المغترب اليمني.. شقاء في الداخل وبؤس في الخارج كتب/ ثابت الأحمدي كثير من المتابعين والحقوقيين وقادة الرأي العام ومنظمات المجتمع المدني لا يعرفون عشر معشار ما يتعرض له المغترب اليمني في بلد الاغتراب، خاصة في المملكة العربية السعودية من إغماط للحقوق وقسوة في التعامل ربما خرجت في أحايين كثيرة عن التعامل الإنساني!! سأتناول هنا بعضا من هذه التجاوزات في حق المغترب اليمني الذي أصبح في نظر كفيله يعامل كما لو كان عبدا من سمرقند تم شراؤه من سوق النخاسين، ومن هذه المآسي المخزية والمحزنة التي سيدونها التاريخ ولو بعد حين: 1-مأساة الكفلاء: والذين يتعمدون الإضرار بالمغترب اليمني ومصادرة حقوقه المكفولة إنسانيا في جميع الشرائع والقوانين، مستغلين نص القانون السعودي الجاف في مسألة تنظيم العلاقة بين المغترب وكفيله، والذي ينص على منع المغترب من العمل لدى غير كفيله. ويعاقب على ذلك بالإبعاد والترحيل عن البلد، والحاصل أن كثيرا من الكفلاء وقد أصابهم الجشع المادي- لا يوفرون عملا عندهم للمغترب؟ بل يستقدمونه ثم يتركونه في الشارع عاطلا، وقد سحبوا عليهم جوازاتهم ووثائقهم التي تخصهم، ما يجعلهم إثر ذلك عرضة لملاحقة الدوريات التي تقبض عليه في الشارع، ثم تعمل على ترحيله دون الاستماع إليه أو تفهم قضيته، فيجد نفسه بعد أيام من وصوله المملكة عائدا على حدودها أو خلف قضبان سجونها التي لا ترحم، وقد خسر أمواله وباع الغالي والنفيس في بلده مقابل الحصول على (فيزا) عمل بطريقة قانونية!! ومن جهة ثانية يعمد بعض الكفلاء إلى استغلال الوضع الاقتصادي لكثير من المغتربين فيجبره على العمل لديه مقابل أجر زهيد منزوع منه كافة الحقوق الأخرى، ليس هذا فحسب، بل ما يقوم به البعض من أعمال غير إنسانية أو أخلاقية حين يجني على المغترب ببلاغ كاذب إلى الجهات الرسمية بأن عامله (اليمني) قد فر من العمل، بينما هو يعمل ليل نهار بضمير وإخلاص، موفرا أجوره لدى كفيله لشهور وربما لسنوات، وحين يطالبه بحقوقه التي قد تبلغ عشرات الآلاف أو أكثر يماطل الكفيل ويتهرب من التسليم، فإذا ما لجأ إلى جهة الاختصاص للشكوى يفاجأ بأن كفيله قد غدر به دون أن يدري ببلاغ كاذب قبل شهور أو سنوات بفراره، ومن ثم يتم التعمل معه رسميا على هذا الأساس وكم هي الفاجعة لعامل ما أو موظف حين يتفاجأ بأن سنوات عمره في الاغتراب قد ذهبت سدى ودون فائدة، فيضطر لقبول المساومة وتسلم ما وافق مزاج كفيله، هذا إن لم يجد كفيله قد غادر المملكة نهائيا في رحلة خارجية إلى أوروبا أو أمريكا لشهور!! وتخيلوا حجم المأساة، وحجم الكارثة!! 2-نظام الإقامة على الأبناء: ينص القانون السعودي على فصل كل ابن عن أبيه بإقامة خاصة بعد سن الثامنة عشرة ودفع رسوم على ذلك مبلغ وقدره 500 ريال سنويا وحين يكون معدل عدد الأسرة اليمنية الواحدة 8 أشخاص فإنه مطالب بدفع مبلغ وقدره أربعة آلاف ريال سعودي، وهو مبلغ كبير ولا يقوى على تسليمه الكثير، العجيب أن القانون السعودي لا يسمح للابن الذي بلغ هذا السن بالعمل إطلاقا ويعتبر ذلك مخالفة قانونية، ما يجعل أبناء المغتربين وقد بلغوا هذا السن عرضة للتسكع في الشوارع يعانون البطالة، ولم ينظر المقننون بعمق لطبيعة هذه المرحلة من عمر الشاب وأثرها على حياته، وكيفية التعامل معها، ولذا يجنح بعض الشباب نحو الجريمة أو العنف، أو يصابون بحالات نفسية تؤثر على حياتهم، خاصة وقد حرموا من التعليم الجامعي في بلد الاغتراب، وانظر أخي القارئ إلى مساهمة المملكة النفطية في صياغة الشخصية الشبابية العربية، ومشروعه الحضاري في ذلك!! 3-المسجونون ظلما: تمتلئ السجون السعودية بالكثير من المغتربين اليمنيين، بحق وبدون حق، فلطالما استضافت السجون مغتربين لسنوات طويلة على تهم بعضها كيدية وبعضها تافهة ولا تستحق ربع الفترة التي قضاها المغترب في سجنه، فلا الجهات المختصة هناك استمعت إلى شكاويهم بجدية ومسئولية ولا السلطات اليمنية سألت عنهم. 4-المضايقات المعنوية الأخرى: دائما ما يتعامل كثير من المواطنين السعوديين مع أي يمني كإنسان ناقص الإنسانية، ودائما ما يحتقرونه في كثير من تعاملاتهم، فإذا ما لجأ إلى الجهات الرسمية لإنصافه فلن يجد أي تجاوب يذكر مع مطالبه، بل إن الصحف الرسمية السعودية تتعمد الإساءة لليمنيين من خلال تصدر صفحاتها لعناوين مثيرة ومستفزة عن اليمنيين الذين جنحوا أو وقعوا في قضايا غير أخلاقية مع أن أبناء الجالية اليمنية في كل منطقة يستنكرون أي سلوك شائن صدر من أي يمني، ولا يرتضونه، وهم متعاونون مع الجهات الرسمية، لكن ذلك لا يشفع لهم، وقد أصبح مجرد ذكر اليمني عندهم مثارا للسخرية والاحتقار. وهذا يمثل أذى نفسيا كبيرا لكل يمني حر وشريف.. فهل تعمل المملكة على احترام الغير ومساواته بأي مغترب آخر؟!!