حاوره: امين قمورية : رأى الرئيس السابق لجمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية (السابقة في جنوب اليمن) علي ناصر محمد، ان قرار الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة، هو "قرار جريء وشجاع". و"اذا تمسك به فسيدخل التاريخ من اوسع ابوابه". واكد انه لم يتخذ بعد أي قرار في شأن ترشحه هو الى الانتخابات الرئاسية، الا انه يرفض ان يكون مرشح تسوية. ويزور الرئيس علي ناصر محمد بيروت ليرأس ندوة "قضايا الاصلاح الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في اليمن" التي ينظمها المركز العربي للدراسات الاستراتيجية (الذي يتولى الاشراف عليه) بالتعاون مع اللجنة الاجتماعية الاقتصادية لغرب آسيا "الاسكوا". ويشارك في هذه الندوة سياسيون يمنيون ينتمون الى مختلف التيارات السياسية واكاديميون وباحثون ومثقفون، الى نواب ووزراء سابقين، وتناول الاوضاع والمتغيرات في اليمن وآفاق التنمية والتحولات الديموقراطية التي تجري فيها. والتقت "النهار" الرئيس علي ناصر محمد وكان معه هذا الحوار: اليوم (أمس) جدد الرئيس علي عبدالله صالح امام المؤتمر الاستثنائي لحزب المؤتمر الشعبي العام، تأكيده عدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بينما كان اعضاء حزبه يحضونه على العدول عن قراره. هل تعتقد ان الرئيس اليمني سيسير بخيار عدم الترشح الى النهاية؟ - سبق لي ان قلت ان قرار الرئيس علي عبدالله صالح هو قرار جريء وشجاع، واذا تمسك بقراره عدم الترشح لولاية جديدة، فانه سيدخل التاريخ من أوسع ابوابه، لان مغادرة السلطة ليست نهاية الحياة. شخصيا، انا غادرت السلطة قبل عشرين عاما وأشعر براحة الضمير. وقد تمكنت خلال هذه الفترة من مراجعة التجربة التي مرت بها جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية واستخلصت الدروس والعبر من هذه التجربة وكتبت مذكراتي عن التجربة في عدن: تجربة الثورة، تجربة الدولة، تجربة الوحدة اليمنية. قلت في احدى مقابلاتي الصحافية، ان قرار الرئيس كان شجاعا والتراجع عنه صعب. وقد أكد الرئيس علي عبدالله صالح هذا اليوم (أمس) في المؤتمر الاستثنائي للمؤتمر الشعبي العام انه لا يزال متمسكاً بعدم الترشيح. هل يمكن التظاهرات الشعبية ان تدفع الرئيس علي صالح الى التراجع عن قراره؟ - قرار العدول عن الترشيح او التمسك بعدم الترشيح يخص الرئيس وحده ففي امكانه ان يقول لا وان يقول نعم. انا متأكد من انه اذا تمسك بقراره فان هذه الجماهير ستحترمه لانه سيكون صادقا مع نفسه ومع شعبه. هل تفكر في الترشح للانتخابات الرئاسية، خصوصا انك من ذوي الخبرة في هذا المجال وتحظى بالتأييد في اليمن؟ - حتى الان لم أتخذ أي قرار في شأن الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في ايلول المقبل. وقد سبق للرئيس علي عبدالله صالح ان طلب مني الترشح عام 1999 واعتذرت حينذاك وشكرته على مبادرته. وقد كرر الرئيس علي صالح دعوته لي مجددا الى المشاركة في الانتخابات. هل لديك اتصالات ومشاورات مع الفرقاء اليمنيين ولا سيما منهم المعارضة في شأن اتخاذ هذا القرار؟ - الذين يحضرون هذا المؤتمر في بيروت يمثلون معظم الاحزاب: التجمع اليمني للاصلاح، الاشتراكي، الناصري، التجمع الوحدوي، الحق، حتى المؤتمر الشعبي ممثل. كذلك هناك ممثلون لمجلس النواب ووزراء سابقون وشخصيات سياسية واقتصادية واعلامية وثقافية. وبعض الموجودين من المرشحين للرئاسة (السيدة رشيدة الفيلي). وهذا ان دل على شيء انما يدل على العلاقة المتينة التي تربطني بهذه الاحزاب وايضا بالمؤتمر الشعبي الحاكم. هل يمكن ان تكون مرشح تسوية بين الحزب الحاكم واللقاء المشترك للأحزاب المعارضة؟ - انا لا أقبل ان أكون مرشح تسوية. وحتى الآن لم تعلن أحزاب اللقاء المشترك مرشحها. هل يمكن ان تكون مرشحها؟ - أنا لا أدعي ذلك. تفادي المصاعب ثمة من يقول في اليمن ان الرئيس علي صالح يرفض ان يترشح كي يتفادى المصاعب الكبيرة التي تواجهها البلاد، وخوفا من ان تفلت الاوضاع من يده... - ... لا أعتقد ذلك. شعبنا الان شعب واع. والعودة الى الفوضى والصراع والحروب ولّت وانتهت الى غير رجعة. اليمن مرت بحروب كثيرة، حروب في الشمال وحروب في الجنوب وحروب بين الشمال والجنوب، قبل الوحدة وبعدها. شعبنا اليوم يبحث عن الامن ولقمة العيش والعدل والاستقرار. نحن نعتبر ان لغة العنف والسلاح انتهت الى غير رجعة. وعلينا كقياديين ومسؤولين ومعارضة وحتى كحكومة ان نجنب شعبنا الصراعات والتوترات والخلافات مستفيدين من الدروس والعبر التي مر بها الشعب اليمني خلال نصف قرن. الفساد ألا يشكل التفشي المذهل للفساد خطراً على تماسك الدولة؟ - الفساد يشكل أكبر خطر على النظام ومستقبل النظام ومستقبل الشعب اليمني. ويجري الحديث عن تجفيف منابع الفساد، لكن الحديث وحده لا يكفي. لا بد من جملة من المعالجات الصادقة والجريئة والواقعية لوضع حد للفساد والفاسدين. هناك من يعتقد ان الفساد هو ملح التنمية. انا لا اتفق مع هذه المقولة لان الفساد نخر البلاد والعباد على كل المستويات. اليست هناك مخاوف من تنامي الحالة الاسلامية المتشددة وانعكاس ذلك على الأمن والاستقرار؟ - التيار الاسلامي في اليمن حاضر وموجود ومشارك في الحياة السياسية وفي مقدمه حزب التجمع اليمني للاصلاح برئاسة الشيخ عبدالله الاحمر. واعتقد ان هذه هي أول تجربة ناجحة في المنطقة. اشراك الاسلاميين (المعتدلين) في السلطة خفف الاحتقان، وهكذا صارت الحركات الاسلامية المتشددة الاخرى هامشية. نحن لسنا مع التيارات التي تنشد العنف. ليست عندنا البيئة التي تنشأ فيها مثل هذه التيارات. وشعبنا يرفض العنف. الصومال واذا تحولت الصومال أفغانستان أخرى، الا يؤثر ذلك عليكم؟ الذي أوصل الصومال الى هذا الوضع هو الجنرال محمد سياد بري بسبب سياساته الداخلية والخارجية والحروب التي خاضها مع جيرانه والقمع والارهاب اللذين مارسهما حتى مع أقرب الناس اليه. البعض يعتقد ان سياد بري كان يمسك بالأمور في الصومال وحافظ على وحدة هذا البلد. أنا لا أتفق مع هذا الرأي، لان القمع والديكتاتورية اللذين مورسا أديا أولاً الى انهيار النظام وسقوط بري نفسه وهروبه ومن ثم وفاته واصبحت الصومال منذ عام 1991 من دون دولة. وهذا ما شرع الأبواب لكل شيء ولامراء الحرب وهو ما عبّد الطريق لاحقاً للتيارات الاسلامية والمحاكم الشرعية. وفي تقديري ان مشاكل الصومال لن تحل الا بالحوار الوطني الصادق وعودة الدولة، لان لغة السلاح اثبتت فشلها. - لا شك في ان الوضع الحالي في الصومال قد تكون له تاثيرات ليس فقط على اليمن والسعودية بل على منطقة البحر الاحمر بأكملها. لذلك يجب مساعدتهم على الحوار في ما بينهم، لان استقرار القرن الافريقي هو استقرار لليمن والدول المطلة على البحر الاحمر بأكمله. الاستثمار يتحدثون في اليمن عن محاولات لجذب الاستثمار الخليجي والسعودي تحديداً الى البلاد. هل من مناخ مؤات لمثل هذه المحاولات؟ - الاستثمار يحتاج الى استقرار قبل اي شيء. اعطيك مثلاً على ذلك دولة الامارات العربية المتحدة، فان قوتها وتطورها وازدهارها تعود الى ثلاثة أسباب: أولاً وجود قائد اسمه (رئيس الدولة الراحل) الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ثانياً الاستقرار، ثالثاً العدل.