لا يُعد البرلمان اليمني في منأى عن الصراع الحاصل في مؤتمر الحوار الوطني، بل يأخذ جزءًا من التوتر الملحوظ منذ بداية شهر مايو الماضي حين دخلت الكتلة البرلمانية للّقاء المشترك مع كتلة المؤتمر في خلاف حول وضع قرار يجيز إعادة الانتخابات في أقسام ورئاسة كليات الجامعات اليمنية. الأحد الماضي فجّر وزير الشؤون القانونية محمد المخلافي خلافًا حادًّا مع حزب المؤتمر حين طعن في مشروعية جلسات البرلمان برآسة يحيى الراعي في ظل مقاطعة الكتلة البرلمانية للقاء المشترك، واعتبر المخلافي - وهو قيادي في الحزب الاشتراكي - أن كتلة المؤتمر الشعبي العام البرلمانية "جماعة متمردة" على شرعية الفترة الانتقالية، ولا شرعية لما يصدر عنها، وجاء هذا التصريح ردًّا على تصويت منفرد من الكتلة مع أعضاء مستقلين على إحالة المخلافي إلى التحقيق بعد أن أبلغ المخلافي الرئيس عبدربه منصور هادي بعدم شرعية اجتماعات كتلة المؤتمر في البرلمان. واعتبر المخلافي أن ما قدمته الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر تعدٍّ على السلطة التشريعية والحكومة، والغاية من ذلك - في النهاية - هو تعطيل العملية السياسية والدولة؛ لأنها جماعة من الماضي، حسب قوله.. وأضاف: أن مواصلة الكتلة البرلمانية عقْد جلساته هو "اغتصاب لمقر مجلس النواب"، وأوضح أن كتلة المؤتمر اتخذت رد الفعل هذا بعد أن أبلغ رئيس الجمهورية عبر مكتبه ورئيس الوزراء أن انعقاد جلسات البرلمان بكتلة المؤتمر مع مقاطعة كتل المشترك يعد خرقًا للمبادرة التنفيذية وآليتها التنفيذية، ولا شرعية لما يصدر عنها. مجلس النواب برئاسة يحيى الراعي صعّد من جانبه بالرد على وزير الشؤون القانونية، وأصدر - يوم الاثنين -، بعد يوم من طعن المخلافي لجلسات البرلمان، أصدر مذكرة اتهام رسمية للوزير المخلافي بارتكابه مخالفات دستورية - حسب ما ذكرته المذكرة - وقال يحيى الراعي: إنه في حال تخلّف الوزير عن الدفاع عن نفسه أمام البرلمان فإن البرلمان سيُشكّل لجنة ادعاء لمحاكمة الوزير. وتضمنت المذكرة المرفقة برسالة لرئيس الوزراء اتهامًا للمخلافي بخرق الدستور، وعدم احترام القوانين والسلطة التشريعية، والفصل بين السلطات، وتضليل الرأي العام. ووفقًا للمادة الدستورية (139)، والمادة (146) من لائحة البرلمان، فإن للنواب حق إحالة رئيس الحكومة، أو أيّ من الوزراء إلى التحقيق والمحاكمة بناءً على مقترح خُمس أعضاء البرلمان - (61) على الأقل - وموافقة الثلثين، وأثناء الإجراءات يوقف الوزير المعني عن العمل، ويحق له الدفاع عن نفسه أمام البرلمان خلال أسبوع. وقد رد المخلافي مباشرة على المذكرة بأن تصويت كتلة المؤتمر على إحالته إلى التحقيق لا يعنيه مع بقية القرارات التي تتخذها الكتلة منفردة لأنها صادرة عن جماعة خارج شرعية التوافق. وأما الكتلة البرلمانية للقاء المشترك فقد دعت - في بيان صادر عنها مطلع الأسبوع الجاري - رئيس الجمهورية إلى إصلاح الاختلالات القائمة في أداء مجلس النواب، واختيار رئيس توافقي جديد للمجلس من كتلة المستقلين، وقالت - في بيان مطوّل، عرضت فيه أسباب تعليق مشاركتها في جلسات البرلمان: "إن الكتل البرلمانية لأحزاب اللقاء المشترك، وهي تتعامل بمسؤولية مع أوضاع مجلس النواب كأعلى سلطة تشريعية ورقابية في البلاد، فإنها باتت اليوم أكثر إصرارًا من أي وقت مضى على ضرورة تصحيح الأوضاع غير القانونية والمختلة في المجلس، وفي المقدمة منها استعادة المشروعية المفقودة لرئاسة المجلس وهيئاته القيادية، وآليات عمله وإدماجه في منظومة التوافق الوطني، وتفعيل دوره الرقابي في مكافحة الفساد". وأضاف البيان: أن البرلمان صار "خارج المشروعية الدستورية والقانونية والتوافقية"، وقال البيان: "ظل البرلمان، ولا يزال، في حكم المختطَف، يُدار كملكية حزبية خاصة، خارج إطار الدستور والقانون من ناحية، وبعيدًا عن مشروعية التوافق الوطني التي جسّدتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من ناحية أخرى، وبنفس العقلية الإقصائية المستندة على وهم الغلبة منذ ما قبل الثورة السلمية". واحتجت كتل اللقاء المشترك في التقرير في عدم مشروعية البرلمان بوضعه الراهن إلى تعطيل مبدأ الانتخابات مع رفض العمل بمبدأ التوافق الوطني داخل المجلس، وأن الاستمرار في إدارة مجلس النواب حسب البيان "منذ فبراير 2012 وحتى اليوم برئيس غير شرعي - أي يحيى الراعي - بعد أن انتهت المدة المحددة له قانونًا بسنتين انتهت في فبراير 2012، وفقًا لنص المادة 17 من اللائحة الداخلية للمجلس"، وكذا استمرار إدارة المجلس بهيئة رئاسة فاقدة للشرعية منذ فبراير 2012، بعد انتهاء مدتها القانونية المحددة بسنتين وفق نص المادة ذاتها. ونقل بيان المشترك في إضافة إلى أن "استمرار خلو مقعد نائب رئيس المجلس أكرم عطية لمدة تقارب السنتين منذ تعيينه محافظًا لمحافظة الحديدة وحتى اليوم، خلافًا لنص المادة 18 من اللائحة الداخلية للمجلس، التي تقضي بانتخاب من يحل محله خلال أسبوع من تاريخ الخلو، وخلال الأسبوع الأول من اجتماع المجلس إذا حدث الخلو أثناء عطلة المجلس وتفرد رئيس المجلس في احتكار الصلاحيات والمهام المخولة لهيئة الرئاسة دون بقية قوام الهيئة المعطلة". وفي حين ترفض كتلة المؤتمر أي تغيير في رئيس البرلمان بحكم أنه لا يتغير مثله مثل رئيس الحكومة، كما هو المتفق عليه، إلا أن المشترك يحتج بأن مدة رئيس البرلمان المحددة قد انتهت مطلع 2012م، واقترح المشترك في البيان ما وصفها بالحلول لإصلاح البرلمان، في مقدمتها: اختيار رئيس توافقي له من كتلة المستقلين وهيئة رئاسة توافقية متنوعة، كما اقترحت أن تتوافق هيئة رئاسة البرلمان المنتخبة على تسمية أمين عام وأمين عام مساعد، وكذا توافقها على إعادة تشكيل لجان البرلمان الدائمة وفق لائحته الداخلية ومعالجة القضايا العالقة من مشاريع قوانين وقرارات وإجراءات لم تكتمل مشروعيتها القانونية أو التوافقية، وفقًا للائحة الداخلية للمجلس، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، بما في ذلك مشروع قانون المصالحة والعدالة الانتقالية، ومشروع التعديلات على قانون الجامعات اليمنية. وكانت الجلسة التي عُقِدت بحضور أكثر من 80 عضوًا، وفقًا للعد اليدوي لمندوب مرصد البرلمان، قد اعتبرت أن مقاطعة كتلة الإصلاح للجلسات "غير مبررة"، ولا تؤثر على شرعية جلسات المجلس وقراراته في ظل وجود ممثلي مختلف الكتل البرلمانية واكتمال النصاب القانوني.