تطوى الجلسة العامة لمؤتمر الحوار بما قدمه في التقرير النهائي الأسبوع الماضي، وكلما تقلصت الفترة المحددة للحوار الذي لم يبق منها سوى أقل من النصف؛ زادت حالة الترقب لدى الرأي العام بما ستقدمه أطراف القوى السياسية المختلفة من حلول هي آخر الوسائل الموجودة لحل أزمة اليمن. وترافق حالة ترقب مخرجات الحوار موجة من التشكيك لمخرجات أهم الفرق المتمثلة في فريق القضية الجنوبية، وفريق قضية صعدة، وفريق بناء الدولة، كونها هي من تمثل أزمة اليمن الفعلية، وأن هذه الفرق سيتم البت فيها من خارج المؤتمر، بل من خارج اليمن حسب ما نقلته بعض الوسائل الإعلامية من تدارس لقعد مؤتمر في مملكة المغرب لأطراف أوروبية تقضي بخروج حل للجنوب وصعدة وشكل الدولة القادمة. غير أن الرئيس هادي صعد يوم الاثنين الماضي على منصته في دار الرئاسة أمام أعضاء الحوار ليقول: "يجب عليكم إيجاد حل لقضيتي الجنوب وصعدة، فهما القضيتان الرئيستان اللتان لا يزال المتحاورون من مختلف القوى السياسية يبحثون لها عن حلول بعد مرور نصف فترة المؤتمر، وجدد تأكيده على استمرار مؤتمر الحوار، وقال: إن الأعمال لن تفشل مهما كانت السبل". وقال هادي لأعضاء الحوار في مأدبة العشاء: "وضعنا الاقتصادي والأمني والسياسي - أيضًا - صعب ومعقد، ونود أن نؤكد للجميع أننا بحاجة إلى الجهود الخيرة والصادقة وليس إلى الأعمال التخريبية في قطع الكهرباء وأنابيب النفط والطرقات، وأينما كانت الأعمال التخريبية".. ووجه هادي هجوما على من قال إنهم يريدون بالأعمال التخريبية أنهم مهما ارتكبوا من حماقات - حسب وصفه - وفجور في حق الشعب، لن يعيق مؤتمر الحوار. ويُصر هادي على أن مخرجات الحوار ستكون مما سيقدمه الأعضاء من حلول لاسيما قضيتي الجنوب وصعدة وبما يقدمه من إجراء للمعالجات النهائية، وبما يؤمّن حل القضية الجنوبية وقضية صعدة والوصول إلى وثيقة واحدة تندرج في أساسيات دستور اليمن الجديد، وقال: "الجميع ينظر ويتطلع إلى ماذا تعملون فأنتم أهل للمسؤولية بجدارة والعالم ينظر إليكم على هذا الأساس". كلمة هادي التي يبدو منها واثقا بما سيقدمه مؤتمر الحوار ومعه تأييد من مجلس الأمن وأغلب الدول الغربية تأتي بعد لقاء علي سالم البيض الريس الأسبق للجنوب بأمين عام جامعة الدول العربية نبيل الغربي في القاهرة، حيث أكد له الأخير التزام الجامعة بوحدة واستقرار اليمن. وفي البيان الصادر عن جامعة الدول العربية جاء فيه أن البيض هو من طلب اللقاء بالعربي، حيث بحث الاثنان تطورات الأوضاع على الساحة اليمنية، واستعرض مستجدات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وقد استمع العربي إلى وجهة نظر البيض بخصوص رفضه وبعض الفصائل في الحراك الجنوبي مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني، وأكد نبيل العربي التزام الجامعة العربية بوحدة واستقلال واستقرار اليمن، بموجب قرارات مجلس الجامعة العربية ذات الصلة. اللقاء يبدو أنه لم يصب في صالح سالم البيض، غير أنه بهذا الطلب من الجامعة العربية لشرح القضية الجنوبية من منظور استقلالي يبحث عن غطاء عربي إقليمي لمشروعه الذي يقضي بانفصال الجنوب عن الشمال. وهو ما يؤكده البيان الصادر عن مكتب البيض، والذي يشرح عن لقاء العربي بالبيض وأنه تم توصيل الفشل الذي توصلت إليها وحدة 90م حيث جاء في البيان: "فشل مشروع الوحدة اليمنية بعد حرب صيف 1994 التي انتصرت فيها قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على قوات الحزب الاشتراكي اليمني التي قادها البيض". وذكر البيان أن البيض قدم ملفاً يتضمن وثائق من بينها وثيقة استقلال الجنوب في جنيف، وملف مستقل عن الانتهاكات ضد الجنوبيين، إضافة إلى ملف يتضمن صورا مرئية لمظاهرات الحراك الجنوبي التي نظمها خلال الفترة الماضية، ودعا البيض الجامعة العربية إلى إرسال بعثة تقصي حقائق إلى جنوب اليمن "والاستماع الى ما يطالب به شعب الجنوب"، ونسب بيان مكتب البيض إلى نبيل العربي تعبيره عن تفهمه لما يجري في جنوب اليمن من معاناة، وأكد "ضرورة ايجاد حل لهذا الوضع". الشروع في الحل لم يبق من أغلب الفرق المشكلة في مؤتمر الحوار سوى الحلول بعد أن قدمت تقارير اتفق على توصيات للأوراق المقدمة في الجلسة الأولى من الحوار، لكن تبقى الفرق الثلاث، وهي: فريق القضية الجنوبية، وصعدة، وبناء الدولة، هي التي ما زالت تراوح مكانها فيما يتعلق بالخطوة الأخيرة في تقديم الحلول، إذ ما زال فريق قضية صعدة يناقش في المحتوى، وفي حين ما زالت هناك ترقب لما ستقدمه بناء الدولة حول شكل الدولة وهو المحور الذي ما زال أعضاء الفريق يتدارسونه، إلا أنه - حسب تصريح لنائب رئيس المؤتمر - ياسر الرعيني أن فريق بناء الدول لن يقدم أي تصور لشكل الدولة إلا بعد أن يخرج فريق القضية الجنوبية بحل للجنوب. وفي الاجتماع الذي عقده فريق القضية الجنوبية - يوم الاثنين - برئاسة رئيس الفريق محمد علي احمد أقر وضع المكونات لرؤاها حول الحلول والضمانات للقضية الجنوبية، والتي أعدت استنادا للرؤية التوافقية للفريق حول الجذور والمحتوى. واشتملت الأسس التي سيكون على المكونات الاسترشاد بها في إعداد رؤاها للحلول على الرؤية التوافقية والمصداقية والشفافية، وأن القضية الجنوبية قضية سياسية بامتياز وعلى أن الوحدة تمت بين دولتين وأن الجنوب تعرض لانتهاكات ممنهجة على كافة الأصعدة، وأن هناك روابط تاريخية واجتماعية وثقافية وإنسانية بين الشمال والجنوب لا يمكن القفز عليها. وأما فريق صعدة فقد أقر في اجتماعه خطة للنزول الميداني لخمس محافظات.. إضافة إلى آلية عرض الجذور والمحتوى والحلول والضمانات، وشملت الخطة تشكيل خمس مجموعات من أعضاء الفريق من كافة المكونات للنزول لخمس محافظات هي: (صعدة، عمران، الجوف، حجة، صنعاء). وفيما يتعلق بفريق بناء اسس الجيش والأمن فقد ناقش في اجتماعاته لهذا الأسبوع برئاسة اللواء يحيى الشامي لمناقشة عدد من المواضيع المدرجة في جدول أعماله، وناقش الخطوات العملية لتنفيذ خطط عمل مجموعات العمل وآلية التنسيق مع الأمانة العامة والجهات المستهدفة خلال النزول الميداني للمجموعات، وأكد الاجتماع ضرورة الاستفادة من تجربة المرحلة السابقة وتلافي السلبيات التي رافقت عمل مجموعات العمل خلال النزول الميداني وإعداد التقارير. وأقر الفريق ضرورة استيعاب كل من كان في الجيش الجنوبي والشرطة ولديهم ما يثبت ذلك في وحداتهم السابقة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة خاصة للمبعدين من أبناء المحافظات الشمالية كأمثالهم في الجنوب، ويكون مقرها صنعاء للتأكد من أوضاعهم وإعادتهم إلى وحداتهم. وأما فريق الحقوق والحريات، والذي كان قد دخل في خلاف حول بعض النقاط هي ذاتها التي كانت زيارة المبعوث الأممي جمال بنعمر لمدينة صعدة، فقد استكمل إعداد خططها التفصيلية المزمنة للفترة المتبقية من المرحلة الثانية. وقال مقرر الفريق ماجد فضائل: إن الفترة الحالية ستشهد مناقشة القضايا والموضوعات، وكذا المواد والمبادئ الدستورية التي لم يتفق حولها، والتي تم ترحيلها من الجلسات السابقة، وذلك بعد أن تم تضمينها خطة المرحلة الحالية، وأوضح فضائل أن قضايا زواج الصغيرات والحقوق السياسية وحقوق الملكية الفكرية وتنمية الموارد ستناقش وتقر خلال هذه الفترة بعد أن أجلت في الفترة الماضية، وأشار مقرر فريق الحقوق والحريات أن الفريق أقر آلية محددة، وهي أن يكون يوم الخميس من كل أسبوع يوما خاصا باتخاذ القرارات التي خرجت بها المجموعات، حيث ستقر بشكل نهائي من كامل الفريق وترحل إلى الجلسة النهائية للمؤتمر. وقال فضائل: إن الفريق يواجه إشكالية ضيق الوقت الذي لم يتبق منه عمليا سوى 14 يومًا في حين الموضوعات قيد النقاش، وكذا خطة النزول إلى المحافظات الجنوبية تحتاج إلى وقت أطول من ذلك، وهذا وضع الفريق والأعضاء في حالة ضغط، مشيرا إلى أن الفريق رفع رسالة بهذا الخصوص إلى رئاسة المؤتمر وأمانته العامة متمنيا التجاوب مع ذلك. القضية الجنوبية تحركات للحسم تحركات بنعمر الأخيرة قبل أن يغادر اليمن - لتقديم تقريره لمجلس الأمن - اشتملت على أطراف الصراع الفعليين والتي تتمثل الأزمة اليمنية وهم بعض قيادات في الحراك وزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وهو ما يبدي وقت الحسم لحل القضيتين لاسيما الجنوب، وتكشفت معلومات عن تضمين بعض القيادات في القضيتين في الحكومة وإعطائهم مناصب في الحكم مقابل القبول بالقرارات التي سيخرج بها مؤتمر الحوار، لكن معلومات أخرى من بعض الأعضاء في مؤتمر الحوار يكشفون عن توجه يقوده رئيس الجمهورية داخل مؤتمر الحوار الوطني هدفه ترسيخ القبول لدى عدد من المشاركين في مؤتمر الحوار بأن يكون شكل نظام الدولة القادم فيدرالياً من إقليمين، حتى يتم الضغط بعد ذلك على بقية مكونات الحوار الرافضة لمسألة الفيدرالية من إقليمين للقبول بشكل الدولة من خمسة إلى ستة أقاليم على أساس فيدرالي، وهو ما يمكن احتماله من الاقتراب لانفصال الجنوب عن الشمال. فيما أعلن القيادي الجنوبي - عضو مؤتمر الحوار - لطفي شطارة أن فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار سيعلق عمله في الحوار ما لم تنفذ الحكومة توجيهات الرئيس عبدربه منصور هادي بتنفيذ النقاط العشرين التي تتضمن الاعتذار للجنوب عن حرب صيف العام 1994 والنقاط ال11 الصادرة عن فريق القضية الجنوبية. وقد أصدر هادي توجيهات - خلال الأسبوع الماضي - للإقرار بالنقاط التي قدمها الفريق، وقال شطارة: إن فريق القضية الجنوبية اتفق على أن تلتقي مجموعة منه - الأربعاء المقبل - باللجنة الوزارية المشكلة وفق توجيهات الرئيس هادي لتنفيذ النقاط العشرين وال11 نقطة، لمناقشة هذه النقاط وما يمكن تنفيذه منها، وعلى ضوء اللقاء فإن فريق القضية الجنوبية سيقرر إما أن يواصل عمله في مؤتمر الحوار الوطني، أو يعلقه إذا وجد عدم تجاوب من الحكومة، أو أن هناك صعوبات لتنفيذ كثير من النقاط المذكورة، وشدد شطارة على ضرورة أن يتضمن الاعتذار للجنوبيين عن حرب صيف العام 1994 إعطاء الجنوبيين حقهم في تقرير مصيرهم واستعادة جميع الممتلكات والمنهوبات والعقارات التي نهبها كثير من المتنفذين بعد حرب صيف 1994. وبشأن الرؤى التي سيستعرضها فريق القضية الجنوبية خلال الأيام المقبلة لإيجاد حلول للقضية الجنوبية، قال شطارة: "كل مكون سياسي سيأتي برؤية ونحن الجنوبيين لدينا ثلاث رؤى لحل القضية الجنوبية أحلاها مر، وهو تقرير المصير". لكن وبعيدا عن الحلول تواجه القضية الجنوبية بشكل عام استقطابات إقليمية هي التي تعجل مما سيقدمه مؤتمر الحوار هو الأقرب، وقد يعطي الرأي العام الجنوبي أكبر قدر ممكن من مطالبهم السياسية والحقوقية، وهو ما يعتبره رئيس حركة النهضة الجنوبية أن الاستقطابات الإقليمية والدولية للقضية الجنوبية ستجعل من الجنوب ساحة لصراعات داخلية. وقسم السلامي هذه الاستقطابات بشكل عام في المنطقة العربية والإقليمية إلى أربعة محاور متصارعة، وهي "المحور الإيراني، والذي له امتدادات في المنطقة، ويستخدم الورقة الطائفية لغرض تمدده في المنطقة، والمحور المتعلق بالأنظمة العربية التقليدية المناهض لثورات الربيع العربي، ومحور الثورات العربية الرافض للحكم الاستبدادي"، وتطرق إلى أن ما يجري حالياً في الساحة الجنوبية يعد مؤشراً خطيراً على الثورة الشعبية الجنوبية، وذلك من خلال قيام بعض قيادات الحراك في الخارج والداخل بالسعي إلى جعل من القضية الجنوبية ساحة للاستقطاب الإقليمي والدولي. تعتيم إعلامي في الحوار تفرض رئاسة الحوار الوطني تعتيما على وسائل الإعلام، وعدم السماح للصحفيين تغطية الجلسات الخاصة في الفرق التسع، ومنذ أن بدأ أعمال المؤتمر اقتصرت رئاسة الحوار على ادخال بعض الوسائل الإعلامية، وهي قناة اليمن ووكالة سبأ كوسائل إعلامية رسمية تجاهلت السماح للصحفيين عن الوسائل الأهلية الخاصة، غير أن وكالة "سبأ" علقت مشاركتها في تغطية جلسات الحوار بعد رفض الأمانة العامة للمؤتمر دخول مندوبي الوكالة الجلسات التخصصية لفرق العمل التسع. وتتذرع الأمانة العامة للمؤتمر بوجود إعلاميين يمثلون الأمانة العامة في كل محور، وأن الأخبار أغلبها متواجدة على الموقع الخاص بالمؤتمر، ويرجع هذا التحفظ نتيجة - حسب ما نقله مندوب "الوسط" أمجد خشافة عن الأمين العام عوض بن مبارك - لوجود الخلاف المحتدم في أغلب الأوقات بين المكونات لاسيما فريق القضية الجنوبية وفريق صعدة، وهو ما لا يمكن نقله للرأي العام حتى يظهر المؤتمر بالناجح والوفاق بين المتحاورين. إلى ذلك أعلنت رئاسة مؤتمر الحوار الوطني أن أعمال المؤتمر ستنتهي في ال18 من سبتمبر القادم، كما تم تحديده مسبقاً، وقال نائبا رئيس مؤتمر الحوار عبدالكريم الإرياني وسلطان العتواني خلال لقائهما فريق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والقضايا ذات البعد الوطني - الاثنين الماضي - إن المؤتمر سينتهي في الفترة المحددة له (خلال ستة أشهر) في ال18 من سبتمبر القادم، والمدة الزمنية المخصصة لمؤتمر الحوار الوطني هي ستة أشهر، حيث انطلق في 18 مارس من هذا العام.