كتب/ شرف الويسي بداية أود الإشارة إلى أني كنت قد حكمت على نفسي حضوريا بالابتعاد عن الكتابة الصحفية ألف كيلو متر مربع لأسباب عديدة، لا أحب أن اذكرها للقراء حتى لا أفاجأ ببعضهم يعرض علي التوسط وندخل في متاهة، هل تكون المفاوضات مباشرة ، أو غير مباشرة ، وهل تكون داخل البلاد ، أم في بلد محايد ، لكن الذي حدث وجعلني أعلق قرار المقاطعة للكتابة الصحفية أن أحد الأصدقاء ، التقيت به في الطريق وأنا ارتدي قبعة - من حق النصارى كما سماها - ولامني على ارتدائها بدعوى وحجة أنها لا تليق بي ، وتمادى حتى قال إن ارتداءها يتنافى مع موروثاتنا الشعبية والوطنية وتقاليدنا في الملبس والمظهر والمأكل وخشيت وأنا اسمع منه هذا التأنيب أن يقول إنها تتنافى مع الدين الإسلامي الحنيف، فقلت له إن المسألة بسيطة ولا تؤدي إلى هذا التحسس من هذا الغطاء الذي يوضع على الرأس للوقاية من الشمس، ولأن اللقاء بالصديق كان في الطريق وكل منا في اتجاه معاكس للآخر فقد تخلصت منه بأسلوب مهذب وواصلت سيري وهو واصل سيره، وأثناء السير استعدت ما قاله الصديق عن القبعة الأمر الذي جعلني اجري مقارنة بين الملابس الشعبية الوطنية والملابس الأجنبية وضمنها القبعة التي ارتبطت اسما ورسما بالنصارى الذين ما انفك خطباء مساجدنا منذ أكثر من أربعة عشر قرنا يدعون الله بأن يهلكهم ويشتت شملهم ويجعل نساءهم وذراريهم سبايا للمسلمين وممتلكاتهم غنائهم لهم ، وتساءلت على ضوء هذه المقارنة وقلت أيهما له معان ايجابية ومعان سلبية؟ ودلالات حضارية ؟ القبعة التي يحترم صاحبها أنظمة وقوانين بلاده ، أم القبع الذي لا يحترم صاحبه أي نظام أو قانون في بلاده ؟ وأيهما يفضل ؟ القبعة التي يرفض صاحبها حمل أي نوع من الأسلحة أم القُبع الذي يتباهى صاحبه بحمل كل أنواع السلاح لا ليرهب به عدو الله وإنما ليخيف ويرعب ويقتل إخوانه في الدين والوطن؟ وأيهما يستحسن أن يكون رداءا ؟ القبعة التي لا يغش صاحبها السلعة التي يبيعها ولا ينقص المكيال والميزان ؟ أم القبع الذي يمارس صاحبه الغش ونقص الكيل والوزن ؟ وأيهما أفضل القبعة التي ينتظر مرتديها عند إشارات المرور الضوئية ، ولا يخالف اتجاهات السير في الشوارع ؟ أم القبع الذي يقفز صاحبه من على الأرصفة ويعتدي على رجل المرور إذا اعترضه بالضرب والشتم والتهديد؟وأيهما يجب أن يُحترم القعبة التي اخترع صاحبها الكهرباء والتلفون والفاكس والطائرة والسيارة وكل الاختراعات المفيدة للبشر ذكرا و أنثى ، أم القبع الذي لا يستطيع صاحبه استخدام تلك الأشياء؟.. وأيهما يفضل القبعة التي استخرج صاحبها البترول من أعماق الأرض وصنع من مشتقاته عشرات المنافع ، أم القبع الذي لا يحسن صاحبه استخراج ما في جوفه ؟ وأيهما يجب أن يكون رمزا للتحضر القبعة التي يذهب صاحبها إلى هيئات ومكاتب الدولة في بلاده لدفع ما عليه من ضرائب والتزامات فرضها القانون ، أم القبع الذي يمتنع صاحبه عن دفع قيمة فواتير الكهرباء والمياه والهاتف وضرائب العقارات المؤجرة ، وزكاة أمواله التي هي ركن من أركان الإسلام. وهكذا ظليت اجري مقارنة بين القبعة وأصحابها والقبع وأصحابه حتى وجدت نفسي أمام المنزل، وتمنيت لو أن صديقي الذي لامني على ارتداء القبعة كان في ذات الاتجاه الذي مشيت فيه لأسمعه هذه المقارنة لعله يترك لومي إذا ما رآني مرة أخرى وانا ارتدي قبعة النصارى، ولكن أتمنى من الله أن يقرأ هذه المقالة دون تحسس أو تحامل من منطلق "قد يكون قبعك على صواب يحتمل الخطأ وقبعتي على خطأ تحتمل الصواب" أو في إطار حوار الاقباع والله كافي المهمات وهو حسبنا وحرر بتاريخه سلخ الشهر الهجري وغرة الشهر الميلادي.