ارجع الدكتور علي علي صالح المصري أستاذ القانون العام المشارك بجامعة صنعاء فساد الخطاب الإعلامي إلى تدني القيم الدينية والأخلاقية لدى الإدارة الإعلامية الرسمية وغير الرسمية داعيا الإدارة الإعلامية اليمنية إلى ضرورة الالتزام بالقيم الدينية واحترام آداب المهنة وأخلاقيات الإدارة. وأشار- في محاضرته حول (إحياء القيم الدينية والأخلاقية كمدخل لإصلاح فساد الخطاب الإعلامي)، التي ألقاها مساء أمس بالمركز اليمني للدراسات التاريخية وإستراتيجية المستقبل (منارات) ضمن فعالياته الفكرية الثقافية للعام الحالي- إلى وجود معايير ضيقة تتحكم في مسار عمل الأجهزة الإعلامية أهمها تغلب حب الأنا والذات طمعا في تحقيق مصالح غير مشروعة وهيمنة بعض العصبيات كالمناطقية والسلالية والحزبية وغيرها. وذكر المصري: أن اليمن تعرضت لحملات تشويه إعلامية قامت بها عناصر تنتمي إلى الوطن هدفها الإضرار بهذه البلد وسمعتها مستعرضا بعض الامثلة على ذلك في تعامل بعض وسائل الإعلام الحزبية مع بعض الأحداث بصورة غير مسئوله, وذلك من خلال التهويل بشأنها كنوع من الإثارة السياسية ضاربه بمصلحة الوطن عرض الحائط, وهذا عكس نفسه على الإعلام الخارجي, الذي أدى في نهاية الأمر إلى أن أصدرت بعض الدول الأوروبية وغيرها تحذيراً لرعاياها من زيارة اليمن, بل وقيام بعض الحكومات الغربية بإغلاق سفاراتها وقنصلياتها في العاصمة صنعاء أكثر من مرة كماأدت وسائل الإثارة الإعلامية إلى تهييج الرأي العام وتعريض الحكومة لإحراجات وضغوطات منظمات حقوق الإنسان, والتي منها المنظمات العالمية التي قام أعضائها بزيارات متكررة إلى اليمن للإطلاع على أحوال السجناء, وصدور بعض التقارير من قبل بعض تلك المنظمات مفادها الإضرار باليمن , على الرغم من أنها قد استندت في هذه التقارير إلى معلومات خاطئة. ونوه المصري الى أن دور الإعلام غير الرسمي بشأن الفتنة التي أحدثها المدعو الحوثي في محافظة صعده لم يرق هو الآخر إلى مستوى التحدي والإسهام بإيجابية في إتجاه معالجة هذه الأزمة, حيث أنه على إثر المعارك بين الجانبين وحدوث أخطأ من قبل الطيران العسكري الحكومي أو أنه لم يَصب أهدافه ظهرت الإشاعات وحديث الكرامات, التي منها أن العناية الإلهية تقاتل مع الحوثي وجماعته, وقد أحدثت هذه الإشاعات تأثيراً أدى إلى رفع معنويات هذه الجماعة. كما وجهت المعارضة نقدها الشديد ضد إجراءات الحكومة التي وصفتها بأنها متهورة وغير مشروعة, وتنتهك الحريات وتتخذ إجراءات ضد مواطنيها قبل التثبت، مستخدمة في ذلك الأسلحة المختلفة، وقد عللت المعارضة قولها هذا بأن الحكومة تتبع سياسة التعتيم الإعلامي حول ما يجري بل إن أحزاب اللقاء المشترك أصدرت بياناً احتوى مضامين هذا الانتقاد بتفصيل أكبر ...إلخ ([1]). وقد قوبل ذلك البيان الصادر من أحزاب اللقاء المشترك بهجوم إعلامي رسمي مضاد, تمثل بردود عنيفة من قبل صحف الحزب الحاكم, متهمة تلك الأحزاب بالتواطؤ والخيانة..., ناهيك عن تلك التصريحات من قبل بعض ممثلي النظام الحاكم, تضمنت التهديد بحل تلك الأحزاب...، كونها بموقفها المشار إليه تبرر تلك الفتنة, وتشجع المتمردين على الخروج عن الدستور والقانون..., ولم تشأ المعارضة أن تستسلم أو تخضع لذلك التهديد , فصعدت موقفها, وحركت منظمات المجتمع المدني لإصدار البيانات المنددة بخيار الحرب..., بل نفذت الأحزاب إعتصامات في مقارها في إطار الحملة ضد الحكومة. وأشار الى ردود الفعل المتناقضة بين موقفي الحكومة وأحزاب المعارضة من الفتنة المذكورة وكيفية معالجتها مؤكدا أن الإعلام اليمني بشقية (الرسمي وغير الرسمي) لم يقفا في خندق واحد لمعالجة تلك الفتنة أو الأزمة, وهو مؤشر خطير باستمرار تفاقم علاقة سؤ الثقة وتعارض المصالح الأنانية بين الطرفين على حساب مصالح الوطن العليا, مما جسدَّ بشكل أكبر تلك الأزمة السياسية القائمة بين الطرفين إلى جوار تلك الأزمة المتمثلة بفتنة الحوثي. وأن الصراع قد أدى بالحزب الحاكم وأحزاب المعارضة إلى محاولة كل طرف تدمير الخصم المزعوم وإنهاء وجوده وأن كلاً من الحزب الحاكم والمعارضة يعتقدان أن استمرار وجود أحدهما لا يتم إلا في ظل الصراع وخلق العدو المزعوم ومن ثم فإن استمرارهم في هذه السياسة سيجعل اليمن يعيش في أزمات متداعية وهذا يعني استمرار اعتداء كل طرف على القيم الإيجابية نكاية بالطرف الأخر غير عابئ بما سيؤل إليه أمر البلاد في النهاية من دمار وخراب. واستنكر الدكتور علي المصري أن يستعدي الإعلام اليمني العدو الأجنبي ضد المؤسسات الوطنية الحكومية والأهلية والرموز الدينية والوطنية، أو أن يظهر الإعلام بعض المتحدثين المسلمين على شاشة الفضائيات ليكشف أحدهما أو كلاهما سوأت الأمة ورموزها الدينية والوطنية وأن يظهر بعض المتحدثين على الفضائيات ليتبارزوا في معركة إعلامية خاسرة، خاصة عندما يخلوا حديثهم من أخلاق العلم وآداب السياسة وأن يُسْتَغَل الإعلام لنشر معلومات أو أخبار ليستفيد منها الأجنبي ، وتسبب الإضرار بالأمة والوطن. وأكد في حديثه أن محاولة الطالب النيجيري (عمر فاروق عبد المطلب ) تفجير الطائرة الأميركية "سيناريو مرتب"، يراد منه النيل من اليمن وإلصاق تهمة الإرهاب الدولي به، خاصة بعد أن بينت التحقيقات عن تلقيه تدريبا وتجهيزه بمعدات تفجير من اليمن، وهو الأمر الذي لقي نفيا رسميا واستغرابا من أحزابا من المعارضة. من جانب أخر وفي هذه الفعالية التي ترأسها الدكتور ياسين سعيد نعمان الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني استعرض نقيب الصحفيين ياسين المسعودي المنطلقات الفكرية والأهداف السياسية للخطاب الإعلامي ودوره في مواجهة هذه الظاهرة، منوهاً بضرورة تخلي الخطاب الإعلامي عن أي انتماءات في تناوله لمواضيع الإرهاب والتطرف كونها ظاهرة تضر بالجميع. وتطرق إلى الإشكاليات وجوانب القصور في الخطاب الإعلامي التي من أبرزها قلة الإمكانيات المناسبة، لافتاً إلى مفارقة حصول بعض قادة الإرهاب على درجات علمية متقدمة من المجتمعات الغربية ومعايشته لهم ومن ثم اتخاذ المواقف المتشددة والمتطرفة.