"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الوطنية لن تحل بالاتكاء على الدعم الخارجي فقط
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009

كتب /المحرر السياسي بدلا من مواجهة الأزمة المتفاقمة في محافظات الجنوب من خلال الاعتراف بها والبحث عن حلول واقعية سعت قوى داخل السلطة إلى افتعال أزمة أخرى هذه المرة مع الصحف المستقلة وفتح جبهة أخرى غُيِّب فيها القانون وحضر العسكر كأداة تنفيذ لتوجيهات لا تصدر إلا عن سلطة تحكم تحت مظلة أحكام عرفية. الصراعات عادة ما تخلق انتهازيين يحولون الأزمة إلى فرصة للاستفادة الشخصية أو لتصفية حسابات قديمة، وحالة الضبابية وانعدام الرؤية تجعل من هؤلاء فاعلين وأكثر من ذلك موجهين وصناع قرارات عادة ما تكون سببا في تفاقم الأزمات واستفحالها. الوحدة يراد لها أن تصبح صنما يعبد بدلا من كونها إنجازاً بشرياً الهدف منه تحقيق مصالح الناس لا إيذائهم وهو ما بشرت به. لقد حملت الوحدة حينما أصبحت واقعا رسائل دلت أولا على حقيقة انعتاق اليمن بشطريه من هيمنة الخارج بشقيه الإقليمي والدولي حيث تحققت بمساندة جماهيرية واسعة. وقد عادت اليوم إلى واجهة الاهتمام الإقليمي والعربي والدولي ولكن هذه المرة من باب الخوف عليها لا محاولة إجهاضها حينما كانت ما زالت مشروعا ظن البعض بإمكانية الحؤول دون تحقيقه. صحيفتا الرياض والوطن السعوديتان احتلت هذه القضية صدارة اهتمامهما وبالذات الأولى التي دعت إلى ضرورة مساعدة اليمن على تجاوز أزمته إلا أنها بالمقابل -وربما بحسن نية دافعها الخوف على البلد- دعت إلى إخراج الأزمة من كونها يمنية خالصة لتصبح تحت المظلة الخليجية. وفي ماله علاقة بهذا الموضوع جاء في الافتتاحية "اجتماع القيادات الخليجية مع الرئيس اليمني وكل أطراف النزاع ربما بطرح الحلول لأن اليمن أهم نافذة على الخليج ويشكل استقراره ضمانة أمن دولنا وشعوبنا وقبل أن تحدث الكارثة هل نرى ونسمع استجابات سريعة وعلى أعلى المستويات". الدعوة السعودية -على أهميتها- حددت الرئيس شخصيا بالاجتماع مع أطراف النزاع الذين حتى الآن يصعب تحديد من هم شمالا وجنوبا .. بمعنى ترك الأمور مفتوحة لكل صاحب لافتة، ابتداء من شحتور جنوبا وحتى أقل شيخ شأنا في شمال الشمال لكي يجلس على نفس الطاولة. نعم يتوجب الاعتراف اليوم أن الأزمة اليمنية -وبالذات في الجنوب- لم تعد شأنا محليا خالصا بعد أن قصرت السلطة في حلها حينما كانت قضية حقوقية خاصة بعد أن أصدرت السلطات الأمريكية بيانا بهذا الخصوص بدا أكثر تحديدا وحرصا على مسألة الوحدة اليمنية باعتبارها شأنا داخليا يتوجب التعاطي مع أزمتها وفقا للمبادئ التي انطلقت منها على أساس ضمان المساواة بين جميع المواطنين وفقا للقانون والحصول على فرص المشاركة المتساوية في الحياة السياسية والاقتصادية ووفق هذه الأسس دعت السفارة الأمريكية جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين اليمنيين إلى المشاركة في حوار يحدد ويعالج الشكاوى الشرعية وهو ما كنا في هذا الحيز تمنينا تحقيقه منذ أكثر من عام، من خلال تبني الرئيس الدعوة لحوار وطني شامل لا يستثني يمنياً واحداً في الداخل أو الخارج ليتم الاتفاق على تشخيص الأزمة والخروج بحلول وطنية لها. كان موقف الاتحاد الأوروبي داعما للوحدة ودعا لمساعدة اليمن للخروج من دائرة الصراع مما يؤكد حساسية تفاقم الصراع بالنسبة لأمريكا والاتحاد الأوروبي ودول الجوار. النظام السياسي يبالغ في الاتكاء على مؤازرة كهذه باعتبار أهمية موقع اليمن الاستراتيجي لمصالح هذه الدول. إلا أن الاكتفاء فقط بمثل هذه المواقف الداعمة للاستقرار لا يمكن الركون عليها باعتبار أن الواقع له أحكامه التي لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها، وهو ما يجعل الكرة في مرمى الرئيس الذي يتوجب عليه التعامل مع ما يجري وفق المصلحة الوطنية وتجربته التي جعلته متمرسا في اعتراك مثل هذه القضايا التي لا يمكن حلها بقوة السلاح وإنما بعلاج أسبابها. في العادة وحين تصبح الأزمة مستحكمة حلقاتها بفعل غفلة السلطة ينتظر الناس من مؤسسات الدولة وبالذات التشريعية والاستشارية منها موقفاً ليس بالضرورة أن يكون مواجها ولكن على الأقل ناصحا وموضحا ومانعا من سقوط الدولة، إلا أن مجلسينا النيابي والشوروي كلاهما غير فاعلين وإن بالقدر الأقل من الذي يخوله لهما الدستور والقانون. بل إن الأدعى للأسى أن مجلس النواب -وهو ممثل الشعب- يمدد جلساته لمتابعة قضية عضو في المجلس بينما -ويا للمفارقة- يرفعها والبلاد تموج بالفتن وأرواح تزهق مدنية وعسكرية في أكثر من منطقة داخل اليمن وليس خارجها. عودنا مجلس النواب على تحضير غيابه في كل أزمة حقيقية تواجه البلاد، حيث لم يُسجل له موقف واحد طوال سنواته الشرعية والمغتصبة قدر فيه على مواجهة اختلالات بنيوية كانت السلطة طرفا فيها. مؤشرات الوقائع تحكي عن تصعيد قادم وليس تهدئة، وهذا التصعيد سيطال شكل الحياة السياسية برمتها . ----- أحداث العنف في الجنوب بين غموض مواقف الداخل ووضوح الخارج يصر النظام على تعامله مع القضية الجنوبية بذات طريقة الاستهتار مع بدايتها عندما كانت عبارة عن مشكلة حقوقية وتحولت بسبب تجاهلها إلى ما هي عليه الآن من دعوات للانفصال ومواجهات مسلحة وتدخلات خارجية. لم تكن تتطلب القضية الجنوبية أكثر من الاعتراف بها ومعالجة أسبابها وتداعياتها وهو ما يجب القيام به حاليا بدلا من استمرار التشبث بأسلوب حقن التخدير الذي لم يعد مجديا. السلطة بمظاهرها العسكرية تفاقم من سوء الأوضاع في المحافظات الجنوبية وبالرغم من اتفاقات سابقة مع المواطنين بالتخفيف من التواجد العسكري على الأقل في مراكز المديريات وعواصم المحافظات إلا أن هذه الاتفاقيات سرعان ما يتم نقضها. وفيما تزور حاليا لجنة رئاسية محافظات الضالع ولحج وأبين وعدن للنظر في هذا الأمر، فإن الآليات العسكرية المرابطة في تلك المحافظات وخاصة الضالع تشتبك من وقت لآخر مع المواطنين وهو ما يزيد الأوضاع تعقيدا. مطلع الأسبوع الحالي جددت الآليات العسكرية المتمركزة في المواقع المستحدثة غرب مدينة الحبيلين مهاجمة عدد من قرى ومناطق الحبيلين وحالمين وحبيل جبر بعد هدوء نسبي كانت شهدته تلك المناطق أواخر الأسبوع الماضي. كما تم مهاجمة محيط جبل لحمرين ومنطقتي غرابة والذنبة ما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص بينهم امرأة بإصابات مختلفة هم الآن يتلقون العلاج في مستشفى 14 أكتوبر بيافع. ونظرا لاستمرار الاشتباكات فقد نودي بالمواطنين عبر مكبرات صوت بمغادرة منازلهم تحسبا لسقوط أية قذائف عليهم، وكانت الآليات العسكرية المتواجدة في المواقع المستحدثة غرب مدينة الحبيلين شنت ضربات على الجبال التي يتحصن فيها المسلحون وبعض القرى المأهولة بالسكان مما أدى إلى مصرع مواطن داخل مسكنه يدعى عايد عبده عبدالله البحري وإصابة صبي آخر كان في المنزل بإصابات خطيرة. وبحسب معلومات مؤكدة فقد غادرت عدد من الأسر مدينة الحبيلين وأغلقت معظم المحال التجارية والمطاعم أبوابها بالإضافة إلى قيام عدد من أصحاب المحال التجارية بنقل بضائعهم إلى أماكن أخرى تخوفا من حدوث أي أعمال شغب أو نهب أو تخريب. السلطة من جهتها بررت مهاجمتها مدينة الحبيلين دون مراعاة للمواطنين الذين لا علاقة لهم بأعمال التخريب إلى تحصن مسلحين في منازل المواطنين. وقال وكيل محافظة لحج قاسم لبوزة: إن عناصر تخريبية مسلحة خارجة عن الدستور والقانون تقاطرت على مدينة الحبيلين من منطق حبيل جبر ويافع ومحافظتي شبوة وأبين منذ الخميس الماضي" مشيرا إلى أن هذه العناصر المسلحة "تتحصن بمنازل المواطنين وتتخذ من الأسر دروعا بشرية في حين تقوم بإطلاق النار على قوات الأمن والجيش التي لا زالت متحلية بضبط النفس رغم الاستفزازات حفاظا على سلامة المواطنين" وهو حديث يناقض ما يجري على الواقع. وفي ذات السياق تواصلت المسيرات بمدينة الحبيلين الأسبوع الحالي منددة بالتواجد العسكري وضرب القرى وقتل الأبرياء في حالمين. وفي مدينة زنجبار بمحافظة الضالع أقيمت مسيرة تضامنية مع أبناء ردفان شارك فيها العشرات من مكونات الحراك الجنوبي وأحزاب المشترك وانطلقت المسيرة من منتصف الشارع الرئيسي باتجاه منزل الشيخ طارق الفضلي وهم يهتفون بشعارات تندد بالعمليات العسكرية في ردفان وتطالب باستقلال الجنوب. وعلى ما يبدو فإن محافظتي لحج والضالع قد تحولتا مؤخرا إلى ساحة حرب غير معلنة إثر استمرار المواجهات المسلحة فيها مخلفة عشرات القتلى والجرحى وسط تكهنات باحتمال وجود أطراف خارجية تدعم استمرارية هذه المواجهات. وتذكر المعلومات الواردة من الجنوب إن ما حصدته مواجهات الثمان الأيام الماضية بين القوات الحكومية والمتظاهرين في مناطق ردفان والحبيلين وحالمين يزيد على خمسة قتلى وأكثر من خمسين جريحا من الطرفين. هذه المواجهات الأخيرة وإن كانت أسبابها المباشرة محدودة تمحورت بدايتها حول المطالبة برفع الاستحداثات العسكرية في مناطق الضالع ولحج، إلا أن استمراريتها تؤكد أن أهدافها البعيدة تصب في قالب مطالب الحراك الجنوبي الداعي في بعض مكوناته إلى الانفصال بمبرر الظلم والتمييز الذي طال أبناءه ، والسياسات غير العادلة ضد سكان المحافظات الجنوبية. وفي الوقت الذي كثفت فيه السلطة وجودها العسكري والأمني في المحافظتين، فإنها على الجانب الآخر تجهد في تشكيل رأي عام تعبوي ضد الدعوات الانفصالية أشركت فيه رجال الدين وبعض أطراف المعارضة. وقد جاءت خطب الجمعة الماضية في هذا السياق، حيث أكد خطباء المساجد الذين وحدوا خطبهم ضد الدعوات الانفصالية التي قالوا إنه لا يبررها ارتكاب السلطة لبعض الخروقات وأعمال الفساد ونهب الأراضي، محذرين من أن الانفصال سيؤدي إلى تفتيت البلاد إلى دويلات وسلطنات كما سيدفع بالوضع السياسي والأمني إلى ما هو أسوأ من الصومال. كما أفتى علماء اليمن بأن الحفاظ على "وحدة الوطن ورعايته واجب شرعي يقع على عاتق كل أبناء البلاد، كون هذه الوحدة نعمة من الله تعالى أزالت الحدود والحواجز وأنهت الفتن وحقنت الدماء". وأكد العلماء في بيان على أن أية دعوة إلى عصبية أو مناطقية أو قبلية أو طائفية أو عنصرية هو من الأمور التي تحرمها الشريعة الإسلامية". وقالوا في بيانهم: إن الحفاظ على الوحدة حفاظ على الوطن وحفاظ على الدين، فحب الوطن من الإيمان والحرص على الثوابت المجمع عليها وفي مقدمتها الوحدة واجب على الشعب قمة وقاعدة". وأضاف البيان: "إن الوحدة اليمنية جزء من حياة المواطنين وسعادتهم وأمنهم فلا يصح التفريط بها وهي تعد للشعب بمنزلة الماء والهواء وبمكانة الروح من الجسد، وأن أية دعوة إلى عصبية أو مناطقية أو قبلية أو طائفية أو عنصرية كلها أمور تحرمها الشريعة الإسلامية لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ليس منا من دعا إلى عصبية". واعتبر البيان أي خروج على النظام بمثابة الفتنة والمفسدة "لما يترتب عليه من سفك للدماء وإقلاق للأمن وإهدار للأموال". وفي أول رد جنوبي على بيان العلماء فقد أدان العميد ناصر النوبة رئيس ما يسمى "الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب لجوء السلطة إلى استصدار فتاوى مزعومة لسفك دماء الشعب الجنوبي" واعتبرها تغذية واضحة لثقافة الكراهية وهدرا لدماء أبناء الجنوب. وضمن حشد السلطة لآراء مساندة لها فقد دفعت بعدد من الاتحادات والنقابات لإصدار بيانات تدين ما يحدث في الجنوب ومن ذلك أن نسب موقع الحزب الحاكم إلى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إدانته واستنكاره للدعوات الانفصالية وأية ممارسات تسيء إلى الوحدة السلمية والديمقراطية وبيان آخر باسم نقابة الصحفيين اليمنيين انتقدت فيه ما أسمته "كافة أشكال الخروج على الهوية الوطنية اليمنية التي تعمقت في ال22 من مايو 90م بنضال كل اليمنيين" "والإمعان في نشر ثقافة الكراهية الوطنية في بعض الصحف والأقلام وتبرير مظاهر الخروج على الدستور والقانون". وعبر البيان عن قلق النقابة من "المواقف الصحفية الخارجة عن قواعد المهنة والمسيئة إلى الحركة الوطنية المعاصرة ومشروعها الحضاري الممثل في الوحدة". كما أدان "انخراط البعض في الترويج للمشاريع الصغيرة المناهضة للوطن ووحدته". هذا البيان أحدث انشقاقا وسط أعضاء الهيئة الإدارية للنقابة فقد أعلن عضوا مجلس النقابة (جمال أنعم وحمدي البكاري) تحفظهما على ما جاء في البيان، حيث استغرب الأول صدوره دون علمه فيما اعتبره الثاني "حرف" لوظيفة النقابة عن مسارها. كما نشر موقع الحزب الحاكم بيانا باسم
الاتحاد التعاوني الزراعي في محافظة لحج أعلن فيه رفضه وإدانته لكل مظاهر العنف والتخريب ونشر ثقافة المناطقية والعصبية، مشيرا إلى أن "التعاونيين بمختلف جمعياتهم وأطرهم يقفون في خندق الدفاع عن الوحدة والديمقراطية". وقال الاتحاد في البيان "إن راية الثورة قد ارتفعت ولن تقبل الانتكاس أبدا وأن مسيرة الوحدة انطلقت ولن يوقفها الحاقدون والعملاء". وهاجم البيان بشدة أنصار الحراك الجنوبي. وإذ يصف سياسيون الوضع بالخطير مطالبين السلطة الكف عن التجييش وتوجيه التهم، واصلت دوائر في السلطة -وخاصة الجنوبية- هجومها على الحراك واصفة عناصره بالمأجورة والعميلة، محذرة في الوقت نفسه من المساس بالوحدة وداعية كافة القوى في البلاد إلى الاصطفاف لمواجهتهم. أما مواقف فروع أحزاب المشترك الجنوبية فقد جاءت مغايرة للمركز الذي أبدى تحفظه على الدعوات الانفصالية للحراك. فقد اعتبر مشترك عدن تدخل المؤسسات العسكرية والأمنية بالحياة المدنية استمرارا لنهج حرب 94م، داعيا المنظمات والأطراف الدولية للقيام بواجباتها تجاه ما أسماه "الجرائم المرتكبة بحق مواطني الجنوب" وأدان مشترك عدن في بيان له الحملة الرسمية التي طالت الرئيس علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس وعلي سالم البيض الذي قرنته باسم الرئيس" كما عبرت عن رفضها "لكافة المشاريع الصغيرة وفي مقدمتها مشروع سلطة 7 يوليو الأسري المناطقي الطائفي". وفي محافظة لحج حذرت أحزاب المشترك من "الاستمرار باللعب بالنار وتأزيم الأوضاع" داعية في بيان إلى وقف فوري للاعتداءات والمواجهات في ردفان. وطالب البيان بإنهاء عسكرة المدن وسحب القوات المسلحة وآلياتها من المواقع المستحدثة. وفي مؤتمر صحفي للمجلس الأعلى للمشترك عن أحداث الجنوب الاثنين الماضي اتجه معظم حديث قادة المشترك نحو تحميل السلطة وحزبها الحاكم مسئولية النتائج المدمرة التي يعيشها الجنوب، كما أن بيانهم أشار ولأول مرة إلى "منظومة التطرف" التي تجمع السلطة وجزءاً من الحراك. واعتبر رئيس المجلس الأعلى للمشترك سلطان العتواني "ما يجري في المحافظات الجنوبية حراكاً سلمياً رغم وجود بعض النتوءات هنا وهناك من نتاجات السلطة" مؤكدا رفض المشترك التدخل الخارجي في شئون الوطن وقال "لا بد أن نحل مشاكلنا الداخلية بالحوار لكي نقطع الطريق عن أي تدخل خارجي". وبالنظر إلى التصعيد المتواصل للقضية الجنوبية فقد ساهم هذا كثيرا في إتاحة الفرصة لتدخلات خارجية والاتجاه بها نحو التدويل. صحيفة الرياض السعودية في افتتاحيتها أكدت أن ما يحدث في اليمن شأن داخلي غير أنها قالت بأن مجرى الأحداث القائمة تجعله شأن عربي وبتحديد أدق خليجيا. مشيرة إلى أن أي "انزلاق إلى المجهول إذا حدث انفصال بين الشمال والجنوب سوف تكون توابعه كزلزال هائل على أمن المنطقة كلها". وفيما حاولت الصحيفة إظهار موقف السعودية مما يجري فقد ضمنت موقفها تعريضا بالنظام اليمني لعلاقاته ببعض الدول التي لها خلافات معها بقولها "نعم هناك فقر وتجاوزات سياسية تقودها فصائل قبلية وحزبية وهناك نشاط لقوى إقليمية أصبحت لاعبا بالداخل اليمني من خلال فصائل الحوثيين" مشيرة إلى أن دول الخليج تساهم بشكل جيد في إعانة اليمن، مع أن معظم بلدان الخليج لم تف بتعهداتها حتى الآن والتي أعلنت عنها في مؤتمر المانحين 2006م. وذهبت الصحيفة إلى القول بأنه "لو انزلق الوضع في اليمن إلى حالات التشرذم والحروب القبلية والإقليمية، فجانب الخسارة والتهديد الأمني لا يقع فقط على ميدان المعركة بل سيطال كل دول الخليج ولو حدث أن وضعت دول مجلس التعاون بين كماشتي إيران واليمن، ثم أضيف لهما تردي الأوضاع في باكستان فقد نصل إلى نقطة اللاعودة للأمن وسوف يكلفنا ذلك عدم الاستقرار الطويل". من جانبها دعت صحيفة الوطن السعودية دول الخليج للتحرك لمنع تحول اليمن إلى صومال آخر، واعتبرت أن حدوث ذلك سيكون بمثابة الزلزال الرهيب في وجه دول الخليج، داعية جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة المفاوضات. وعلى ذات الصعيد دعت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة اليمنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين اليمنيين إلى المشاركة في حوار يحدد ويعالج الشكاوى الشرعية، مؤكدة أنه لا يمكن أن تحل القضايا بالعنف مطلقا "حيث أن العنف لا يخدم إلا مصالح أولئك الذين يسعون لتعميق الانقسامات والإضرار بمستقبل اليمن. وقالت سفارة واشنطن بصنعاء في بيان صحفي: إن أمريكا تراقب عبر سفارتها باهتمام بالغ أحداث العنف السياسي المتزايدة في المناطق الجنوبية من اليمن" مؤكدة دعمها ليمن مستقر وموحد وديمقراطي. وأضاف البيان: إن أمريكا تؤمن بأن الوحدة اليمنية تعتمد على قدرتها على ضمان المساواة بين جميع المواطنين وفقا للقانون والحصول على فرص المشاركة المتساوية في الحياة السياسية والاقتصادية. كما أشار البيان إلى أن الولايات المتحدة كانت من أوائل الدول التي رحبت بالوحدة اليمنية، وأثناء الحرب الأهلية عام 94م كانت داعما قويا للوحدة اليمنية ودعت إلى وقف إطلاق النار وأيدت المفاوضات بين الأطراف المتحاربة آنذاك.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.