اليمن: المانحون يطالبون صنعاء بتشكيل حكومي جديد.. وباجمال غير مرغوب فيه من عُمان وقطر صنعاء التغيير : كشف مصدر قريب من دائرة اتخاذ القرار في اليمن امس ان صنعاء تواجه مطالب ملحة من قبل المانحين الدوليين بضرورة اجراء تغييرات جذرية في الجهاز الاداري عبر تشكيل حكومي جديد خلال الشهر الجاري، اي قبيل انعقاد مؤتمر استكشاف الفرص الاستثمارية في اليمن، الذي يرعاه المانحون، المزمع انعقاده في الثامن من الشهر المقبل. وعلمت القدس العربي من مصدر مقرّب من القصر الرئاسي ان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يواجه مطالب ملحّة من قبل المانحين الدوليين لليمن، وفي مقدمتهم الدول الخليجية، بشان اجراء تشكيل حكومي جديد في اليمن ، يستبعد فيه رئيس الوزراء الحالي عبد القادر باجمال من رئاسة الحكومة القادمة. ويعتقد ان الامين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن العطية، الذي يزور اليمن حاليا، ابلغ صالح بمطالب الدول الخليجية حيال آلية تنفيذ بنود مؤتمر المانحين المنعقد في لندن منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ومنها ضرورة تغيير الحكومة الحالية باخري قوية وصاحبة قرار ، تكون قادرة علي تنفيذ متطلبات المانحين الدوليين والوفاء بالتزامات اليمن امامهم. واوضح ان وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني كيم هاولز سيصل الي صنعاء اليوم الثلاثاء لذات الغرض، وبحث الاجراءات التنفيذية لترجمة نتائج مؤتمر المانحين مع المسؤولين اليمنيين . المانحون لم يجدوا خلال الفترة الماضية اي تقدم في وفاء اليمن بالتزاماتها امام مؤتمرهم وبالتالي اكتشفوا ان الآلية والاوعية الحكومية اليمنية الحالية ربما تكون عائقا امام ذلك، ما دفعهم للمطالبة بالتشكيل الحكومي الجديد يقول المصدر، علي الرغم من ان الحكومة الحالية لم تنه عامها الاول بعد، حيث ستمر الذكري الاولي لتشكيلها في السادس من الشهر المقبل. وأشار الي ان الرئيس اليمني يعكف حاليا علي دراسة هذه القضية الملحّة وبدأ باجراء خطوات عملية لتلبية هذه المطالب، شعورا منه باهمية اظهار دلائل جادة من قبل السلطة في اليمن، نحو تحقيق المطالب والمتطلبات الدولية من بلاده، وبالتالي اتخذ من اقامته الحالية في العاصمة الشتوية لليمن (عدن) منذ اكثر من شهر وسيلة لترتيب الاوضاع الداخلية والبحث عن رئيس جديد للحكومة المقبلة. واضاف هذا المصدر ان صالح يدرس حاليا خمسة اسماء لرئاسة الحكومة المقبلة وفي مقدمتهم وزير الكهرباء الحالي علي محمد مجوّر، فيما الاربعة الباقون وزير التعليم العالي الدكتور صالح علي باصرة، ووزير التخطيط والتعاون الدولي عبد الكريم الارحبي، ووزير الداخلية الدكتور رشاد العليمي وكذا الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور عبد العزيز الترب . واكد ان اسم باجمال مستبعد بشدة من قائمة الترشيح لرئاسة الحكومة المقبلة، وان حظه في ذلك لا يتعدي 45 % من التوقعات ، مشيرا الي ان سلطنة عمان ودولة قطر طلبتا (لاول مرة) من القيادة اليمنية اقالة عبد القادر باجمال، بذريعة انه يقف (حجر عثرة) امام الاستثمار الدولي في اليمن ، وتمهيدا للطريق امام تشكيل حكومة جديدة قوية قادرة علي اجراء اصلاحات اقتصادية حقيقية وجادة في توفير مناخ استثماري جيد يحقق التنمية في البلاد ويسهم في الوفاء بالتزامات اليمن امام المانحين الدوليين . وفي الوقت الذي تشير فيه المصادر المتعددة الي ان العليمي يعد اكثر المؤهلين لرئاسة الحكومة القادمة، بحكم رصيده الجيّد في قيادة وزارة الداخلية خلال الخمسة اعوام الماضية، وبحكم انه الوحيد الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس الوزراء، كتأهيل مسبق له لتولي المنصب، الا ان طبيعة المرحلة المقبلة تتطلب (وفقا لمحلل اقتصادي) اسناد رئاسة الوزراء الي شخصية ذات خبرة في الشأن الاقتصادي، ليكون قريبا من مطالب الخارج ويحاول تحقيق ما يطلبه الوضع في الداخل، بمعني ان الحكومة القادمة يفترض ان تكون حكومة استثمارية وليست امنية . التوجهات السياسية وفقا لهذه المصادر تميل نحو الغاء وزارة حقوق الانسان، والابقاء علي اللجنة الوطنية العليا للقيام بدورها، كما تتجه ايضا نحو الغاء وزارة التموين والتجارة واستبدالها بوزارة اقتصاد واستثمار مستحدثة، وكذا الغاء وزارة الخدمة المدنية واستبدالها بوزارة التنمية الادارية المستحدثة ايضا، وهي توجهات تسير نحو تجديد الادارة الحكومية. مطالب المانحين بتشكيل حكومي جديد جاءت اثر عدم احداث اي ترجمة حقيقية علي ارض الواقع لنتائج مؤتمر المانحين بلندن، كما عدم تحقيق اي تقدم باتجاه تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس صالح، رغم مرور قرابة خمسة اشهر علي اجراء الانتخابات الرئاسية، وهو التحدي الكبير الذي يواجهه صالح ذاته، ولذا كان المعني الاول بتغيير الاوعية الحكومية الحالية، سعيا نحو ابراز الجدية في تصحيح الواقع الاقتصادي المتردي، وكذا نحو استباق الزمن ازاء تلبية مطالب المانحين كما الوفاء بالالتزامات الانتخابية. واكدت المصادر ان صالح يبدو جادا في توجهه نحو الدفع باجراء اصلاحات اقتصادية واستثمارية حقيقية، ولو كان ثمنه التضحية بحكومة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الحالية التي يرأسها باجمال، وهو الامين العام للحزب.