بعد شهرين من انتخابات عامة لم تسفر عن فائز واضح بات العراق محاصراً في معركة بين رجلين يتصارعان على السلطة مما يهدد أمنه الهش وآماله في الاستقرار . ويقول محللون انه سواء كان رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي يقدمان الطموحات الشخصية على صالح الأمة فان معركتهما قد تذكي التوتر الطائفي وتدعو إلى تدخل أجنبي . وتقول جالا رياني المحللة في "إي . اتش . اس" غلوبال انسايت ميدل ايست "المعركة ترجع بأشكال عديدة إلى الكراهية الشخصية بين الاثنين وهو أمر يهدد الاستقرار السياسي الآن" . وكانت كتلة تتكون من طوائف مختلفة ويقودها علاوي قد فازت بفارق مقعدين على كتلة المالكي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس/آذار . ولم يحصل أي منهما على النسبة الكافية لتشكيل حكومة مما ترك البلاد في حالة من عدم اليقين السياسي . ويريد الاثنان الحصول على منصب رئيس الوزراء وقد تؤدي الأزمة الناتجة عن هذا إلى عرقلة خطط الولايات المتحدة لإنهاء العمليات القتالية في أغسطس/آب وتستدعي تدخلا أعمق من جيران مثل إيران والسعودية . وقال علاوي إن تقدمه بفارق طفيف في الانتخابات يعطيه الحق في تشكيل حكومة وقيادتها وهو الادعاء الذي سارع المالكي إلى الاعتراض عليه . ويقول محللون إنه من غير المرجح فيما يبدو أن ينسحب أي منهما بسلاسة . وقال المحلل جوست هيلترمان من المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "أحد الاثنين سيسود .هذا سيناريو من شأنه زعزعة الاستقرار" .أضاف "من الصعب تصور كيف ستكون حكومة يقودها أحدهما جامعة شاملة لان الآخر سيرفض المشاركة" . ومنذ فترة طويلة يشير مسؤولون أمريكيون ومن الأمم المتحدة إلى أن ديمقراطية العراق الوليدة لن يحدد ملامحها من يفوز بالانتخابات بقدر ما سيحددها سلوك الخاسرين . وحتى الآن لا يبدو أن أيا من الطرفين يريد لعب دور المعارضة السياسية . ولم تعط الانتخابات التي كانت نتيجتها غير حاسمة لأي من اللاعبين الرئيسيين الأغلبية الساحقة اللازمة ليشكل حكومة بمفرده . ويتصارع الساسة من جميع الطوائف القوميات على مكان في الحكومة الجديدة . كما حاول علاوي التودد للائتلاف الوطني العراقي لكنه واجه صراعاً عسيراً لتشكيل ائتلاف . وترك هذا ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي والقائمة العراقية بقيادة علاوي أمام خيار جديد هو محاولة تشكيل أغلبية برلمانية معا . لكن أعضاء في معسكري المالكي وعلاوي يقولون إن كلاً منهما يريد منصب رئيس الوزراء . وقال المحلل السياسي العراقي إبراهيم الصميدعي انه في كل مرة يحتدم فيها الصراع بين المالكي وعلاوي يصبح هذا عاملا في إخراجهما من المنافسة على السلطة لأنهما بدآ يثيران مخاوف وقلق الآخرين . وقال انه لا بد من توصلهما لتسوية . ونجح المالكي في تحقيق طلبه إعادة فرز الأصوات في بغداد والذي اعتبر محاولة لإنهاء تقدم "العراقية" . ومما يزيد الوضع سوءاً بالنسبة للعراقية اعترضت هيئة هدفها منع أنصار حزب البعث المحظور الذي كان مهيمنا في عهد صدام من العودة إلى الحكم على صحة الأصوات التي أدلي بها لمرشحين لهم صلات مزعومة بحزب البعث ومعظمهم من القائمة العراقية . وحشد علاوي الطبيب الذي تدرب في بريطانيا وتولى منصب رئيس الوزراء المؤقت عامي 2004 و2005 دعم دول بالمنطقة للتدخل وقال إن على المجتمع الدولي تنظيم انتخابات جديدة . وقالت رياني "اختار علاوي أن يجعل من نفسه رجل الدول ذات النفوذ بالمنطقة . . . كوسيلة لموازنة (نفوذ) المالكي الذي تزداد شعبيته تراجعاً على مدى الوقت في أنحاء المنطقة" . أضافت "من المؤكد أن يثير هذا مخاوف من ظهور سيناريو يشبه النموذج اللبناني بالعراق حيث يتطلع لاعبون داخليون إلى داعمين خارجيين لتعزيز رصيدهم السياسي في الداخل" . (رويترز)