من عبد الكريم سلام - بات موضوع التطرف وسط الشباب اليمنيين في السنوات الأخيرة من الموضوعات الأكثر تصدرا للجدل الثقافي والفكري في البلاد. وقد دشن مركز "سبأ" للدراسات الاستراتيجية أول فعالياته الأسبوع الماضي بتدارس هذه الظاهرة في سياق محدداتها الوطنية والإقليمية والدولية بغية الخروج بمقترحات لمعالجات هذه الإشكالية. تناول الدكتور احمد عبد الكريم سيف المصعبي، المدير التنفيذي للمركز، الإشكاليات المفاهيمية لظاهرة التطرف، مبرزا أن أحداث 11 سبتمبر بوصفها إرهابا أحدثت تحولا جذريا وانفعالا في خطاب وممارسة الولايات المتحدة الأميركية من ناحية وانفعالا عالميا من ناحية أخرى، مما أدى إلى تحميل المفهوم أكثر مما يحتمل، وتخطت إشكاليته حدود الديني والثقافي والسياسي إلى الوطني والعقائدي، لاسيما حين يتم إلحاق صفة الإرهاب بكل فعل إسلامي . علاوة على ذلك تتباين وتتعدد التعريفات لمعنى الإرهاب إلى حد الاختلاف نتيجة لأن البعض يراه إرهابا، فيما البعض الآخر يراه نضالا مشروعا. ويرى احمد المصعبي أن ثنائية الإسلام والغرب هي ثنائية مغلوطة؛ لأن المقارنة لا تكون إلا بين أصول متشابهة الإسلام والمسيحية، أو الشرق والغرب. أما المقارنة بين الإسلام والغرب فيقود إلى إسقاطات غير منطقية؛ لأن الأمر مبني على مقارنة خاطئة بين فكر مجرد وبين نطاق جغرافي مر بسياق تاريخي مختلف، وهو ما استهوى تنظيم القاعدة الذي بادر إلى استثمار هذا الفهم المغلوط، وبالتالي قام بدوره باختطاف الإسلام واحتكاره لنفسه حينما صور أن محاربة الغرب له هي محاربة للإسلام، وكأن القاعدة الممثل الوحيد للإسلام. مقابل ذلك يرى المصعبي أن هناك الخطاب الرسمي الثقافي والديني الذي سرى فيه المطلب الأميركي، وهو مطلب لم يكن بعيدا عن السياسي والعسكري، وأصبح يعبر عنه تارة بالإصلاح، وأخرى بالتطوير وثالثة بالتجديد. ويرى المصعبي أن الإشكالية ليست في محاربة الإرهاب بل في استخدام هذا المفهوم لمحاولة إصلاح العالم العربي والإسلامي بما يتوافق مع الأمن القومي الأميركي والمصالح الأميركية. في هذا السياق ذهب الدكتور محمد الميتمي أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء إلى أن العامل الاقتصادي يزيد من تغذية التطرف، مبرزا أن تنامي العنف في مصر ارتبط بتراجع دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وبغية تدعيم تفسيره هذا استحضر الميتمي بعض السوابق، منها أن الوقائع تشير إلى أن العنف الذي عرفته مصر ما بين 1991 و1994 كان مرتبطا بارتفاع أسعار الخبز وانتشار الفقر والبطالة، وأنه عند ما تراجعت الدولة عن مواصلة رفع أسعار الخبز تراجع العنف. وفي حالة اليمن يرى الميتمي أن البلاد تجتاز منعطفا هاما بسبب اختلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية حيث نسبة النمو السكاني تبلغ 2. 3 في المائة، وعدد الفقراء 7 ملايين فقير، فيما ارتفاع أسعار المواد الغذائية ينسف كل الجهود التي أدت إلى تقلص نسبة الفقر من 41 في المائة إلى 35 في المائة بل الأدهى من ذلك التباين الصارخ بين الأغنياء والفقراء، إذ أن ال20 الأفقر بين السكان لا يحصلون سوى على 6. 1 في المائة من الدخل القومي، فيما ال20 الأغنى يستأثرون ب67 من الدخل مما يغذي التطرف. ( البيان الإماراتية)