وسعت السلطات اليمنية معززة بقوات متخصصة رقعة مواجهتها للقاعدة وتعقب عناصره في مناطق يمنية متفرقة تعتقد السلطات بتمركزهم هناك أو انتقالهم إليها بعد أن شلت حركتهم بعمليات استباقية وضربات ناجحة شنتها قوات الأمن اليمنية منذ أسبوعين على معاقل رصد فيها تمركز للتنظيم كأرضية خصبة للتوالد والتكاثر والإعداد للهجمات. وقالت مصادر أمنية ل"الوطن" أن تعزيزات في عمليات تعقب في محافظات صنعاء والجوف وشبوة ومأرب وحضرموت فضلا عن محافظة أبين التي تعد من أهم معاقل تصدير الجماعات الجهادية ، مشيرا إلى ترافق تلك العمليات لإجراءات أمنية حول المصالح الحكومية والأجنبية ، ورفع الأجهزة الأمنية درجة اليقظة في صفوفها إلى أعلى مستوى بجانب دعوة المواطنين في تلك المناطق للإبلاغ عن أي مشتبهين والتحذير من إيواء تلك العناصر ، مؤكدا عزم اليمن على تحجيم نشاط هذا التنظيم وضرب عناصره أينما كانوا وفي أي وقت. ولا يبدو أن هدف الحكومة مقتصر على ملاحقة خلايا القاعدة وعناصر متورطة في عمليات إرهابية وحسب، إذ تكشف معلومات عن ثبات لدى السلطة في مواصلة الحرب على القاعدة وتفكيك الخلايا المتجددة وتقطيع أوصالها عن طريق ملاحقة مصادر التمويل الداخلية والخارجية. وتأتي هذه التطورات لجبهة إرهاب القاعدة فيما عادت المواجهات بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين شمال غرب البلاد بعد تصعيد المتمردين وثيرة عملياتهم الإرهابية كرد رافض لاشتراطات جديدة قدمتها الحكومة لانهاء العمليات . في غضون ذلك قال جون برينان مساعد أوباما للأمن الداخلي ومكافحة الارهاب لبرنامج (حالة الاتحاد) الذي تبثه شبكة (سي.ان.ان) التلفزيونية الاميركية أن "هناك مؤشرات على أن القاعدة في جزيرة العرب والتي تتخذ من اليمن مركز لها تخطط لهجوم ضد هدف في صنعاء." وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في صنعاء يوم الأحد قائلة أنها اتخذت هذا الإجراء "بسبب تهديدات قائمة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لمهاجمة المصالح الاميركية في اليمن."وتبعت ذلك السفارتين البريطانية والاسبانية بصنعاء واللتان أعلنتا إقفال أبوابها لدواعي أمنية. وأعلنت الإدارة الامريكية في وقت لاحق الأحد ان الرئيس باراك اوباما اطلع من مستشاره لمكافحة الارهاب جون برينان على نتائج اللقاء "المثمر" الذي جرى بين الجنرال ديفيد بترايوس والرئيس علي عبد الله صالح في صنعاء أمس السبت. وجدد قائد القوات الامريكية في الشرق الاوسط وآسيا الوسطى الجنرال بترايوس للرئيس صالح التأكيد على دعم الولايات المتحدة لليمن في جهوده لمكافحة الارهاب. ورأى بترايوس ان العمليات الاستباقية الأخيرة التي نفذتها صنعاء ضد القاعدة "تؤكد تصميم اليمن على ملاحقة العناصر الارهابية من تنظيم القاعدة ودعم جهود المجتمع الدولي في مجال مكافحة الارهاب وبما يخدم الامن والاستقرار في المنطقة والعالم". وكانت السلطات اليمنية شنت غارات وحملة اعتقالات في 17 و24 ديسمبر في مناطق بصنعاء وابين وشبوة اسفرت عن مقتل اكثر من 60 متشددا ممن يشتبه في انتمائهم الى تنظيم القاعدة بينهم سعوديين وأجانب، واعتقال 17 اخرين منهم. وفي وقت سابق قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إنه جعل تعزيز الشراكة مع الحكومة اليمنية "أولوية في تدريب وتجهيز قواتهم الأمنية وتبادل معلومات المخابرات والعمل معهم لضرب الإرهابيين من تنظيم القاعدة". من جانبه نفى وزير الخارجية اليمني الدكتور أبوبكر القربي التقارير التي تحدثت عن اتفاق صنعاء وواشنطن على تنسيق أمني للحرب على القاعدة يتيح للأخيرة مرور صواريخ موجّهة وطائرات مقاتلة وأخرى من دون طيار لضرب مراكز القاعدة في اليمن مؤكدا عدم وجود اتفاقيات بين البلدين بهذا الصدد وعدم وجود مشاريع مطروحة للتوقيع بينهما. وقال القربي في تصريحات صحفية الأحد إن اليمن بصدد زيادة ودعم قوات مكافحة الإرهاب لتتمكن من صد أي اعتداءات على مصالحها والمصالح الغربية من قبل عناصر تنظيم القاعدة . وأكد وأن جهود الدعم الدولي التي يتم الحديث عليها ينبغي أن تصب من أجل رفع قدرات الأمن اليمني بمكافحة الإرهاب في مجالي التدريب ووسائل الاتصال والنقل برا وبحرا مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية ماضية في ملاحقة عناصر "القاعدة". ودعا إلى جهود عربية مشتركة لمواجهة خطر الإرهاب ورأى أن هذا الخطر قد ينتشر أكثر في حال لم تتعاون كل الدول لمواجهته. وأوضح وزير الخارجية أن الكشف عن إقامة المتهم النيجيرعمر الفاروق عبد المطلب في عدة دول ثم مجيئه إلى اليمن لعدة شهور قبل محاولته الفاشلة لتفجير الطائرة الأميركية في مطار "ديترويت" في يوم رأس السنة ، يكشف حقيقة أن تنظيم القاعدة في اليمن ليس إلا جزءا من تنظيم دولي كبير ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز تنسيق الجهود بين دول المنطقة والعالم من أجل مواجهة خطر الإرهاب. وأوضح أن الضربات الأخيرة التي وجّهتها الأجهزة الأمنية والقوات الجوية اليمنية للتنظيم جاءت بعد جهود استخبارية رصدت تحركات عناصر القاعدة منذ فترة طويلة وكان مقررا أن تتم في وقت سابق لكنها تأخرت لان الحكومة كانت ترغب في تحديد دقيق للعناصر الإرهابية وبالذات الخطيرة منها ولإثبات جديتها في مواجهتهم بعد أن فشل الحوار وبرنامج إعادة التأهيل معهم. ولفت إلى أن الجهود المخابراتية وفرت الكثير من المعلومات لأجهزة الأمن وكشفت عن مخططات خطيرة للقاعدة تستهدف المصالح اليمنية والأجنبية والمرافق الاقتصادية ومسئولين أمنيين وعسكريين.