لم يتوقف الجدل الذي تعيشه الساحة السياسية في اليمن منذ الاعلان عن طرح مبادرة خليجية لحل الأزمة الخانقة التي تمر بها البلاد على وقع الاحتجاجات المطالبة باسقاط النظام والتي اندلعت بداية فبراير الماضي . وتقدمت دول الخليج ،في ابريل الماضي، بمبادرة لحل الأزمة اليمنية تقضي بضرورة تنحي الرئيس علي عبدالله صالح مقابل اعفائه من المحاكمة الا أنه لم يوقع عليها . ومنذ رفض صالح التوقيع ، بقيت المبادرة في الأدراج ليتم استدعاؤها من وقت لآخر عندما تزداد الأزمة اليمنية ضيقا . بيد ان الجدل عاد ليطفو بقوة على الساحة بين أطراف الأزمة في اليمن مع اعلان الرئيس علي صالح أنه فوض نائبه التوقيع على المبادرة الخليجية . ففي حين قال المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) ان هذا التفويض يعد خطوة سياسية مهمة على طريق حل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أشهر، اعتبرت المعارضة هذا التفويض بمثابة قرار سياسي وشأن داخلي للحزب الحاكم. واعتبر رئيس الدائرة السياسية في المؤتمر الشعبي العام عبدالله أحمد غانم أن صدور قرار الرئيس علي صالح بتفويض نائبه عبدربه منصور هادي بالحوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية يمثل خطوة سياسية كبيرة إلى الأمام من أجل حل الأزمة السياسية التي تعصف باليمن. وقال غانم ان قرار الرئيس صالح يجب أن يقابل بالترحاب والقبول من الجميع لأنه يمثل آلية مناسبة لإنهاء الأزمة ، بحسب ما نقلت قناة ((اليمن)) الرسمية . وأضاف غانم أن هذا التفويض يجب أن يفضي إلى آلية تضمن تسلسل في الإجراءات المذكورة في المبادرة الخليجية مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية وإزالة أسباب التوتر السياسي والأمني "من أجل أن نصل إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تضمن انتقالا سلميا وآمنا وديمقراطيا للسلطة في اليمن". وأصدر الرئيس اليمني ، قبل يومين، مرسوما جمهوريا فوض فيه نائبه عبدربه منصور هادي بالصلاحيات الدستورية اللازمة لإجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية والاتفاق على آلية زمنية لتنفيذها والتوقيع بعد ذلك على المبادرة نيابة عنه ، والبدء بمتابعة التنفيذ برعاية إقليمية ودولية وبما يفضي إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتفق على موعدها وتضمن انتقالا سليما وديمقراطيا للسلطة. وفي 22 مايو الماضي ، وقعت أحزاب "اللقاء المشترك" المعارضة وشركاؤها على المبادرة الخليجية فيما وقع عليها كذلك حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه . ورفض الرئيس اليمني حينها التوقيع على المبادرة الخليجية ، مشترطا "توقيعا مشتركا" مع المعارضة في القصر الرئاسي. وقال النائب عن الحزب الحاكم سنان العجي مقرر اللجنة الدستورية في البرلمان ان " تفويض رئيس الجمهورية لنائبه بالحوار مع المعارضة بشأن تنفيذ المبادرة الخليجية يعد فرصة أخيرة للمعارضة". وطالب العجي المؤتمر الشعبي العام بتحمل مسؤوليته وفقا للدستور والقانون بتشكيل حكومة بديلة لحكومة تصريف الأعمال القائمة في حال رفض المعارضة للحوار ، بحسب ما نقله موقع ((المؤتمر نت)) الناطق باسم الحزب الحاكم في اليمن . ووصف قرار تفويض الرئيس اليمني نائبه للتوقيع على المبادرة بأنه شجاع وجرىء وأنه نابع من حرص رئيس الجمهورية على المصلحة العليا لليمن وحقن دماء اليمنيين . من جانبها ، اعتبرت المعارضة اليمنية أن تفويض الرئيس للنائب بالتوقيع على المبادرة الخليجية قرار سياسي وشأن داخلي للحزب الحاكم. وقال بيان للمجلس الوطني لقوى الثورة السلمية في اليمن الذي شكلته أحزاب اللقاء المشترك ، ان قرار التفويض شأن داخلي للمؤتمر الشعبي العام وانه صدر بناء على قرار سياسي لمعالجة وضع الحزب داخليا. ورأى المجلس ، بحسب البيان الذي صدر مساء اول أمس الثلاثاء وحصلت وكالة أنباء (شينخوا) على نسخة منه ، أن قرار الرئيس صالح بتفويض نائبه "يعالج وضعا داخليا لأجنحة المؤتمر والسلطة بعد أن فشلت في التعاطي الإيجابي مع التزاماتها تجاه المبادرة والجهود الدولية والإقليمية لمعالجة الوضع في اليمن." وأكد البيان أن " الجهد الإقليمي والدولي قد صاغ خارطة الحل السياسي بوضوح لا يحتمل التأويل أو المراوغة ، وهو متاح في صورة مبادرة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي ودعم المجتمع الدولي لها والتي تم التوقيع عليها من قبل اللقاء المشترك وشركاؤه والمؤتمر وحلفائه". من جهتها ، اعتبرت الحكومة اليمنية أن قرار التفويض الذي أصدره الرئيس صالح " جاء من الحرص المسئول للرئيس على مصالح الوطن العليا وصيانة أمنه واستقراره ووحدته ، وتجسيدا لمبدأ احترام الدستور والعمل بموجبه وصيانة الشرعية الدستورية التي هي الضمانة الأولى لحماية حكم الشعب نفسه بنفسه باعتباره مالك السلطة ومصدرها وهو الذي ينتخب رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية والسلطات المحلية في البلاد " . وذكرت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن مجلس الوزراء دعا في اجتماع عقده اول امس الثلاثاء "كافة الأطراف السياسية إلى الاستجابة لهذا القرار التاريخي النابع من جوهر الالتزام بما تمليه الحكمة اليمنية وينتصر له العقل السليم" ، معتبرا أن هذا التفويض "خطوة مهمة باتجاه حل الأزمة السياسية الراهنة وتجنيب الوطن مخاطر الانزلاق إلى الصراع والفوضى والفتن المدمرة ".