لا يتحقق النمو الأفقي بدون الخيار اللامركزي في التسيير المالي والإداري ، ذلك أن اللا مركزية تعني ببساطة شديدة أن الأقاليم المختلفة للبلاد ستكون معنية بالموازنات الجارية والتنموية، وتبعاً لذلك سيكون بوسع المحافظات أن تباشر عملها الجاد في مغالبة الاستحقاقات المختلفة، وعوضاً أن تكون متسولة في أروقة وزارة المال المركزية للدولة سيكون عليها أن تحل مشاكلها وأن تستفيد من ميزاتها النسبية في حقول الإنتاج والخدمات، وان تؤمن مصادر للدخل ، بل وأن ترفد الخزانة العامة للدولة بالأموال السيادية التي تحتاجها الدولة المركزية. الحكم المحلي واسع الصلاحيات يعني أن أقاليم اليمن الجغرافية ومحافظاتها المتعددة ستكون في وارد منافسة حرة ستؤدي تباعاً إلى التكامل، الأمر الذي يعزز وشائج المصالح واللحمة الوطنية، ويضع الجميع في سباق الماراتون البنّاء الذي يستبدل الأدنى بما هو أعلى، ويتخلًى تباعا عن ثقافة اللهاث وراء المركز لصالح العمل على التناغم التام بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية، فيما يسمح يتنوع أساليب المعالجة، وتوسيع ملاعب الفعل، واستخدام آليات مُحفزة، بالترافق مع منظومة متكاملة من المميزات الكفيلة بتنمية المناطق الأقل تطوراً. الحكم المحلي سيزيح جانباً التوحيد المتعسف لأنظمة الرواتب والأجور، وسيسمح بنماء متواز للمحافظات، وذلك عطفاً على الحوافز المتفارقة، وسيجعل اليمن الواحد عنوانا للهوية والتنوع، فيما يكون سبباً حاسماً لقهر الفقر وقتله. لن يجد المبتزون والمتطفلون ومن استمرأوا التسول المقرون بالأوهام مكاناً في آليات الحكم المحلي، وستكون الدولة بمنأىً من شرور هؤلاء والذين سيجدون أنفسهم أمام حقيقة لم يتعودوها .. من أراد شيئا لا يمكن أن يناله بالمجّان، ومن أراد انتماءً للدولة والنظام ليس بوسعه ذلك إلا إذا انخرط في المنظومة المؤسسية للدولة بوصفه صاحب حق وواجب، لا حامل وجاهة قبائلية متخلفة. تلك هي مزايا الحكم المحلي أياً كانت صيغته، وهذه هي فداحات المركزية المالية والإدارية التي عانت اليمن الأمرين منها. * صحيفة السياسية اليمنية