الفريق السامعي: الوطنية الحقة تظهر وقت الشدة    ثابتون وجاهزون لخيارات المواجهة    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الوفاة والإصابة بحمى الضنك في محافظتين يمنيتين    عراقجي: امريكا واوربا تشجع عدوان اسرائيل والدبلوماسية لن تعود إلا بوقف العدوان    إب.. إصابات وأضرار في إحدى المنازل جراء انفجار أسطوانة للغاز    مسؤول روسي يؤكد أن موسكو يمكنها التوسط بين "إسرائيل" وإيران لتسوية الصراع وماكرون يعلق    إيران تستهدف العقل العلمي للاحتلال    أكدت أن العدوان على إيران غير مبرر وغير مشروع.. إدانات عربية وإسلامية ودولية واسعة للعدوان الصهيوني على إيران    حرس الثورة يعلن استشهاد رئيس استخباراته واثنين من معاونيه    إيران: كافة أجزاء الأراضي المحتلة ستصبح "غير صالحة للسكن"    العقيد العزب : صرف إكرامية عيد الأضحى ل400 أسرة شهيد ومفقود    حصاد الولاء    مناسبة الولاية .. رسالة إيمانية واستراتيجية في مواجهة التحديات    مرض الفشل الكلوي (8)    من يومياتي في أمريكا .. صديقي الحرازي    وزير الكهرباء يتفقد العمل في منطقة كهرباء تعز    تعيين غاتوزو مدرباً للمنتخب الإيطالي    الرزامي: أكبر صرح طبي في اليمن ينهار    الاطلاع على سير العمل في الوحدات التنفيذية التابعة لمصلحة الضرائب    شعب حضرموت يفسخ عقد الزريقي    الحلف والسلطة يخنقون الحضارم بقطع الكهرباء    بدء حملة كلورة للمياه في ذمار    رئيس الوزراء يوجه بسرعة إطلاق العلاوات للجامعات والتربية والتعليم والصحة    معهد وايزمان تدميره أفقد إسرائيل مكاسب كثيرة    هيئة الآثار :التمثالين البرونزيين باقيان في المتحف الوطني    البكري يرأس اجتماعًا لوكلاء القطاعات العامة ويناقش إعداد خطة ال (100) يوم    يوفنتوس يجهز عرضًا ضخمًا لجيوكيرس    وزيرا الخارجية والصحة يلتقيان مبعوث برنامج الأغذية العالمي    نائب وزير الخدمة المدنية ومحافظ الضالع يتفقدان مستوى الانضباط الوظيفي في الضالع    قوات الجيش تعلن إفشال محاولة تسلل شمال الجوف وتكبّد المليشيا خسائر كبيرة    قصة مؤلمة لوفاة 4 من أسرة واحدة غرقا في بئر ماء في بني عمر في يريم    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 15 يونيو/حزيران 2025    محافظ ابين يوجه بمعاينة طريق ثرة والرايات البيضاء تواصل حوارتها لفتح الطريق    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    وزير خارجية إيران يعلن موعد وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل    انهيار جزئي في منظومة كهرباء حضرموت ساحلا ووادي    الضالع.. رجل يفجّر قنبلة داخل منزله ويصيب نفسه وثلاثاً من أسرته    نافذون حوثيون يسطون على أراضي تابعة للأوقاف في بعدان إب    أهدر جزائية.. الأهلي يكتفي بنقطة ميامي    سخرية من المعتوه عيدروس الزبيدي    كسر وجراحة.. إمام عاشور خارج المونديال    العرب ومآلات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    تريم تحتفي بزفاف 134 عريسًا وعروساً ضمن مهرجان التيسير السابع عشر    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إبريل الدامي نهج للقوة وتجسيد لثقافة الإلغاء
نشر في الوسط يوم 15 - 07 - 2009

1- في الموروث الثقافي والسياسي اليمني!! كان الموروث الثقافي والسياسي لليمن موروثاً ملكياً ثيوقراطياً فيه يعتبر الملك الأرض والبشر ملكاً له والملكية في اليمن ورثت ذلك الشعور والثقافة من تأثير ثقافة القرون الوسطى في أوروبا ومن ثقافة الخلافة الإسلامية الغير راشدة والتي تعتبر الملك والخليفة مالكاً لكل الحقوق بما فيها السلطة الدينية والسياسية والاقتصادية.. وكانت الإمامة تدعي ملكيتها للشمال وملكيتها للجنوب وهذا ما استحال معه تحقيق الوحدة اليمنية عبر التاريخ فسيطرت لغة الحروب بدلاً عنها. وكان الموروث الملكي مترابطاً مع الموروث القبلي المتخلف في الشطر الشمالي من الوطن والذي تميز " بقوة الولاء العشائرية والقبلية والطائفية والتي تمنع انبثاق شعور عام ومشترك بالمواطنة"(1) واستمر -للأسف- حتى بعد قيام الثورة السبتمبرية المجيدة في عام 1962م. وأستمر حتى يومنا هذا، مع تغير وتطور بطيئ جداً وتغيير في المظاهر الاستهلاكية والمظاهر التي لاتمت إلى جوهر البناء الفوقي والتحتي المغلوب على أمره.. وهذا ما انعكس على خيارات استمرار الحروب الشمالية الداخلية سياسياً وقبلياً حتى مجيء فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح، الذي حد من تلك الحروب بشكل إيجابي وثبت سلطته المستمرة حتى يومنا هذا، متحالفاً مع القبائل القوية والطبقة التجارية والاقتصادية المتداخلة العلاقات والتأثير مع الموروث الثقافي للقبلية وللقوى الدينية والقوة العسكرية الضاربة حتى إن هذه القوى أصبحت توأماً مادياً وروحياً لنظام الرئيس ما قبل الوحدة اليمنية المباركة واستمرت إلى ما بعد حرب 1994م على الوحدة اليمنية المباركة وعلى شطرها الجنوبي المكون الثاني لوحدة الثاني والعشرين من مايو المجيدة. وكان ديمقراطياً تعددياً مشوهاً قبل الاستقلال في الجنوب ثم اشتراكياً ثورياً بعد الاستقلال المجيد في الثلاثين من نوفمبر ونظراً لثقافته القومية والاشتراكية "العادلة" إلا أنه طبق في الواقع فكرة الإلغاء للآخر منذ ما بعد 1967م وحتى قيام الوحدة اليمنية المباركة.. على أن الجنوب وقع تحت تأثير التطورات الإيجابية الموروثة من النظام الاستعماري في الثقافة وأهمها ثقافة بناء الدولة، دولة القانون والنظام والعدالة وإلغاء دور القبيلة والعصبية في التدخل في شؤون الدولة والمجتمع وقام بالقضاء على الثأرات القبلية.. إلا أن مظاهرها كانت تبرز بوضوح عند الصراعات السياسية داخل التنظيم السياسي الجبهة القومية والحزب الاشتراكي وكانت تظهر بوضوح من خلال الحروب الداخلية التي كان للعامل الخارجي والوطني والعربي والدولي دور حاسم بفعل معاداة جميع دول الجوار وغالبية الدول العربية وفي مقدمتهم " الجمهورية العربية اليمنية الشقيقة" والمتحدون مع الدول الغربية الرأسمالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. معتبرين هذا النظام ودولته يمثلان خطورة على الإسلام وعلى الرأسمالية العالمية، بفعل تحالفه مع المنظومة الاشتراكية. وهذه العوامل مع مورثات الشمال والجنوب " من غياب لأي تقليد يحترم التعددية والاختلاف في الرأي"(2) وسيادة العقلية التآمرية التي تمنع قيام ثقافة ديمقراطية تعتمد على الثقة والتسامح"(3) وسيطرة نظام الأبوة في الموروث العربي واليمني على صعيد الأسرة والمجتمع، بالتوازي مع الرغبات والتحالفات الخارجية ظل الموروثان في الشمال والجنوب معاديين للآخر وللتعددية السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لقد كان الموروث الثقافي والسياسي لليمن قبل وبعد قيام الثورتين اليمنيتين الشمالية والجنوبية الخالدتين كانا موروثين للإلغاء والشطب للآخر من القوى السياسية ومن الناس ومن عادات وتقاليد ثقافية وعصبية وسياسية لهؤلاء، داخل كل شطر وما بين الشطرين، سواءً كان هؤلاء قبائل أو أحزاباً أو قوى وطنية أو شعبية" وكان القمع الداخلي والحروب التقليدية والخفية الاستخباراتية وسائل تجسيد ذلك الموروث في الشمال والجنوب وما بين الشمال والجنوب حتى وحدة 22 من مايو المجيدة. لقد وضع الثاني والعشين من مايو بداية زمن الوحدة والقوانين الجديدة قوانين الوفاق والشراكة والوئام والتصالح والمصالحة.. لا قوانين الإلغاء للآخر ونهجها الحربي والعسكري والأمني. لقد كانت وحدة ديمقراطية جليلة بين قيادتين تاريخيتين وحدة سلمية، يجب أن يبدأ بها عهد جديد من الشراكة والتوافق وقبول الآخر أياً كان حجمه، وفي إطار القوانين الجديدة وفي ظل التشريعات الجديدة والدستور الجديد، بعيداً عن الحروب والإلغاء. بالرغم من القصور الذي شابها. لقد كان الثاني والعشرون من مايو تعبيراً مثالياً ومعنوياً رائعاً خلق أملاً قوياً بأن الوحدة الجليلة التي تمت خلال ستة أشهر وهو زمن خرافي خيالي بين الإخوة في الدين والدم والقربى والإنسانية، وبما لا يمكنهم إلغاء بعضهم بعضاً في فكرة مثالية تتجاوز الواقع والطبيعة الإنسانية عند قيادة وشعب الشطر الجنوبي وهو ما يجعلنا وللتاريخ أن نقول إن هؤلاء إما أنهم كانوا أطهاراً أو حكماء أو زهاداً عظماء، وإما أنهم كانوا مخبولين أو مخذولين. بعد اعتمادهم وموافقتهم على المبدأ الاقتصادي اللبرالي الغربي الرأسمالي كحجر أساس لنظام الوحدة الجديدة .. فإن الإشتراكيين تخلوا عن الإشتراكية وهو ما أفقد الوحدة اليمنية فيما بعد توازنها الاجتماعي والاقتصادي وفي ميدان توازن المصالح والمنافع الشاملة بين أقلية جنوبية كانت تعتمد في حياتها الاقتصادية والاجتماعية في ظل سيطرة الدولة على ملكية الأرض والاقتصاد والصناعة ..الخ. بينما كانت الحياة الاقتصادية والزراعية والصناعية والتجارية ..الخ في الشمال تقوم على الملكية الخاصة للمجتمع على الأرض والاقتصاد وعلى امتلاك للأفراد والجماعات والمشائح والحكام. كانت حرب 1994م والإعداد الدقيق لها قد تم بعناية فائقة منذ ما بعد أحداث الثالث عشر من يناير المأساوية والتي حدثت بين الفرقاء السياسيين في عام 1986م في عدن. ولكن بقاء الجيش في الجنوب موحداً وقوياًً وعوامل أخرى لم يقنع المخططين والمنفذين لعمل غير مضمون حينها.. وأجلت الحرب وأعدت لها العدة الحربية العسكرية بالاستناد على التطور الأفقي الهائل للآليات العسكرية المتنوعة والجيوش الشمالية الرسمية وغير الرسمية والتعبئة العسكرية والشعبية ومنذ النصف الأول لعام 1991م برزت خطط الشمال الحكومية والأمنية والاقتصادية في التنكيل بكوادر وقيادات ووزراء ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب وصلت حد الهجوم بالآر بي جي على منزل وغرفة نوم السياسي والوطني الكبير الجليل / ياسين سعيد نعمان رئيس مجلس النواب وقتل الشهيد ماجد مرشد وشهداء آخرين وكان من أهم تلك الإجراءات الإلغائية ملاحقة موكب المناضل الوطني الكبير المهندس / حيدر أبوبكر العطاس رئيس الوزراء من قبل الأطقم الخاصة بالشرطة العسكرية جهاراً نهاراً.. لقد سيطرت على السلطة الشمالية النزعة التآمرية منذ ما قبل أول يوم للوحدة وظهرت النزعة الأبوية المتعالية المتغطرسة التي لا تقبل الشراكة في الحكم أو القرار.. وظهر إلى السطح طمعها وجشعها للثروة والأرض و وأد الدولة والقانون وأظهرت إدمانها على الحرب المتوارثة منذ ما قبل الإسلام عندما كانت القبيلة الأكبر والأقوى أو اتحادات القبائل الكبرى تسعى إلى محو القبائل الأخرى الأصغر منها من الوجود، على الرغم من أن الإسلام دخل اليوم قرنه الخامس عشر الهجري والذي بفضله أسس رسول الله صلى الله عليه وسلم طرق وخطط القضاء على هذا الموروث الوحشي في حياة القبائل العربية والإسلامية في شبه الجزيرة العربية .. واستطاعت الإنسانية وضع حد لهذا المسلك المسيء للبشرية وللإنسانية عندما وضعت بالتدرج الاتفاقيات الدولية والمعاهدات الثنائية والجماعية الدولية منذ أواخر القرن السابع عشر، مروراً بالقرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين حتى قيام أول منظمة دولية في عام 1936م والتي سميت بعصبة الأمم. ثم بعد ذلك قيام منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدوليين في عام 1945م في مدينة سان فرانسسكو الأمريكية والتي تقوم اليوم بحل النزاعات بين الشعوب والأقليات والأمم كبيرة أو صغيرة. 2- حرب 1994م والقمع الدموي للحركات السلمية الجنوبية "عودة لثقافة الإلغاء": أصبح اليمنيون والعرب والمسلمون وشعوب ودول العالم والمنظمات الدولية على علم مطلق بما حدث في حرب 1994م والمستمرة اليوم بطريقة مجنونة وعلى علم بنتائجها التي لا تمت بصلة إلى وحدة يمنية قامت بين شمال وجنوب اليمن وتم ويتم إلغاء الجنوب كسكان في كل ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويجري جهاراً نهاراً نهب ثرواته والاستيلاء على أرضه وتجريده من الوظائف والمناصب العامة ما عدا القليل (( المغلوب على أمره )) . لقد وثقت صحافتنا اليمنية والعربية والعالمية والمجتمع الدولي لحقيقة مطلقة وهو إن الجنوبيين في اليمن يعيشون مأساة مركبة وشاملة أوجدتها حرب 1994م، وإن القائمين على الحكم لا زالوا يضربون بعرض الحائط بكل قيم الأخوة الدينية واليمنية والعربية والانسانية وضربوا بعرض الحائط بالمنظمات الدولية وقرارتها وتشريعاتها. ولهذا فإن الجنوبيين اليوم ومنذ ما يزيد على ثلاثة أعوام يقومون بحركاتهم وثورتهم السلمية بموجب ما نصت عليه قوانين وتشريعات الدولة "ولكن لا حياة لمن تنادي" على الرغم من محاولة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح القيام ببعض الإصلاحات الايجابية إلا أنها لم تمس جوهر المشكلة التي ألغتها الحرب وهو الإلغاء المادي والمعنوي لوحدة اليمنيين الشماليين والجنوبيين والتي تمت في مايو المجيد من عام 1990م وإعادة بناء الوحدة اليمنية على أساس آخر غير أساس الحرب وإعطاء الجنوبيين حقوقهم السياسية والإدارية والاقتصادية بإعلان نظام جديد للوحدة السياسية والإدارية على أساس الحكم الفيدرالي والذي يعطي كل ذي حق حقه.. الجنوبيين والشماليين.. ومن أجل ظمان وصلابة الوحدة المنشودة وجب اشراك دول الجوار والجامعة العربية والأمم المتحدة. إن الحياة كل يوم تثبت لنا -بعد دخول العام الخامس عشر للحرب- أن متنفذي ومنظري الدولة العسكرية مصرون على السير على هدى فلسفة القوة والإلغاء والحرب والقتل المستمر ضد الجنوبيين.. منذُ الأحداث الدامية التي شهدتها ردفان والضالع وحضرموت وعدن في عام 2007م وراح ضحيتها عدد من الشهداء من أبناء ردفان وعرفوا بشهداء المنصة وشهداء الضالع وقتل الشهيد صالح أبوبكر السيد اليافعي وجرح العشرات في نوفمبر من عام 2008م وقبلها في يناير في ذكرى التصالح والتسامح وكل ذلك ساعد على اتساع الحركة الوطنية السلمية الجنوبية المجيدة لتشمل كل محافظات الجنوب: لحج، الضالع ، حضرموت، عدن، أبين وشبوة والمهرة وأصبحت الجماهير الشعبية تحتج جماعات وزرافات بطريقة معبرة لا مثيل لها وأصبحت الاحتجاجات تقليداً شعبياً أسبوعياً وشهرياً. وشهد عام 2009م عمليات قمع عسكرية واستخداماً للسلاح الرسمي العسكري والأمني ضد الحركات الجماهيرية السلمية في عدن في الشيخ عثمان وفي الضالع وفي ردفان وهذه الحركات ليس لها هدف سوى أنها تريد إرساء قيم التصالح والتسامح في المجتمع الجنوبي من جراء دورات الصراع السياسي والعسكري ما قبل الوحدة وفي مظاهرة عام 2009م في الهاشمي استشهد الشهيد البطل عمر عبدالعزيز الصبيحي وجرح العشرات واعتقل آخرون. منذُ عام 2007م وحتى يومنا هذا يتم تعزيز القوة العسكرية الآلية والبشرية ويعاد انتشارها في مواقع عديدة على مشارف مدن وقرى ووديان ردفان والضالع والحواشب والمسيمير وبالأمس القريب انتشرت القوات العسكرية المدججة بأحدث الأسلحة والدبابات والأطقم في منطقة الربوة في ردفان وحاولت استحداث مواقع عسكرية في الجبال المشرفة على القرى والسكان.. وهذا ما دفع أبناء ردفان إلى التظاهر سلمياً ليعلنوا للوطن كله والعالم رفضهم الاستحداثات العسكرية على منازلهم وما كان من سلطة الحرب العسكرية إلا إطلاق النار على المتظاهرين وقتل الشهيد البطل الشاب ماجد حسين ثابت. لولا تدخل فخامة رئيس الجمهورية لحسم هذا الموضوع. ومن جديد شهدت منطقة ردفان ويافع في الحد تعزيزات عسكرية وبشرية في تصعيد سيء ومخيف ، حيث تحاول القوات العسكرية الثقيلة بقوة الدبابات والمدافع الإستيلاء على جبال في حالمين منها جبل الأحمرين حتى يسهل لها قصف مدن وقرى ردفان الأخرى ومن ضمنها منازل قادة الحراك هناك
وفي مقدمتهم المناضل القدير / د.ناصر الخبجي الذي قصف منزله خلال الأسبوع الماضي بالمدفعية . وجرى ويجرى الانتشار الكثيف للقوة العسكرية في محافظة أبين عشية السابع والعشرين من ابريل لا يقاف فعالية حركة الجنوبيين السلمية المزمع قيامها في يوم إعلان الحرب على الجنوب في ال 27 من إبريل عام 1994م. وبالرغم من إنزال الآليات الثقيلة العسكرية في المنطقة وفي النقاط الأمنية المؤدية إلى محافظة أبين إلا أن عشرات الآلاف نجحوا في حضور المهرجان المهيب في السابع والعشرين من إبريل في أبين وألقيت الكلمات المعبرة ، كما ألقى الشيخ / طارق الفضلي كلمة هامة ومعبرة للحاضرين وهو من أعلن الانضمام مؤخراً إلى الحراك الجنوبي وعدد من مشائخ أبين ولحج ويافع . إن الاستمرار في تعزيز وتكثيف الوجود العسكري على مشارف المدن والقرى وإقامة القلاع العسكرية فيها وعلى جبال وآكام المناطق الجنوبية بكثافة لا سابق لها في تاريخ الوطن اليمني والعربي تزيد من جراح وآلام الجنوبيين وتلك تصرفات مسيئة للوحدة واضحة للعيان لا يجب أن يقف اليمنيون والنخب السياسية والوطنية والمشائح والأعيان بالاكتفاء بالتفرج على هذه الأعمال الهمجية التي ليس لها صلة أبداً بالوحدة اليمنية ولا بالحفاظ عليها بل إن ذلك له مصلحة ويؤكد فيما لا يدع مجالاً للشك بأن هذه الدولة تحاول أن تعيدنا إلى قيم الجاهلية الأولى.. وتثبت هذه الدولة بأنها تحتكم منذ حرب 1994م لقانون وشريعة الغاب. قانون الإلغاء للآخر، مزهوة بالقوة النوعية للآلية العسكرية ولغلبة العدد البشري العسكري والسكاني وهذا دليل ناصع لا غبار عليه على أن الطرف الشمالي في الوحدة بجزئه الحاكم والمسيطر مصمم على إلغاء الآخر الجنوبي بالقتل والترويع وإلحاق الأذى الشامل بأهله في محاولة بائسة لا تثمر إلا الدمار والغاء كل أشكال الوحدة مع أبناء الشعب في الجنوب الحبيب. الرئيس / حيدر أبوبكر العطاس ومقابلته مع قناة الجزيرة: تابعت مثل كل أبناء اليمن والعرب مقابلة المناضل القدير حيدر أبوبكر العطاس رئيس وزراء أول جمهورية يمنية موحدة وصاحب أول برنامج إصلاحي سياسي ومالي وإداري لانقاذ يمن وأدته حرب 1994م. وقد لفتت انتباهي قضيتان هامتان: أولاهما: أ- إن الحزب الاشتراكي والاشتراكية ليستا من تراثنا في اليمن ولهذا فشلت -أي الاشتراكية- وأما الحزب الاشتراكي فقد وجهت له ضربات عنيفة ومؤامرات. تسببت بالقضاء على الكثير من قادته بل تدميره بشكل شبه كامل في حرب 1994م وما بعدها: وأضبح كالأسد الذي لا أسنان له كأداة سياسية على الرغم من أنه قد أعلن القطيعة مع الاشتراكية عند توقيعه على الوحدة اليمنية على أساس دستور دولة الوحدة ذي الأساس الاقتصادي الرأسمالي الغربي القائم على حرية السوق الاقتصادية. ب- أشار الاستاذ العطاس إلى أن الاشتراكية غريبة على واقعنا فعلاً، فقد مثلت ثوباً آخر لواقعنا مفروض بشكل موضوعي وذاتي ولهذا فشلت وفي بلدان جذورها فشلت .. فهي ظهرت في أوروبا الغربية ثم في الشرقية ومثلت إفرازاً للصراع الديني ودعوات الإصلاح الدينية المسيحية بمذاهبها الرئيسية الكاثيوليكية والأرثوذكسية والبروتستانية.. والتي شهدتها أوروبا إبان الحرب الدينية المذهبية والسياسية والاقتصادية من أواخر القرن السابع عشر وكذلك القرون الثامن عشر والتاسع عشر والعشرين . ج- إن التجربة الاشتراكية الإنسانية التي أريد لها أن تنجح في بلادنا كانت محاولة وطنية وإنسانية نبيلة المقصد في زمان داخلي وخارجي محدود ومفروض في ظل انعدام القدوة الحسنة والعادلة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً ودينياً في بلادنا والبلاد العربية الخ . د - إن الذين حاولوا تطبيق أهدافها ومبادئها في بلادنا كانوا أطهاراً ومن عامة الشعب يبحثون عن خلاص لهذا الشعب من الفقر والجهل والمرض وتحقيق العدالة والمساواة اللتين أسروا بهما ، وكان لعامل وجود قوة عظمى بقيادة الاتحاد السوفياتي (حافزاً كبيراً ودوراً حاسماً) لتحديد استراتيجية وتكنيك هؤلاء للوصول إلى أحلامهم في ظل المحدودية العلمية المعرفية والدينية الإسلامية ولواقع البلاد داخلياً وخارجياً . ولعمري في حياتي وقراءاتي لم أر استقامة وامانة وزهداً ولا أشرف من قادة الاشتراكي الجنوبي ومسؤولي حكومة جمهورية اليمن الديمقراطية وفي وفائهم لشعبهم ولوطنهم إلا ما قرأته عن الخلفاء الراشدين وامثالهم والواقع يقول إنهم يتحدّون كل الفاسدين في الأرض ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمؤسسات النقدية العربية والعالمية. لإثبات تملكهم مالاً أو عقارات من أموال الشعب والدولة الجنوبية حتى قيام وحدة الثاني والعشرين من مايو عام 1990م، ويعتبر قحطان الشعي، ، وسالم ربيع علي، وعلي ناصر محمد وعبدالفتاح إسماعيل وعلي أحمد ناصر وعلي سالم البيض، وسالم صالح محمد، وحيدر العطاس. وياسين سعيد نعمان ومن تربعوا على جميع الحكومات والوزارات ، منذ الاستقلال وحتى يوم الوحدة ، نموذجاً مثالياً في نظافة اليد وبراءة الذمة من أموال الشعب ومن كل ما حرمه الله على أمته وأهل دينه الميمون دين محمد صلى الله عليه وسلم. ه- لفت انتباهنا تلك اللغة الرفيعة والمخلصة للمهندس حيدر العطاس، اللغة التي تنم عن ثقافة رفيعة للحوار يمتلكها رجل دولة من طراز عال وبلغة التخاطب مع فخامة رئيس الجمهورية بكنيته المستحقة كزعيم يمني باحترام دون التفريط بحقوق الشعب بالجنوب ودون التفريط بالوحدة التي أكد على ضرورة إصلاحها جذرياً وتمنى أن لا يرى اليوم الذي ينفصل فيه الجنوب عن الشمال.. مع ما يقابله من أذى وجحود يتلقاه الأستاذ / العطاس وهذا ليس له إلا معنى واحد بأن قادتنا في الجنوب على استعداد للحوار على أصلاح الوحدة اليمنية والمنظومة السياسية والإدارية وظمان بقاء الوحدة اليمنية العادلة وفي مقدمتهم قادة الحراك السلمي السياسي الجنوبي المباركون . و- لقد اثبتت الايام والأشهر والسنون التي شهدتها البلاد اليمنية بعد قيام الوحدة اليمنية بأن مخاوف الرئيس / العطاس قبل الوحدة وخلالها أثبتت الحياة في الواقع -بعيداً عن الأوهام- صحتها والأدلة المادية لذلك تفقأ أعين الانتهازيين النفعيين والوصوليين بائعي الأوطان والرجال والقيم . وإلى الذين وصموا أبناء ردفان والضالع بالأذى وهم من صنعوا بالاشتراك مع إخوة لهم من عموم الوطن اليمني مجد الأمة وفخرها ممثلاً بثورتيها السبتمبرية والأكتوبرية والوحدة اليمنية. وإلى الذين سخروا من المهندس / حيدر العطاس وتاريخه المجيد الكبير كأحد أنظف رؤساء اليمن.. نقول لهم ليتكم تعلمون إلى أي وضع وصلتم في نظر رفقتكم وعامة أبناء الشعب ، حيث استحقيتم وصفهم لكم بالدونية في تعاليكم وغطرستكم على أخٍ وأبٍ كبير ورفيق دربٍ كبير هو المهندس / حيدر أبوبكر العطاس . أخيراً في الدكرى السادسة لتأسيس صحيفة الوسط الغراء .. أجمل وأرق التهاني القلبية الحارة، ويكفيكم فخراً تأسيسكم للرأي والرأي الآخر وتحليكم بثقافة الحق ونزاهة أقلامكم السياسة الأسبوعية والتي تنم عن روح وطنية مخلصة ووثابة ..من كل قلوبنا نتمنى لكم كل الرفعة والاستمرار في طريق الدفاع عن المقهورين والمظلومين في يمننا الحبيب . الهوامش : 1-2-3 صيحفة الوسط ، د.عبدالله الفقيه ..ملخصاً خصائص الثقافة السياسية العربية لدى الكاتبين الأمميين / هشام شرابي وأيلي قدوري ، العدد 147 ، ص :5 ، تاريخ 9 مايو 2007م . د.عبدالرزاق مسعد سلام

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.