المشائخ الجفري والسليماني يزوران جرحى معركة تحرير معسكر عارين بشبوة    اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي تُعيّن الراعي أميناً عاماً بالإجماع    حضرموت .. بين سندان الوصاية الثالثة ومطرقة صولة الرصاص الثانية    "خيرات باجل".. مهرجان زراعي يعزز مكانة المديرية كنموذج إنتاجي واعد    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    منتخب الجزائر يتعادل مع السودان في كأس العرب    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    وفاة رئيس اتحاد الأدباء في إب عبد الإله البعداني    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    فاجعة غزة مستمرة: ارتفاع عدد الشهداء إلى 70,117 ضحية للعدوان    حضرموت.. قوات الانتقالي تسيطر على مدينة سيئون وأغلب مديريات الوادي    تجربة تعاونية رائدة في مديرية الشعر بإب.. المغتربون حجر الزاوية فيها    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    النفط يتراجع وسط ترقب لنتائج محادثات السلام في أوكرانيا    قاضٍ في إب يكشف عن عمليات ابتزاز تمارس باسم القضاة داخل المحاكم    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    ماجد زايد... صديق بعمر الوفاء، وقلب بحجم البلاد    بدء تعزيزات مرتبات شهر أكتوبر 2025    محمد منصور: فتنة ديسمبر كانت مخططة    حضرموت: المصير الذي لا يُقسَّم (2)    تقرير أوروبي: عمليات اليمن البحرية تعيد رسم ميزان القوة وتكشف هشاشة الردع الغربي    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    مباراة الأهداف التسعة.. مانشستر سيتي ينجو من ريمونتادا مجنونة أمام فولهام    خالد بحاح يفضح الشرعية ويكشف تضحيات التحالف العربي مقابل فساد النخبة اليمنية    لان الامارات صنّاع العطاء.. احتفلت شبوة بيومها الوطني    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    الجبواني والجفري يشهدان الحفل الفني الذي أقيم بمحافظة شبوة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد الاتحاد الاماراتي    لقاء تنسيقي بمأرب يؤكد على أهمية مواجهة التحديات الإنسانية بالمحافظة    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وصف الأحوال واقتراح البدائل: اليمن إلى أين؟
نشر في التغيير يوم 09 - 11 - 2011

الوضع في اليمن يتدهور من ساعة الى ساعة ومن يوم الى آخر ومن مبادرة الى اخرى، ونتيجة لذلك يئن الشعب والمؤسسات والمجتمع تحت وطأة نظام العقيد العنيد العتيد. عاد علي عبدالله صالح من السعودية بعد رحلة علاجية جمَّلَ فيها وجهه واطرافه لكي يعاود الانتقام والمراوغة ويظن انه في منأى عن مصير سابقيه في تونس ومصر او زميله العقيد في ليبيا. كان علي عبدالله صالح أحوج ما يكون إلى علاج نفسي يساعده على تفتيح وتجميل الجانب الأخلاقي تجاه أبناء شعبه الذين يقتلهم القناصة ويعيث بهم «بلاطجة» النظام، ومع هذا يخرج الشعب بقضه وقضيضه ليقول للرئيس: ارحل.
لم تسعف الحكمة «اليمانية» التي غابت عن نظامه، العقيدَ المهزوم المهزوز في ان يستغل المبادرة الخليجية او الضيافة والوجاهة السعودية لكي يعلن من الرياض تخليه عن الحكم نزولاً عند طلب الإخوة في الخليج، وبذلك يوقف زهق الأرواح ويعيد الحياة الطبيعية لليمن، والأهم من ذلك كله ان يجد في السعودية وحكامها الجبل الذي يعصمه من المحاكمة او التنكيل وسواد الوجه مرة اخرى. لكن علي عبدالله صالح ظن بأن نجاته من حادثة المسجد دليل حكمة إلهية وقضاء رباني بأن يستمر في التنكيل بالشعب اليمني، وغفل عن أن نجاة فرعون ببدنه كانت حكمة إلهية ليكون للناس آية، كما نسي تماماً ما آل إليه صدام حسين وحسني مبارك ومعمر القذافي وما سيؤول إليه بقية الطغاة.
لقد فشل علي عبدالله صالح في إدارة اليمن فشلاً ذريعاً قاد الأمور وبشكل كبير الى زوال الدولة على الرغم من أمرين: الاول، الحماية الكاملة والدعم الشامل الذي وجده ويجده من المملكة العربية السعودية، التي منعت حتى الآن تدويل قضية اليمن وطرحها في المحافل الإقليمية او الدولية وجعلها موضوعاً خاصاً يمكن للمملكة وشقيقاتها في مجلس التعاون ادارته وإخراج منطقة الجزيرة العربية من تداعيات الفوضى المرتقبة من بقاء نظام علي عبدالله صالح. الامرالثاني، محاولة العقيد ونظامه البائس واليائس اللعب على فزاعة «الارهاب» والتكتيكات حول القاعدة التي يغازل بها الولايات المتحدة عله يستمر أياما في السلطة، وإيهام دول الغرب بأن بقاءه في الحكم يمهد للقضاء على خلايا القاعدة في اليمن، مع أن سوء إدارته هو الذي أدى إلى تغلغل القاعدة ليصبح اليمن المرتع الآمن للخارجين عن القانون.
يبقى السؤال المهم والإستراتيجي: الى متى يمكن للمملكة العربية السعودية تحمُّل الأوضاع المتدهورة في اليمن في ظل ما يحدث من تغير في ميزان القوى الشرق اوسطي؟
فبسقوط نظام صدام حسين واحتلال القوات الاميركية العراق وتنصيبها حكومة المالكي، أمسى العراق المريض خارج اللعبة السياسية وبالتأكيد خارج النطاق الاستراتيجي الخليجي والعربي، مما أدخلنا في معادلة اكثر تعقيداً، ألا وهي زيادة النفوذ الايراني من جهة، ومحاولة تركيا ان تغوص في قضايا الشرق الاوسط بحجة تحجيم المد الشيعي، خصوصاً بعد ان يئست تركيا من ان تصبح دولة أوروبية. الوضع المتردي في سوريا ومحاولة الرئيس الاسد حلحلة الوضع الداخلي والوقوف بصلابة امام النقد الاوروبي والتهجم الاميركي متكئاً على الدعم والفيتو الروسيين، وضع سورية على فوهة بركان، خصوصاً مع حالها الحرجة في الجولان تجاه إسرائيل. وعلى الرغم من أننا ندرك أن الوضع السوري مختلف كل الاختلاف عما يجري في دول «القفزة العربية» (وللمناسبة، مصطلح «القفزة العربية» أصح وأصدق وصفاً من مصطلح «الربيع العربي»، ولو أن كلا المصطلحين يحمل المصطلح الإنكليزي ذاته)، يظل الوضع في سورية حرجاً جداً، وتداعيات سقوط النظام فيها خطيرة جداً. أما مصر، فقد خرجت تماماً من المعادلة الاستراتيجية العربية والشرق أوسطية بعد سقوط نظام حسني مبارك، ولا يمكن ان تفيق من غيبوبتها الاستراتيجية الا بعد عقدين من الزمان على الاقل، وبالكاد يمكنها في الوقت الحاضر حل معضلتها مع غزة/ اسرائيل ومع ليبيا المهتزة و مع سودان يترنح.
وبالتالي، فإن معالجة الوضع في اليمن بشكل عاجل وسريع أمر حيوي وهام للمملكة العربية السعودية مع تهاوي النظام السياسي والإستراتيجي العربي من ناحية، وتربص ايران بدول الخليج العربي في الامارات والبحرين والكويت، ومحاولاتها زعزعة الأمن في شرق السعودية والتخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن من ناحية أخرى. وسوف لن تتوقف محاولات ايران لزعزعة امن السعودية ولو من خلال الحج، ذلك الخط الأحمر الذي تتراقص عليه ايران، لمعرفتها التامة بأهمية تلك الشعيرة ومحاولة الاختباء خلف الحجج الدينية التي من اليسير تحميلها اكثر مما تحتمل.
هذا الاضطراب السياسي في الشرق الأوسط أدى إلى تحول جذري في موازين القوى، وجعل من السعودية العمود الصلب الوحيد في الخيمة العربية، كما أن اليمن من الناحية الجيوسياسية يشكل أهمية كبرى في المصالح الإستراتيجية والحيوية والحساسة، لذا يتطلب الأمر اتخاذ موقف حازم لا يقبل المداهنة أو سوء الفهم أو التسويف أو التأخير. ويتلخص هذا الموقف، من وجهة نظرنا، في سبع نقاط محددة:
- منح علي عبدالله صالح مهلة، قد تكون 72 ساعة مثلاً، لكي يعلن رسمياً تخليه عن الحكم ومغادرة البلاد حالاً.
- دعوة شيوخ القبائل وأعيان اليمن في الشمال والجنوب الى اجتماع في جدة لاختيار وتعيين مجلس وطني انتقالي لتسيير امور البلاد حتى تعديل الدستور او صياغة دستور جديد يصوت عليه الشعب اليمني.
- الاعتراف بالمجلس الوطني الجديد مباشرة من دول مجلس التعاون.
- تحديد موعد لإجراء انتخابات برلمانية في مدة أقصاها ثلاثة اشهر.
- عزل جميع أعوان النظام ونفيهم إلى خارج اليمن ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في الدول التي تستضيفهم وتشكيل محكمة مدنية لمحاكمتهم.
- قيام قوات درع الجزيرة بمساعدة الجيش اليمني في الحفاظ على امن اليمن من اي اعتداء خارجي.
- تكفُّل دول مجلس التعاون الخليجي بمساعدة اليمن اقتصادياً للخروج من محنته ووضع برنامج عاجل لإعادة الأعمار من خلال خطة اقتصادية لا تتعدى ثلاث سنوات تنضم بعدها اليمن إلى منظومة مجلس التعاون.
من ناحية أخرى، نتمنى على دول المجلس أن تزيد من دعمها لكل من العراق ومصر وليبيا واليمن، ولكن شرط أن تعود تلك الدول إلى أنظمتها الملكية، كما كانت في السابق، فليس هناك ضرر في أن تشترط الدول الداعمة نوعية النظام الذي تؤازره أو الأيديولوجية التي تساندها.
فقد أثبتت جميع الملكيات العربية التي تحولت إلى جمهوريات إبان الخمسينات والستينات من القرن الماضي، أنها فشلت في تكوين علاقة تواصُل حقيقي مع شعوبها ومجتمعاتها، ومن الأفضل لتلك المجتمعات في ليبيا واليمن والعراق ومصر أن تعود إلى وضعها الطبيعي كملكيات حديثة.
فبعد أن انكشف الغطاء الأيديولوجي الذي زرعته الماركسية بمساعدة الاتحاد السوفياتي وما تفتق عنه من أحزاب اشتراكية وبعثية وغيرها، لم تعد تلك الجمهوريات المصطنعة في العالم العربي تملك سنداً قوياً يساعدها على البقاء. كما أن المحاولات اليائسة في استبدال الشيوعية والاشتراكية بمجموعات وأحزاب وتكوينات إسلامية، سقطت سقوطاً ذريعاً، بعد أن أجهز فكر أيمن الظواهري على أي مستقبل لها.
كما أن إعادة الملوك والملكيات ليست بغريبة عن تاريخنا المعاصر، فقد فعلت ذلك بريطانيا وأميركا في الخمسينات من القرن الماضي، عندما تطلبت مصالحها ذلك فأزاحت حكومة مصدق في إيران لتمهد للشاه حينئذ محمد رضا بهلوي العودة لعرش بلاده، هكذا كانت المصالح وستظل.
وعوداً إلى اليمن، فيمكنه أن يعود تحت اسم المملكة المتوكلية اليمنية، إما نسبة إلى عائلة حميد الدين أو نسبة إلى «توكل كرمان» الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام لا يهم، فالأمر سيان.
* طراد بن سعيد العمري - باحث سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.