استهل مجلس النواب مطلع الأسبوع الحالي جلسات دورته الاعتيادية الأولى من دور الانعقاد الثامن كعادته بالحديث عن مواضيع غير ذات أهمية متجاهلاً القضايا الوطنية الحساسة ، مع أن بعض النواب حاولوا إثارة موضوع غلاء الأسعار والاوضاع الاقتصادية المتدهورة . وفي الجلسة التي لم يقر فيها البرلمان جدول أعماله للدورة الحالية، لوح يحيى الراعي رئيس المجلس بتعديلات دستورية قادمة سيناقشها البرلمان قال: إنها تطلب من الكتل البرلمانية مزيداً من التقارب لا التباعد. وجاءت تلويحات الراعي تعقيبا على مطالبة نواب المعارضة بجلسة عامة مع الحكومة لمناقشة أسعار السلع التي تتصاعد كل يوم. وقال الراعي: أرجو من الكتل البرلمانية أن تلزم أحزابها وتضغط عليها بضرورة التقارب فهناك تعديلات دستورية قادمة تستلزم التقارب بين الأحزاب. وفي حين رفعت الجلسة الأولى من دورة البرلمان لفترته الحالية دون إقرار جدول الأعمال للفترة القادمة اعتبر الدكتور صالح السنباني عدم التصويت على جدول الأعمال مخالفة للوائح المجلس . وشدد السنباني على ضرورة التصويت على جدول الأعمال الذي لقي انتقادات واسعة لعدم استيعابه متطلبات الفترة الحالية من انعقاد المجلس. وكان رئيس المجلس قد وعد بطرح الجدول للتصويت في الجلسة إلا أنه قرر الرفع دون عمل ذلك. وطالب النائب عبدالكريم دغيش بخطة وطنية لمواجهة الكوارث الصحية التي تشهدها البلاد بين الحين والآخر والتي منها وباء حمى الضنك الذي انتشر في تعز والآن في أبين ولحج وعدن . وفي اليوم التالي فشل مجلس النواب في عقد جلسته بسبب عدم اكتمال النصاب. وظل النواب الحاضرون منتظرين لساعتين حتى أعلن نائب رئيس البرلمان محمد الشدادي الذي كان مقرراً أن يرأس الجلسة في غياب الرئيس عن وجود 137 نائبا فقط فيما النصاب القانوني 151 من إجمالي 301 عضو واعتذر الشدادي عن عقد الجلسة مبررا ذلك بعدم دستوريتها حال عقدها بالعدد الحاضر. وكان مقرراً أن يستمع النواب من الحكومة للمذكرات التفسيرية لمشروع قانون صندوق المغتربين، والعلم الوطني، وتعديل بعض مواد قانون النقل البري وذلك تمهيدا لإحالة المشاريع إلى اللجان البرلمانية المختصة لدراستها وإبداء الملاحظات عليها قبل إصدارها. وفي اليوم الثالث ايضاً اضطر نائب رئيس البرلمان حمير الأحمر رفع الجلسة التي حضرها وزيرا النقل والشئون القانونية ووكيل وزارة المغتربين, وذلك بعد احتجاج عدد من أعضاء البرلمان على عقد الجلسة بدون نصاب وكان النائب الاصلاحي منصور الزنداني طالب بجلسة عامة تجمع الحكومة والبرلمان لوضع حد لارتفاع الأسعار معتبرا أن الرواتب لم تعد مجدية في شيء وأن دور الدولة كما هو مفترض (تحقيق الرفاهية الاقتصادية) لم يعد موجودا هذا الدور. رئيس المجلس يحي الراعي من جانبه رد على الزنداني بأنه يجب على النواب أن يلزموا أحزابهم بلم الشمل في إشارة إلى التصالح مع الحزب الحاكم مالم "فإن سيف التعديلات الدستورية سيسلط على جميع الرقاب ولن يستطيع الخيرون وغيرهم فعل شيء". من جانبه طالب النائب علي العنسي بوضع القضايا ذات الأولوية في المقدمة ومنها تقرير الجعاشن وسعر الصرف. وحول الأسعار تساءل: "ماذا يجري في البلاد وهذه الجرع المتوالية على الشعب، نحن نعلن براءتنا مما تقوم به الحكومة ونرجو من المجلس أن يستدعي الحكومة لمساءلتها عن جنون ارتفاع الأسعار". وتحدث عدد من النواب حول الأولويات في جدول أعمال الدورة الحالية حيث طالب النائبان عبدالعزيز جباري وفيصل الحبيشي بمناقشة تقرير الحديدة في حين طالب عدد من الأعضاء بالانتهاء من تقرير تهريب الأطفال إما بنقاشه أو إلغائه كونه ينزل في كل جدول أعمال ولايناقش منذ سنوات، ومثلها ميزانية المجلس في 2008 وماقبلها. وانعقدت جلسة السبت الفائت في ظل غياب تام من أعضاء كتلة نواب محافظة الحديدة الذين أعلنوا مقاطعة الجلسات قبل أكثر من ثلاثة أسابيع بعد اعتداء النائب محمد شردة من كتلة صنعاء على النائب عبدالله عبده أهيف من كتلة الحديدة داخل قاعة البرلمان بسبب تقرير الأراضي بمحافظة الحديدة . وقال رئيس مجلس النواب إنه في الوقت الذي كان قد شكل المجلس لجنة من أجل حل المشكلة بين شردة وأهيف فوجئنا بأن المشكلة قد حلت من قبل جهات ثانية، لكننا اليوم فوجئنا أيضا أن كتلة الحديدة لم تأتي". وكان نواب محافظة الحديدة وعددهم 26 نائبا قد أعلنوا مقاطعتهم أعمال البرلمان في العاشر من شهر إبريل الماضي حتى يتم تنفيذ ماجاء في توصيات التقرير البرلماني عن نهب الأراضي بمحافظة الحديدة وحول موضوع وباء حمى الضنك الذي طرحه النائب عبدالباري دغيش قرر رئيس المجلس بأن تجتمع اللجنة المختصة مع وزير الصحة ويتم النقاش ووضع خطة زمنية عاجلة لمكافحته. في سياق آخر سحب النائب على العمراني سؤالاً كان قد تقدم به قبل خمسة أشهر لوزير الخارجية حول دعم إيران للحوثيين مسببا سحب السؤال بانتهاء الحرب وطول المدة الزمنية. وفي الوقت الذي تساءل فيه النائب عبدالعزيز جباري عن مصير مشروع قانون حيازة السلاح الذي كان قد قدم إلى البرلمان منذ أشهر، اتهم رئيس المجلس لجنة الدفاع والأمن بالتنصل عن تقديم تقريرها إزاء مشروع القانون. وقال: "لجنة الدفاع والأمن يريدون أن يظل المجلس محلا لهجوم الأجهزة الأمنية التي تتذرع بعدم صدور القانون وأنه في أدراج مجلس النواب". وكان المجلس استمع خلال أولى جلساته لتقرير مفصل عن إنجازاته للدورة الماضية, ووقف على ما ورد في مشروع جدول أعماله للدورة الحالية والذي تضمن رسائل للحكومة بشأن مشاريع قوانين للعلم الوطني, وصندوق المغتربين, وطلب ثالث بسحب مشروعها لقانون تنظيم عمل وكالات وفروع الشركات و البيوت التجارية الأجنبية العاملة في اليمن. وبحسب ما ورد في مذكرة وزير الدولة لشئون مجلسي النواب والشورى محمد الكحلاني فإن الأوضاع الاقتصادية للبلد تستدعي سحب مشروع القانون . واحتوى جدول الدورة الحالية في المرتبة الثانية قائمة بمشاريع قوانين تقدمت بها الحكومة في وقت سابق, عن التوثيق, وحمل وحيازة الأسلحة النارية, زواج الصغيرات, حق الحصول على المعلومة, السجل العقاري, ضريبة الدخل, إضافة إلى مشاريع قوانين للجمارك البديل, وتعديل في قانون الاستثمار, وآخر في مكافحة الإرهاب, والتامين الصحي, أعقبها من باب أولويات المجلس ما أرفق من اتفاقيات كالمتعلقة بالنزعات الدولية, لحقتها قائمة بالحسابات الختامية للمجلس منذ العام 2004م, وذيل جدول أعمال المجلس بما ورد من تقارير رقابية صادرة عن لجان مكلفة من المجلس كتقرير لجنة مقتل شاب في سجن حرض قبل 3 أعوام, و تقارير أخرى لها في دواليب المجلس أكثر من 5 أعوام بحسب ما ورد في انتقادات النواب لرئاسة المجلس جراء ترحيل التقارير الرقابية, وإغراق المجلس في دوامة مناقشة تشريعات تعاني اليمن من تخمة فيها, ولا تطبيق لها. ويتوقع مراقبون ازدحام العام الأخير للنواب الحاليين الذي ينتهي في أبريل السنة القادمة بالمزيد من الملفات التشريعية منها تعديلات دستورية وقوانين ذات طبيعة اقتصادية ومالية للوفاء بالتزامات الحكومة الداخلية والخارجية بالإضافة الى رفع نواب لوتيرة المساءلات للحكومة لأسباب متصلة بكون العام المقبل عاماً انتخابياً.