عبده عايش- صنعاء : يشكل سباق الرئاسة الذي تجري فصوله حاليا باليمن، مشهدا غير مألوف ويندر حدوثه في المنطقة. وتتمثل أبرز صور هذا المشهد في إسقاط قوى المعارضة للخطوط الحمراء، وسعيها للإطاحة بالرئيس علي عبدالله صالح ونظامه عبر العملية الديمقراطية التي ارتضاها الطرفان. فمن جهة يصر مرشح المعارضة فيصل بن شملان بضرورة تغيير النظام السياسي بأشخاصه وآلية إدارته للدولة، ويؤكد أن انتخابات الرئاسة الحالية فرصة بيد اليمنيين لتغيير وضعهم السياسي والاقتصادي والحياتي كما يهاجم حكم الفرد والاستبداد والفساد، وتركز السلطات في يد شخص رئيس الجمهورية. مقابل ذلك يؤكد الرئيس صالح الذي يحكم البلاد منذ 28 عاما الثقة في الجماهير اليمنية وحسن اختيارهم، ويؤكد أن العراك السياسي الراهن يرعاه بنفسه شخصيا، كما يوجه سهام اتهاماته للمعارضة ويعتبرها قوى ظلامية رجعية، وقوى ردة وانفصال تتآمر على الوطن واستقراره، وتحاول الانقلاب على الحكم والشرعية. ويحذر صالح كذلك من تحول اليمن إلى النموذج الصومالي أو العراقي في حال وصل تكتل أحزاب اللقاء المشترك للحكم. احتقانات وخصومات وفيما يشيد المراقبون بالحراك السياسي والشعبي باليمن، ويرون أنه يؤسس لديمقراطية حقيقية قد تكون نموذجا بالمنطقة، إلا أن ثمة تخوفات لدى البعض أن تقود هذه التطورات السياسية الديمقراطية إلى احتقانات وخصومات شخصية بين أطراف الحكم والمعارضة، وبالتالي تتحول العملية الديمقراطية السلمية إلى أعمال خطيرة تضر بالبلاد. في هذا الصدد جاء تحذير الرئيس صالح في مهرجان له بمحافظة المهرة شرقي اليمن من أي تداعيات خطيرة لما سماه الاحتقان الشعبي جراء حملات الدعاية الانتخابية التي تقوم بها أحزاب اللقاء المشترك، وطالبهم بتعديل خطابهم السياسي والإعلامي لما فيه مصلحة الوطن، وحتى لا تدخل البلد في دوامة عنف وصراعات. بدوره قال فيصل بن شملان إن هناك إجماع يمني على ضرورة التغيير ولم يعد ممكنا إثارة الخوف والفتن، وأكد في مهرجان انتخابي بمحافظة لحج أمس أنه لم يعد مجديا أن يلوح البعض (يقصد الحاكم) بالجيش لتهديد المواطنين لمنع التغيير المنشود. وقال "لا يخوفنا أحد بالقوات المسلحة والأمن فهي منا ونحن منها، هي في أمان منا ونحن في أمان منها، ولكننا سنعمل على تطوير أدائها لما فيه خدمة الشعب والوطن". إثارة الفتن قال وزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي إن إثارة الفتن والمساس بكرامة الآخرين يقود إلى ردود فعل لا يمكن التكهن بها، كما تقود إلى العنف والعنف المضاد، الذي سيهدد أمن اليمن واستقراره، ويسيء إلى الديمقراطية التي نفتخر بها. " يحذر صالح من تحول اليمن إلى النموذج الصومالي أو العراقي في حال وصل تكتل أحزاب اللقاء المشترك للحكم " ومضى قائلا في مقال نشر أمس في صحيفة "الثورة" الحكومية أنه في هذه الظروف التي تتعالى فيها أصوات العداء والإثارة، وتندس فيها أيادي أعداء اليمن لتثير الفتن، وتتصدر قوى التطرف والكراهية مجرى الأحداث، على العقلاء في حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة أن يدركوا أنهم مهددون في وجودهم وفي المستقبل الذي يحرصون على بنائه. من جانبه قال الصحفي عرفات مدابش للجزيرة نت أن الحل لتجنب التصعيد وزيادة الاحتقان هو في عقلنة الخطاب الإعلامي والسياسي لطرفي اللعبة السياسية في اليمن، واعتبر أنه بإمكان الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة أن يعبروا عن آرائهم وفقا للقوانين، مع الأخذ بالاعتبار أن كارثة ستحل بالبلاد لن تستثني أحدا أو طرفا بعينه وسيدفع ثمنها الجميع. وقال مدابش إن مناخ الحملة الانتخابية السائد يؤسس لمرحلة مهمة من تاريخ اليمن وتجربته الديمقراطية، لذلك لا نريد أن نفوت الفرصة على أنفسنا لتكريس نهج ديمقراطي حقيقي وتداول سلمي للسلطة وبناء وطن قوي ومستقر.