حذر الدكتور علي صالح المصري- أستاذ القانون العام المشارك بجامعة صنعاء من ما وصفه ب"فساد الخطاب الاعلامي" للسلطة والمعارضة على حد سواء كنتاج لسياسة متطابقة يعتقد من خلالها كل طرف أن استمرار وجوده لا يتم إلا في ظل الصراع وخلق العدو المزعوم. وأكد أن استمرار الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة في هذه السياسة سيجعل اليمن يعيش في أزمات متداعية ، ما يعني استمرار اعتداء كل طرف على القيم الإيجابية نكاية بالطرف الأخر ، غير عابئ بما سيؤل إليه أمر البلاد في النهاية من دمار وخراب.-حد قوله. الدكتورعلي المصري وفي ورقة عمل عرضها في مركز منارات بصنعاء أوضح ان تفاقم الصراع بين النظام السياسي اليمني الحاكم وبين التنظيمات السياسية المعارضة أدى إلى إحداث أزمة عدم ثقة بين الطرفين , وترتب على ذلك ردود فعل غير سليمة من جانب كل طرف ضد الآخر وظهور ما وصفه ب"فساد في الخطاب الإعلامي" المتجاهل لرسالته الايجابية في ترجمة قيم المجتمع وآماله وطموحاته وطرح مشاكله طرحاً علمياً وتغيير الواقع إلى ما هو أصلح وأحسن. وبحسب الدكتور المصري فان أحزاب المعارضة من خلال نهجها العدائي المتربص بالسلطة والمستعين بالوسائل المختلفة بما في ذلك وسائلها الإعلامية لتقويضها والانقضاض عليها إذا استطاعت ، مكن النظام السياسي الحاكم بسيطرته على وسائل الإعلام المختلفة من إثارة الرعب وخلق عدم الثقة لدى الجماهير بتلك الأحزاب السياسية وأهدافها , على اعتبار أنها عندما تصل إلى الحكم فلن يخلو وضعها من أمرين كلاهما أمرً من الآخر هما "ديكتاتوري إسلامي , و ليبرالي فوضوي". واعتبر ان هذا الوضع السياسي غير الصحي آل أو اوصل بالإعلام اليمني بشقية (الرسمي وغير الرسمي) لأن يصبح غير منسجم ولا متكامل في الظروف العادية , ومن باب أولى في الأزمات الأمنية وسواءً قبل حدوثها أو أثنائها أو بعدها . ولفت الدكتور المصري الى امثلة دالة على ذلك بالإشارة إلى ما تعرضت اليمن له من حملات تشويه إعلامية والتي قال انها "قامت بها عناصر تنتمي إلى الوطن هدفها الإضرار بهذه البلد وسمعتها , خاصة تلك التي لها صلة بأعمال الإرهاب في بلادنا , والزعم بأن هناك تقاعساً رسمياً عن القيام بالمهام الملقاة على عاتق الحكومة لمكافحة هذه الآفات الخطيرة" . واكد في ذات السياق ان بعض وسائل الإعلام الحزبية تتعامل مع بعض هذه الأحداث بصورة غير مسئوله , وذلك من خلال التهويل بشأن هذه الأحداث , كنوع من الإثارة السياسية (..) ، ضاربه بمصلحة الوطن عرض الحائط, وهو ما عكس نفسه على الإعلام الخارجي , الذي أدى في نهاية الأمر إلى أن أصدرت بعض الدول الأوروبية وغيرها تحذيراً لرعاياها من زيارة اليمن , بل وقيام بعض الحكومات الغربية بإغلاق سفاراتها وقنصلياتها في العاصمة صنعاء أكثر من مرة- حد قوله. وزاد بان وسائل الإثارة الإعلامية الحزبية دفعت إلى تهييج الرأي العام وتعريض الحكومة لإحراجات وضغوطات منظمات حقوق الإنسان , والتي منها المنظمات العالمية التي قام أعضائها بزيارات متكررة إلى البلاد ( اليمن ) للإطلاع على أحوال السجناء , وصدور بعض التقارير من قبل بعض تلك المنظمات مفادها الإضرار باليمن , على الرغم من أنها قد استندت في هذه التقارير إلى معلومات خاطئة . وبحسب أستاذ القانون المشارك فان دور الإعلام غير الرسمي بشأن الفتنة التي أحدثها المدعو الحوثي في محافظة صعده لم يرق هو الآخر إلى مستوى التحدي والإسهام بإيجابية في إتجاه معالجة هذه الأزمة , وقال " أنه على إثر المعارك بين الجانبين وحدوث أخطأ من قبل الطيران العسكري الحكومي أو أنه لم يَصب أهدافه ظهرت الإشاعات وحديث الكرامات , التي منها أن العناية الإلهية تقاتل مع الحوثي وجماعته " مؤكدا ان هذه الإشاعات أحدثت تأثيراً أدى إلى رفع معنويات هذه الجماعة. كما تطرق إلى توجيه المعارضة نقدها الشديد ضد إجراءات الحكومة التي وصفتها بأنها متهورة وغير مشروعة , وتنتهك الحريات وتتخذ إجراءات ضد مواطنيها قبل التثبت ، مستخدمة في ذلك الأسلحة المختلفة ، حيث عللت المعارضة قولها هذا بأن الحكومة تتبع سياسة التعتيم الإعلامي حول ما يجري ..., بل إن أحزاب اللقاء المشترك- بحسب الدكتور المصري - أصدرت بياناً احتوى مضامين هذا الانتقاد بتفصيل أكبر. وأشار إلى أن ذلك البيان الصادر من أحزاب اللقاء المشترك قوبل بهجوم إعلامي رسمي مضاد , تمثل بردود عنيفة من قبل صحف الحزب الحاكم , متهمة تلك الأحزاب بالتواطؤ والخيانة..., ناهيك عن تلك التصريحات من قبل بعض ممثلي النظام الحاكم , تضمنت التهديد بحل تلك الأحزاب...، كونها بموقفها المشار إليه تبرر تلك الفتنة , وتشجع المتمردين على الخروج عن الدستور والقانون.. وأضاف "لم تشأ المعارضة أن تستسلم أو تخضع لذلك التهديد , فصعدت موقفها , وحركت منظمات المجتمع المدني لإصدار البيانات المنددة بخيار الحرب..., بل نفذت الأحزاب إعتصامات في مقارها في إطار الحملة ضد الحكومة.. ورأى الدكتور المصري ان ردود الفعل المتناقضة بين موقفي الحكومة وأحزاب المعارضة من فتنة صعده وكيفية معالجتها..., جعل من الإعلام اليمني بشقية (الرسمي وغير الرسمي) غير واقف في خندق واحد لمعالجة تلك الفتنة أو الأزمة , وهو ما اعتبره "مؤشر خطير باستمرار تفاقم علاقة سؤ الثقة وتعارض المصالح الأنانية بين الطرفين على حساب مصالح الوطن العليا , مما جسدَّ بشكل أكبر تلك الأزمة السياسية القائمة بين الطرفين إلى جوار تلك الأزمة المتمثلة بفتنة الحوثي ". كما عزز الدكتور المصري انتقاداته بمثال لما حدث قبل ثمان سنوات بالقضية الحساسة والخطيرة المتمثلة بضرب الطيران الأمريكي لسيارة علي قائد الحارثي في محافظة مأرب بتاريخ 4/11/2002م , مما أدى إلى اغتياله مع خمسة آخرين كانوا على سيارته. مشيرا في ذلك الى ما ظهر آنذاك من هجوم واسع لأغلبية أفراد المجتمع اليمني وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية , خاصة وأن المتحدث الرسمي باسم الحكومة اليمنية قد أكد آنذاك بأن هذه العملية قد تمت وفق تنسيق مسبق بين الحكومة والاستخبارات الأمريكية , وذلك على إثر حادثة تفجير البارجة العسكرية الأمريكية ( كول ) سنة 2000م . وأهم ما جاء في تلك الانتقادات الموجهة للحكومة اليمنية –والحديث للدكتور المصري - من قبل تلك الأحزاب أن تدخلاً سافراً أمريكياً في الشأن الداخلي اليمني قد تحقق في هذه القضية , وحمَلَّت تلك الانتقادات الحكومة اليمنية مسؤولية ذلك التنسيق والتعاون القائم على التواطؤ مع الأمريكيين ، الأمر الذي أدى إلى الإخلال بالسيادة الوطنية...إلخ. مستخلصا مما سبق أن الصراع قد أدى بالحزب الحاكم وأحزاب المعارضة إلى محاولة كل طرف تدمير الخصم المزعوم وإنهاء وجوده . داعيا في السياق القائمين على النظام السياسي في البلاد ( حكام ومعارضة ) إلى إعادة الاعتبار للقيم الدينية والأخلاقية الوطنية والتخلي عن نهج تبني و تطبيق رؤية الإفراط أو التفريط في الخطاب الإعلامي ، كما تتضمنه الرهبانية المسيحية ... واليهودية المحرفة- حد قوله.