عزيز محمد - أخيرا اتفق المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأحزاب المشترك المعارضة في اليمن بعد تباين في المواقف والاراء حول قضايا كثيرة أهمها الانتخابات والإصلاح السياسي .. هكذا يبدو المشهد بعد ان اعلن الطرفان عن تنظيم 8 تظاهرات في العاصمة صنعاء لكن هذا الاتفاق كان على اقتسام العاصمة بالتساوي للتظاهر فيها صباح اليوم الخميس. المشترك والذي بدأ تظاهرات صغيرة متفرقة في عدد من المحافظات خلال الايام الماضية دعا في بلاغ صحفي أنصاره إلى المشاركة في أربعة مهرجانات بالعاصمة للتنديد بالإجراءات الانفرادية للحاكم وتأبيد منصب رئيس الجمهورية، والأوضاع المعيشية المتردية في البلاد . والمؤتمر الذي نظم مهرجانات في عواصم عدة محافظات دعا أنصاره إلى المشاركة في أربعة مهرجانات بالعاصمة للمطالبة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد باعتبارها استحقاقاً دستورياً يملكه الشعب ولا يجوز التنصل عنه، وكذا عن موقفهم المؤيد عن تأييدها للإصلاحات السياسية التي تضمنتها التعديلات الدستورية المنظورة أمام البرلمان. حزب السلطة كما المعارضة ، جميعهم حددوا اماكن تظاهراتهم والتي لم يكن من ضمنها المناطق المعروفة بإحتضانها لهكذا فعاليات كميدان السبعين وميدان التحرير وملاعب كرة القدم ، وهي اشارة الى ان الطرفان ارادا التذكير بقدرتهما على تحريك الشارع. المشترك سبق واعلن عن تظاهراته ، في حين ان المؤتمر الشعبي العام فاجأ الجميع بدعوته انصاره مساء امس الخروج صباحا الى مناطق حددها بالتنسيق مع وزارة الداخلية تتساوي من حيث العدد مع تلك التي دعا لها المشترك. وزارة الداخلية استبقت هذه التظاهرات بإجراءات امنية مشددة فرضتها على مداخل العاصمة حيث من المقرر ان يدخل اليها انصار المشترك من محافظات خارج صنعاء ، في حين يراهن المؤتمر على شعبيته في العاصمة ليسير مظاهرة حاشدة مؤيدة لتوجهاته نحو اجراء الانتخابات وتعديل الدستور. مواجهة الشارع بالشارع خطوة فيها كثير من التهور والقصور في الرؤية من قبل الطرفين لان البلد لا تحتاج الى تعكير الأجواء ورفع منسوب الاحتقان كون جنوبه مثخن بالجراح وشماله لازال يقطر دما وشرقه يكاد يكون تحت سيطرة تنظيم القاعدة تعبث فيه كما تشاء. احد المنظمين لتظاهرة المشترك اكد ل"الوطن" انهم جاهزون لاي احتمالات قد تصادفهم بما فيها العنف مع انصار المؤتمر الشعبي العام والذي بدورة سيحشد مستخدما نفوذه السلطوي. وبذلك سيكون أبناء العاصمة وغيرهم من اليمنيين اليوم الخميس على موعد مع تظاهرات متزامنة وتحمل لافتات وشعارات عدائية واقصائية للطرف الأخر وهو ما ينذر بفتنة لا احد يعتقد ان هناك يمنيا واحد سينجو من ويلاتها . فشل الساسة في طرفي الخلاف سلطة ومعارضة على تجاوز نقاط الخلاف والتوافق على رؤية لإجراء الانتخابات وإصلاح النظام السياسي رغم كثير من نقاط الالتقاء بين الجانبين دفع البلد نحو مزيدا من التأزيم المنذر بأيام قاتمة قد يتمنى الحاكم والمعارضة لو انهم ما هرولوا إليها. المشترك رفع سقف مطالبه المتعلقة بالإصلاحات السياسية إلى المدى الذي يصعب استيعابه من الحزب الحاكم الذي يتذرع هو الاخر بمواعيد دستورية يجب الالتزام بها رغم انه يعد لتعديل هذا الدستور وفق رؤية انفرادية لا تعترف بالأخر كشريك سياسي تقتضي مصلحة الوطن التنازل له قبل أن يفوت القطار. النموذج التونسي لا يمكن أن يتكرر في اليمن لان الشارع في بلد تفوق قطع السلاح عدد سكانه لن يكتفي بحرق مقرات الحاكم وشركات الفاسدين ، كما لن يفسح الحزب الحاكم الساحة لمعارضيه لكي يجهزوا له النعش والكفن بل سيدفع بأنصاره إلى الشارع لتكتمل حلقة العنف والخراب. العقلاء أن وجدوا بين الفريقين مطالبون اليوم بوقفة جادة تنزع فتيل الأزمة التي يدفعون شعب إلى محرقتها بعد ان ظل طوال السنوات الماضية يكتوي بلهيب توافقات وصفقات ومصالح أفقدته الأمل في مستقبل جديد ينزع عن كاهله حمل السنين العجاف. تعديل الدستور واجراء انتخابات تصعد بمشائخ ورجال دين الى تحت قبة البرلمان ليست اهم من لم شتات وطن بدأت عظامه تأن من سياط الافساد والانفلات والسياسات العرجاء التي افقرت الجميع ليغتني ثلة من الفاسدين والمقربين من مراكز النفوذ. وطموح بعض قادة المشترك الكبير ليس ذا جدوى ان كان سيمر عبر فوضى لن تكون خلاقة في وضع اصبح بحاجة لترميم اوصاله المتهتكة وليس انتزاع ما تبقى من نبض في انسجته المرتخية. التظاهرات الثمان التي ستشهدها العاصمة صنعاء اليوم هي في "سبيل الشيطان" لانها ستكون منطلقا لفترة من الصراع حول رؤى سياسية ليس بينها وبين احتياجات المواطن صلة.