ال30 من نوفمبر محطة جديدة وهامة في تاريخ النضال السلمي الجنوبي وليست المحطة الأخيرة للقضية الجنوبية، وقد جسد أبناء الجنوب في اعتصامهم السلمي المفتوح واحتفاليتهم بذكرى الاستقلال الحرص على السلمية ورفض الانجرار للعنف والحفاظ على المصالح الخاصة والعامة, وعلى الرغم مما حصل من سقوط العديد من الجرحى من المتظاهرين سلميا جراء إطلاق النار عليهم من قبل قوات الأمن بمحيط مبنى محافظة عدن فإن الأمور سارت على ما يرام بطريقة حضارية سلمية عكست وعي أبناء الجنوب وتمسكهم بالعمل السلمي رغم التضحيات. لقد حقق الاعتصام السلمي الكثير من الايجابيات لعل أبرزها ذلك الحضور الجماهيري الكبير الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الجنوب وكذالك مشاركة كل القوى في الاعتصام بل وإعلان العديد من موظفي مؤسسات الدولة تأييدهم للاعتصام وإعلان الكتلة البرلمانية الجنوبية وبعض الأحزاب التي كانت تعتبر الفدرالية من المحرمات تأييدها للاعتصام السلمي وحق شعب الجنوب في تقرير مصيره, وكذالك الاهتمام الداخلي والخارجي بقضية الجنوب والتفاعل الشعبي مع الاعتصام السلمي كمظهر حضاري وسلوك إنساني يستحق كل تقدير بعيدا عن العنف والقوة وإراقة الدماء كما هو حاصل في الكثير من البلدان التي اندفعت لمربع العنف ولم تخرج منه. وبالتالي فإن محاولة رسم الإحباط لدى الجماهير التي شاركت في الاعتصام السلمي من خلال التهويل الإعلامي للإحداث عبر ما تناقلته بعض وسائل الإعلام بان30 نوفمبر كان يفترض اعتباره هو اليوم الأخير والمحطة الحاسمة لنهاية القضية الجنوبية بإغلاق الحدود وقيام دولة الجنوب هو اجتهاد شخصي لا يمثل إلا الذين رفعوا مثل ذلك القرار دون أن تجمع عليه القوى الجنوبية ويعبر عن سوء تقدير بعض القيادات للواقع فلا يمكن لأي قضية ان يحدد من يتبناها يوم معين لحلها وحسمها وهو يعلم بان الحل لن يتحقق الا بالتفاوض والتراضي مع الطرف الآخر، كما ان ذلك ناتج عن خطأ بعض التصريحات التي صدرت عن بعض القيادات الجنوبية التي حاولت القول ان قيام دولة الجنوب بات أمرا محسوما مما فهمه البعض فهما عكسيا خاطئا رغم أنه لم يقصد من تلك التصريحات إعلان الاستقلال يوم 30نوفمبرالمنصرم بل التأكيد على أن حل قضية الجنوب أصبح لا مفر منه بحكم التعاظم الشعبي الرافض للحلول الترقيعية، لكن ما يعيب بعض تلك التصريحات هو تخويف أبناء الشمال العاملين في الجنوب لطلب مغادرتهم فورا الجنوب. هذه المسائل ينبغي التنبه لها لكي لا يتم الإضرار بالقضية الجنوبية والسلم الجنوبي أو خلق الإحباط وإثارة سلوك اندفاعي معاكس لدى الشباب المتحمس ليقوموا باللجوء لأعمال عنف تخالف النضال السلمي الذي نجح فيه الحراك وحافظ على تعاطفه حتى في الشمال من قبل الكثير من الشرفاء الذين ليس لهم علاقة بما جرى ضد الجنوب ويطالبون باحترام خيارات الجنوبيين. ويحضرني هنا موقف الدكتور علي الطارق وتصريحات للأخ جمال عامر رئيس تحرير الوسط والذين طالبوا فيها السلطة باحترام تقرير المصير للجنوب وغيرهم كثير، فلا وحدة أو اتحاد بالقوة ولا انفصال أو استقلال بالقوة. لقد لجأ الحراك لاتباع النضال السلمي حرصا على الاستقرار وتجنب إراقة الدماء ونجح الاعتصام في تحقيق الكثير من المكاسب, وتعثر التهويل الإعلامي المبالغ فيه ولم يفشل الاعتصام الجماهيري الناجح. لكننا نستغرب عدم تفاعل القوى التي تتحكم بالقرار في السلطة مع التطورات التي حدثت والحوار مع الجنوب وصمت المبعوث الدولي جمال بنعمر الذي لم يقم بزيارة عدن ليطلع على حقيقة الأوضاع بنفسه مع تقديرنا لنشاط مكتبه في عدن غير ان الأوضاع تتطلب نزوله الشخصي باعتباره يستطيع بناء موقف مبني على الواقع لإعادة النظر بالأخطاء التي صاحبت مؤتمر الحوار وبالحلول الناتجة عنه. أخيرا نرجو من الأخوة قادة المجلس الأعلى للحراك الثوري ورؤساء المكونات الأساسية في الساحة الجنوبية تقييم النجاحات التي تحققت وتشخيص الأخطاء واتباع خطاب سياسي جديد يتصف بالمرونة والواقعية وقول الحقيقة للجماهير بعيدا عن رسم الوعود التي لا تتحقق في الواقع حتى لا يتولد الإحباط لدى الشباب وتفلت الأمور من أيدي الجميع بسبب تضارب مصادر المعلومات وكثرة نشر تصريحات باسم الجنوب فيها تعارض مع واقعية النضال السلمي الجنوبي وتؤدي إلى أضرار سلبية بالحراك المتزن في تصرفاته ونأمل أن لا يسمح الأعزاء قادة الجنوب والحراك الذين يظهرون على وسائل الإعلام للتصريحات التي فيها نزق ووعود لا تتحقق وليكن هناك خطاب إعلامي مرن وحصيف وموحد للحراك ومن يتحدث بصفته الشخصية ويعد شعب الجنوب بوعود محددة بالزمن لا تتحقق دون تقدير حقيقي للواقع فلا يعني ذلك فشل للحراك بل اجتهاد يتحمل مسؤوليته من تبناه وليس الجنوب. ## والله من وراء القصد