شهد المؤتمر الشعبي العام مؤخرا لقاءً تشاورياً غير مسبوق ، ليس من حيث الحضور والانضباطية وحسن الإعداد والتنظيم وحسب ، بل ومن حيث اتساع جدول الأعمال لأهم وأبرز القضايا والهموم والمهام الملقاة على عاتق المؤتمر الشعبي العام وقياداته وكوادره وعلى المستويين التنظيمي الداخلي والعام . الإعداد والتنظيم ومشروع جدول الأعمال والوثائق ومشاريع وخطط ومصفوفات المهام التنظيمية ومحاور البحث -جميع هذه المفردات - أوحت بمنهجية مؤسسية رائعة ظلت حاضرة إلى ما قبل الصياغة النهائية للبيان الصادر عن اللقاء التشاوري .. وكان أورع منها الحوارات والمداخلات والطروحات الجادة والمسئولة التي بحثها المؤتمريون ( رؤساء فروع وقطاعات ودوائر وقيادات عليا ) تناولوا بروح وطنية تنظيمية مسئولة الشأن الوطني العام والقضايا التنظيميةالعامة والخاصة . وبحسب مشاركين ومتابعين فقد خرج البعض -عقب انتهاء جلسات اللقاء التشاوري الذي امتد لثلاثة أيام -يتحدثون تصريحاً -وتلميحاً عن عدم التوازن "بين التنظيمي البحت و الوطني العام" .. لكن الغالبية العظمى وخاصة القيادات الميدانية في الفروع عادت إلى مهامها سعيدة بما اقترفت ، راضية بما صنعت ، بعد أن استماتت داخل قاعات اللقاء وفي جلسات الحوار الساخنة لتجعل الغلبة لقضايا الوطن وهموم المواطنين وتطلعات أبناء الوطن في عموم المحافظات والمديريات . ووفقاً لمتابعين من داخل قاعة اللقاء التشاوري "فإن هذا النوع من القيادات المؤتمرية كانت غالبة وقوية، وأصواتها عالية.. حادة .. جادة .. صادقة وأطروحاتها تتجاوز الأسماع والحواس لتحتل شغافات القلوب وتلافيف الأدمغة ، لأنها تحمل معاناة الناس .. هموم البسطاء .. آمال الشعب .. أحلام وآلام الملايين .. تطلعات أمة وضعتها بين يدي المؤتمر وحملته أمانتها ومنحته ثقتها ولا زالت تراهن به وعليه ". كثيرون ممن تابعوا وحضروا الجلسات أطلقوا صفات رائعة .. وفية .. صادقة .. شجاعة و منصفة ، على تلك الرؤى التي حشدت أغلبية ساحقة في جميع جلسات اللقاء التشاوري -وإجماعاً في معظمها- بأن قضايا التنمية والأحوال المعيشية للناس وأمن واستقرار البلاد وثوابت الوطن ومكتسبات الثورة والوحدة ، وإن كانت قضايا عامة 100% فإنها -بالنسبة للمؤتمر والمؤتمريين -قضايا تنظيمية 100% وبصرف النظر عما إذا كانت هذه القضايا تحتل -أولا تحتل -مكاناً في اهتمامات وأجندات ومسئوليات القوى الأخرى .. فإن مسئولية المؤتمر إزاءها ثابتة ومباشرة ،وبقوة الشريعة والتشريعات وبإرادة الشعب وبصدقية الالتزام التي لا يتزحزح عنها الرائد في أهله . وكما أكدت مداولات اللقاء التشاوري انه لم يكن ثمة ما يمنع المؤتمريين من تعرية وإدانة القوى والعناصر التي تتخذ أو تساند أو تبارك المواقف والأفعال والأقوال الموجهة ضد الوطن وسيادته ووحدته واستقراره ومكاسبة وتنميته وأمنه واستقراره وثوابته ، مثلما أنه كان من الواجب على المؤتمر والمؤتمريين أن يثمنوا مواقف الأفراد والمنظمات والأحزاب وكل المواطنين الذين أدانوا المتاجرة بثوابت الوطن وأنحازوا لمصالحه ومكاسبه وإرادته وسيادته وأمنه واستقراره وتنميته ، كذلك أكدت مداولات اللقاء أنه لم يكن هنالك ما يمنع المؤتمريين من المصارحة والمكاشفة وممارسة النقد الذاتي البناء لأنفسهم ولقياداتهم ولحكومتهم ولأجهزة السلطة التنفيذية الموكل إليها تنفيذ التزامات المؤتمر والتجسيد العملي لبرنامج العمل السياسي الذي أقره في مؤتمره العام السابع والبرمج الانتخابية ( الرئاسي والمحلي 2006/البرلماني2003) التي حاز المؤتمر بموجبها ثقة الشعب ، وكذلك لم يكن ثمة ما يخجل المؤتمريين وهم يتعصبون لأنين الشارع، ويشددون على ضرورة إلزام الحكومة بمراقبة الأسعار وضبط المتلاعبين بأقوات الناس ، ويطالبون بسرعة تنفيذ المرحلة المتبقية من استراتيجية الأجور ومضاعفة السرعة في خطوات مكافحة البطالة والفقر والفساد ،واستكمال مشاريع التنمية المتعثرة والجديدة التي تضمنها برنامج الحكومة وبرامج السلطة المحلية،فضلاً عن الإشارة إلى ضرورة تعزيز الجهود لدعم الاستثمارات واستكمال إزالة ما يواجه بعض المستثمرين من عوائق . وعلى الرغم من أن القضايا والهموم التنظيمية أخذت حظاً من الحضور والنقاش والمداولات ، واتخذت إزاءها جملة من القرارات ،التي كان أبرزها تخصيص موازنة مستقلة للقطاعات النسوية على مستوى الفروع ،إلا أن ذلك لم يمنع حضور الطريق والمستشفى والمدرسة ومياه الشرب والكهرباء والجامعة والأندية الرياضية والمتنفسات وتعليم الفتاة ومشاركة المرأة وفرص العمل للشباب ، وغيرها من المفردات التي كانت حاضرة تملا أجواء القاعة ومسامع وحواس وعقول الحضور ،وإلى جانبها كان المؤتمريون- بصوت رجل واحد- يطالبون السلطات بتطبيق نصوص التشريعات النافذة في حق كل من تسول له نفسه العبث بسكينة الشعب وسلامة الوطن ومكاسب الثورة ،أو افتعال المطبات وحفر الأخاديد وإشعال الحرائق في مسيرة التنمية الشاملة ،التي يشهدها الوطن في ظل ريادة المؤتمر وقيادة المؤسس الباني علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام . ولأن اللقاء التشاوري كان كذلك ، فإنه يعد عملاً تنظيمياً وطنياً يحق لكل المؤتمريين أن يعتزوا به ويفاخروا بالحيوية والصراحة والشجاعة والمصداقية التي سادت أجواءه وجلساته ، وألا يخجلوا من قوة الأطروحات وحدة الجدل التي شهدتها بعض – بل معظم –جلساته . غير أن السؤال الذي طرح نفسه بقوة عقب نشر البيان الصادر عن اللقاء : ما هي موجبات الخجل أو الخوف أو التردد التي خيمت على فريق الصياغة النهائية للبيان السياسي الصادر عن هذا اللقاء ..؟ الذي كان أولى به أن ينقل لجماهير المؤتمر ومناصريه ومحبيه وكل أبناء الوطن خلاصة ما اجتمع وأجمع عليه المؤتمريون وأوصوا به وحثوا وشددوا عليه لاسيما ما يتعلق بقضايا وهموم وتطلعات هذه الجماهير ..لا أن يغرق في تفاصيل التفاصيل لمواقف وسلوكيات الخارجين عن التشريعات والثوابت والإجماع الوطني ، وهي تفاصيل يعرفها المواطنون الشرفاء أصحاب المصلحة الحقيقي في الاستقرار والتنمية والوحدة . وبقراءة لمعظم أطروحات المشاركين في اللقاء ،فان التوقف عند تلك السلوكيات كان شيئا عابرا ولم يحتل أولوية مطلقة في أجندة القيادات التي حضرت اللقاء من عموم محافظات الجمهورية ، وبالتالي كان يفترض تناولها في البيان الختامي بأيجاز يعكس حجمها في مداولات اللقاء ،وبحيث لا يكون ذلك على حساب قضايا ورؤى ومشاكل طرحت واتخذت إزاءها مواقف وأقرت بصددها توصيات احق بان يسلط عليها الضوء في البيان،كونها أهم وأجدى من إضاعة الوقت والجهد والكلمات حول مواقف صغيرة لقوى صغيرة –بحسابات الميدان- تتأبط مشاريع أصغر بكثير من أن تشغل مساحة تذكر في البيان ، فضلاً عن أن تشغل المؤتمريين عن أداء مهامهم والتزاماتهم للشارع ولتنظيمهم المؤتمر الشعبي العام. وإذا كان المؤتمريون يرون ان كل المؤشرات المتصاعدة في أرجاء الوطن تؤكد أن الشعب كل الشعب- باستثناء فئات وعناصر ضالعة تبني المشاريع الصغيرة- على استعداد لدحر تلك المشاريع وأصحابها قبل أن ينجحوا في "مؤامرتهم "أو تقوم لهم عثرة على حساب المشروع الوطني الوحدوي التنموي الديمقراطي الكبير ،فإنه أولى بهم ألا يدعوها تحقق نجاحاً في ارباكهم وإحباط برامجهم بالتفرغ للتعاطي مع تلك المشاريع بمنهجية الفعل ورد الفعل لأنها بتأكيدات الميدان المؤتمري أقل من أن تستحق التعاطي أو الاهتمام . -نص البيان الختامي الصادر عن اللقاء التشاوري للمؤتمر