لم يمر سوى عدة أيام على توقيع المبادرة الخليجية حول أزمة اليمن ويعمل عدد من القانونيين والمنظمات المدنية والنشطاء الشباب على اسقاط الضمانات القانونية " الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية" التي منحتها المبادرة الخليجية للرئيس اليمنى على عبد الله صالح ومن عمل معه خلال فترة حكمه. ووقع الرئيس اليمني الاربعاء الماضي والذي يحكم البلاد منذ 33 عاما، على مبادرة تقدمت بها دول الخليج العربي لحل الازمة في بلاده، ونقل سلطاته إلى نائبه عبدربه منصور هادي مقابل عدم ملاحقاته قانونيا. وفيما وقع صالح على المبادرة، وقع ممثلون عن المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم في اليمن) والمعارضة على الآلية التنفيذية للمبادرة. وتنص المبادرة الخليجية التي تم التوقيع عليها (( في اليوم التاسع والعشرين من بداية الاتفاق يقر مجلس النواب، بمن فيهم المعارضة، القوانين التي تمنح الرئيس ومن عمل معه خلال فترة حكمه، الحصانة من الملاحقة القانونية والقضائية، وفي اليوم الثلاثين من بداية الاتفاق وبعد إقرار مجلس النواب بما فيه المعارضة لقانون الضمانات يقدم الرئيس استقالته إلى مجلس النواب ويصبح نائب الرئيس هو الرئيس الشرعي بالإنابة بعد مصادقة مجلس النواب على استقالة الرئيس)). ويرى قانونيون ومختصون أن الضمانات الممنوحة للرئيس صالح ونظامه غير قانونية اصلا لانها مجرد ضمانات سياسية وهم يعملون جاهدين لاسقاط تلك الضمانات. وينشط عدد من المحامين والقانونيين والنشطاء اليمنيين بالتعاون مع منظمات دولية حقوقية لتقديم ملف الانتهاكات في اليمن إلى محكمة الجنايات الدولية. وقالت امل الباشا، رئيسة منتدى الشقائق في اليمن وممثلة محكمة الجنايات الدولية في اليمن، لوكالة أنباء (شينخوا) أن الضمانات الممنوحة في المبادرة الخليجية للنظام اليمني هي ضمانات سياسية لا تسقط ابدا المسئولين عن انتهاكات وجرائم جنائية من المسائلة. وحسب الباشا فان هناك العديد من الجرائم انتهكت في اليمن، منذ بدء الاحتجاجات المطالبة باسقاط النظام ،سواء جرائم في العبث بالاموال او بالارواح والمتمثلة بقتل المتظاهرين والاغتيالات والاعتقالات غير القانونية ، مضيفة بان هذه الجرائم لا تسقطها الضمانات وان المتورطين في المشاركة او التنفيذ او من موقع المسئولية سيكونون مسائلين عن كل تلك الانتهاكات. واوضحت الباشا، بان هناك تواصلا مع اجهزة الاممالمتحدة والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الانسان مع المنظمات المدنية اليمنية بشأن رصد كل الانتهاكات التي مورست ضد المواطنين لتقديمها الى محكمة الجنايات الدولية. واكدت الباشا ، ان اي معاهدة او اتفاقية سياسية لا يكون لها اي اثر قانوني في اعفاء الجناه من الجرائم التي ارتكبوها. واعتبرت الباشا ان هناك تفاعلا من قبل القضاء الدولي، وانه ربما قد نشهد احالة الجرائم التي ارتكبت من قبل نظام صالح الى محكمة الجنايات في القريب العاجل، خاصة في ظل تزايد الضغوطات من قبل منظمات دولية حقوقية على مجلس الامن والمحكمة الجنائية. وعن الانتهاكات التي رصدت منذ نفاذ المبادرة الخليجية قالت الباشا، " هناك استمرار في الانتهاكات ، وهذا يعني مزيد من الضغوطات على المجتمع الدولي وبالتحديد على مجلس الامن باحالة ملف صالح إلى محكمة الجنايات لانه (صالح) لم يلتزم بالمبادرة التي وقعها واعطت له ضمانات بعدم الملاحقة ووافق عليها مجلس الامن الدولي ، وان ذلك يدل فقط على انه وقع من اجل الحفاظ على ارصدته لا من اجل ايقاف اعمال العنف والانتهاكات وصون حقوق الانسان اليمني". وفي السياق ذاته، قال عبدالله نعمان نائب نقيب المحاميين اليمنيين إن الضمانات الممنوحة للرئيس صالح ونظامه في المبادرة الخليجية ليس لها اي قيمة قانونية، وانهم يسعون لاسقاط تلك الضمانات بالتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية واعداد ملفا كامل عن الانتهاكات وتقديمها الى محكمة الجنايات الدولية. واوضح نعمان لوكالة أنباء (شينخوا) " ان المبادرة الخليجية تنص على ان يصدر مجلس النواب قانونا يمنح الحصانة للرئيس ونظامه وعائلته ، لكن مجلس النواب اليمني هو اصلا فاقد للشرعية، ولذلك لا يمكن ان تعطى ضمانات من سلطة فاقدة للشرعية واي قانون يصدر بهذا الخصوص يتنافى مع الدستور اليمني " . واكد نعمان ان اليمن في الحقيقة مصادقة على مواثيق الاممالمتحدة والقانون الدولي الانساني ، وهذه المواثيق التي صادقت عليها اليمن لا تعترف باي حصانات للقتلة ومن المسائلة القضائية . واشار نعمان الى ان هناك عملية تصعيد لملف الانتهاكات التي قام بها النظام برئاسة علي عبدالله صالح وسيتم تقديم الملف بالتنسيق والتعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية الى محكمة الجنايات الدولية لاصدار اوامر بالقاء القبض على صالح وجميع اركان نظامه المشاركين والمسئولين عن الانتهاكات في اليمن . ويرى شباب الساحات انهم لا علاقة لهم بمنح اي شخص تورط في قتل المتظاهرين سلميا الحصانة وانهم في طريق التصعيد حتى يتم احالة ملف صالح ورموزه الى العدالة المحلية او الدولية . وقال سفيان جبران الناشط في ساحة التغيير بصنعاء " نرفض نحن كشباب في الساحات اي ضمانات او حصانات ضد كل من مارس القتل والتنكيل بالشباب المتظاهرين سلميا" . واوضح سفيان لوكالة انباء (شينخوا) نحن نعمل حاليا في طريق التصعيد من اجل محاكمة صالح ورموز نظامه محليا او دوليا، انصافا للارامل والأيتام، وتأسيسا لبناء دولة العدالة والحرية والمساواة. من جانبها ، سلمت الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام للعام 2011 ، (الاثنين) الماضي إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو ملف بالجرائم التي ارتكبها صالح ونظامه بحق المتظاهرين سلمياً خلال ال9 اشهر الماضية. واوضحت كرمان في بيان أصدرته الاثنين، بانه وخلال لقائها بأوكامبو في لاهاي أن، علي صالح ومسؤولي أجهزته الأمنية والعسكرية ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بحق المتظاهرين السلميين في اليمن سقط خلالها 12 ألف متظاهر ما بين شهيد وجريح، مشيرة بان علي صالح يسعى للحصول على ضمانات بعدم مساءلته على جرائم قتل المتظاهرين في حين أن ذلك يتناقض مع مقتضيات العدالة والإنصاف. وتابعت بقولها: إذا أردنا لليمن السلام والاستقرار فيجب أن تطال علي صالح ومسؤولي أجهزته الأمنية والعسكرية يد العدالة إذ لا سلام دون عدالة. وحسب البيان فان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وهو مسؤول التحقيق والملاحقة القضائية لمرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، قال بأنه لا يوجد هناك مواثيق أو عهود دولية تعفي مرتكبي المجازر ضد الإنسانية من العقاب، مؤكداً بأن أي اتفاقية تمنحهم الضمانة لا قيمة قانونية لها. وحسب بيان الناشطة اليمنية فان أوكامبو اكد بان " اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية توجب مساءلة مرتكبي المجازر ومنتهكي حقوق الإنسان، وانه سيعمل على ملاحقة المسؤولين اليمنيين المتورطين بجرائم القتل وفق اتفاقية روما المنظمة لعمل المحكمة وآلية عملها ولوائحها. وتنشط منظمات دولية في اتجاه اسقاط الضمانات عن صالح ورموزه من المبادرة الخليجية. وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش " السبت الماضي ، إن على مجلس الأمن العمل على فرض تجميد للأصول وحظر سفر على الرئيس علي عبد الله صالح وغيره من كبار المسؤولين، الذين يتحملون مسؤولية الهجمات على المدنيين. واكدت هيومن، وهي منظمة أمريكية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان،" يتعين على مجلس الأمن أن ينأى بنفسه عن ذلك الجزء من الاتفاق الذي وقعه صالح في 23 نوفمبر والذي يمنحه ومعه كبار المسؤولين الحصانة على الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، مقابل التنحي عن السلطة". *تقرير إخباري ..