أكد المحامي محمد المقطري رئيس الفريق اليمني للشفافية والنزاهة, أن مسئولية تعزيز مبادئ الشفافية بكل الوسائل الممكنة المتاحة تقع على عاتق المجتمع المدني من خلال الورش والندوات والإصدارات التوعوية والدورات التأهيلية لبناء قدرات المنظمات الغير حكومية العاملة في مجال مكافحة الفساد. وأوضح أن الفريق اليمني للشفافية والنزاهة يدرك أن مكافحة الفساد عملية طويلة ومستمرة وتواجه تحديات كبيرة. وقال المقطري في ندوة مناقشة تقرير منظمة الشفافية الدولية التي عقدها الخميس الفريق اليمني للشفافية والنزاهة بصنعاء: "ومع إيماننا بأن المجتمع المدني هو لاعب أساسي في مكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون فان ذلك لا يتحقق إلا بمشاركة حقيقية تقوم بين منظماته والدولة بسلطاتها الثلاث والقطاع الخاص ووضع خطط وسياسات وإجراءات كفيلة للحد من الفساد ومحاسبة الفاسدين ولا يتأتى ذلك إلا بوجود مجتمع مدني قوي وفاعل, ونؤكد هنا على ضرورة ان يكون نظام الإدارة في مؤسسات المجتمع المدني متوافقا مع معايير الشفافية والنزاهة لكي تصبح هذه المنظمات جديرة بمراقبة مؤسسات القطاع العام ومحاسبة المسئولية فيما يتعلق بقضايا الشأن العام. وشدد على ضرورة وضع مؤشرات التقييم، الذي حصلت اليمن بموجبه على المرتبة 154 في قائمة ضمت 180 دولة، وضعها ضمن اهتمام واسع من قبل المعنيين وخاصة من قبل الحكومة للحد من انتشار الفساد والعمل على مكافحته وتعزيز دور الشفافية والمساءلة والمحاسبة وتعزيز سيادة القانون. وأضاف: "لا بد من وجود إرادة سياسية حقيقية لمكافحة الفساد ومساءلة كبار المسئولين والمتورطين في قضايا الفساد والعمل على إلغاء كافة النصوص القانونية التي تمنحهم الحصانة ضد المساءلة والمحاسبة ووضع مدونة سلوك للموظفين العامين والعاملين في الأجهزة الأمنية ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية وعقد ورش تدريبية حول دور القضاء في مكافحة الفساد وسرعة صدور قانون الحق في الحصول على المعلومة وتمكين الإعلام من نشر قضايا الفساد والمتورطين فيه بناء على معلومات صحيحة وقانونية وغير متناقضة تعد إحدى الوسائل الناجعة لذلك". من جانبه أكد الدكتور محمد أحمد حيدر أن الفساد في اليمن مثَّل ولا زال يمثل عامل كبح ومعوق لأية برامج إصلاح سياسي واقتصادي. وقال إن: "أخفق برنامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي شرعت الحكومة اليمنية بتنفيذه مطلع العام 1995م عبر مصفوفة من القوانين والسياسات والإجراءات، ومن خلال القراءة الاستخلاصية لمؤشر مدركات الفساد لعام 2009 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية نجد أنه كلما زاد الفساد تغلغلاً في الجهاز الإداري للدولة وعلى مستوى القطاعات الاقتصادية وفي سلطات الحكم المحلي وفي أداء الموازنة العامة السنوية للدولة وغيرها من مراكز الفساد كلما كان معرقلاً لنمو الاستثمار الحقيقي ويعوق التنمية". وذكر الدكتور محمد حيدر عدداً من الآثار الناجمة عن الفساد على الصعيد الاجتماعي كعمالة الأطفال والفقر والبطالة والأمية وتهميش خدمات الصحة والتعليم والمتاجرة بالوظيفة العامة والتسرب في التعليم بمراحله المختلفة، والتي تضاف إلى انعدام العدالة وانتشار الظلم، والمشكلات العميقة في معاملات الأفراد مع الدولة، وإحباط عمليات النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. مشيراً إلى أن منظمة الشفافية الدولية أشارت بصراحة في سياق استعراضها لمؤشر مدركات الفساد لعام 2009م في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى قلة عدد الدول التي حصلت على نقاط متدنية في المؤشر يقل عن (5) نقاط ومنها اليمن التي حصلت على 2-1من عشرة وهي نسبة تجعل اليمن ضمن الدول الأكثر فساداً. وأوضح الدكتور حيدر على أن معطيات مؤشر مدركات الفساد لعام 2009 لمنظمة الشفافية تكشف أن الجوانب المتصلة بمشكلة الفساد تساعد بشكل كبير على خلق بيئة ثقافية تعزز انتشاره في مختلف مناح الحياة، وذلك لانعدام الاستقرار السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي وغياب الرقابة والمساءلة والمحاسبة الحقيقية، وهيمنة السلطة التنفيذية على القرار السياسي وسقوط هيبة الدولة والقانون وضعف ممارسة الحريات وعدم احترام وحماية الملكية الخاصة والعامة المادية والمعنوية وغياب حق المواطنة المتساوية وأيضاً غياب الشفافية والإفصاح وتنامي إهدار حقوق الإنسان وضعف الممارسات الديمقراطية. وأكد أن مكافحة الفساد في اليمن وكما هو في بلدان نامية أخرى لا يمكن أن يتحقق بمجرد إصدار التشريعات الوطنية والمصادقة على الاتفاقيات الدولية وتأسيس منظمات المجتمع المدني بقدر ما تكون الإرادة السياسية الحقيقية هي نقطة الانطلاق. مشيرا حيدر إلى أن اليمن في مؤشر الفساد ضمن الدول الأكثر فساداً. من جهته قال الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء إن الأزمة السياسية السائدة هي السبب الرئيسي للفساد السائد في اليمن. وأضاف: "إن المؤشر لم يتناول ظاهرة تفشي "ثقافة الفساد" التي انتشرت في أوساط المجتمع، مشيراُ إلى أنه لم تتناول قضايا فساد حقيقية "إلا من باب المهاترات". واتهم الصلاحي تقرير منظمة الشفافية الدولية بأنه أجحف بحق اليمن كونه لم يأخذ كل المؤشرات التي يجب أن تؤخذ، واقتصر على مؤشر فساد الحكومة مغفلاً فساد القطاع الخاص والمجتمع المدني، بالإضافة إلى عدم تناوله الأزمة السياسية الراهنة باعتبارها مرتبطة بالفساد وإحدى نتائجه. وجاءت اليمن في المرتبة 154 في قائمة مؤشرات مدركات الفساد الصادرة عن المنظمة الدولية للعام 2009 من بين 180 دولة تضمنتها القائمة. وحصلت اليمن على الرقم 2,1 في نقاط مؤشرات إدراك الفساد، وعلى 0,6 في مؤشر الانحراف المعياري، وبلغ الحد الأعلى في فاصل الثقة 2,5، والحد الأدنى 1.6 %. وكانت اليمن احتلت المرتبة 141 في التقرير السابق لمنظمة الشفافية الدولية، في حين تصدرت الدانمارك وسنغافورا ونيوزيلندا قائمة الدول الأكثر شفافية عالميا، وعلى مستوى الشرق الأوسط تصدرت كل من قطر و الإمارات و إسرائيل، في حين حصلت اليمن على المرتبة 17 في معدلات غياب الشفافية ومكافحة الفساد، متقدمة على إيران والعراق. واعتمدت منظمة الشفافية الدولية الفريق اليمني للشفافية والنزاهة فرعاً لها في اليمن في أكتوبر الماضي بتوقيع اتفاقية بين مدير عام منظمة الشفافية الدولية الدكتور كوباس دي سوات والمحامي محمد علي المقطري رئيس الفريق اليمني، المدير التنفيذي للمرصد اليمني لحقوق الإنسان في برلين بحضور فروع منظمة الشفافية الدولية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ووقع الطرفان الاتفاقية على هامش المؤتمر الدولي لأعضاء منظمة الشفافية الدولية التي تضم في عضويتها 81 دولة في العالم. وبتوقيع هذه الاتفاقية أصبحت اليمن الفرع رقم 82. وأكَّد الفريق اليمني للشفافية والنزاهة المكون من "المرصد اليمني لحقوق الإنسان،ومركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، ومنظمة صحفيات بلا قيود، والمدرسة الديمقراطية، والمنتدى الاجتماعي الديمقراطي"، على ضرورة إعطاء الصلاحيات الواسعة للهيئة العليا لمكافحة الفساد، بما يمكنها من التحقيق الكامل مع مرتكبي حالات الفساد ومسيئي استخدام السلطة، وملاحقتهم وفق آليات تكفل عدم الإفلات من العقاب وتضمن استرداد الأموال المتحصلة عن حالات الفساد