يحمل العنوان اقتباس من مقالة سابقة للزميل الصحفي سامي غالب ..فبين جدل الأحزاب والتنظيمات السياسية في اليمن ومدارسها الفكرية حول مشاركة الشباب في الحياة السياسية وصنع القرار داخل هذه الأحزاب والوقع المعاش ، تكشف دراستين علميتين حديثتين استمرار لعبة الكراسي الموسيقية والتي تنتهي عادة بجلوس ذوي الشعيرات البيضاء على كرسي الفائز. اشتراك في المعضلة تتفق الدراستان نسبيا حول الشباب بين التهميش والاحتواء (في المؤتمر الحاكم -أعدها الدكتور جلال فقيرة) وفي (أحزاب المشترك المعارضة -أعدتها الباحثة سهى باشرين) على معضلة تخلفها تلك الأحزاب الفتية في قاعدتها ..الشائخة في قيادتها مجتمعة ، تبدأ من الاختلاف في تعريف من هم الشباب وامتدادا إلى دورهم ومن يحدده ومن يعبر عن همومهم وتطلعاتهم ، وغيابهم في المناصب القيادية وصناعة القرار مع حضورهم في الأدبيات والشعارات السياسية ، وانتهاء باعتماد تلك الأحزاب إلى إعلاء ورقة الشباب في أوقات الانتخابات فقط كورقة لربح المعترك الانتخابي في بلد 70% من سكانه شباب. وتذهب الدراسة الميدانية التي أعدتها باشرين حول أحزاب اللقاء المشترك الثلاثة المعارضة"الاصلاح ،الاشتراكي ، الناصري" إلى تأكيد ضبابية واقع الشباب داخل دهاليزها ، محذرة من ان استمرار تلك الأحزاب في عدم تسليم قيادة الأحزاب -من أصحاب الستين والسبعين خريفا- الراية الى الشباب لتولى القيادة بالأساليب الحديثة المواكبة لمتغيرات العصر ، فان الحال قد يصل بتلك الأحزاب إلى الانقراض ، لاسيما ما بات ظاهرا من عزوف الشباب عن العمل الحزبي في الآونة الأخيرة نتيجة عدم تسويق الأحزاب أنفسهم منابر للتحديث والوسطية يمكن للشباب من خلاله إسماع أصواتهم ، ووقوعهم في ساحة تنظيمات متشددة تفتح ذراعيها أمام الشباب على مصراعيه. ودعت الدراسة أحزاب المشترك المعارضة للجلوس على طاولة حوار مع شبابها وشاباتها والاستماع الى الصوت الاخر ومحاولة الانفتاح على الآراء الجديدة حتى وان بدت حماسية فلولا حماسيتهم في فترة شبابهم لما كانت أحزابهم رأت النور. واقع أكثر مأساوية ومع تأكيد كافة الأحزاب السياسية دون استثناء ان قراراتها تؤخذ بطريقة تشاوريه من خلال التصويت واعتماد رأي الأغلبية ، غير إن الدراستين أعطت مؤشر ضئيل لتواجد العناصر الشابة في صنع تلك القرارات بل واقع أكثر مأساوية. فرغم محاولة الدكتور فقيرة في دراسته التي اعتمدت الجانب النظري في إبراز التطور التدريجي في دور الشباب والطلاب على مستوى التكوينات القيادية والقاعدية في المؤتمر الشعبي العام الحزب الحاكم اعتمادا على ادبياته واستنادا لتقارير مؤتمراته العامه وصولا الى استعراض ما شهدته اعادة الهيكلة في الحزب 2005 من افساح المجال للشباب للوصول إلى الكثير من المراكز القيادية في البناء التنظيمي للمؤتمر وعلى كافة المستويات ابتداءً بدائرة الشباب والطلاب، ووصولاً إلى قيادة العمل السياسي على مستوى المركز التنظيمي، إلا أن دراسته أظهرت واقع آخر إذ تؤكد انه لا توجد إحصاءات دقيقة بهذا الشأن وهو ما يؤكد غياب الاهتمام الحقيقي بهذه الفئات لحضور في صناعة القرار والاعتماد عليهم في مواسم فقط وهي مواسم الانتخابات سواء على الصعيد العام والمنافسات السياسية او على العمل النقابي والمدني. ووفقاً لآخر إحصائية أعدت بشأن العضوية في المؤتمر الشعبي العام أثناء التحضير لعقد الدورة الأولى للمؤتمر العام السابع التي انعقدت في عدن كانون الأول/ ديسمبر 2005م بلغ قوام العضوية في المؤتمر الشعبي العام حوالي ثلاثة ملايين عضو ، ورغم ذلك تؤكد الدراسة أيضا انه لا يوجد إحصاء رسمي بشأن حجم العضوية على مستوى الشباب، غير ان الباحث في دراسته استند للمؤشرات المعتمدة على التركيب العمري لتركيب المجتمع اليمني والتي تشير إلى ارتفاع نسبة حجم عضوية الشباب في كافة الأحزاب السياسية، وبإسقاط هذه النسبة على حجم العضوية في المؤتمر الشعبي العام استنتجت دراسة فقيرة بأن نسبة الشباب تصل إلى حوالي 51% من إجمالي قوام أعضاء المؤتمر الشعبي العام البالغ عددهم حوالي الثلاثة ملايين عضو. وبتأكيدات الدراسة فان الحزب الحاكم يفتقر الى منهجية الكفايات التنظيمية التي تمكنه من إيجاد قيادات شبابية وطلابية حقيقية لقيادة العمل التنظيمي في المستقبل على أساس علمية دون الارتهان للأنشطة العشوائية أو ذات الطبيعة الموسمية الموجودة حاليا. وفي إجابات عدد ممن شملته الدراسة الميدانية التي اجرتها الباحثة سهى باشرين على عينة من الشباب في أحزاب اللقاء المشترك المعارضة حول إذا ما كان التوجه العام للحزب يعكس احتياجات وتوجهات الشباب ، أشار عدد منهم وبطريقة دبلوماسية –انه حتى وان هذا الاهتمام مازال يلفه القصور رغم تقديرهم للظروف الصعبة التي تمر بها أحزابهم ، كما أن بعض القيادات تجمح طموح الشباب . ووفقا لدراسة باشرين فان قرارات القيادة العليا في اللقاء المشترك تسقط على القيادة الشابة لتنفيذها ، حيث أشارت اجابات عدد من المبحوثين من تلك الأحزاب إلى أن التنسيق والتشبيك بين شباب اللقاء المشترك جاء نتيجة وتنفيذا "لاتفاق الكبار"ويقوم به البعض رغم عدم قناعته. ويعتمد –بحسب الدراسة -حزبي الاشتراكي والناصري في عملية الاستقطاب على التأثير الشخصي أو الأسري، بينما التجمع اليمني للإصلاح هو الأكثر تنظيماً ومنهجية في استخدام كافة الوسائل للاستقطاب يساعده في ذلك امتلاكه للإمكانيات المادية ، وتشير الدراسة إلى أن هذه الأحزاب أخذت في الآونة الأخيرة خطوة نحو توحيد جهوده من حيث تقديم الخدمات في فترة التسجيل في الجامعة تحت شعار اللقاء المشترك المعارضة. ورغم تأكيد الدراسة على أن جميع المبحوثين الذين شملتهم في أحزاب اللقاء المشترك اعتمادا على استمارة وزعت على عدد منهم إلى أن الفرص موجودة وتتمثل في ارتكاز الأحزاب على طاقة الشباب أو في محاولة الأحزاب إيصال الشباب للمناصب القيادية إلا أن المبحوثين يؤكدون معوقات مازالت كبيرة وهي إما داخلية (تخص الأحزاب ) أو خارجية (تخص المناخ العام). وتبرز المعوقات الداخلية في عدم توفر الإمكانيات لدى الأحزاب ومن أمثلة ذلك انه ما يزال مصير عقد المؤتمر الأول لاتحاد شباب الحزب الاشتراكي المخطط له نهاية العام الجاري غير واضح لعدم توفر الإمكانات المالية اللازمة. وبالإضافة إلى ذلك فان الأساس الفكري لأحزاب المشترك المعارضة لا يتسق في أحيان كثيرة مع متغيرات العصر وتسند الدراسة لمثل في أن المعضلة الأساسية لحزب التجمع اليمني للإصلاح اكبر أحزاب المشترك هي تحديد موقفه والاعتراف بكامل الحقوق السياسية للمرأة ، وليس فقط التصويت دون الترشيح. كما تندرج ضمن ما حددته الدراسة معوقات داخلية عدم استيعاب القيادات في أحزاب المشترك لأدوات العصر ، فرغم أن الانترنت هو أداة جيل اليوم ووسيلته في الوصول الى المعلومة والتواصل معه إلا أن المواقع الالكترونية للأحزاب المعنية تخلو من توثيق حقيقي لتاريخ الأحزاب . وتلخص الدراسة المعوقات الخارجية التي تحول دون حصول الشباب على فرص القيادة في أحزاب المشترك في ممارسات السلطة تجاه العمل الحزبي (القمع للأنشطة الحزبية- إحباط الحزب الحاكم لاي مبادرات تسعى لتقوية وتوسيع الحركة الشبابية مثل الاستيلاء على مقرات اتحاد شباب الاشتراكي منذ عام حرب 94 وعدم إرجاعها إلى ألان – إحباط مبادرة إنشاء اتحاد عام لطلاب اليمن والتي كانت تحت رعاية الاتحاد العام للطلاب العرب وتوافقت عليها التنظيمات الشبابية في أحزاب اللقاء المشترك المعارضة والمؤتمر الشعبي العام الحاكم ، ولكن المبادرة اوقفت حتى بعد توقيع رئيس قطاع الشباب والطلاب في المؤتمر – نص مشروع لائحة شئون الطلاب "قيد المناقشة " ان ممارسة العمل الحزبي في الحرم الجامعي قد يؤدي إلى فصل الطالب من الجامعة).