يواجه الحراك الجنوبي معركة تحديد مصير عقب موقفه برفض الانتخابات الرئاسية وقراره منع اجرائها في المحافظات الجنوبية بالقوة، لانه اذا فشل في فرض هذا الخيار سيخسر اول مواجهة مع الرئيس الجديد لليمن وسيؤدي الى تفاقم انقسام الصف الجنوبي المشتت اصلا بين المطالبين بالانفصال ومن يطرح خيار الفيدرالية وبين مؤيدي الوحدة الاندماجية. ومع ان فصائل في الحراك الجنوبي تؤيد الدعوة لمقاطعة الانتخابات التي من شأنها ان تدفع بشخص من الجنوب ليحكم اليمن للمرة الاولى منذ مئات الاعوام وترفض استخدام القوة لمنع الناخبين من التصويت، الا ان هذا الموقف فهم لدى الدول الراعية لاتفاقية التسوية التي انهت حكم الرئيس علي عبد الله صالح بأنه تحد للإرادة الدولية ومحاولة للانحراف بمسار التسوية لخدمة مخططات اطراف اقليمية. وذهب سفير الاتحاد الاوربي والسفير الاميركي بصنعاء الى وصف هذا الموقف ب«الخطأ الاستراتيجي». وترفض دول الخليج التي رعت اتفاقية نقل السلطة ومعها الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي ودول الاتحاد الاوروبي ترفض مطالب انفصال الجنوب عن الشمال وتدعم فكرة مؤتمر الحوار الوطني لمعالجة الوضع في الجنوب وحل مشكلة صعدة في الشمال. وخسرت قوى الحراك الجنوبي ايضا تعاطف اعضاء وانصار احزاب اللقاء المشترك في المحافظات الجنوبية الذين كانوا جزء من الاحتجاجات التي شهدتها مدن للجنوب للمطالبة بحل القضية الجنوبية حلا عادلا. وتوسعت خسائر الحراك الجنوبي لتسقط عنه الطابع السلمي ثم تمتد الى المواطنين اليمنيين المؤيدين للانتخابات، حيث تبين المؤشرات ان هناك كتلة انتخابية كبيرة سوف تشارك في عملية الاقتراع وان المقاطعة تحت تهديد السلاح ستقتصر على بعض مديريات محافظات الضالع ولحج، في حين باتت محافظة ابين التي يتحدر منها المرشح الرئاسي التوافقي عبد ربه منصور هادي جزء من المحافظات الداعمة للانتخابات. دعم واتهامات وفي حين بات انصار واعضاء تكتل اللقاء المشترك الذي ساند بقوة الحركة الاحتجاجية المستمرة منذ عام هدفا لهجمات الجناح المسلح في الحراك الجنوبي، فإن تردد انباء عن تلقي نائب الرئيس الاسبق علي سالم البيض دعما إيرانيا لافشال الانتخابات فاقم من عزلة الفصيل الذي يتزعمه وفتح الباب امام أطراف اخرى في الساحة السياسية لتبني قضية الجنوب وفقا للمحددات التي تدعمها الدول الاقليمية والاطراف الدولية التي تعمل على منع انهيار الدولة وتحولها الى مركزا لانشطة تنظيم القاعدة. وفيما وسع تنظيم القاعدة من سيطرته على مناطق شاسعة في جنوباليمن، فان مخاوف المجتمع الدولي ازدادت مع لجوء اطراف في الحراك الى العنف، حيث تخشى هذه الدول من ان يؤدي الاقتتال الداخلي الى توفير بيئة ملائمة لهذا التنظيم لاستكمال سيطرته على بقية المناطق المطلة على بحر العرب ومن ثم تهديد الملاحة الدولية. الحزب الاشتراكي واذا ما اخذ في الاعتبار ان الحزب الاشتراكي هو أحد مكونات الحراك الجنوبي وان الرئيس الاسبق علي ناصر محمد ومعه رئيس اول حكومة في دولة الوحدة حيدر العطاس يطرحان خيار الفيدرالية لمعالجة الوضع في الجنوب، فان الحلول الوسط التي سيقترحها رعاة عملية التسوية السياسية قد تجعل من خيار الدولة المركبة اقرب الاطروحات قبولا لمعالجة مشكلات اليمن المزمنة والصراع الجغرافي على الحكم، خصوصا وان محافظة حضرموت التي تشكل ثلث مساحة البلاد حسمت امرها واكدت انها ستقف الى جانب اي طرف يقر بحقها في انت تصبح اقليما بذاته اكان ذلك في اطار الوحدة او الانفصال.