أن تنتقد وتمسح بالأرض كل من ذهب يحاور حكام صنعاء بالموفنبيك فهذه قمة الوطنية وذروة الجنوبية، لكن أن تتعرض ولو بكلمة واحدة لأي جنوبي هو مشارك أصلا بسلطة تذبح الناس حتى بمجالس العزاء كمذبحة الضالع المروعة، وشريك بحكومة وفاق مؤتمرية مشتركية فهذا مالا يمكن أن نسمح لك به أبدا، وإن تخطيت ذلك يا ويلك يا سواد ليلك. وإن تستحسن موقف حزب جنوبي المنشأ هو خارج سلطة حكم القوى الصنعانية كحزب الرابطة أو تشيد بموقف سياسي لرئيس حزب مثل السيد عبدالرحمن الجفري فهذا هو التنكر والخيانة بعينها لثورة 14 أكتوبر وتضحيات الشعب الجنوب وحراكه السلمي. لكن أن تصفق حتي تدمي الكفوف لحزب جنوبي المنشأ كالحزب الاشتراكي وهو شريك بحكومة الوفاق اليمنية التي يقتل جيشها الجنوبيين بالطرقات والشوارع ويبطش أمنها بالمارين وبمجالس العزاء كمذبحة الضالع وبالنقاط والشوارع كما يفعل بحضرموت وشبوة وأبين والحوطة وعدن فلابأس بك إن عملت ذلك. هكذا هو منطق البعض للأسف تجاه المواقف الجنوبية من الحكم بصنعاء.! فلا زلنا نتذكر حين عاد السيد عبدالرحمن الجفري غداة انتخابات عام 2006 م وآزر حينها علي عبدالله صلح بتلك الانتخابات كيف فتحنا عليه النار من كل الجهات، وهو يستحق ذلك حينها- على الأقل من وجهة نظري المتواضعة -، في ذات الوقت الذي كنا نشيد بموقف الدكتور ياسين سعيد نعمان وحزبه، الحزب الاشتراكي، بوجه نظام علي عبدالله صالح - مع تحفظنا على تحالفه - أي الاشتراكي - مع حزب الإصلاح المهندس الرئيس للحرب والتكفير ضد الجنوب، وكان حينها الدكتور وحزبه يستحقان تلك الإشادة والمساندة، وإن كان ذلك على مضض بسبب تحالفه المريب مع قوى تناصب الجنوب العداوة والخصومة كحزب الإصلاح المتشدد.! اليوم ومع تبدل المواقف السياسية لحزبي الرابطة والاشتراكي تجاه الجنوب يمكن معه أن تتبدل الإشادات والانتقادات حيالهما بحسب قربهما أو بعدهما من الجنوب وقضيته سلبا كان ذلك أو إيجابا. فالموقف الغريب الذي سلكه الحزب الاشتراكي تجاه الجنوب وخصوصا انخراطه بسلطة وحكومة القوى اليمنية بعد عام 2011 م يجعنا نطلق العنان لأنفسنا بالنقد لهذا الموقف الصادم والمخيب للآمال، - وحين نتحدث عن النقد نقصد النقد المعقول الخالي من التجريح والتشهير -، تماما مثلما أمعنا بذلك النقد تجاه غيره من الأحزاب والشخصيات الجنوبية في فترات سابقة. - قالوا يجب أن ترفع القبعات اليوم عاليا للحزب الاشتراكي لرفضه التوقيع قبل أيام على ما سمي بوثيقة الحلول والضمانات الخاصة بالقضية الجنوبية !! فهل هذا الموقف هو أقصى ما يمكن أن نتوقعه من حزب كان ولا يزال هو المسئول عن نكبة الجنوب ؟ وهل هذا الرفض الذي شاركه فيه أيضا المؤتمر الشعبي العام هو أعلى درجات التضحية الاشتراكية تجاه شعب رماه في هوة سحيقة من ما المعاناة والجحيم منذ عام 1967م؟ هل يعقل أن أكثر ما يمكن أن يقدمه هذا الحزب هو هذا الرفض المزعوم؟ وهل يعقل أن تكون هناك أحزبا وشخصيات أكثر قربا وإخلاصا للجنوب من الاشتراكي الذي هو المعني والمتسبب الأول والأخير بالمال الذي وصل له شعب الجنوب؟. حين أشاد البعض بالموقف المشرف الأخير للسيد عبدالرحمن الجفري على موقفه وموقف حزبه تجاه الجنوب جن جنون البعض وهستر, واعتبر ذلك خطأ وخطيئة يجب أن لا تتكرر.! مع أن الرجل بالأيام الأخيرة كان أكثر الشخصيات الجنوبية الحزبية جرأة ووضوح حيال القضية الجنوبية، وآخرها الرسالة الصريحة والواضحة التي بعث بها للمبعوث الأممي جمال بن عمر والذي خاطبه بها بمفردات واضحة عن الاحتلال اليمني للجنوب ومطالب شعب الجنوب المتمثلة بالتحرير والاستقلال وانتقد الموقف الغريب لهذا المبعوث الدولي تجاه شعب الجنوب. فحين كان الجفري يستحق كلمة ثناء نقولها، لم نتردد بقولها لها ولغيره. وحين وضع الجفري أو غير الجفري أنفسهم بموضع النقد فلم يتردد أحد بنقدهم. فالنقد والإشادة لا يمكن أن يكونا على طول الخط وبكل الأحوال بل على حسب ما هو موجود. فحيثما يكون المخطئ وحسب ما يكون الخطأ يكون النقد أو النصح أو سمونه ما شئتم، فديننا ودنيانا قائمان علي النصيحة والتناصح، والتواصي بالحق. وحيثما يكون المصيب وحسب ما تكون إصابته تكون الإشادة، فلابد من عقلنة النقد، وعلمنة الثناء. فمن يقدر النقد هو الوحيد الذي يستفيد من الثناء. لن نتردد مستقبلا إن ارتئينا أن ثمة حاجة لنقد مواقف حزب الرابطة وقياداته وسوف لن نداهن بخوص الوطن معها ومع غيرها من الأحزاب والشخصيات، مثلما لن نتردد أيضا بالإشادة والوقوف بقوة إلى جانب الجزب الاشتراكي وقيادته إن هم نصروا الجنوب وشعبه وتخلوا عن تحالفاتهم المريبة مع القوى المستعمرة والمستبدة التي رفضت أن تعيد للجنوب حقه ولاتزال تسومه سوء العذاب والمتعسف، وترفض حتى أن تقيم دولة مدنية حديثة بصنعاء.! الشتم والنقد بأثر رجعي شيء يبعث على القرف والاشمئزاز، مثله مثل النفاق المبتذل والمدح بحق وبباطل تجاه الأحزاب والسلطات والحكام.! - حكمة: يكمن البرهان النهائي على العظمة في أن تكون قادرا على تحمل النقد دون استياء.