صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    وكالة دولية: الزنداني رفض إدانة كل عمل إجرامي قام به تنظيم القاعدة    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ما لا تعرفونه عن عبدالملك الحوثي    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حالة التسامح في اليمن.. تقرير عام 2008م(2)
نشر في الوسط يوم 12 - 08 - 2009

* أعده أ.قادري احمد حيدر - د.محمد المخلافي الحلقة الثانية * أولاَ: التسامح الديني: للتعصب جذور عميقة في الوعي الاجتماعي التاريخي للناس وهو السائد في بنية المجتمع، بينما مساحة هامش الحرية للخطاب التعددي التسامحي في بلداننا ما يزال جنيناً ويكاد لا يرى، ومن هنا تأتي أهمية وضرورة السعي الدؤوب لنشر وتعميم ثقافة التسامح الديني في منطقتنا العربية. وتتعرض الحريات الأساسية للناس لعملية قمع، واعتداء، وحصار، وتسفيه، هو الأقسى والأعنف، في اليمن، حيث الحرب على خلفية التكفير الديني/ المذهبي، هي السمة السائدة، وهي عموماً حالة عربية قائمة في مصر، والسودان، وفلسطين، والعراق، والصومال. في اليمن المعاصر بعد وحدة مايو 1990، جرى استخدام خطاب العنف كمقدمة لإعلان الحرب على الشريك الأساسي في السلطة والوحدة، الحزب الاشتراكي اليمني، حيث تم استدعاء فقه الفتوى في صورة مفاهيم ومصطلحات: الردة، والشرعية، والوحدة، والخروج على الجماعة، (الانفصال) من تراث ثقافة (الفتنة) في التاريخ السياسي العربي، من أجل إقصاء وإلغاء وتهميش التعددية الفعلية وإقصاء الآخر السياسي، وعدم الاعتراف بحقه في الشراكة والمشاركة في القرار السياسي، وفي السلطة والثروة، تحولت معه وخلاله السياسة إلى دين والخلاف على مضمون النظام السياسي وجوهره الديمقراطي إلى معركة دينية، استخدمت فيها الفتاوى بعد تحويلها إلى أسلحة حربية وعسكرية ضد الآخر، وباسم الدين، الأمر الذي عبر عن موقف الرفض للتعددية, وثقافة التسامح واستعادة سيادة ثقافة العصبية, والقوة، والشوكة القبلية العسكرية. منذ قيام حرب 1994، وضع اليمن أمام ظاهرة جديدة/قديمة تحاول من خلال الأيديولوجية السائدة والسيطرة الإعلامية للدولة فرض استمرارية لعبة خلط الديني بالسياسي ومن خلال السلفية الجهادية السنية والشيعية التي ساهم النظام في اختراعها-الشيعية- ثم خرجت عن السيطرة بعد تحولها إلى ظاهرة عنفية مذهبية مسلحة (عسكرية). لقد فتح فقه السياسة أو فقه الفتوى الباب واسعاً لحجم ثقافة التكفير، وأيديولوجيا التكفير والقتل التي بدأت بمحاولة اغتيال عمر الجاوي وتم اغتيال حسن الحريبي في الحادث عام 1991، وبعده اغتيال أكثر من (155) من قيادة وكوادر الحزب الاشتراكي آخرها اغتيال الشهيد جار الله عمر في 28 ديسمبر 2002، بفتوى تكفيرية جهادية من قبل خلية جامعة الإيمان مسيك للتنظيم السري، بدعوى تنفيذ شريعة الولاء والبراء من خلال ما يسمونه ب (الجهاد الفردي) وتحالفت فيه الفتوى الجهادية المسلحة مع الدعم المالي والحماية الأمنية الحكومية، بعد أن استقر خطاب (الفتنة) والحرب وعدم التسامح، داخل بنية الخطاب السياسي والأيديولوجي السائد. * ثانياً: التسامح السياسي: ارتبطت ظاهرة عدم التسامح السياسي، بالصراع السياسي على السلطة والثروة، جرى معها احتكار المجال السياسي في يد قبضة قبلية، عائلية، مناطقية، دينية مذهبية أو هيمنة طبقية شمولية ولم يعرف التاريخ السياسي العربي ظاهرة التسامح السياسي أو هامش الحرية السياسية النسبية، في صورة التعددية المقيدة، أو ما يسميه البعض السماح الديمقراطي، إلا منذ عقد ونصف تقريباً، بعد أن جرى إعلان التعددية كأساس للنظام السياسي في بعض الأقطار العربية وهي تعددية مشروطة أو محكومة بضوابط شمولية وتقييدات قانونية وعملية لا تسمح بإمكانية واقعية للتداول السلمي للسلطة وما تزال حالة التسامح السياسي في جميع أقطار المنطقة العربية محاصرة بجملة من القيود السياسية، والضغوط الاجتماعية والعسكرية والأمنية، المفروضة على الحياة الحزبية والمدنية، مثل: قانون الأحزاب، وقانون الانتخابات المفصل على مقاس الأنظمة الاستبدادية، وعلى مقاس الحاكم الذي يتلاعب بالدستور ومواده كلما عن له مد فترة حكمه بهدف إعادة استنتاج النظام السياسي ومؤسساته التشريعية والمحلية. يمكننا القول إن التعددية مع الإقرار القانوني الشكلي بحرية التنظيم السياسي والحزبي, لم تتحقق بعد في واقع الممارسة، ففي مصر عمر إعلان التعددية أكثر من ثلاثين سنة، وفي اليمن أكثر من تسعة عشر سنة من عمر الوحدة، وأكثر من ثلاثين سنة من البقاء في الحكم، ولم تقد التعددية إلى حالة من تداول السلطة سلمياً. وكانت الحالة السودانية والموريتانية هما الوحيدتان، وجرى الانقلاب عليهما عسكرياً. إن التسامح في السياسة يعني الاعتراف بالآخر وبحقه في ممارسة السياسة بعيداً عن الإكراه والعنف، والقمع، والمصادرة، والتسامح السياسي يعني في الواقع القدرة على المشاركة في صناعة القرار (السياسي) والشراكة في السلطة والثروة بين كافة قوى المجتمع ومكوناته, وليس احتكارها في جماعة قبلية, او عائلية, او طبقية محدودة، إن ثقافة التسامح تعطي الحق للجميع -أغلبية وأقلية- للمشاركة في كل شيء كمواطنين أحرار بدون قيود. * ثالثاً: التسامح الاجتماعي الاقتصادي: التسامح الاجتماعي الاقتصادي هو أكثر أشكال التسامح ارتباطا وتأثراً بالبنية الاجتماعية، فكلما كانت هذه البنية الاجتماعية مفتوحة وتعددية، وحديثة كلما كانت مظاهر وظواهر التعصب القبلي (العشائري) والمناطقي والقروي والديني والمذهبي أقل تأثيراً وفعلاً في الناس وفي حياتهم، وطرائق تفكيرهم، وسلوكهم، وواضح أن المجتمعات العربية مرتدة، نحو التقليدية الاجتماعية والأصولية الدينية، والمذهبية حتى أننا يمكن أن نتحدث عن إسلام قبلي، وإسلام بدوي، وقبيلة تعسكرت بالمذهب- كحالنا في اليمن- والمجتمع اليمني تحديداً يعيش حالة تراجع لقيم الحداثة والمدنية، والتسامح الاجتماعي والاقتصادي، وآثارها يمكن مشاهدتها وقراءتها في صورة العودة للبحث عن القيم القبلية والمناطقية، والأصول الانثروبولوجية التاريخية الأولى لمشجر أنسابهم، وهي قطعا عودة إلى اللاًتسامح الاجتماعي ونكوص عن ثقافة الانتماء للهوية الوطنية والقومية الكلية الجامعة، والعودة للاحتماء بالهويات الصغيرة، ولعل ذلك يرجع إلى غياب وتراجع المشاريع الإستراتيجية الكبرى (الوطنية، والقومية، والإنسانية) وحالة عدم التسامح الاقتصادي، والتراجع عن الأهداف الاقتصادية للثورتين اليمنيتين سبتمبر/ وأكتوبر بما فيه شعار أو هدف إزالة الفوارق بين الطبقات، وتعطيل النصوص الدستورية التي توجب تحقيق العدل الاجتماعي باعتباره أساسا للتسامح الاقتصادي، والدخول في مشاريع إعادة هيكلة الاقتصاد، وما ترتب عليه من خصخصة المؤسسات الاقتصادية لصالح المتنفذين في السلطة، وتراجع دور الدولة في تمكين المواطن من ممارسة حقوقه الاقتصادية والاجتماعية كالحق في العمل, وفي الرعاية الصحية, والرعاية الاجتماعية، وفي التعليم، والضمان الاجتماعي، وتزايد الفوارق الطبقية واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وارتفاع نسبة البطالة، وتزايد نسبة من يقعون تحت خط الفقر، كل ذلك يعبر عن تراجع حالة التسامح الاقتصادي والاجتماعي، كما أن النظرة المتخلفة للمرأة هي في أسوأ صورها اليوم، ففي أكبر صرح علمي وأكاديمي -وهو الجامعة- يجري حصار المرأة, والحرب العلنية ضدها من قبل الجماعات الدينية المتطرفة، ومن قبل الأجهزة الأمنية. ففي شهر ديسمبر عام 2008 قامت جماعة سلفية في جامعة صنعاء بتنظيم ما تسميه (أسبوع العفاف) وتعليق ملصقات إعلانية ودعائية تحريضية ضد حرية المرأة التي ينص عليها الدستور، والدعوة إلى المزيد من القيود والتحريمات ضدها، وتشتغل الجماعات التقليدية (القبلية، الدينية، السياسية) بصورة موحدة لتكريس القيم الماضوية التقليدية ويجري تعميمها بصورة منظمة وهي التي تتحكم بقيم وسلوك الناس وهي منظومة قيم لا تسامحية، وتشيع قيم التعصب، والكراهية، وعدم القبول بالآخر، وتكرس في الواقع ثقافة العنف والصراع كوسيلة وحيدة لحل الخلاف، إن قيم التسامح الاجتماعي الاقتصادي وقضايا السلام الاجتماعي والأمن والاستقرار السياسي تتعرض اليوم للتراجع والانهيار، من خلال تشريعات الدولة الاقتصادية التي تتخلي فيه الدولة عن دورها في الرعاية الاجتماعية، وعن دورها في التعليم والصحة، والخدمات الأساسية للناس، بما يشيع في المجتمع ثقافة عدوانية ضد الآخر، ثقافة لا تسامحية، وفي مثل هذا الواقع لا مكان للفرد الاجتماعي الحر المستقل المشارك في الحياة السياسية بعقل فاعل, باتجاه الإصلاح والتغيير، حيث ميول التعصب السياسي على خلفية اجتماعية اقتصادية هي الأساس في تشكيل وعي وحركة الناس. من هنا، فإن المحددات الاجتماعية الاقتصادية (التعليم، العمر، التدين، المكانة الاجتماعية والطبقية) تتحرك جميعها في اتجاه عكسي وارتدادي منتج ومولد لقيم العنف، والتعصب، والتفكك الاجتماعي (قبائل، عشائر، إثنيات، مناطق) تتقدم فيه القبيلة على الوطن، والقرية على المدينة، والجماعة على الطبقة، العصبية، على الحزب، ويصبح عدم التسامح الاجتماعي الاقتصادي هو الناظم لحركة الجميع، وهي توجهات معادية ومخالفة لنصوص مواد إعلان بشأن التسامح، ولكل نصوص المواثيق والعهود الدولية التي أقرتها مؤسسات الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان وقضايا الحريات، وفي القلب منها التسامح الاجتماعي الاقتصادي وهو الجاري في أكثر من بلد عربي واليمن واحدة منها. وأمام هذا الواقع المناهض للتسامح السياسي والديني والاجتماعي والاقتصادي، تبرز مهمة نشر قيم التسامح في مقدمة مهام التحديث والتحول الديمقراطي في اليمن. *الفصل الثاني التسامح في التشريع يشمل التشريع الوطني الدستور والقانون الداخلي لليمن وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة ويلتزم بها اليمن بموجب دستور الجمهورية اليمنية والمعاهدات أو الاتفاقيات التي صادق عليها، وفي مقدمة الصكوك الدولية التي تستوجب تحقيق التسامح بمعناه الايجابي والمتمثل بالإقرار بحق الآخرين في التمتع بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، يأتي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تنص المادة (2) في كلِ من هذه الصكوك على أن يتمتع كل إنسان بحقوقه وحرياته كافة، وان يتمكن من ممارسة حقوقه وحرياته بدون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. تتمظهر قيم التسامح من خلال الإقرار بالآليات الديمقراطية ووسائل ممارستها المتمثلة بالتعددية السياسية والثقافية والدينية، وتعبر التعددية السياسية عن نفسها بكفالة تشريع الحق في حرية التنظيم وحرية الرأي والتعبير عنه وحرية التجمع السلمي، وكفل ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادتين (19 و20) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المواد (19، 21، 22) وتعبر التعددية الثقافية والدينية عن نفسها من خلال حرية المعتقد والفكر والدين، إذ ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (18) من كل منهما على الحق في حرية إظهار الدين أو المعتقد بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، وبصورة فردية أو جماعية، معلنة أو غير معلنة. وتنص المادة (26/2) من الإعلان على انه يجب أن يعزز التعليم "التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وان يؤيد الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة لحفظ السلام" وتنص المادة (26) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن الناس جميعا سواء أمام القانون الداخلي للدولة دون أي تمييز وان يكفل لجميع الأشخاص على السواء حماية فعالة من التمييز لأي سبب كالعرق أو اللون آو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي سياسيا أو غير سياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك من الأسباب. يصادق اليمن على معظم الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومنها العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبموجب المادة السادسة من الدستور يلتزم اليمن بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة. يقر الدستور اليمني بالتعددية السياسية والحزبية في المادتين (5 و58) وبموجب المادة (5) يقوم النظام السياسي للجمهورية اليمنية على التعددية السياسية والحزبية(1)، وكفل الدستور في المادة (58) منه حق المواطنين في حرية التنظيم والنشاط السياسي
والاجتماعي والنقابي(2)، وصدر القانون رقم (66) لعام1991، بشأن الأحزاب والتنظيمات السياسية الذي يكفل حرية نشاط الأحزاب السياسية، وصدر قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية رقم (1) لسنة 2000، الذي يؤكد على توفير الضمانات الكفيلة بممارسة الجمعيات والمؤسسات الأهلية لأنشطتها بحرية واستقلالية كاملة، وصدر القانون رقم (35) لسنة 2000، بشأن تنظيم النقابات العمالية وينص على حرية إنشاء النقابات وحرية نشاطها، والقوانين الثلاثة تنص على تعزيز التعددية السياسية والممارسة الديمقراطية، الأمر الذي يعني الإقرار بحقوق الآخر، وهو إقرار بقيم التسامح القائمة على القبول بالتعددية. بيد أن التشريع اليمني يعاني من أزمة بنيوية، بالإقرار بالحرية ثم تعطيلها في ذات الوقت، وتعبر هذه الأزمة عن نفسها فيما يتعلق بتركيز السلطة بيد الهيئة التنفيذية - خاصة رئيسها - رئيس الدولة وإطلاق يده في التصرف بإمكانياتها، وتفرض القوانين الثلاثة المشار أليها وصاية الإدارة الحكومية على الأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية(3). كفل الدستور اليمني حرية الفكر والرأي والتعبير عنه في المادة (42) (4)، واعتبرت بعض الأدبيات(5)، إن هذه المادة تشمل الإقرار بحق التجمع السلمي باعتباره وسيلة للتعبير عن الرأي والمعارضة، وبغض النظر عن مدى صواب هذا التعميم فقد صدر القانون رقم (29) لسنة2003، بشأن تنظيم المظاهرات والمسيرات وتسييرها بعد إشعار وزارة الداخلية، وأما أشكال التجمعات السلمية الأخرى كالاعتصامات والمهرجانات والاجتماعات فهي مكفولة دون أي قيود على إقامتها، وصدر القانون رقم (25) لسنة 1990، بشأن حرية الصحافة والمطبوعات الذي اقر بحرية الصحافة غير أن القانونين لم يكفلا التعددية والتعبير عنها بصورة كاملة، إذ أن قانون الصحافة لا يكفل التعددية الإعلامية إلا في الصحافة المكتوبة ويجري استخدام نص قانون المسيرات والمظاهرات على جواز تغيير أجهزة وزارة الداخلية لمكان وزمان ومسار المظاهرات والمسيرات إلى نظام ترخيص يخضع لقرار وإرادة الأجهزة الأمنية، بدلاً من الإشعار فقط لهذه الأجهزة بتنظيم المظاهرة أو المسيرة، وجرى خلال عام 2008، اعتقال عدد كبير من المواطنين، بحجة إقامة التجمعات بدون ترخيص، كما يتبين لاحقاً. ينص الدستور -كما سبق أن بينا- على حرية الفكر، لكنه لا ينص على حرية المعتقد، ويسقط قيم التسامح في مجال المعتقد والمساواة أمام القانون، إذ تم إسقاط هذه القيم بتغيير الدستور عام 1994م كتعبير عن الشعور بالتمييز والتفوق للمنتصرين في الحرب، إذ كانت المادة (27) من الدستور تنص على أن: "المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو العقيدة"، فاستبدلت هذه المادة بالمادة (41) التي تنص على أن: "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة"، وبذلك أجاز الدستور عدم المساواة أمام القانون والتمييز بسبب الجنس أو اللون أو الأصل أو اللغة أو المهنة أو المركز الاجتماعي أو المعتقد، ويشمل الدين وتشترط المادة (107/د) من الدستور فيمن يرشح لمنصب رئيس الجمهورية: "أن يكون مستقيم الأخلاق والسلوك محافظا على الشعائر الإسلامية"، ويشترط القرار الجمهوري رقم (269) لسنة 2000، بشأن اللائحة التنفيذية للسلطة المحلية في المادة (24/أ/6) في من يرشح نفسه لعضوية المجلس المحلي: "6- أن يكون... محافظا على الشعائر الإسلامية...". يميز القانون رقم (12) لسنة 1994، بشأن الجرائم والعقوبات بين الأديان، إذ ينص على أن يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من أذاع علنا آراء تتضمن سخرية أو تحقير الدين في عقائده أو شعائره(6)، ولكن إذا كان الدين أو المذهب الذي نالته السخرية أو التحقير أو التصغير هو الدين الإسلامي تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات(7). طائفة واسعة من القوانين تقرر التمييز بسبب الجنس، أي التمييز ضد المرأة، ومن ذلك القانون رقم (12) لسنة 1994، بشأن الجرائم والعقوبات فيما يتعلق بدية المرأة (م42) وجواز قتل الزوج زوجته ومن يزني بها (م232)، القانون رقم (6) لسنة 1990، بشأن الجنسية اليمنية وتعديلاته فيما يتعلق بتمتع الأبناء بالجنسية اليمنية (م3، 10مكرر)، القانون رقم (20) لسنة 1992، بشأن الأحوال الشخصية الذي يرتكز على التمييز ضد المرأة من حيث الجوهر، القانون رقم (14) لسنة 2002، بشأن القانون المدني، القانون رقم (47) لسنة 1991، بشأن دخول وإقامة الأجانب، فيما يتعلق بدخول وإقامة الزوج الأجنبي لامرأة يمنية. * هوامش 1- تنص المادة(5) من الدستور على أن) )يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلميا، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي...) 2- تنص المادة (58) من الدستور على ) للمواطنين في عموم الجمهورية - بما لا يتعارض مع نصوص الدستور - الحق في تنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً، والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات الوطنية بما يخدم أهداف الدستور، وتضمن الدولة هذا الحق.. كما تتخذ جميع الوسائل الضرورية التي تمكن المواطنين من ممارسته، وتضمن كافة الحريات للمؤسسات والمنظمات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية والاجتماعية.) 3- راجع التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن لعام2007م، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، صنعاء، ابريل 2008م ص 36 - 42 فحة، محمد احمد المخلافي، عبد الباقي شمسان:واقع المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان وأثره على الشراكة في اليمن، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان - تعز2006م، أيضا محمد احمد المخلافي: تقرير الحركة العمالية من اجل الديمقراطي لعام2007م، واشنطن2007م ص 60 فحة وما بعدها. 4- تنص المادة(42) من الدستور على انه: (لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.) 5- انظر: التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن، المصدر السابق ص 37 فحة وما بعدها. 6- تنص المادة (149) من القانون على أن:" يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات أو بالغرامة، أولا: من أذاع علنا آراء تتضمن سخرية أو تحقير الدين في عقائده أو شعائره أو تعاليمه...". 7- تنص المادة (195) من القانون على أن:" تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة إذا كان الدين أو المذهب الذي ثالثه السخرية أو التحقير أو التصغير هو الدين الإسلامي".

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.