكومة على مواجهة العناصر، حيث حشدت آليات عسكرية كبيرة مسنودة بالطيران. ويؤكد محافظ شبوة أن قوات الجيش والأمن "ستقوم بتصفية المنطقة من عناصر الإرهاب، ولن تمنحهم أية فرصة للفرار". وتعد هذه الحملة إحدى الحملات الكبرى عسكريًا، إلى جانب الحملة على محافظة أبين، حيث يقود العمليات فيها اللواء الركن سالم قطن نائب رئيس هيئة الأركان لشؤون الأفراد، واللواء الركن محمد المقدشي قائد المنطقة الوسطى. وشهدت المنطقة هدوء نسبيًا خلال الساعات القليلة الفائتة، لكن ذلك كان بمثابة فرصة للأهالي للخروج من المنطقة، حيث يتوقع أن يقوم الجيش باقتحام المدينة، إذ مازالت القوات الحكومية تقود المعارك من خارج المدينة. وتشير مصادر طبية في مستشفيات مدينتي عزان والروضة القريبتين لمنطقة المواجهات أنه تم استقبال عدد من المصابين من السكان النازحين خلال اليومين الماضيين، بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى نقل عدد من الضحايا من القتلى والجرحى إلى مستشفى تابع لشركة نفطية في المحافظة. وتشير المعلومات كذلك إلى أن عناصر القاعدة يبدون مقاومة شديدة في مواجهة القوات الحكومية. ويتركز القصف بالدبابات حاليًا على جبل "سقاه" المطل على قرية الحوطة، والذي يتحصن فيه المسلحون. وبحسب معلومات رسمية، فإن عدد من المتمترسين من أعضاء القاعدة "ينتمون إلى جنسيات عربية، تعرف إليهم أبناء المنطقة من خلال لهجتهم لكونهم ملثمين ويقومون بزراعة ألغام في الأماكن المحيطة بالمنطقة، حيث بدأت عملية التمترس منذ مطلع شهر رمضان في أحد جبال الحوطة. وبدأت العمليات العسكرية في شبوة بعد المحاولات المتكررة لتفجير أنبوب الغاز المسال الممتد من محافظة مأرب إلى ميناء بلحاف لتصدير الغاز في محافظة شبوة، آخرها في 13 من الشهر الجاري في منطقة سلمون بافقير، التي تبعد عن ميناء بلحاف بنحو 118 كيلومتر، إلا أنه المحاولة باءت بالفشل. تكتيم إعلامي في المقابل، تفرض الجهات الحكومية طوقًا إعلاميًا على العمليات العسكرية، حيث اكتفت وسائل الإعلام الحكومية بالإشادة بدور الجنود في المواجهات. ودعا المكتب التنفيذي للمحافظة بقيادة المحافظ أبناء المدينة كافة إلى التعاون مع أجهزة الأمن في تتبع "العناصر الإرهابية لتسهيل سرعة ضبطها وإخلاء أية منازل توجد فيها تلك العناصر، حتى لا تستغل المواطنين الساكنين فيها دروعًا بشرية تعوق جهود المكافحة الأمنية السريعة للعناصر الإرهابية". وقال موقع الجيش اليمني إن عناصر هذه "الفئة الضالة" لم تتجاوب مع الجهود التي بذلتها شخصيات اجتماعية خلال الأيام القليلة الماضية من أجل حقن الدماء ومحاولة إقناع تلك العناصر بتسليم أنفسهم وتجنيب أبناء المنطقة أية أضرار قد تترتب على عملية المواجهات المسلحة معهم. ويتركز الوجود الأبرز لعناصر القاعدة في اليمن في مناطق عدة، أبرزها محافظتا "أَبيَن" و"شَبوَة" المتجاورتان، اللتان تقعان بجوار محافظة "مأرب"، التي تعد ممرًا ومأوى مهمًا لعناصر التنظيم بجنسياته اليمنية وغير اليمنية، حيث تعد هذه المناطق من أبرز المحافظات "المهمشة تنمويًا" وتتميز بجغرافيا وعرة ومساحاتها الشاسعة. كما تعتبر محافظة شبوة المعقل الرئيس لأنور العولقي الداعية المشتبه بمساندته للقاعدة، وهو أميركي الجنسية يمني الأصل، ويختبئ لدى قبائل عائلته حاليًا، فيما تطالب به الولاياتالمتحدة الأميركية كأحد أبرز المطلوبين لديها.