خاص يقف اليمن اليوم على أعتاب انهيار اقتصادي خطير بسبب استمرار الاضطرابات السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ مايزيد عن ثلاثة أشهر والتي تسببت في تكبد الاقتصاد اليمني مايقارب ال 6 مليارات دولار حسب آخر التقديرات الاقتصادية بسبب توقف العديد من القطاعات الإنتاجية الهامة التى تشكل عصب الاقتصاد اليمنى كالنفط الذي يغطي 65%من الإيرادات العامة للدولة وتعتمد عليها الموازنة العامة للدولة 70%، كما تمثل 63% من إجمالي صادرات البلاد، و30% من الناتج المحلي الإجمالي.فتوقف إمدادات النفط للاقتصاد اليمنى أدى إلى تفاقم أزمة مالية وأزمة المشتقات النفطية ودفع حكومة تصريف الأعمال إلى السعي للبحث عن البدائل من مصادر خارجية لتغطية العجز المحلي من المشتقات النفطية والغاز، ففي الوقت الذي استقبلت البلاد سبع شحنات من الغاز والنفط لتغطية الطلب في الأسواق المحلية وسعت إلى إبرام اتفاق مع شركة ارامكو السعودية لاستيراد 130الف طن من النفط كشف وزير النفط في حكومة تصريف الأعمال اليمنية أمير العيدروس أن وزارة المالية أصبحت عاجزة عن سداد فاتورة المشتقات النفطية التي تم استيرادها من الخارج الاسبوع الماضي وجاء تصريح وزير النفط عقب زيارة مكوكية قام بها رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال على محمد مجور لعدد من دول الخليج كان المال احد ابرز أجندتها، إلا ان عجز الحكومة عن سداد فاتورة مشتريات النفط مؤخر يدل على ان مساعي مجور باءت بالفشل في إنقاذ الحكومة اليمنية وهو مادفع الرئيس صالح إلى ترأس اجتماع لكافة القيادات الحزبية والإدارية لبحث سبل تأمين وصول إمدادات النفط من مأرب حتى رأس عيسي ومن مأرب حتى العاصمة وعواصم المحافظات ولكن لم تجد نفعا كل المحاولات لإعادة أنبوب النفط إلى حالته الطبيعية مالم فان النظام الحاكم اليوم يؤكد عدم قدرته على مواجهة تداعيات الثورة الشبابية وآثارها على الاقتصاد الوطني، فهناك شبه إجماع في أوساط النظام على فقدان السيطرة على الانهيار التدريجي الذي يواجهه الاقتصاد اليمنى فوزير النفط العيدروس أكد امام مجلس النواب مطلع الأسبوع الجاري ان "توقف تدفق النفط من الأنبوب تسبب في تراجع ثقة الشركات النفطية في اليمن وانسحاب عدد منها إلى جانب توقف مصافي عدن منذ أسبوع عن إنتاج مختلف المشتقات النفطية". معترفا دون حرج بعجز حكومة تصريف الأعمال عن القيام بمهامها الدستورية في توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.وجاء اعتراف وزير النفط بعد أسبوع من تحذيره من "انهيار اقتصادي وشيك" في اليمن نتيجة تخريب أنبوب النفط في وادي عبيدة بمحافظة مأرب منذ منتصف مارس الماضي.كما ان تحذيرات النظام من انهيار الاقتصاد جاء على لسان رئيس الكتلة البرلمانية في الحزب الحاكم سلطان البركاني في ظل عدم وضع الحلول لأزمة المشتقات النفطية التي تشهدها اليمن حاليا. واعترف البركاني بفقدان الدولة هيبتها مشيرا إلى أنها لم تعد قادرة على تأمين نقل الغاز من محافظة مأرب إلى العاصمة صنعاء. وأضاف قائلا: " إذا استمرت الأزمة النفطية على ما هي عليه اليوم فإن الدولة ستنهار قريبا وسنقلب الجميع على الجميع، وفي ذات الاتجاه تراجعت الإيرادات العامة للدولة بنسبة 70% كما تراجعت حركة السياحة الداخلية والخارجية بنسبة 100% حتى الآن حسب آخر التقديرات، يضاف إلى توقف كافة المساعدات الدولية لليمن بسبب الاضطرابات السياسية ، كما ان الاقتصاد اليمنى فقد أهم ركائزه التقليدية من موارد نفطية التى تتراجع سنويا بمعدلات مخيفة نتيجة تراجع إنتاج النفط من 380 ألف برميل في اليوم إلى 280 ألف برميل وفي الوقت الذي كان من المزمع تحسين الإيرادات الغير نفطية في العام الجاري حسب الخطة الخمسية الثالثة والتي هدفت زيادة الإيرادات العامة غير النفطية لتصل إلى مابين 30 - 40% من إجمالي الإيرادات العامة والتي حققت نمواً سنوياً متوسطاً بلغ 15.4% لترتفع من 26.9% من إجمالي الإيرادات العامة عام 2006م إلى 41.7 % عام 2009م ولكن كل التوقعات سقطت منذ ان هتف شباب الثورة بإسقاط النظام وأبى النظام واستكبر في الاستجابة لمطالب الشعب اليمنى لتتفاقم الآثار الاقتصادية المباشرة ومنها فقدان مليون عامل يمني في القطاع العشوائي والخاص أعمالهم وتراجع نسبة الاستثمارات من جانب وتدمير بيئة الأعمال وتضرر كافة الشرائح الاجتماعية اقتصاديا نتيجة تصاعد الاضطرابات وطول أمد ثورة الشباب ، فيمن مابعد الثورة سيكون اسوأ اقتصاديا من يمن ماقبل الثورة وتداعيات الثورة ستظل لسنوات حتى يتم إعادة بنائه مرة أخرى عدة سنوات، فعلى الجميع العلم ان الجبال لن تتحول ذهبا وان البحار لن تتحول نفطا في يوم وليلة بل ان فاتورة التغيير اقتصاديا سيدفعها الجميع لسنوات ربما قد تطول وربما قد تكون قصيرة وسيحدد ذلك مدى جدوى الإدارة الاقتصادية ليمن مابعد الثورة.