بانعقاد المؤتمر الوطني الجنوبي بقيادة المناضل محمد علي أحمد، وما أسفر عنه من نتائج يمكن القول: إن أزمة الجنوب ستظل مستمرة طالما تعددت المؤتمرات المتشابهة وزادت خلافات القيادات المتفرقة أو المفترقة، لذلك هل عرفنا الخلل؟.. للإجابة على ذلك نقول: - المتابع لنتائج المؤتمرات الجنوبية التي انعقدت خلال عام واحد من نهاية 2011م حتى نهاية 2012م، بدءاً بمؤتمر القاهرة الجنوبي بقيادة الأخوين علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس ثم التكتل الجنوبي الديمقراطي بقيادة الأخ/ عبدالرحمن الجفري وأمين صالح وعلي السعدي، ثم مؤتمر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي بقيادة المناضل حسن باعوم، وأخيرا المؤتمر الوطني الجنوبي بقيادة محمد علي أحمد، سيجد أن الهدف الأساسي لهذه المؤتمرات هي الدعوة إلى وحدة الصف الجنوبي ودعم تطلعات أبناء الجنوب في الوصول إلى الحل المنشود للقضية الجنوبية، استناداً إلى خيارات شعب الجنوب، والمتمثل في (فك الارتباط والاستقلال واستعادة الدولة وتقرير المصير والفيدرالية المزمنة بين الجنوب والشمال) وهي الرؤى السياسية التي نوقشت في المؤتمرات الأربعة، وحمل كل مؤتمر منها رؤيته المناسبة فمؤتمر القاهرة اختار الفيدرالية المزمنة وتقرير المصير، ومؤتمر التكتل الوطني الجنوبي اختار الجمع بين الاستقلال والفيدرالية المزمنة، ومؤتمر الحراك السلمي اختار الاستقلال والتحرير واستعادة الدولة أو فك الارتباط، والمؤتمر الوطني لشعب الجنوب اختار الحرية وتقرير المصير واستعادة الدولة الجنوبية.. ورغم التقارب الواضح في مضمون المؤتمرات الأربعة إلا أن الخلاف يزداد بعد كل مؤتمر، والأخطر أن تتحول التباينات السياسية إلى تبادل للتهم بين قيادات الجنوب، وجنوح بعض الأطراف إلى ممارسة نفس أخطاء القوى الجنوبية، التي قادت ثورة 14 أكتوبر 63م والاستقلال عام 1967م، من خلال ادعاء الوصاية على الجنوب وتخويف كل من يخالف رأيه السياسي رأي الطرف القائد واتهامه بالعمالة. - قد يقول قائل من إخواننا الأعزاء (قيادات الجنوب والحراك السلمي) بأن هناك فوارق كبيرة بين خطاب المؤتمرات الأربعة، وهذه الفوارق تبدو للقارئ الأمين، البعيد عن التعصب لأي طرف، ليست كبيرة بل متقاربة، غير أن المرء عندما يقرأها بأحكام مسبقة سيجد أنها كبيرة، ولذلك فكم نتمنى من إخواننا الأعزاء قيادات الجنوب والحراك بأن يعيدوا قراءة مخرجات المؤتمرات الأربعة بصورة محايدة وعقول منفتحة على الآخر وقبول التنوع ونظرة واقعية للأوضاع الحالية والمواقف الدولية من القضية الجنوبية، مستفيدين من أخطاء الماضي وأخطاء الحماس الثوري الذي صاحب ثورة 14 أكتوبر، والذي أدى إلى إقصاء العديد من القوى الجنوبية والتناحر والصراع المؤسف والقرارات الخاطئة، التي دفع أبناء الجنوب ثمنها حتى اليوم وحينما نقرأ هذه المخرجات بعقول خالية من أحقاد الماضي ومُحبة للجميع، ومجسّدة لمبدأ التسامح والتصالح على أرض الواقع سنجد السعادة التي نبحث عنها والحلول المفقودة لأزمة الجنوب، المتمثلة بأزمة القيادة والثقة وسيجد كل منا أنه قريب من إخوانه، ويحمل لهم كل الود والحب مهما كان التباين السياسي، وسيجد أن كل الآراء هي اجتهادات وليست آيات قرآنية لا تقبل التعديل وحينها سيصل الجميع إلى القواسم المشتركة المطلوبة. - إن المؤتمرات الجنوبية الأربعة على الرغم من انعقادها وسط خلاف ومعارضة من قوى جنوبية أخرى إلا أنها قد أكدت الحاجة إلى وجود هذا التنوع السياسي الذي سيخدم القضية الجنوبية، إذ يفتح الباب بكل شجاعة أمام جميع القوى الجنوبية لقول رأيها ويكسر قاعدة الماضي القائمة على الحزب الواحد والرأي الواحد والعقل الواحد والشعار الواحد، وهي القاعدة التي أثبت الواقع فشلها وكانت سببا في ضياع الجنوب ودولته كما أن هذا التنوع وإن كانت المخرجات متقاربة يؤكد الحاجة الماسة لجلوس هذه القوى الأساسية في الساحة الجنوبية مع بعضها للاتفاق على مجلس تنسيق مشترك يتولى إخراج الجنوب من نفق أزمة القيادة وتعدد القيادات الجنوبية، فلدينا كم هائل من القيادات الجنوبية ربما يفوق عدد القيادات في الشمال الأكثر سكانا من الجنوب، وهذا المجلس يمكن البدء بإعلانه من المؤتمرات الأربعة على أن يتم إشراك ممثلين عن الكيانات التي لم تشارك في المؤتمرات الأربعة، وهي قليلة يمكن لها أن تعيد تشكيل نفسها بمؤتمرات أو باختيار من يمثلها مباشرة في مجلس التنسيق الجنوبي الأعلى فهل نجد من يسارع إلى الجلوس مع إخوانه على قاعدة التنسيق المشترك بدلا من الاندماج الكامل، وبحيث يكون المرجعية شعب الجنوب بعد الله سبحانه وتعالى لقبول أي حل سياسي للقضية الجنوبية أو رفضه، وبذلك يخرج الجميع من نفق الخلاف المستمر وانعدام القيادة الموحدة، فالشرعية الحقيقية لأية قيادة ينبغي أن تقوم على التوافق الجنوبي ودورية القيادة كما هو حال قيادة اللقاء المشترك في صنعاء بدلا من التمسك بشرعية دائمة محل خلاف وقيادات متعددة، كل منها يدعي الشرعية فيؤدي ذلك إلى إضعاف القضية الجنوبية وتغدر السلطة بصنعاء والمجمع الدولي بعدم وجود قيادة جنوبية واحدة يمكن الحوار معها لحل القضية الجنوبية فهل من يسمع لهذه النصيحة؟ برقيات.. 1- نأمل من قوى الحراك السلمي أن يجعلوا ذكرى 13 يناير المقبل 2013م مناسبة لتجسيد التصالح والتسامح في الواقع من خلال إيقاف المهاترات والاتهامات وحسن الظن بالآخرين وتشكيل هيئة أو مجلس تنسيق جنوبي أعلى لكل القوى المذكورة سلفا، وممن لم يشاركوا ضمن هذه القوى دون استثناء أحد، إن أردنا أن يخرج الجنوب من أزمة القيادة ويساعد نفسه على حل قضيته الجنوبية بحيث يترك للقيادة الموحدة اتخاذ القرار المناسب بشأن الموقف من الحوار الذي ترعاه دولة الخليج ومجلس الأمن الدولي. 2- البعض يسأل عن موقفنا الشخصي من الحوار فنحن نرى لا مشاركة إلا بتنفيذ الخطوات التمهيدية للحوار ووجود التكافؤ بين الشمال والجنوب والرعاية الدولية ونترك للقيادة الجنوبية الموحدة اتخاذ ما تراه مناسبا بعد الاتفاق على تشكيلها كما أشرنا سلفا. 3- لظروف سفري لعلاج العائلة سنتوقف عن الكتابة شاكرا تعاون الشيخ الفاضل عبدالحكيم السعدي والشيخ العزيز فضل محمد بن عطاف للحصول على تأشيرة السفر للمملكة العربية السعودية للعلاج، والشكر موصول لابن العم الشيخ علي محمد أبو أيمن وابن الخال أبو بقشان.