يستأنف البرلمان في اليمن عقد جلسات أعماله وسط توقعات ان تكون فترة انعقاده الجديدة اكثر سخونة من أي وقت مضى لاسيما مع ما تؤكده عديد من المصادر المتطابقة من ان البرلمان سيشرع في نقاش مشروع تعديلات تقدمت به الحكومة لتشكيل لجنة عليا للانتخابات التي أثار انتهاء مدتها الدستورية منذ نوفمبر الماضي أزمة سياسية بين الأحزاب الممثلة في البرلمان الأمر الذي دفع مجلس النواب لمنح الأحزاب مهلة انقضت قبل شهرين من أجل التوصل فيما بينها على اتفاق لتشكيل لجنة ،غير انه لم يحدث أي تقدم يذكر ووصل الحوار المعطل بين الاحزاب حد الفشل الذريع نحو أي تقارب لعودته نتيجة لعدم تجاوز الأحزاب دائرة (الشك والتشكيك، و البحث عن ضمانات شكلية). وتبدو هذه الأزمة السياسية التي تثبت فشل الحوار السياسي بين الأحزاب -"المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) والمعارضة الممثلة في البرلمان والمنظوية في تكتل اللقاء المشترك " -مرشحة للتصعيد، وخصوصاً بعد رفض "اللقاء المشترك" لمقترحات المؤتمر بثلاثة خيارات لتشكيل اللجنة الجديدة، ولجوء المؤتمر إلى دعوة البرلمان لتحمل مسؤوليته الدستورية، وحسم الموقف في هذه القضية، في ظل تحذير المعارضة من إقدام الحاكم على تشكيل لجنة الانتخابات منفرداً، وتحميله مسؤولية أي تصرف من هذا القبيل.. تكتل أحزاب "اللقاء المشترك" كان قد سلم للحزب الحاكم رؤيته لحل هذه القضية مثار الجدل، مقترحاً تشكيل اللجنة من الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان بواقع عضوين لكل حزب، أو منح "اللقاء المشترك" أربعة مقاعد في اللجنة مع الرئاسة أو العكس لصالح المؤتمر، فيما تضمنت خيارات المؤتمر التي طرحها على المشترك أن تكون اللجنة مشكلة من القضاة، وبناءً على ترشيح من مجلس القضاء الأعلى(وهو اتفاق وقع عليه المؤتمر واحزاب المشترك نهاية العام 2006 )، أو تشكيل اللجنة من 9 أعضاء، 6 للمؤتمر و3 للمشترك، وإما التمديد للجنة الحالية. وفي ظل تجاذبات الأحزاب وعدم اتفاقها على حل توفقي بخصوص اللجة العليا للانتخابات فان عبئ المسئولية سيتحمله النواب في إقرار الحل التوفيقي بخصوص اللجة العليا للانتخابات والتي تقدمت به الحكومة واقترحت فيه إجراء على تعديل المواد 19,21,22 من قانون الانتخابات المتعلقة بأعضاء اللجنة العليا للانتخابات وبحيث يكون الأعضاء من القضاة . وبالرغم من محاولة الرئيس علي عبدالله صالح –رئيس الجمهورية نهاية الشهر الماضي لإخراج هذه الاحزاب من دائرة (التشكيك أو البحث عن ضمانات شكلية) إلى لقاء عند منتصف الطريق فيما بينها من خلال دعوة لكل طرف بتقديم رؤية تحدد ما هي قضايا الحوار، والأهداف التي تتطلع إليها ، إلا أن التجاذبات السياسية بين حزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" وأحزاب المعارضة المنضوية في تكتل "اللقاء المشترك" دخل منعطفا خطيرا خلال الثلاثة الأسابيع الماضية عقب تصرحات للقاء المشترك ، اتهم فيه المؤتمر بالقضاء على الحوار ،معتبرا قيام المشترك بأي حوار مع المؤتمر جريمة كبرى بحق المواطنين، وذهبت إلى تهديد المؤتمر الحاكم بإلقائه في مزبلة التاريخ التي هي المكان اللائق به على حد توصيفه. وقوبل ذلك الخطاب المتشنج لأحزاب المشترك بأعنف هجوم ضدها من قبل الرئيس صالح الأسبوع الماضي لدى حضوره مهرجان الحسينية في الحديدة حيث أشار إلى أن كثير منهم ما زال متأثرا بمخلفات الاستعمار والإمامة والمدارس المغلقة من مدارس طالبان . ووصف صالح خطاب المعارضة بأنه "منفر للشعب"، خاصة أنها كما قال "فشلت في انتخابات المجالس المحلية والنيابية"، وطمأن صالح مواطنيه من عدم الخوف على الوحدة التي قال إن دونها الموت. و قال "هناك أصوات نشاز لا تخدم الوحدة الوطنية، إذ إنها غير قادرة على أن تحل مشاكل نفسها"، ووصفها بأنها تمارس حقداً وموروثات تشطيرية وإمامية".وحث الرئيس صالح أبناء اليمن على المحبة والصفاء والتخلي عن عقد الماضي، وإثارة البلابل، وقال: "ما أجمل الديمقراطية في بلادنا، يجب أن نحافظ عليها، ويجب ألا تكون معولا للتحريض والتخريب". ووجه صالح سؤاله إلى المعارضة قائلاً: "هل تريدون أن نكون سوداناً يفرض عليه الحصار، أو يكون اليمن صومالاً آخر أو عراقاً أو أفغانستان؟". وحمل الرئيس صالح على المعارضة التي قال إنها يجب أن تكون الوجه الآخر لنظام الحكم، وقال إن "عليها أن تقدم المقترحات والبرامج". وسرعان ما استنكرت أحزاب اللقاء المشترك والعديد من السياسيين ذلك الخطاب الرئاسي ووصفوه بغير المبرر ، ورغم ذلك تواصلة خطابات الاستفزاز من المعارضة والمؤتمر على حد سواء حيث اعلنت احزاب المشترك عن "حالة من الانسداد الخطير في أفق العمل السياسي الوطني" نتيجة" تهرب الحزب الحاكم من الحوار الجاد "، مشيرتا إلى أن ذلك الهروب بغية استهلاك الوقت في حوارات ثانوية لا تقترب من معالجة حقيقية للازمة الوطنية الراهنة" . وأعلن المجلس الأعلى للقاء المشترك في بيان صادر عن اجتماعه المنعقد أمس الأول الأربعاء وزع في وقت متأخر من مساء الخميس انه "وكنتيجة لهذا الانسداد الخطير فان أحزاب المشترك ستتجه إلى أبناء الشعب "مؤكدا على ضرورة الإصلاح السياسي والوطني والعمل معا من اجل التغيير المنشود وبلورة رؤية وطنية لإنقاذ البلد من الأزمة الراهنة وإيقاف تداعياتها المتلاحقة وما يكابده الشعب من معاناة الفقر والحرمان في مختلف مناحي حياته اليومية. ولم يقف الخطاب الاستفزازي والمتشنج عند احزاب المشترك المعارضة فحسب بل واكبه خطابا مشابها من قبل المؤتمر الشعبي الحاكم حيث شن أمينه العام عبد القادر باجمال هجوما على المعارضة الممثلة في البرلمان والمنضوية في تكتل «اللقاء المشترك» واتهمها بالوقوف خلف الأحداث التي شهدها الجنوب، معتبرا أن أيد خارجية تمولها كما اتهم المعارضة باللجوء الى الحوار لأسباب تكتيكية لا عن ايمان وقناعة، فيما طرح مبادرة جديدة لبدء صفحة جديدة مع المعارضة تقوم على ثلاث نقاط رئيسية وهي "إن الوحدة الوطنية خط احمر وعلى الجميع أن يتحمل مسئوليته تجاه ذلك، وضبط محكم وقانوني للإعلام، والأخيرة إن كل القضايا المطروحة من جانبنا او من جانب المعارضة هي مطروحة على طاولة الحوار .. إذا ضبطت قضية الوحدة الوطنية وقضية الإعلام القضايا كلها قابلة للتفاهمات ولكن في إطار دستور وقانون ونظام وليس مزاجاً" وإزاء تلك المهاترات والاتهامات المتبادلة بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم حيال قضية الحوار وعودته ، يذهب الرئيس علي عبدالله صالح في اتجاه وضع الحوار السياسي العقيم بمشاريعه التقاسميه في مربع لا ينظر إليه باعتباره مفتاح الحلول لكل شي ، وذلك بالسير في تنفيذ برنامجه الانتخابي الذي منحه الشعب الثقة في الانتخابات الرئاسية سبتمبر 2006 عبر القنوات الدستورية فمع وضع الأحزاب السياسية الحوار في خانة لا تتجاوز مربعات التقاسمات ولا تقود بما تحمله من جدل وتخوين لتجاوز خط البداية في نتائج ملموسة لإصلاحات تلامس احتياجات الغالبية العظمى من الشعب وإصرار أحزاب المشترك والمؤتمر على خطاب تحريضي تثويري وصل حد إثارة المناطقية مقابل إشغال السلطة باتفاقات سياسية الهت الثانية عن مهامها الحقيقية تجاه الناس واحتياجاتهم ، أعلن الرئيس علي عبدالله صالح الأربعاء عن عزمه تقديم التعديلات الدستورية التي اقترحها لتطوير النظام السياسي الى مجلس النواب الشهر القادم وفي مقدمتها تعديلات الانتقال إلى الحكم المحلي ونظام الغرفتين التشريعيتين. مؤكدا أن الحل لكل –ما وصفه بالزوابع الصغيرة في البلد- هو الحكم المحلي الواسع الصلاحيات". ويتسم المشهد السياسي إجمالا بالضبابية نظرا لحدة الخطاب السياسي الذي وصلت إليه القوى السياسية في البلاد و المرشح أن يزداد سخونة مع قرب موعد الاستحقاق الانتخابي البرلماني القادم في ابريل 2009 . غير أن الرئيس علي عبدالله صالح ورغم كل ذلك معروف بأبقاءه لابواب كثيرة للحوار حيث وضع الكرة من جديد في أيدي الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان (المؤتمر والمشترك المعارضة) ، وذلك بان حدد لهل شهر كاملا قبل تقديمه التعديلات الدستورية إلى البرلمان للمضي في إقرارها ومن ثم خضوعها للاستفتاء الشعبي ، اذ يقرأ العديد من المراقبين إعلان الرئيس صالح عن عزمه تقديم التعديلات الدستورية التي اقترحها إلى البرلمان الشهر القادم على أنها الفرصة الأخيرة لإمكانية عودة الحوار بين القوى السياسية حول كافة القضايا الوطنية، ليبقي بذلك بابا مفتوحا للحوار للقاء عند منتصف الطريق يوفر الإجماع الوطني رغم كل مقوضات فشله والحكم بانسداده من قبل أحزاب المشترك المعارضة والمؤتمر الحاكم.