الذين يعرفونه يقولون عنه إنه عصبي للغاية، سريع الغضب، تصرفاته في معظم الأحيان تجلب عليه المزيد من العداوات. ومع ذلك يؤكدون أنه في الوقت المناسب يعرف كيف يكون لطيفا، بل ولأن تجارب الفشل السابقة أثقلته، فقد صار يقاوم حدة المزاج، ويبدأ كلامه مع محدثيه بعبارة «أصدقائي». انه جون ماكين الذي يسعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لكي يكون رئيسا للولايات المتحدة خلفا لزميله في الحزب جورج بوش. ويبدو أن حدة المزاج انتابته من جديد بعدما صار قاب قوسين أو أدنى من ترشيح الحزب الجمهوري له رسميا لخوض معركة الرئاسة. فقد وجه كلامه إلى المرشحين الديمقراطيين المتصارعين، قائلا «ندرك إلى أين سيقودان أميركا، ونملك الجرأة الكافية لمنعهم من ذلك». ماكين ذو الشعر الأبيض والبشرة البيضاء الباهتة، متزوج مرتين وله سبعة أولاد. وهو أكبر المرشحين للرئاسة سنا سواء بين الجمهوريين أو الديمقراطيين. فقد تخطى الحادية والسبعين. وفي حين رأى البعض أن العائق الأساسي أمامه في معركة الرئاسة هو سنه، إلا أنه نجح في تجاوز هذه العقبة بعدما حظي بانتصارات ساحقة في العديد من الولايات. وإذا نال شرف تمثيل الجمهوريين في معركة الرئاسة ثم فاز على المنافس الديمقراطي، فسيصبح في يناير المقبل موعد تسلم الرئاسة من بوش-في سن الثانية والسبعين أكبر الرؤساء الأميركيين سنا، أي أكثر بسنتين من رونالد ريغن عندما تولى الرئاسة في 1981. ماكين «العصبي» يوصف أيضا بانه مثابر لا يعرف اليأس. البعض سخر منه لأنه رشح نفسه للرئاسة مرة أخرى رغم فشله الذريع في معركة الرئاسة عام 2000. وكان وقتها فاز في الانتخابات التمهيدية في نيوهامشير في بداية تلك المعركة منذ ثماني سنوات، ولكنه هزم أمام جورج بوش خلال الانتخابات التمهيدية في «ساوث كارولينا» فاضطر إلى الانسحاب من السباق. واظهر وفاء كبيرا للرئيس بوش في انتخابات 2004 برفضه عرضا من صديقه المرشح الديمقراطي جون كيري ليخوض الحملة الانتخابية معه كنائب للرئيس. وخلال الصيف الماضي كادت حملته تلفظ أنفاسها الأخيرة، ولم تكن تتوافر لديه الأموال للدعاية لنفسه، واضطر إلى التخلي عن بعض مساعديه، وواصل طريقه. وهو يتمسك بقناعاته بصلابة ولا يتأثر بالتيارات السائدة. سر شعبية ماكين، أنه من أبرز أبطال حرب فيتنام، وكان أمضى أكثر من خمس سنوات أسير حرب في الأدغال الفيتنامية. فقد اسر في معتقل «هانوي هيلتون» عام 1967 إثر إسقاط طائرته بصاروخ فيتنامي شمالي. وأصيب بجروح خطرة وأمضى خمس سنوات ونصف السنة في هذا المعتقل، بينها سنتان في الحبس الانفرادي تعرض خلالها لأبشع أنواع التعذيب. وسعيا لتسجيل نقاط في إطار حملة دعائية، عرضت فيتنام الشمالية بعدما اكتشفت أن والده قائد الأسطول الأميركي في المحيط الهادئ، الإفراج عن ماكين بشكل مبكر، لكنه رفض مشيرا إلى أن أسرى الحرب يجب أن يحرروا بحسب تسلسل تواريخ أسرهم. وخلفت سنوات سوء المعاملة التي تعرض لها إعاقة تمنعه من رفع ذراعيه. بالنسبة لبرنامجه الرئاسي، فهو يرفض التخفيضات الضريبية المبالغ بها برأيه. ويسعى إلى إصلاح قانون الهجرة بشكل سخي. وعرض من دون جدوى مشروع قانون ينص على تعزيز عمليات التدقيق عند الحدود وتصحيح أوضاع المهاجرين غير القانونيين. كما أنه من القلائل أيضا في معسكره الذين يهتمون بمسألة الاحتباس الحراري. وأبدى ماكين كذلك اختلافه حول مسائل أخلاقية مثل استخدام التعذيب، وهو أمر يعارضه أسير الحرب السابق تماما. ويعرف عنه أيضا أنه محافظ صلب في غالبية القضايا الاجتماعية، فيعارض حق الإجهاض وزواج مثليي الجنس. بالنسبة للقضايا العربية فماكين يعد من «أحباب إسرائيل» كما أنه من أنصار الحرب على العراق وأول من طالب بإرسال تعزيزات على الأرض، ويعارض معارضة تامة سحب الجنود الأميركيين من أرض الرافدين، رغم تأييده للحرب الا انه كان أول من طالب باستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. الطريق أمام ماكين ليحظى بتمثيل الجمهوريين في معركة الرئاسة، مفروش الآن بالورود. وأكبر خطأ يمكن أن يرتكبه خلال حملته الانتخابية كما يقول بعض المقربين منه-،هو دعم الرئيس بوش له في المعركة. فساكن البيت الأبيض الحالي عديم الشعبية في أوساط الرأي العام الأميركي، وفاقد الشيء لا يعطيه! (البيان)