اعلن في صنعاء عن اشهار التجمع اليمني لمناضلي الثورة كمسمى جديد لما كان يعرف بلجنة المناضلي القدامى. وفي بيان الاشهار حدد التكتل الجديد موقفه ازاء عدد من القضايا على الساحة الوطنية وفي مقدمتها مؤتمر الحوار الوطني الشامل المزمع انعقاده في ال 18 من مارس المقبل. تاليا نص البيان: في الحادي عشر من فبراير عام 2011م انطلقت ثورة التغيير المجيدة، يتصدر مشهدها شبابنا وشابَّاتنا، بعد أن طفح الكيل وأكملت الفئة الحاكمة مصادرة كل من ثورتي سبتمبر وأكتوبر، ومصادرة الدولة والثروة ودفن أحلام اليمنيين وطموحاتهم، في بناء دولتهم المدنية الحديثة. وبهذه المناسبة نهنئ شعبنا اليمني ونتوجه بالتحية المفعمة بالحب والإكبار إلى شبابنا وشابَّاتنا، الذين رووا بدمائهم الزكية شجرة الحرية وعطرت أجساد شهدائهم تربة اليمن الغالية. كما ننتهز هذه المناسبة العظيمة، لنعلن عن مولد (التجمع الوطني لمناضلي الثورة)، الذي مارس نشاطه حتى الآن تحت إسم (لجنة المناضلين القدامى) وأصدر بيانات مذيلة بإسمه السابق هذا. وبما أننا نعتبر أعياد الثورة بمثابة محطات للتفكير والتأمل ومراجعة الحسابات، فإننا نود في هذه العجالة أن نشير، إلى أهم القضايا، التي تشغل أذهاننا اليوم، ومعظمها سبق أن تناولناه في بياناتنا السابقة، بتاريخ 27 مايو 2011م و22 يولية 2012م و26 سبتمبر 2012م، وفي رسالتنا الموجهة إلى الأخ رئيس الجمهورية، بتاريخ 30 نوفمبر 2012م: 1. مؤتمر الحوار الوطني: لكي يؤسس مؤتمر الحوار الوطني، المزمع عقده، لمستقبل اليمن الجديد، الذي نحلم به. لابد من توفير جملة من الشروط اللازمة لإنجاحه، وعلى رأسها، اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإعادة الحقوق إلى أصحابها في المحافظات الجنوبية، مع الإستماع إلى الحراك السلمي واحترام خياراته، واستكمال إعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، بما يحقق طابعهما الوطني العام، ويكفل إنهاء مراكز القوى فيهما وتوحيد قيادتيهما وربطهما بالسلطة التنفيذية (وزارتي الدفاع والداخلية)، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمغيبين قسرياً، والعناية بأسر شهداء الثورة ومعالجة جرحاها. هذه الإجراءات وغيرها من الإجراءات التمهيدية للحوار، التي تهيئ لنجاح المؤتمر، لابد أن تقترن بتواصل مع كل القوى السياسية والإجتماعية، المؤثرة في الساحة، دون استثناء، لإقناعها بالمشاركة في المؤتمر، إذ لاسبيل آخر أمام اليمنيين، لبناء مستقبلهم الآمن المزدهر، إلا سبيل الحوار العقلاني الهادئ المسؤول. وفي المؤتمر يحق لكل طرف أن يطرح خياراته، مهما كانت. والمهم هنا عدم استبعاد أي من الخيارات، وعدم وضع سقف لأي خيار، في إطار المحافظة على الأرض والسيادة، فاليمنيون جميعهم شركاء متساوون في بناء مستقبلهم، وعليهم من خلال الحوار أن يصوغوا معاً هذا المستقبل، بالصورة التي تحقق مصالحهم وتحوز رضاهم جميعاً. وليكن الحوار حول رؤى واضحة وبرامج مدروسة، تضعها القوى المختلفة، وتدافع عنها بالحجة والبرهان، وتعمل كل قوة على إقناع القوى الأخرى بصواب رؤيتها وبرنامجها. وهذا يتطلب أن يحل التسامح محل التعصب وعقلية الشراكة محل عقلية التفرد والإقصاء، على قاعدة (التعاون في مانحن متفقون عليه، ومواصلة الحوار حول مانحن مختلفون فيه). فليقدم كلٌ مشروعه ويطرح رؤيته وبرنامجه: ليطرح أنصار استمرار الوحدة، بصيغتها الحالية رؤيتهم، وليطرح دعاة الوحدة الفيدرالية مشروعهم، وليطرح دعاة الإنفصال أو فك الإرتباط مشروعهم، وليحاور الجميع الجميع، دون لجوء للعنف، لأن أي طرف يتخذ من العنف سبيلاً لبلوغ أهدافه، سيشوه مشروعه ويضعف حجته ويسيئ إلى قضيته، مهما كانت عدالتها. ونحن على ثقة من أن اليمنيين سيتوصلون، بسماحتهم وعقلانيتهم وشعورهم العالي بالمسؤولية تجاه وطنهم وشعبهم، سيتوصلون عبر الحوار لاعبر العنف إلى صياغة مستقبلهم بالصورة المرضية لهم جميعاً.
2. ظاهرة العنف: إن العنف بكل مظاهره المادية والمعنوية مدانٌ مدانْ، مهما كانت أسبابه ومهما كانت مبرراته. وسواءً مارسته جماعة من الجماعات أوحزب من الأحزاب أو مارسته السلطة نفسها، فنتائجه وخيمة على من يمارسه وعلى من يستجيب له وعلى الوطن بكامله. ولايلجأ إلى العنف إلا من أفلس وفقد الحجة، وعجز عن مقارعة الحجة بالحجة وإقناع الآخرين، عن طريق الحوار الهادئ، بصواب موقفه وصحة خياراته. إن إطلاق شرارة العنف أمر ليس صعباً، ولكن السيطرة على ماتحدثه من حرائق، هو أمر في غاية الصعوبة. والأكثر صعوبة من ذلك التحكم في نهايات العنف وتحديد مآلاته. ولهذا لايمكننا إلا أن ندين العنف بكل مظاهره، وندين كل من يبشر به أويدفع إليه أو يعمل على استثماره. علينا جميعاً أن نعي بأن الحوار خيار لابديل عنه، فإما أن يتحاور اليمنيون الآن ويصوغوا معاً مستقبلهم، بصورة عقلانية مسؤولة، متجنبين دوامة العنف والدمار، أو أن يتحاوروا مجبرين، بعد مرحلة من الصراع والعنف وتدمير ماتبقى من مقومات الحياة الطبيعية وماتبقى من صفاء النفوس ووشائج القربى. فأيهما أفضل أن نتحاور الآن، أم أن نتحاور بعد أن نمزق أنفسنا وندمر بلدنا ؟
3. تهميش الشباب: لقد هُمش الشباب وهُمش دورهم. وأدى هذا التهميش إلى تهميش الثورة نفسها، باعتبار أن الشباب هم روح الثورة. وتكمن وراء تهميشهم أسباب عديدة، منها ماهو داخلي ومنها ماهو إقليمي ومنها ماهو دولي، ومنها مايرجع إلى الشباب أنفسهم، كتشتتهم وعدم بروز قيادة كفؤة جامعة من بين صفوفهم وعدم امتلاكهم برنامجاً واضحاً للتغيير، رغم وضوح الأهداف العامة لثورتهم. وقد لامسنا بعض هذه الأسباب في بياناتنا السابقة، وهي أسباب لم تعد خافية على الشباب أنفسهم. وإننا لنهيب، في هذا السياق، بقوى التحديث بأن ترتقي إلى مستوى المهام التاريخية المناطة بها وأن تلتحم بشباب الثورة وتتفاعل معهم وتمدهم بخبراتها وتجاربها، دون هيمنة أو احتواء، وأن تعمل معهم يداً بيد من أجل تحقيق أهداف الثورة، كاملة غير منقوصة. ونقول لأبنائنا الشباب: رصُّوا صفوفكم ووحدوا قيادتكم وبلوروا مشروعكم لبناء اليمن الجديد. فبهذا تصبحون غير قابلين للإحتواء والتطويع والتهميش، من قبل أية جهة كانت، داخلية أوخارجية. 4. أداء الرئاسة والحكومة: أوردنا في بياناتنا السابقة، وفي رسالتنا المفتوحة للأخ رئيس الجمهورية، بعض مآخذنا على أداء كل من الرئاسة والحكومة، واضعين في الإعتبار، بطبيعة الحال، صعوبة الظروف، التي تواجهانها وحساسية المرحلة. وهو مايفرض عليهما، ولاسيما على الأخ الرئيس قدراً كبيراً من التعقل ومن الحسابات الدقيقة، قبل الإقدام على أية خطوة. وخاصة أن موازين القوى، كما تبدو لنا حتى الآن، لاتخدم مسار الثورة والتغيير الشامل. ولكن مع هذا فإن بطء الإجراءات، مع ماتتسم به حركة الواقع من تسارع، تجعل الإجراءات، التي تأتي متأخرة، تفقد قدرتها على التأثير. إذ يكون الواقع قد بلغ مرحلة تتطلب إجراءات من نوع آخر. بل إن موازين القوى، بسبب هذا البطء، تزداد اختلالاً لصالح قوى الإعاقة، المعادية للثورة والمقاومة للتغيير. وبما أننا نراهن على دور الرئيس في هذه المرحلة، فإننا نناشد كل القوى الحية أن تعمل على إسناده ودعمه وتعزيز موقفه، في وجه القوى المقاومة للتغيير، مع نقد سياساته، إن أخطأ في سياساته، ونقد إجراءاته، إذا مابدت إجراءات غير موفقة، نقداً إيجابياً مسؤولاً، يهدف إلى التقويم والتصويب وبلوغ الأفضل، ولايقود إلى التيئيس والتشويش وإثارة المتاعب وخلط الأوراق، أو يؤدي إلى تعزيز موقف القوى المعادية والمقاومة للتغيير، ويعينها على الإرتداد إلى الخلف وإعادة إنتاج العهد السابق، بكل سيئاته. إننا نحلم بأن يؤدي هذا المخاض المؤلم، الذي نعيشه، إلى بناء اليمن الجديد، وفق الخيارات الحرة لأبنائه جميعاً، اليمن الخالي من فساد السلطة وأجهزتها، ومن هيمنة فئة أو حزب أو منطقة أو عشيرة أو طائفة، دون غيرها، على مقاليد السلطة والثروة، يمن العدل والمساوة والعلم والتنمية والمحبة والحكم الرشيد. إنه حلم يستحق أن نناضل من أجله وأن نرقى به إلى مستوى القاسم المشترك الأعظم لكل اليمنيين. عندها سنجد أنفسنا نتعامل بروح منفتحة ونتحدث بلغة واحدة ويحكم تفكيرنا منطق واحد وتجمعنا إرادة واحدة، تعززها إرادة الله وترعاها عنايته. عاش اليمن حراً، سيد نفسه، قوياً بأبنائه، مزدهراً بجهودهم، محمياً بسواعدهم. والمجد للثورة. صنعاء، في 11 فبراير 2013م