الفريق السامعي يوجه بالإفراج الفوري عن العودي ويعتبر اعتقاله عارًا ولا ينسجم مع اخلاق اليمنيين    اتحاد اللجان الأولمبية الوطنية الإفريقية يكرم بشرى حجيج تقديرًا لعطائها في خدمة الرياضة القارية    الدكتور حمود العودي واستدعاء دون عودة    استعدادا لمواجهة بوتان وجزر القمر.. المنتخب الأول يبدأ معسكرة الخارجي في القاهرة    لملس يناقش مع "اليونبس" سير عمل مشروع خط الخمسين ومعالجة طفح المجاري    الكثيري يطلع على مجمل الأوضاع بوادي حضرموت    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يدشن مهرجان شبوة الأول للعسل    الدراما السورية في «حظيرة» تركي آل الشيخ    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    صنعاء : قرار تعيين ..    حماس : العدو يخرق اتفاق غزة يوميا .. واستشهد 271 فلسطينيا بشهر    إدريس يدشن حملة بيطرية لتحصين المواشي في البيضاء    صنعاء.. تعمّيم بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية بعد 3 أيام من إيقافها    لحج: الطليعة يبدأ بطولة 30 نوفمبر بفوز عريض على الهلال    قبائل شدا الحدودية تُعلن النفير والجهوزية لمواجهة الأعداء    "حماس" تطالب بفتح معبر "زيكيم" لإدخال المساعدات عبر الأردن    وبعدين ؟؟    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    الجدران تعرف أسماءنا    اليوم العالمي للمحاسبة: جامعة العلوم والتكنولوجيا تحتفل بالمحاسبين    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    توتر وتحشيد بين وحدات عسكرية غرب لحج على شحنة أسلحة    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    صلاح سادس أفضل جناح في العالم 2025    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    برباعية في سيلتا فيجو.. برشلونة يقبل هدية ريال مدريد    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    هل يجرؤ مجلس القيادة على مواجهة محافظي مأرب والمهرة؟    الأربعاء القادم.. انطلاق بطولة الشركات في ألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    العسكرية الثانية تفضح أكاذيب إعلام حلف بن حبريش الفاسد    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    الأستاذ علي الكردي رئيس منتدى عدن ل"26سبتمبر": نطالب فخامة الرئيس بإنصاف المظلومين    الشيخ علي محسن عاصم ل "26 سبتمبر": لن نفرط في دماء الشهداء وسنلاحق المجرمين    مرض الفشل الكلوي (27)    فتح منفذ حرض .. قرار إنساني لا يحتمل التأجيل    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    تيجان المجد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الأمين العام لجمعية الهلال الأحمر اليمني ل 26 سبتمبر : الأزمة الإنسانية في اليمن تتطلب تدخلات عاجلة وفاعلة    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    الأرصاد يحذر من احتمالية تشكل الصقيع على المرتفعات.. ودرجات الحرارة الصغرى تنخفض إلى الصفر المئوي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح مسعد: التخلف الاجتماعي هو الكابح الرئيسي للتغيير في بلادنا وسبب في بروز مشاكلنا التي أججها النظام (من أهمها القضية الجنوبية)
نشر في الوسط يوم 02 - 11 - 2011

الكاتب: صالح مسعد: (أبو أمجد) الصراع الذي مبدأه مصلحة الوطن فإنه (بالمفهوم الواسع لنظرية الصراع) يكون سببا للتغيير، وعندما يضيق الصراع بين تجمعين أو طرفين، أو أكثر من أجل مصالح ذاتية أو لاوطنية، أو بدافع النزعة الطائفية أو القبلية وغيرها فإن هذا الصراع سيكون سببا للتدمير. لا يبرر الصراع الحالي المحتدم عسكريا بين طرفي النزاع، وهما: القوات العسكرية المنشقة والمليشيات القبلية الموالية للثورة من طرف وقوات النظام من طرف آخر بأنه صراع ثوري من أجل التغيير، ولكنه صراع له ما قبله، حيث وجد الأول من الثورة السلمية للتغيير مبررا لقتال خصمه باسم الثورة كما وجد النظام في استخدام العنف ضد خصومه التقليديين وضد الثورة مبررا لضربهم باسم الخارجين عن الشرعية الدستورية.. من غير الثورة والثوار فكلا الفريقين من بقايا نظام تآكلت شرعيته الدستورية بخروج الجماهير سلميا إلى الميادين للمطالبة بالتغيير، وإذا كان توجه الثورة في نضالها سلمياً، فلا يعفى الطرف المسلح المؤيد لها من الشكوك في نواياه في أن الصراع المسلح ما هو إلا وسيلة من وراء الثورة لتصفية حساباته مع الخصم، في صراع جديد قديم تقف خلفه أهداف ومصالح محددة مهما كانت حسن النوايا، فالثورة ليس لديها الوقت لاختبار مثل هذه النوايا، أخذا بالاعتبار أنه من يحمل السلاح وينتصر، لا يمكنه أن يلقي سلاحه إلا بعد تحقيق أهدافه انطلاقا من التجارب التاريخية للثورات والصراع، لنا وقفة هنا لمراجعة تاريخ الصراع الذي يحتدم حاليا بخطوط عريضة منذ بداية الوحدة وإعاقة هذا الصراع للتغيير. *خلفية الصراع المحيط بالثورة وفي مواجهتها لمراكز النفوذ بعد الوحدة: كان الاتفاق بين الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والرئيس علي عبدالله صالح في بداية الوحدة عام 1990م بأن يشكل الأول حزبا دينيا وقبليا ليكون سندا لحزب المؤتمر الشعبي لمحاربة الحزب الاشتراكي اليمني والقضاء عليه أو إضعافه وبالفعل ترأس الشيخ عبدالله بن حسين حزب التجمع اليمني للإصلاح من أجل السيطرة على الجماعات الإسلامية بالإضافة إلى لعب دور للتوافق المرجعي القبلي والسياسي مع المؤتمر الشعبي للسير في سياسة تسخير وتسيير المصالح للطرفين. كان علي محسن الأحمر يمسك ملف الجماعات الدينية منذ العام 1989م ويساعده الزنداني وبعض الرموز الدينية، وتم إرسال أعداد كبيرة من هذه الجماعات إلى أفغانستان لمحاربة الروس، وبعد عودتهم إلى البلاد تم الاستفادة من هذه المجاميع في مخطط الاغتيالات للكوادر وقيادات الحزب الاشتراكي بعد الوحدة مباشرة والذي راح ضحيته أكثر من 150 قياديا اشتراكيا جنوبيا بتواطؤ من السلطة الرسمية. كما تم الاستفادة منهم وبدعم حزب الإصلاح في حسم حرب 94م. بعد هذه الحرب المشؤومة بدأت تدب الخلافات الناتجة عن السياسة والأهداف الوصولية بين مراكز القوى والنفوذ لتعارض المصالح. وكان بدايتها في اعتراضات الشيخ عبدالله على عملية الإصلاحات وفرض الجرعة في العام 1995م كونها تؤثر على مصلحة كثير من القبائل المرتبطة بالزراعة عند رفع المشتقات النفطية، بالإضافة إلى مصلحة أيادي خفية بتهريب المشتقات النفطية في كلا الطرفين، وكانت الخلافات تحسم بثقل الشيخ عبدالله حتى لا تؤثر على مصالح الفريقين. بعد أن تحقق إزاحة الحزب الاشتراكي من السلطة بعد الحرب المذكورة بدأ التنافس بين الطرفين اللذين وحدتهما المصالح وكذلك فرقتهما المصالح في محاولة إزاحة كل طرف منهم للآخر، ابتداء من انتخابات 1997م ولم يدخلها الحزب الاشتراكي وصولا إلى انتخابات 2003م التي خرج منها الإصلاح المرتبط جدليا مع توجهات سياسة الجناح السلفي بقيادة الشيخ الأحمر وأولاده بحكم رعايتهم للجماعات الدينية بشكل عام، وبدأ الوضع يتغير بعد العام 1998م بعد خطف سياح أجانب في محافظة أبين بزعامة أبو الحسن المحضار، وزاد التغير بعد العام 2000م عندما تم تفجير المدمرة كول في ميناء عدن وهكذا تغير الوضع جذريا بعد أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة وكذا بعد العام 2002م عند تفجير ناقلة النفط الفرنسية في ميناء المكلا، وحدث بعدها عدد من التفجيرات التخريبية التي نفذتها عناصر متشددة خلال العام 2003م انعكس ذلك سلبا على حزب الإصلاح بحكم علاقته وتعاطفه مع هذه العناصر المرتبط بها وكانت هذه الأحداث بداية مرحلة الصراع الحقيقي بين أرباب المصالح والنفوذ وبدأت بتهمة الدخول في النفق المظلم مصحوبة بانتشار إعلامي واسع وما لحقها من حقائق الصراع على الأرض نلتمس بعضاً منها: *توسع الخلاف على المصالح والنفوذ بتوسع الأسر النافذة: عندما اتجه الخلاف والصراع بين مراكز القوى علنيا انعكس ذلك بردات فعل مختلفة: -إزاء تقلد أولاد وأقارب الرئيس للمناصب العسكرية والسياسية واتجاهات التوريث وكانت أول ردة فعل من قبل أولاد الشيخ عبدالله بالتجاسر والتجاوز لحدود الصمت بداية بالاشتباك المسلح بين أولاد الشيخ ومرافقيهم كمحاولة لإظهار هيبتهم مع جنود حراس السفارة البريطانية والأمن المركزي أثناء موكب زفاف بنت الأحمر عندما لم يسمح للموكب بالمرور من أحد الشوارع المحاذية للسفارة البريطانية في نهاية العام 2002م وبرزت هذه الحادثة في الإعلام والصحف، معها أظهر الشيخ عبدالله بكثير من المن على الرئيس صالح في أنه سبب وصوله للحكم وفي تثبيت سلطته، وكذا تحسين العلاقة مع السعودية، وبالمقابل أظهر الرئيس بالمن على الشيخ حينما وضعه في منصب رئاسة البرلمان وتعيينه بدون انتخاب. -تعرض الشيخ الأحمر لمحاولة اغتيال في السنغال في العام 2004م بحادث سيارة تسببت له بإصابات مختلفة وبقي بعدها لمدة ثمانية أشهر في السعودية تقريبا مما أثار حفيظة الرئيس من علاقة الأحمر بالسعودية واتهم آل الأحمر الرئيس بتدبير الحادث، وطلبوا منه الاعتذار الرسمي علنا ولكنه لم يكن اعتذارا في مستوى العرف القبلي عندما أرسل عبدالعزيز عبدالغني ليقوم بهذه المهمة. -الواقعة الأخرى حادثة وفاة الشيخ مجاهد أبو شوارب في نهاية العام 2004م والذي كان يعتبر الساعد الأيمن للشيخ الأحمر، وهو ما اعتبروه عن نية لقص أجنحة الشيخ وتصفية رموز القبيلة والاتهام بأن الحادث مدبر من الرئيس وفريقه، بالإضافة إلى حادثة وفاة المتوكل كان الاتهام أنها مدبرة أيضا في دائرة القضاء على الخصوم. -بعد وفاة الشيخ الأحمر في العام 2007م ظهر حميد الأحمر علنا على الفضائيات وكان قد بدأ بهذا تقريبا في العام 2005م وفي مقابلاته في الشاشات الفضائية اتهم الرئيس بأنه يريد التوريث وتحميله كل مشاكل البلاد وتدهور الأوضاع الاقتصادية وغيرها من المواقف الصدامية وهو ما عكس جدلا واسعا في الوسط الاجتماعي. -لفت هذا الجدل انتباه حميد الأحمر في تشغيل قناة فضائية خاصة به وبها يبدأ الدور الإعلامي ضد الرئيس وعائلته وحاشيته حتى يخلق أرضية مقاومة وممانعة للتوريث أولا ولاحتكار المناصب الحساسة والهامة للأقارب وأصحاب الولاء ثانيا حتى يضع من تاريخ آل الأحمر قوة موازية في الساحة تؤثر وتسيطر على مجالات النفوذ والسياسة، أي التأثير في القرار السياسي والاقتصادي ولحماية المصالح. وتأكيدا لطبيعة الصراع الذي أشرنا إليه نشير إلى أنه في إحدى مقابلات الشيخ حميد الأحمر في إحدى الفضائيات عندما سأله المذيع، هل تخاف من ردة الفعل جراء حديثك عن الرئيس ومن يحميك من الانتقام؟ وقد رد حميد الأحمر أن قبيلته هي التي تحميه ولم يقل الشعب هو الذي يحميه مما يدل على طبيعة وتوجه الصراع بأنه قبلي تسيره المصالح. والاحتماء بالثورة وشرعيتها هو أحد العوامل المعرقلة لها في تحقيق أهدافها مع مواجهة النظام أيضا. *علي محسن الأحمر وحروب صعدة: بحكم علاقة علي محسن الأحمر العشائرية والقبلية وربما الأسرية بالرئيس صالح منذ بداية تولية رئاسة الجمهورية العربية اليمنية في العام 1978م، كان علي محسن يمثل الذراع الأيمن والسند القوي للرئيس علي عبدالله صالح في كل دروب مسيرة حياته السياسية الطويلة ابتداء من المحاولة الانقلابية للناصريين عام 1978م. حيث ارتبط الرجلان بعهد مشترك وشخصي للمصير الواحد كما يسري تداوله بين الناس، بأن الرئيس تعهد منذ بداية علاقتهما الحميمة وأصبعه خط على وجهه (كما هي العادة والعرف لضمان تنفيذ الشيء) بأن يكون علي محسن خليفة له في منصب الرئاسة سواء طال الزمان أم قصر. تغيرت الاحوال واستدار الزمان وكبر العيال، وتوسعت مطامح النفوس، وتشابكت الأحداث وأصبح علي محسن من حيث لا يدري في صف أولاد الشيخ الأحمر، كان أكثر رابط بينهما الجماعات الدينية واحتضانها من قبل القبيلة والدور المرسوم لعلي محسن فيها والذي بدأ مع الوحدة التي ربطت بين كل الأطراف وتوثقت إلى ما بعد الحرب لسنوات ثلاث، تقريبا إلى انتخابات 97م بعد أن استكمل تقسيم الأرض والاستثمارات والمناصب وهي التي أدت إلى التنافس والصراع الذي بدأ بصراع التمكن من السلطة. حيث رتب الرئيس لابنه أحمد جيشا خاصا حديث التجهيز العسكري سمي بالحرس الجمهوري والقوات الخاصة بيد أخيه ومن بعده ابن أخيه طارق والامن المركزي بيد أخيه محمد ومن بعده ابنه يحيى، والأمن السياسي بيد أكبر حليف أنقذه من المحاولة الانقلابية للناصريين، لكن التمكن فرض على الرئيس تحوطا تأسيس الأمن القومي الذي يديره عمليا ابن أخيه عمار. وهكذا وجد علي محسن نفسه يبتعد من مركز القوة تدريجيا وأصبحت القوات الحديثة بيد أسرة الرئيس وأصبحت قواته المسماة بالفرقة قوات تقليدية هيكلية ربما تتآكل مع الزمن والنكث في العهد القديم أصبح واردا. وحتى تتآكل قوات محسن أكثر زج بها في حروب صعدة العبثية حتى يحرق فيها المنافس القوي للتوريث أو إضعافه. وبالتالي كان كل ذلك في محاولة لإضعاف طرف مهم متربص بالولاية والحكم بحكم الإرث التاريخي العقائدي (بيت الإمامة) بالإضافة إلى أن ارتباط محسن بملف الجماعات الدينية السنية وبها يكون قد دخل في شباك التناسل العدائي العقائدي مع الجماعات التي يحاربها إلى الأبد (الحوثية). وبهذا تصبح الهوة والفجوة قد اتسعت مذهبيا بين الجماعتين ويكون محسن مرهونا ومقيدا في المواجهة الدائمة للخصم المذهبي. وإن كان يبدو حاليا أن هناك تقاربا في مطالب إسقاط النظام بين هذه القوى بحكم مرحلية الهدف المشترك فإن ذلك لا يمنع أن تظهر له مترتبات لا يعلم بعواقبها إذا استمر التكتل بهذا الشكل، وهو ما يزيد في تعقيد مشكلة صعدة. مثل هذه المشاكل هي ثمرة لسياسة الصراع على المصالح الضيقة وهي من العقبات التي ستظهر أمام التغيير كمنتج للتخلف. في ختام القول عن نتيجة الصراع ربما يكون الفريقان غير متكافئين عسكريا لكنهما متعادلان في القوة غير المنظورة ولا أحد يستطيع أن يهزم أو يحسم أو يصفي الآخر، فليس أمام الجميع غير الحكمة اليمانية الذائعة الصيت للجوء إليها ولو لمرة واحدة في التاريخ.. إذا أرادوا لهذا المصطلح أو الحديث النبوي أن يتجسد حقيقة في تاريخ اليمن. فعلى المتصارعين أن يتفقوا جميعا على الرحيل أو مغادرة الحكم والسياسة ويتركوا للشعب حاله، هذا ليس رأيي ولكنه رأي شعبي واسع بما فيهم المتعصبون من الطرفين. وهنا يمكن الإضافة بأن يعزل الجميع كبيرهم وصغيرهم غنيهم وفقيرهم من رموز الصراع ومعهم كذلك كل السابقين الاولين والآخرين من الذين تحملوا أبسط مسئولية في النظام بالأصح يعفو من تحمل المسئولية اللاحقة تماما وكذا كل من اتهم بالفساد في جسد الدولة أو النظام السابق، ويتم الاستعانة بالتكنوقراط مؤقتا والمشهود لهم بالنزاهة والكفاءة من أجل تسيير وتشكيل حكومة مؤقتة وما إلى ذلك. يتم ذلك بعهد علني واضح أمام الله والعالم أجمع وبالاتفاق مع من يرونه ضامنا أمينا (أو شخصا أو ....) على تنفيذ العهد والاتفاق ليكون بذلك الله عليكم رقيبا والشعب شهيدا. *القضية الجنوبية في محور الصراع الفوقي: تمت الوحدة بطريقة السياسة المتعالية التي تنظر على أن تقوم الوحدة بالدمج الجغرافي ودمج المصالح المادية بدون دمج اجتماعي يحقق وحدة كلية أساسها المجتمع والإنسان الذي يمثل حجر الزاوية فيها وبغيره لا يمكن الحديث عن وحدة حقيقية كما قامت بدون دراسة لخلق توازن في مصالح المجتمع، وربما هذه السياسة من طرف استجاب لها الطرف الآخر فأوصلته إلى طريق ما تسمى بالسياسة العلوية، التي ترى الأوضاع الاجتماعية انعكاسا لأخلاق الأفراد والتي تدعو المجتمعات إلى
ترك النضال من أجل حقوقها كما ترى الوحدة فريضة من الله والنظر إلى السماء لحل مشاكل الأرض على ما هي عليه. وترى ضرورة استكانة المجتمعات والرضا والقبول بالواقع.. كانت النظرة الأولى (المتعالية) من قبل قيادة الشعب الجنوبي ما قبل الوحدة والتي أغرتها شعارات الأممية وتحقيق الوحدة اليمنية كاستراتيجية اشتراكية. وهي التي استغلتها القيادة السياسية في الجمهورية العربية اليمنية لتصل إلى وحدة اندماجية وطبقتها كسياسة (علوية) لتفرض بالتالي على الشعبين سياستها التركيعية، الرضا والقناعة بالواقع والاستكانة لحكم القدر، فبقيت المصالح المادية بيد القلة ثم توضحت أكثر بعد الحرب التي سميت بحرب الانفصال مع أنها الحرب التي أوجدت الانفصال، أكدها عمليا التسابق على المصالح والصراع عليها من قبل المنتصر على الشعب، والتي بلغت أوجها اليوم وبالحرب ألغيت الشراكة وبقي الجنوبيون خارج هذا الصراع ولكن الجنوب كأرض وثروة بقي ضمن محور أسباب الصراع. اليوم القيادات الجنوبية سواء في الداخل أو الخارج معنيين سياسا وأخلاقيا وإنسانيا وكذلك دينا، أكثر من غيرها بحل القضية الجنوبية باعتبارهم يتحملون مسئولية تمثيلية للشعب الجنوبي. القيادات المحسوبة على الجنوب في الداخل كل واحد ممسك بزمام نفسه في السفينة التي تتقاذفها الأمواج، في بحر لجي متلاطم الأمواج فهم لا يعلمون عن أوضاع الكثير من الجنوبيين الذين يعيشون كسكان الصفيح وكوادرهم الذين انتقلوا إلى العاصمة قابعين كالخوالف ويعانون من تهميش الحقوق وغيرهم كذلك في المحافظات المختلفة، وقيادات الخارج منغمسون في التنظير لحل قضيتهم، يهمسون بها على استحياء، والله لا يستحي من الحق، حتى فرض عليهم هذا الحياء عدم توحد موقفهم تجاه هذه القضية، كونهم لا زالوا متساوقين مع ماهية الشعار الأممي القديم المطبوع في السلوك، ولا زالوا في حضرة التسبيح المتقادم ونمط الثقافة العتيقة التي تأبى معها حناجرهم أن تقول غير شعار: لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتحقيق الوحدة اليمنية، مصدقين ظنهم في ذلك، وجلين من أن يكونوا أقل من هذه الطوباوية لا يستطيعون القول للعالم ولكل إنسان أننا كنا دولة مستقلة وذات سيادة وحدود معترف بها في مواثيق الأمم المتحدة، دولة بكل كياناتها عبر التاريخ القريب والبعيد، فلا يعتقد أحد أن الجنوبيين عنصريون أو منغلقون أو متعصبون ولكنهم أصحاب حقوق لا بد أن تعطى لهم حتى يتمثلوا كامل إنسانيتهم وكرامتهم في الحياة والعيش. لا أحد يخشى أننا أقل قومية بل كانت دولة من أكثر الدول العربية قومية والتي تحولت معظمها إلى دكتاتوريات. من لم يقرأ التاريخ لا يعلم أن اليمن يمنان أو أكثر منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل أنه كان يرسل الرسل والدعاة أو الولاة أو القضاة أو جامعي المكوس والزكاة إلى مناطق بعينها مثل زبيد أو صنعاء أو حضرموت أو نجران أو غيرها من المناطق، ما تيمن من الكعبة سمي يمنا من الأزد ونجران إلى عمران كانت كلها تسمى اليمن، وهذه المنطقة كلها مع غيرها المجاورة كانت دويلات أو كيانات أو مخاليف متداخلة ولم يعرف التقسيم الصحيح للدول إلا بعد الحرب العالمية الثانية والتي كان الجنوب محتلا من قبل بريطانيا قبل ذلك بقرن من الزمن، فليست المسألة في الخلاف على التسمية ولكنه خلاف على طريقة الوحدة المغدور بها، فليس للجنوبيين إلا حل قضيتهم حلا عادلا من أجل حياة كريمة ومستقبل يطمحون إليه، يحقق أهدافهم الإنسانية الحضارية. والله ولي التوفيق

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.