الأمم المتحدة تعلن إعادة تقييم عملها في مناطق مليشيا الحوثي الإرهابية    من يضبط مثل هؤلاء الغوغاء؟    روسيا تتحدى الحظر الغربي وتصدر الحبوب إلى مناطق سلطة صنعاء    السفير الروسي: اليمن يمر بأصعب مرحلة في تاريخه    إتريك عدن.. حرب الضوء على أبواب المدينة    سفير روسيا: نبحث تطوير محطة "الحسوة الكهروحرارية"    سجن "الأسد" وظلال "شريان": جدلية السلطة والقيمة في متاهة الاعتقال    ضباط أمريكيون يشرفون على عمليات إسرائيل في لبنان    الاتحاد العام للدارتس يدشًن البطولة التأسيسية المفتوحة الأولى    معظمها في مناطق المليشيا.. الصحة العالمية تسجل 29 إصابة بشلل الأطفال منذ بداية العام    الخائن معمر الإرياني يختلس 500 مليون ريال شهرياً    قمة صينية أمريكية لخفض التوتر التجاري بين البلدين    اغتيال القبيلة في حضرموت: من يطمس لقب "المقدّم" ويهين أصحاب الأرض؟    إرهابيون يتحدثون عن المقاومة لتغطية نشاطهم الدموي في عدن    17 عام على كارثة سيول حضرموت أكتوبر 2008م    الهوية لا تُكتب في الدساتير بل تُحفر في وجدان الشعوب    لسنا كوريا الجنوبية    52% من الإسرائيليين يعارضون ترشح نتنياهو للانتخابات    الدعوة لرفع الجهوزية ومواصلة كل الأنشطة المساندة لغزة    الهلال يحسم كلاسيكو اتحاد جدة ويواصل الزحف نحو القمة    تحرّكات عسكرية إماراتية مكثفة في الجزر اليمنية    صلاح السقلدي: اتهامات شرفي الانتقالي ل"العليمي" إن لم تتبعها إجراءت ستتحول إلى تهريج    القبيلة والدولة والسياسة في اليمن: قراءة تحليلية لجدلية العلاقة في مؤلفات الدكتور الظاهري    أبين.. اشتباكات دامية في سوق للقات بشقرة    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    الإرهاب السلفي الإخواني يقتل المسلمين في مساجد مصر    من عدن كانت البداية.. وهكذا كانت قصة الحب الأول    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    دوري روشن السعودي: الهلال يحسم الكلاسيكو ضد الاتحاد بثنائية    مبادرة مجتمعية لإصلاح طريق طويل يربط مديرية الحداء بالعاصمة صنعاء    الآن حصحص الحق    الجزائرية "كيليا نمور" تحصد ذهبية العالم في الجمباز    عدن .. وفاة أربعة شبان في حادث مروري مروّع بالبريقة    بطء العدالة.. عندما يتحول ميزان الحق إلى سباق للصبر: دعوة لإصلاح هيكلي للقضاء    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    عهد تحلم ب«نوماس» نجمة ميشلان    ترامب يعلن إنهاء جميع المحادثات التجارية مع كندا    غدًا السبت.. انطلاق البطولة التأسيسية المفتوحة الأولى للدارتس – عدن    الإصابات تبعد 4 اتحاديين أمام الهلال    عدن.. بين استهداف التحوّلات وإهمال المقومات    العائدون والمصابون قبل كلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة    أزمة القمح تطفو على السطح.. شركة تحذر من ازمة في السوق والوزارة تطمئن المواطنين    قراءة تحليلية لنص "على حواف الموت" ل"أحمد سيف حاشد"    احباط تهريب آثار يمنية عبر رحلة اممية بمطار صنعاء    وزارة الاقتصاد : مخزون القمح يكفي لأشهر..    صنعاء .. اجتماع للجنة التصنيع لأدوية ومستلزمات مرضى الحروق    محافظ شبوة يثمن التجهيزات الإماراتية لمستشفى بن زايد في عتق    الأحرار يقفون على أرضية مشتركة    نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الإعلامي أحمد زين باحميد وتشيد بمناقبه    دراسة: الإفطار الغني بالألياف يقلل الإصابة بسرطان القولون    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    ترامب يعلن إلغاء لقائه مع بوتين في المجر    السكوت عن مظلومية المحامي محمد لقمان عار على المهنة كلها    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    ريال مدريد يعتلي الصدارة بعد فوزه الثالث على التوالي في دوري الأبطال    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب استنزاف أوباما بين أفغانستان واليمن
نشر في المصدر يوم 15 - 01 - 2010

من الصعب تصوُّر أن دعوة رئيس الحكومة البريطانية غوردن براون إلى عقد اجتماع دولي حول مكافحة الإرهاب في اليمن يوم 28 يناير الحالي، وهو اليوم ذاته الذي سوف يُعقد فيه اجتماع دولي آخر، وربما للأطراف الدولية نفسها، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي حول الحرب الأميركية-الأطلسية في أفغانستان، جاءت من فراغ، بل إن خيطاً مهماً يربط بين هذين المؤتمرين يتعلق بالتوجه الأميركي الجديد لخوض حرب جديدة ضد تنظيم القاعدة في اليمن، والدوافع الحقيقية لهذا التوجّه.
المثير للاهتمام هنا أن ما يمكن اعتباره تسرعاً بريطانياً وأميركياً بالاتجاه إلى تدويل الأزمة في اليمن، وبالتحديد أزمة القاعدة، قد استُقبل بترحيب يمني مُبالغ فيه، لدرجة تفرض السؤال عن أي من الطرفين: الأميركي واليمني هو صاحب التوجّه بفتح جبهة جديدة للحرب الأميركية ضد «تنظيم القاعدة» في اليمن في الوقت الذي مازالت فيه القوات الأميركية غارقة في وحل الحرب ضد كل من «القاعدة» وحركة طالبان في أفغانستان، وفي الوقت الذي يواجه اليمن تحديين آخرين خطرين يهددان استقراره ووحدته:
أولهما - خطر التمرد الحوثي في الشمال.
وثانيهما - خطر تنامي التأييد الشعبى ل«الحراك الجنوبي» الذي يجدد المطالب الانفصالية لجنوب اليمن، اعتراضاً على السياسات التمييزية والاستبدادية للحكومة اليمنية.
هل رغبة واشنطن في فتح حرب جديدة ضد «القاعدة» في اليمن تعد هروباً مسبقاً من احتمالات فشل الاستراتيجية الأميركية الجديدة للرئيس أوباما، أم أن هذا التوجه الأميركي نابع من إدراك لضرورة ملاحقة فلول القاعدة الذين هربوا إلى اليمن والصومال، حتى لا يكون النصر المأمول في أفغانستان مهدداً ببروز مواقع جديدة للتهديد في وقت تحرص فيه الإدارة الأميركية على أن تفرغ من هذه الحرب، وأن تتفرغ لمواجهة الملفات الأهم، وخاصة الملفات الداخلية والعلاقات مع القوى الدولية والإقليمية الصاعدة، في وقت تواجه فيه واشنطن منافسات جادة لزعامتها من هذه القوى؟
وهل الحرص اليمني المُبالغ فيه على توريط الولايات المتحدة في جبهة حرب جديدة ضد «القاعدة» في اليمن هدفه الحصول على الدعم الأميركي العسكري والمالي والسياسي اللازم لمواجهة الخطرين الآخرين؟، أم أن الحكومة اليمنية صادقة بالفعل في تضخيم خطر تنامي قوة تنظيم القاعدة في اليمن، وأنها لا تبالغ في هذا التضخيم، وأنها بالفعل في حاجة ماسة إلى مشاركة أميركية حقيقية في هذه الحرب وفي حاجة إلى تدويل أزمتها مع القاعدة، برغم كل ما يعنيه مثل هذا التدويل من مخاطر على وحدة اليمن واستقراره؟
رد فعل انفعالي أم توسيع لدائرة الحرب؟
هذه التساؤلات المهمة تكشف مدى تعقيد الأمور، سواء بالنسبة إلى الإدارة الأميركية أو للحكومة اليمنية، خاصة أن هذا التحرك نحو تدويل الأزمة في اليمن والاندفاع الأميركي إلى مزيد من التورط في جبهة جديدة للحرب ضد «تنظيم القاعدة» في اليمن، وربما في الصومال أيضاً له جذوره الممتدة، وليس مجرد رد فعل عصبي أو انفعالي للإدارة الأميركية وللرئيس باراك أوباما شخصياً على العملية الفاشلة التي أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عنها، والخاصة بقيام أحد الأشخاص المنتسبين للقاعدة أو المرتبطين بها، واسمه عمر الفاروق عبدالمطلب، ويحمل الجنسية النيجيرية، بمحاولة اختطاف وتفجير طائرة أميركية كانت متجهة من العاصمة الهولندية أمستردام إلى مطار ديترويت في الولايات المتحدة يوم 25 ديسمبر (كانون أول) الفائت، وما استتبع ذلك من مشاركة الولايات المتحدة في شن غارات مكثفة على مواقع لتنظيم القاعدة في اليمن كانت نتائجها فادحة على التنظيم وكوادره، ما دفعه إلى توجيه تهديدات إلى بعثات دبلوماسية غربية في العاصمة اليمنية أجبرت هذه البعثات على إغلاق مقارها لأيام عدة، تحسباً لأي تطورات.
فالولايات المتحدة تشارك قبل نحو عام، عن طريق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آى إيه)، وفق معلومات ذكرتها صحيفة نيويورك تايمز في تدريبات لقوات الأمن اليمنية على تكتيكات مكافحة الإرهاب، عن طريق مجموعة من أبرز عملائها الميدانيين، كما كشف رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جوزيف ليبرمان، الذي سبق أن زار اليمن في شهر أغسطس (آب) الماضي أن «اليمن بات أحد أبرز مراكز الثقل اليوم»، موضحاً في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية «فوكس نيوز» أنه «لدينا وجود متنام هناك، ولدينا أيضاً أطقم عمليات خاصة من ذوي القبّعات الخضر والاستخبارات».
توسيع المساعدات السرية
وفي السياق ذاته تحدث مسؤولون أميركيون ويمنيون أنهم «تمكنوا من التوصل إلى نقطة أساسية في العلاقة بين الطرفين الصيف الماضي، بعد زيارات سرية قام بها، بطريقة منفصلة، قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس، ومستشار الرئيس أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان».
في الوقت نفسه نقلت الصحيفة ذاتها نقلاً عن مسؤولين مطلعين أن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وافق على توسيع المساعدة السرية والعلنية التي تتلقاها بلاده، بعد ضغوط أميركية وسعودية، وازدياد الخطر الذي تواجهه الدائرة السياسية في بلاده.
لكن يبدو أن مسألة تعرُّض الرئيس اليمني لضغوط أميركية وسعودية للإقدام على خطوة قبول التدخّل الأميركي المباشر في الحرب ضد تنظيم القاعدة في اليمن مبالغ فيه، على ضوء ما ورد على لسان وزير الخارجية اليمني أبوبكر القربي الذي طالب بدعم أميركي وأوروبي لتعزيز الجهود في مواجهة «القاعدة»، حيث قال إن الدعم الذي يحصل عليه اليمن حالياً غير كاف، وقدّر عدد الناشطين في التنظيم بنحو 300 عنصر، قال إنهم يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية ضد المصالح الأميركية والغربية بشكل عام.
لذلك يمكن أن نتحدث عن توافق مصالح أميركية-يمنية دفع الطرفين إلى تعزيز التعاون العسكري المشترك، بدليل ما كشفه قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس من معلومات تتحدث عن دعم أميركي أمني وعسكري لليمن في حربه ضد الحوثيين، بعد مخاوف عبّر عنها مسؤولون أميركيون من تأثير تلك الحرب على دور الحكومة اليمنية في مكافحة الإرهاب، وتحوّل البلاد إلى «ملاذ آمن» لتنظيم القاعدة، وظهير احتياطي لأنشطة التنظيم في أفغانستان وباكستان.
وكان بترايوس قد أوضح أن الولايات المتحدة «تدعم اليمن في سياق التعاون العسكري الذي تقدمه واشنطن لحلفائها في المنطقة»، كما أكد أن السفن العسكرية الأميركية الموجودة في المياه الإقليمية اليمنية «ليست فقط للمراقبة، وإنما لإعاقة إمداد المتمردين الحوثيين بالسلاح».
توافُق مصالح كشفه أيضاً الرئيس اليمني علي عبدالله صالح عقب لقائه الجنرال ديفيد بترايوس يوم 2 يناير الحالى، وإعلانه أن اللقاء جاء لمناقشة التعاون العسكري بين البلدين.
توافق محفوف بالمخاطر

لكن هذا التوافق في المصالح ربما تكون له آثاره الفادحة على الطرفين، في ظل إدراك مراقبين لمخاطر تداعيات هذا التوافق، خاصة ما يتعلق بتأثير مشاركة الولايات المتحدة في الحرب ضد «القاعدة» على بروز تعاطف شعبي يمني مع تنظيم القاعدة، خصوصاً في ظل أخطاء ترتكبها الحكومة اليمنية تدعم تنامي هذا التعاطف، على غرار محاولة الحكومة إقحام اسم الشيخ أنور العولقي، الذي كانت له مراسلات مع الرائد في الجيش الأميركي نضال حسن، المتهم بالهجوم الذي وقع على قاعدة «فورت هود» في الويات المتحدة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكي تقدم رأسه إلى أميركا، وفق معلومات لمصادر يمنية معارضة، برغم أن الشيخ العولقي ليست له أي علاقة بتنظيم القاعدة.
لكن التحدي الأهم لهذا التوافق المصلحي الأميركي-اليمني يأتي من أفغانستان، مع زيادة تعقيد الحرب الأميركية هناك ضد تنظيم القاعدة وحركة طالبان، خاصة رفض الرئيس الباكستاني آصف زرداري طلباً مباشراً من الرئيس الأميركي باراك أوباما بتوسيع نطاق العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش الباكستاني في المناطق القبلية على وجه السرعة، وهو الرفض الذي فرضه الحرج المتزايد للحكومة الباكستانية، بسبب زيادة عدد الضحايا المدنيين الباكستانيين لعمليات القصف التي تقوم بها الطائرات الأميركية من دون طيار في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
لكن التحدي الأهم يأتي من داخل أفغانستان، في ظل توقعات تؤكد فشل الحرب الأميركية هناك، وهو فشل إن حدث فسيكتب النهاية الحقيقية للولايات المتحدة كقوة عظمى حقيقية في العالم، الأمر الذي من شأنه ان يضع الرئيس الأميركي أمام تحديات هائلة لمستقبله السياسي، مع تراجع شعبيته لمعدلات غير مسبوقة، ومع رفض أميركي متزايد للحرب في أفغانستان، وعندها سيجد أوباما أن مستشاريه الذين صاغوا إستراتيجيته الجديدة في أفغانستان ومن شجعوه على توسيع الحرب ضد الإرهاب قد خدعوه.
أوان الكويتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.