وضع طلب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح السماح له بزيارة الولاياتالمتحدة للخضوع لعلاج, الذي تدرسه واشنطن حالياً, الرئيس الاميركي باراك أوباما امام معضلة لما يطرحه من مخاطر على ادارته سواء قبل الطلب أو رفضه. ورأى بعض المسؤولين الأميركيين, أن اخراج صالح من اليمن سيسمح بخفض حدة التوتر قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في فبراير المقبل, غير أن توجهه الى الولاياتالمتحدة قد يجعل الادارة عرضة لاتهامات "بإيواء زعيم مسؤول عن مقتل مئات المتظاهرين", بما يخالف حقوق الإنسان التي تطرح واشنطن نفسها كمدافع عنها. وقال اليوت ابرامز العضو السابق في مكتب الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن, إنه سيترتب على أوباما الذي يعود له اتخاذ مثل هذا القرار أن يدرس ما اذا كان "خروج صالح سيساعد في تهدئة الوضع في اليمن" وإن كان "ذلك سيسيء إلى الولاياتالمتحدة". وشدد ابرامز, العضو في "مجلس العلاقات الخارجية", مجموعة الدراسات والتحليل في واشنطن, على ضرورة احلال الظروف الملائمة مسبقا لقدوم صالح مثل "الظروف الحياتية اليومية", مضيفاً أن "أحد الشروط هو أن يمتنع عن أي تصريحات علنية ولا يشارك في الحياة السياسية في اليمن". وأعرب عن ثقته بأن أوباما سيعطي في نهاية المطاف الضوء الاخضر لقدوم صالح, موضحاً أن في وسع الرئيس الذي يقضي حاليا اجازة في مسقط رأسه ولاية هاواي (المحيط الهادئ) تبرير مثل هذا الخيار بأنه "من المهم في حالات عدة اخراج الدكتاتور أو الرجل القوي أو الرئيس على وجه السرعة" من البلاد. وأضاف "لكننا انقذنا العديد من الارواح في ليبيا لو أمكننا حمل (العقيد معمر القذافي) على ترك السلطة بشكل اسرع, ويمكننا انقاذ ارواح في اليمن إن خرج صالح منه, وقد انقذت ارواح في تونس لأن (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي خرج على وجه السرعة". في المقابل, رأى جيمس فيليبس من مجموعة "هيريتيج فاونديشن" المحافظة للدراسات, أن صالح الذي "وعد مرارا بالاستقالة لا يحظى بالكثير من المصداقية", داعياً الولاياتالمتحدة إلى أن ترفض منحه تأشيرة دخول قبل أن يستقيل فعليا. على صعيد آخر, أكد مراقبون أن "الثورة" في اليمن تعد أكثر حسما وتأثيرا من ثورات الربيع العربي التي أطاحت برؤوس أنظمة ولم تصل إلى بقية المفاصل, مشيرن إلى أنها وصلت إلى أوكار الفساد والظلم في أكثر من مؤسسة عسكرية ومدنية كبداية باتجاه القضاء على رؤوس الفساد تجسيدا لمقولة صالح "حكم اليمن أشبه بالرقص على رؤوس الثعابين" وإن كان قد قصد غير ذلك مما يحدث حاليا في بلاده. وقالت مصادر محلية ل¯"السياسة" إن موجة الاعتصامات والاحتجاجات شلت أمس عددا كبيرا من المؤسسات الحكومية ومعسكرات ودوائر الجيش والأمن الموالية لصالح للمطالبة بإقالة المسؤولين عنها على خلفية اتهامهم بالظلم للعاملين فيها والفساد ونهب مستحقاتهم وسرقة المال العام. من ناحية ثانية, منح مجلس النواب, خلال جلسته أمس, حكومة الوفاق الوطني الثقة, فيما اتهم نقيب الصحافيين السابق نصر طه مصطفى, قائد الحرس الخاص للرئيس اليمني العميد طارق محمد عبدالله صالح بتهديده بتأديبه في حال استمرعلى نمط مقالاته وتحليلاته حول الأحداث الأخيرة. ميدانيا, لقي ثلاثة جنود مصرعهم وأصيب اثنان في اشتباك بمدينة الروضة شمال صنعاء مع مسلحين من قبلية ينتمي إليها مدير أمن محافظة صنعاء العميد محمد صالح طريق بعد قيام الجنود باحتجازه في مكتبه أمس مطالبين بتغييره, ليستعين بمسلحين من قبيلته لإخراجه من المكتب وفك أسره ما أدى إلى الاشتباكات.