تعطي كل الدول الفيدرالية أو «الاتحادية» الأهمية البالغة لوزارة الادارة المحلية لدورها الهام اثناء عملية الانتقال من النظام المركزي الى النظام اللامركزي وذلك من خلال وضع التشريعات والقوانين المرتبطة باللامركزية ومساهمتها في التأهيل وبناء القدرات ووضع الهياكل التنظيمية المطلوب وجودها في كل الاقاليم. وهو ما تسعى إليه بلادنا الآن من تطبيق هذا النظام بعد انتهاء مؤتمر الحوار وبدء تطبيق مخرجاته.. هذا ما أكده الأستاذ عبدالرقيب فتح نائب وزير الادارة المحلية من خلال الحوار الذي اجرته معه صحيفة 26 سبتمبر ويعيد (الوحدوي نت) نشره: حوار: ذكرى عبدالعزيز عوهج: انتهى مؤتمر الحوار الوطني وبدأ العمل على تطبيق مخرجاته على أرض الواقع.. ما هو دور وزارة الادارة المحلية في المساعدة على تطبيق هذه المخرجات، وما هو مستقبل وزارة الادارة المحلية في ظل تلك المخرجات؟ بدأت وزاره الإدارة المحلية تمارس دورها اثناء انعقاد مؤتمر الحوار وبعد انتهاء اعماله، فقبل انعقاد المؤتمر وبالتعاون مع مكتب الاممالمتحدة الانمائي كانت الوزارة سباقة في استقدام خبير دولي للإعداد لدراسة ميدانية متكاملة حول النظام الفيدرالي الاصلح للجمهورية اليمنية وذلك بالمقارنة بالأنظمة الفيدرالية السائدة في العالم، وتم انجاز تلك الدراسة بواسطة الخبير الدولي وعدد من المساعدين من كوادر الوزارة ذات الخبرة في هذا المجال حيث وضعت الدراسة مقارنات للعديد من الأنظمة الفيدرالية العالمية ومقترحات وتوصيات يجب الاستفادة منها عند اختيار أي مقترح... فالمعروف عالميا انه لا يوجد نظام فيدرالي واحد يطبق في الدول التي تستخدم هذا النوع من الحكم, حيث هناك 28 دولة تطبق النظام الفيدرالي ولكل دولة نموذجها الخاص وكل علماء الفيدرالية يقولون ان كل دوله ترغب في اتباع هذا النوع من انظمة الحكم عليها ان توجد لنفسها نموذجا يتوافق مع واقعهم ويساعد في حل مشاكلها، وقد قامت الوزارة بتقديم تلك الدراسة المشار اليها الى الحكومة، وكذا تسليمها لمجموعة بناء الدولة المشكلة في مؤتمر الحوار وكذا تسليمها للعديد من الاعضاء في المجموعات المختلفة. وحول دور الوزارة بعد مؤتمر الحوار استطيع التأكيد ان كل الدول الفيدرالية (الاتحادية) تعطي لوزارة الإدارة المحلية فيها دورا رئيسيا وهاما وخصوصاَ اثناء عملية الانتقال (التأسيس) من النظام المركزي الى النظام اللامركزي (الفيدرالي)، ومن خلال «26 سبتمبر» استطيع التأكيد ان الوزارة لديها كادر مؤهل في مجال اللامركزية تعرف على الكثير من التجارب العالمية ومن الأهمية الاستفادة منها .. ففي كل مراحل الانتقال من الدولة البسيطة الى الدولة اللامركزية تقوم وزارة الادارة المحلية بالمشاركة في عملية وضع التشريعات والقوانين المرتبطة باللامركزية سواء على المستوى المركزي الاتحادي او على مستوى الاقاليم. كما ستساهم الوزارة في التأهيل وبناء القدرات ووضع الهياكل التنظيمية المطلوب وجودها في كل الاقاليم. لذا دور الوزارة في مرحلة ما بعد انتهاء اعمال مؤتمر الحوار سيكون محورياً واساسياً وكثير من الدول تعتبرها من الوزارات السيادية، لأهمية دورها ولجسامة المهام التي توكل اليها سواء في مجال بناء القدرات أو بناء الهياكل التنظيمية الجديدة والتشريعات والقوانين كما اوضحت سابقاً، حيث سيكون هناك إعادة بناء وايجاد هيكلة جديده للدولة ومكونتها المختلفة مركزياً وعلى مستوى الاقاليم. ما هي أهم القضايا التي طرحتها وزارة الادارة المحلية في مؤتمر الحوار وهل توصلتم الى نتائج أثناء مناقشتها في الحوار؟ كما اوضحت سابقاَ شارك العديد من قيادات الوزارة في عدد من اعمال لجان العمل التي شكلها المؤتمر وخصوصاَ مجموعة الهيئات المستقلة والحكم الرشيد وبناء الدولة. وتم توضيح اهم قضايا اللامركزية والقوانين المرتبطة بها مثل قانون الزكاة وعدد من القوانين الاخرى. ونظراَ لكون المؤتمر ولجانه المختلفة يعمل بصورة مستقلة ولا تتدخل في اعماله الجهات الحكومية والرسمية فقد كان دور الوزارة استشاري ولتقديم توضيحات معينة حول قضايا محددة يناقشها المؤتمر وليس طرح قضايا او فرض امور ومطالب محددة، لذا دور الوزارة كان استشارياً وليس لفرض ولطلب في مناقشة قضايا محددة. برأيكم.. ما هو دور القوى السياسية في عملية انجاح تطبيق مخرجات الحوار, وما الاسس السليمة لبناء دولة اتحادية للوصول الى دولة مدنية حديثة؟ دور القوى السياسية والمكونات الاخرى في المجتمع يعد دوراً هاماً ورئيسيا في إنجاح مخرجات الحوار وقيام الدولة الاتحادية بمكونتها المختلفة. فكما هو معروف ان الدولة لا تنتقل من الدولة البسيطة المركزية الى الدولة الاتحادية الفيدرالية بين ليلة وضحاها، فعملية الانتقال تأخذ وقتاَ ويتم تحديد زمن الانتقال بالتوافق بين القوى السياسية المختلفة وينص على ذلك في الدستور كنصوص انتقالية تحدد زمن الانتقال ومتطلباته المختلفة، وتسمى مرحلة الانتقال تلك بالمرحلة التأسيسية وهي من اهم المراحل كونها تتحمل مسؤولية وضع التشريعات والقوانين وبناء القدرات البشرية على مستوى المركز وكذا على مستوى الاقاليم.. لذا مرحلة التأسيس بصورة عامة تتطلب التوافق حولها بكل تفاصيلها وينص على ذلك في الدستور الذي سيتم الاستفتاء عليه شعبياَ. وهناك نوعان من الاساليب لبناء الدولة الاتحادية الاسلوب الاول يبدأ من الاسفل الى الاعلى أي يتم بناء الاقاليم تنظيمياً وهيكلياً وتشريعياً وصولاَ الى المركز الاتحادي اوالعكس حيث يتم البناء من الاعلى الى الاسفل، أي يتم اولاَ تأسيس التنظيمات والهياكل التنظيمية مركزياَ ثم يتم الانتقال الى الاقاليم. وكما هو معروف انه في الدولة الاتحادية من الأهمية التحديد الواضح لسلطات ومسؤوليات المركز ومسؤوليات الاقاليم. وهناك نماذج مختلفة في هذا المجال فهناك دول تحدد في دساتيرها مسؤوليات سلطات المركز ويعتبر المتبقي من المسؤوليات والسلطات في ادارة الدولة هي للأقاليم ودول تتبع العكس، وتحدد في دستورها مسؤوليات وسلطات الاقاليم وما لم يذكر في الدستور يعتبر سلطات ومسؤوليات المركز، وما تم تحديده في الدستور هو السلطات الرئيسية الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية . وفي بلادنا من الأهمية القصوى الاتفاق والتوافق بين القوى السياسية على مرحلة التأسيس ومهامها كضامن رئيسي لتنفيذ مخرجات الحوار كما من الأهمية بقاء الرقابة الشعبية قائمة للجهات التنفيذية المسؤولة عن تنفيذ المخرجات وعدم الانحراف عنها. وبصورة عامة فإن ما خرج به مؤتمر الحوار من خلال لجانه التسع يمثل اساساَ لبناء الدولة المدنية الحديثة. والأهم بعد انتهاء مؤتمر الحوار هو تحويل مخرجاته الى تشريعات وقوانين تكفل المساواة والعدالة وجعل الجميع سواسية امام القانون. وهذا يتطلب وجود مؤسسات قوية على مستوى المركز والاقاليم، كما يتطلب حسن الاختيار لمن سيتولى الادارة مركزياً واقليمياً وكذا اهمية وجود مؤسسات واجهزة رقابة رسمية وشعبية. في ظل الاختلاف على تحديد عدد الاقاليم.. برأيكم ما هي المعايير العالمية لتحديد عدد الاقاليم في الدولة الواحدة لضمان بناء دولة مدنية حديثة؟ للأسف الشديد الكثير من قضايا مؤتمر الحوار كان يتم نقاشها بصورة انفعالية ويتشدد البعض حول ما يقدمونه من آراء ومقترحات وهذا يتضح في موضوع مناقشة الاقاليم وعددها وكيفية قيامها. فالمعروف في التجارب المماثلة ان الاقاليم وعددها واسس قيامها يقوم بها خبراء متخصصون، حيث هناك معايير لقيامها اصبحت شبه متعارف عليها عالمياً حيث تقوم الاقاليم وفقاَ لمعايير سكانية وجغرافية وتنموية واجتماعية بحيث يضمن لها البقاء والقدرة على الحياة وكذا قدرتها على القيام بمهامها التنموية والاجتماعية المختلفة. لكننا في اليمن اتبعنا اسلوب توافق في اقامة الاقاليم واعطينا لأنفسنا فرصة لمراجعة ذلك مستقبلاً وفقاً لما حددته ورقة الضمانات وما سوف ينص عليه الدستور حول هذا الموضوع. والاسلوب الذي اقره المؤتمر لقيام الاقاليم اهم ما فيه انه حافظ على الوحدة واوجد تداخلاَ جغرافياَ لضمان ذلك. فالدول الفيدرالية من خلال تقسيمها للجغرافية الوطنية الى اقاليم او ولايات لا تستهدف ايجاد صراعات على المساحات الجغرافية الوطنية ولكنها تستهدف توزيع الصلاحيات والمسؤوليات بين المركز وتلك الاقاليم والولايات وجعلها تتحمل مسؤولية التخطيط والتنفيذ للمسؤوليات التنموية والاجتماعية المختلفة. كما تستهدف ايجاد نوع من المنافسة الايجابية لمواجهة متطلبات المجتمعات المحلية كما تستهدف إيجاد ديمقراطية تشاركية في اتخاذ القرار وتحمل مسؤولية التنفيذ لهذا القرار. وللإحاطة هناك الآن نماذج ناجحة في كثير من الدول وخصوصاَ فيما يخص مواجهة متطلبات التنمية المختلفة على مستوى الاقاليم وتلك النماذج تتبع التخطيط التشاركي والموازنة التشاركية سواء على مستوى الأقاليم المتجاورة أو داخل كل اقليم بين الولايات(المحافظات) والمديريات المتقاربة. وهذا الاسلوب يوفر المال ويحقق التكامل ويحافظ على الوحدة الوطنية وتكاملية قدراتها المتعددة والمختلفة. وهو ما يجب علينا دراسته ووزارة الإدارة المحلية تسعى لإعداد نماذج وضوابط لمثل هذه النماذج ستعمل على تقديمها للأقاليم وكذا للحكومة الاتحادية مستقبلا بإذن الله. من عيوب المركزية غياب الشفافية والمساءلة والمحاسبة في الادارة.. هل اللامركزية في الادارة ستقضي على مثل هذه العيوب من خلال تقسيم اليمن الى عدة اقاليم؟ هذا صحيح هذه تعد من عيوب المركزية لكن عكس اللامركزية التي من مميزاتها الشفافية في الادارة كونها ستكون هناك اجهزة رقابية على مستوى كل اقليم تتولى مراقبة ومتابعة اداء الاجهزة التنفيذية والتشريعية كما توجد رقابة شعبية تمارس بشكل منظم من خلال المناقشة للخطط وآليات تنفيذها كما تمارس بصورة دورية من خلال الانتخابات التي سوف تقوم على اسس مختلفة لما كانت علية سابقاَ فنظام القائمة النسبية الذي تم التوافق عليه مؤتمر الحوار يقوم على اساس البرامج الحزبية وهو يسهل مراقبة ومتابعة وتقييم عمل أي جهة تتولى المهام التنفيذية والتشريعية على مستوى الاقاليم. برأيكم.. هل شكل الدولة الجديدة سيعمل على انصاف القضية الجنوبية وستلبي مطالبهم؟ القضية الجنوبية أخذت حقها من النقاش داخل اللجنة المتخصصة بها او بقية اللجان المشكلة وورقة الضمانات المقرة من المؤتمر بهذا الشأن وكذا ما تمت الاضافة اليها من بيانات وايضاحات اعتقد انها ستنصف اخواننا في المحافظات الجنوبية. كما ان شكل الدولة الاتحادية والصلاحيات التي ستعطى للأقاليم ستعمل على ايجاد عدالة ومساوة وشراكة وطنية في السلطة والثروة على مستوى اليمن ككل وليس فقط في المحافظات الجنوبية. هل نظام السلطة المحلية سيطبق على شكل الدولة الاتحادية الجديدة.. وعلى أي أساس سوف يطبق؟ اليمن سوف يتحول الى دولة فيدرالية ذات اقاليم لها صلاحيات كاملة في ادارة شؤونها المحلية في المجالات المختلفة وهذا النظام سيعيد هيكلة الدولة مركزيا ومحليا وذلك من خلال حكومات الاقاليم ومجاليها التشريعية والقضائية وهذا الشكل يختلف عن نظام السلطة المحلية الذي كان قائما في بلادنا، وكما اوضحت سابقاً ان كيفية التطبيق سيتم بمراحل مختلفة إشارات الى بعضها ورقة الضمانات المقرة من المؤتمر والمتمثلة بإنجاز الدستور والاستفتاء علية ثم الولوج الى مرحلة التأسيس التي سيتم إدارتها بالتوافق وستكون هناك مواد انتقالية في الدستور توضح ضوابط ادارتها والكثير من مهامها وهذا المرحلة -كما أشرت- ستنقل اليمن الى الدولة الاتحادية (الفيدرالية). والاقاليم ستكون هي المسؤولة عن التنمية في إطارها مع وجود تشارك في المركز او الحكومة الاتحادية في بعض المهام التنموية ذات البعد الاستراتيجي المحقق لمصالح وطنية. كيف تعمل الوزارة على تفعيل مشاركة المرأة من العمل المحلي؟ في الوزارة قطاع للمرأة وهو يبذل جهداً كبيراً في تفعيل دور المرأة مركزيا ومحلياَ سواء في بناء قدراتها أو تفعيل دورها. لكن للأسف في المرحلة السابقة كان دور الوزارة بصورة عامه مشلولاَ ليس فيما يخص المرأة ولكن في كل المهام المفترض ان تقوم بها الوزارة. وهذا ما نسعى الى تصحيحه سواء من خلال اعادة هيكلة الوزارة او تفعيل دورها ومهامها مستقبلا كما أوضحت سابقا. كلمة أخيرة تودون قولها؟ أخيراَ أحب ان أوضح بعض الامور من خلال صحيفة «26سبتمبر» الغراء وبصورة عامة وبدون تفاصيل أحب التأكيد ان بلادنا قامت فيها ثورة شبابية شعبية طالبت بالتغير وبقيام الدولة المدنية الحديثة دولة العدالة والمساواة دولة تتحقق بها الشراكة في السلطة والثروة، واختار الشعب اليمني لإنجاز مطالب ثورته التوافق وهو اسلوب جنب اليمن الصراعات والاقتتال. لكن علينا جميعا وبالذات القوى والجماعات السياسية معرفة ان التوافق لا يعني بقاء الماضي او اعادته ولكن كان هدف التوافق صناعة المستقبل وتحقيق اهداف ثورة 11 فبراير الشبابية الشعبية واي قوى ستحاول الخروج عن ذلك او اعاقة عملية التغيير وتحقيق اهداف تلك الثورة ستكون خارجة عن الاجماع الوطني وما تم التوافق عليه.. كما أدعو شعبنا الى الالتفاف حول الجهود التي يبذلها الاخ الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار وجعلها قوانين وانظمة وضوابط تحقق مطالب الشعب في اقامة الدولة المدنية الحديثة.