مرت ست سنوات على اندلاع الحرب الدائرة رحاها في صعدة حتى الآن بين قواتنا المسلحة والمتمردين الحوثيين حيث عجزت الدولة بجلالة قدرها عن هزيمة ثلة من المليشيات المسلحة الصغيرة الحجم تتخذ من الجبال حصنا منيعا لحمايتها وقاعدة لهجماتها العسكرية حيث لم تكتف ببسط سيطرتها من الحدود بعدما كانت تتباهى لسنوات بنصرها المزعوم في حرب صيف 1994م المزيفة والتي خلالها تقاسم قادتها ثروات المحافظات الجنوبية وجثموا على صدور سكانها الذين انتفضوا عام 2007م بعدما طفح الكيل ورأوا كيف تكيل حكومتهم مع قضية الوحدة الوطنية بمكيالين عقب موقفها المتساهل مما يجري في شمال البلاد كما أسلفنا الذكر. عموما، رغم هذه الديباجة المطولة فان موضوع مقالنا مغاير تماما لما ورد فيه حيث يتحدث عن الأيدلوجية للحوثيين والتي تسيء وسائل الإعلام المحلية والعالمية فمهما، فغالبا ما تصنفهم ضمن طائفة الشيعة وتحديدا ينتمون إلى احد مذاهبهم وهو المذهب الاثنى عشري حيث اعتنقه مؤسسو الحركة حسين الحوثي الذي قتل عام 2004م وسالم عزان الذي أصبح مدير إذاعة صعدة الحكومية عام 2007م (لم تفتح بعد) بعدما أصبح حليفا للدولة وحسن العماد أثناء دراستهم في إيران التي قدمت لهم الدعم اللوجيستي والعسكري سعيا وراء نشر مذهبها الرسمي في أرجاء اليمن، وهذا الكلام ينم عن جهل كبير بطبيعة الصراع هناك، فالحوثيون ثاروا ضد الدولة لأنها غدرت بهم بعدما استخدمت تنظيمهم ( الشباب المؤمن ) ضد نظيره الوهابي (دماج) الذي أسسه مقبل الوادعي خلال فترة التسعينيات من القرن المنصرم قبل أن ينقلب عليهم لصالح الأخير ولاسيما إن الظروف السياسية السائدة في البلد مطلع الألفية الثالثة قد تغيرت مع توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن والسعودية عام 2000م والذي اثر على اقتصاد محافظة صعدة القائم على التهريب والسوق السوداء لعدم وجود مشاريع إنتاجية توفر لسكانها فرص عمل ميسرة ودخل جيد يحسن من وضعهم المعيشي الاقتصادي الذي زاد سوءا مع إقدام السعودية حسب مصادر موثوقة البدء ببناء جدار عازل على الحدود معهم ، لكن الحقيقة ليسوا شيعة اثني عشرية كما يشاع بل هم ينتمون إلى المذهب الهادوي وهو المذهب الرسمي للدولة رغم أن أتباعه يشكلون حوالي 37% من السكان ويصنفون كواحدة من الأقليات المتواجدة في اليمن وتنسب إلى مؤسسها الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بن محمد الرسي الذي شيد دولة الأئمة الزيديين في صعدة عام 351ه / 930م واستمرت قرابة 2892 سنة إلى أن أطاحت ثورة 26 سبتمبر بآخر حكامها الإمام البدر عام 1962م ، ويشترك مع نظيره الوهابي بان كليهما تأسس على أسس سياسية لا فقهية مما جعلها أكثر تشددا وانحرافا عن مذاهبهم الأصلية ، فالأول عن المذهب الزيدي المنفتح على بقية المذاهب الأخرى السنية منها أم الشيعية أو الأباضية لدرجة الأخذ بأحكامها الفقهية شريطة أن يكون لها سند شرعي من الكتاب والسنة حسب ما ذكر فضيلة الشيخ / محمد احمد أبو زهرة شيخ الأزهر الأسبق ( 1898 - 1974م ) والثاني عن المذهب الحنبلي الذي لا يستخدم العنف الدموي في فرض آرائه الفقهية الأقل تشددا من شبيهه الذي انبثق منه، كما أن المذهب الهادوي أكثر ميلا إلى الشيعة الإمامية في مسألة الخلافة أو الإمامة العظمى كما يحلو لهم تسميتها حيث يجب حصرها ضمن سلالة الحسن والحسين رضي الله عنهما ابني علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وزوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يعرفون عندهم بآل البيت وعلى هذا الأساس يقدسونهم ويجعلون الخلافة حكرا لهم كما ذكر الأستاذ / علي محمد زيد في كتابه (معتزلة اليمن)، لذا تجد في خطابات قادة الحوثيين دعوة إلى الجهاد ضد أمريكا وإسرائيل وأذنابهم من الأنظمة العربية الحاكمة ولاسيما النظام اليمني تحت راية آل بيت رسول الله (ص) لأن سلالتهم هي حزب الله الوحيد القادر على حماية الأمة الإسلامية من أعدائها وبوسعه إنقاذها من وضعها السيئ فيجب على المسلمين جميعا الخضوع لها إذا أرادوا دخول جنة الخلد مما يكشف لنا عواقب جعل الدين في خدمة السياسة بشكل يسيء إلى مكانته السامية ويشوه مضمونه الروحي الصافي أمام الناس ويكره أتباعه منه