قد كان في الماضي لجهود وبنادق أبناء اليمن معنى كبير في حياة الشعب والوطن يوم أن كانت خياراتهم الوطنية موحدة مع تطلعات وطموحات الناس البسطاء في الثورة ضد الاستبداد والاستعمار وبناء الجمهورية والوحدة والديمقراطية، وقد حققوا نجاحات وانتصارات لا سبيل إلى إنكارها ولا يعيبها في شيء الاعتراف بأن قد تخللتها بعض النواقص والسلبيات التي لا سبيل إلى إنكارها أيضاً. ولكن حذاري من عواقب الفارين من جرائها إلى الخلف أو الهاربين عنها إلى الأمام. إن عوالق التجربة الوطنية الديمقراطية مهما كبر شأنها لا تعطي المبرر المقنع بعدم جدوى وصواب الوحدة الوطنية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية بحال من الأحوال. فدعونا كلنا نتعرف بصبر على الأخطاء ونعمل معاً بمصداقية على التخلص منها ونواصل معاً مشوار الوحدة والديمقراطية، على أبناء الضالع ولحج وأبين الشرفاء أن يعلموا ما يراد بهم ومنهم من قبل بعض السياسيين المأجورين الذين يدفعون بهم من الداخل والخارج إلى مواجهات حقيقية مع الوطن والشعب. وأن يعوا بكامل الوعي ويدركوا بتمام الإدراك مدى وأبعاد ما يخطط لهم من قبل أناس لهم سوابق في التآمر على تطلعات وطموحات شعبنا في التحرر والتوحيد واللحاق بركب مواكب شعوب الأرض في التطور والتقدم. إن أبناء الضالع ولحج وأبين مدعوون إلى فهم خيارات ونضالات الآباء منهم إذا أرادوا أن يعصموا أنفسهم من الغرق العظيم جراء طوفانات التآمرات من الداخل والخارج المقبلة، مثل جائحات الأدواء على الناس. على اليمنيين أن يعلموا أن أناسا كثيرين من الأشقاء والأصدقاء لا يريدون لهم الخير، وأن الحق يقع عليهم وحدهم دون غيرهم إذا وجد منهم لما يراد بهم أي استجابة أو ميل إلى غمز أو لمز المتربصين. التعبير عن الحقوق المدنية والسياسية ينبغي أن يتم من الانطلاق من الدستور والقانون، والخارجين عن مبادئ وقواعد الدستور والقانون يجب ردعهم، والذين لا يقرون بالثوابت الوطنية ليس من الديمقراطية في شيء السماح لهم بممارسة العبث في الحياة السياسية الجديدة. هذا إذا كنا لا نريد أن يصل البعض في اللعب على حبال السياسة إلى حد إحداث الخراب بين أوساط العباد والبلاد. يحاول أعداء الوحدة الوطنية والديمقراطية من الداخل والخارج إلحاق الإساءة والأذى بالتجربة الوطنية الديمقراطية تحت ذرائع ومبررات واهية لا تعتمد أمام الجدل والسجال الذي يتوخى الحقائق مثل فقاعة أن "حراك الجنوب هو بوابة الإصلاح"، إن هذا الحراك يطرح مسألة العودة إلى ما قبل أوضاع عشية قيام الوحدة والديمقراطية فهل يصلح أن يكون ذلك التوجه هو البوابة التي ينبغي الخروج منها إلى رحاب الإصلاح؟! إنني أسأل فهل من مجيب؟ إننا نرى أن من واجب القوى السياسية الوطنية الديمقراطية في الموالاة أو المعارضة- على حد تعبير أشقائنا اللبنانيين- أن يفكروا في إيجاد مبادرة اصطفاف وطني وحدوي ديمقراطي لا يساير ولا يناور الانفصاليين والشموليين فيما يذهبون إليه من الأكاذيب والأراجيف تحت الشعارات البراقة والزائفة عن النضال السلمي وحرية الرأي والتعبير، وأن يتم من قبل الجميع كشف الأقنعة التي تستر بشاعة غاياتهم وأهدافهم. مما لا شك فيه أن أمر الداعين إلى العودة إلى ما قبل الثورة والجمهورية والاستقلال والوحدة والديمقراطية قد غدا في نظر الكثيرين من أبناء اليمن والأشقاء العرب أمرا مثيرا وعجيبا. لهذا فإن زيادة روح الحيطة والحذر لدى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية تجاه ألاعيب دعاة الانفصال وحكم سلالة البطنين واجبة في هذا الوقت بالذات حتى لا يفاجأ الكل بما لا يودون. حدثنا أحدهم قائلا: إن يوم 27 أبريل المقبل سيكون يوما عبوسا قمطريرا على النظام وعلى المؤتمر وعلى الحكومة، من وجهة نظرنا- يقصد دعاة العودة إلى ما قبل الثورة اليمنية- إن شاء الله!! قلت: "فال الله ولا فالك" اذهب كانا لله في عونك ودع عنك هواية تفجير القنابل الدخانية، نحن قوم لا تزلزلنا قنابل القيل والقال الصوتية. ولما أعدت التفكير مليا في قول ذلك الشخص المأفون، علمت أن أولئك النفر يكرهون الوحدة والديمقراطية ويتمنون عودة عهد التشطير والشمولية البغيض ويحبون ما قبل ذلك أكثر فأكثر، كفانا الله وكفى شعبنا شرهم". (السياسية)