خالد الحمادي * - ذكر مواطنون يمنيون أن التحركات السياسية التي جعلت المعارضة والسلطة تلجآن لاستخدام الشارع ضد بعهضما البعض، أثبتت أن كلا منهما استخدم ورقة الشارع لتحقيق مصالحه السياسية، دون الالتفات لمطالب الشارع الحقيقية التي يعاني منها الغالبية العظمى من اليمنيين وهي الحالة المعيشية الصعبة. وقالوا ان المعارضة دغدغت عواطف الشارع اليمني ودفعت به للتظاهر ضد النظام بمبرر أن السلطة هي السبب الرئيس لسوء الأوضاع المعيشية بسبب مؤسسة الفساد التي نهبت ثروات البلاد والعباد بشكل منظم، بينما المعارضة في واقع الأمر استخدمت الشارع كوسيلة قوية للضغط على السلطة لتلبية مطالبها السياسية، دون الالتفات للمطالب الشعبية المتركزة حول المطالب الاقتصادية. وأوضحوا أنه في المقابل استخدم حزب السلطة المؤتمر الحاكم اتباعه للتظاهر ضد المعارضة الخميس الماضي بحجة أن المعارضة تدعو للفتنة وللفوضى ولتعكير صفو الحياة العامة، غير أنه في حقيقة الأمر استخدم الشارع لتثبيت نظامه السياسي ومحاولة إعطاء إيحاء بأنه لا زال يحتفظ بالشرعية وبالشعبية. وقال عبد الحفيظ الريمي، عامل، لا يهمنا تغيير النظام ولا يعنينا من يحكمنها ولكن ما يهمنا هو تحسين الوضع المعيشي وتوفير فرص عمل واستيعاب البطالة الكبيرة في بلادنا. وأشار إلى أن الطبقة العاملة في اليمن تعبت كثيرا من سوء الأوضاع الاقتصادية، ومن نقص فرص العمل ومن قلة الرواتب والعائد المادي للأعمال التي يقومون بها. وأكد محمد قاسم البعداني، موظف، انه يتمنى أن يتغير الوضع بشكل كامل، لأن اليمنيين أصيبوا باليأس من إمكانية تحسن الأوضاع المعيشية، وأن الوضع الاقتصادي منذ عدة عقود يسير من سيئ إلى أسوأ، وفقدوا الأمل في تغيّر الأوضاع نحو الأفضل في ظل النظام الحالي لأنه قائم على بيئة فاسدة تلتهم ثروات البلاد وانتشرت في ظله بيئة طاردة للاستقرار الاقتصادي ولا تتيح مجالا أمام الاستثمارات الخاصة والعامة. وقال 'صحيح أن اي نظام قادم قد لا ييستطيع حل المشكلة الاقتصادية بعصا سحرية، لأن مقدرات البلاد محدودة، ولكنه على الأقل قد يحد من حجم الفساد المستشري في البلاد، ويوفر بيئة جيدة للاستثمار المحلي والأجنبي ويوفر ضمانات للاستقرار الاقتصادي'. إلى ذلك ذكر سمير الشوكاني، طالب جامعي، أن الهم العام للمواطنين العاديين هو الهم الاقتصادي والذي أثقل كاهل غالبية اليمنيين، فيما يقع التغيير السياسي في مراحل متأخرة لديهم، حيث يعتبرون أن الانتعاش الاقتصادي هو الغاية بينما التغيير السياسي هو وسيلة لتحقيق الطموح والغاية لديهم. وقال 'أعتقد أن الشعب اليمني ليس لديه خصومة شخصية مع الرئيس علي عبد الله صالح من أجل المطالبة بتغييره ولكن المشكلة في مؤسسة الفساد التي خلقها خلال فترة حكمه الطويل، وبالتالي أصبح هو يتلقى الضربات نيابة عنهم، بحكم أنه في رأس الحربة'. وأشار إلى أنه لا أحد يستطيع أن يتبنأ أن تغيير النظام يمكن أن يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية، لأن النظام البديل لنظام صالح قد لا يكون الأحسن، والأيام لا تأتي بالأفضل على حد تعبير القول الشائع. سالم المحفدي، جندي، قال 'أنا كجندي في القوات المسلحة لا أرى في الراتب الشهري الذي نتقاضاه إلا بمثابة 'بقشيش' من الحكومة نظير عملنا الشاق الذي نقوم به، وإلا فإن هذا الراتب لا يكفي حتى لتكاليف المواصلات ومصروف الجيب اليومي. وقال 'نحن عايشين بالبركة، ونشعر بالقلق الشديد إذا ما داهمتنا بعض الظروف الصعبة وبعض المهام القاسية، لأننا نجد أنفسنا بلا ضمان ولا أمان إذا ما قدر الله وجرى لنا أي مكروه، وبالتالي قد يتردد الواحد منا ألف مرة قبل الاستجابة لأوامر مسؤوله، بسبب المشكلة المعيشية الصعبة التي ستدفع بأطفالنا وأسرنا نحو الشارع ونحو الفقر المحقق'. من جانبه قال علي الشامي، موظف حكومي، نشعر بالاستقرار السياسي في ظل حكم الرئيس صالح لكن نظامه قصم ظهورنا اقتصاديا، ودفع بنا نحو الفقر الحقيقي على الرغم من أننا نعتبر أنفسنا موظفين حكوميين محترمين، حيث أن رواتبنا أصبحت لا تكفي حتى لسد الاحتياجات الضروية، وأضحى الموظف الحكومي محسوبا على شريحة الفقراء. وأضاف 'أستحي من أطفالي عندما يطلبون مني لعبة أو تورتة أو فستانا جديدا، لأن أي طلب من هذا النوع يعني زيادة الأعباء التي لا أقوى على الاستجابة لها'. وقال 'نحن عندما نؤيد المعارضة بالمطالبة بالتغيير، ليس بالضرورة أننا راضون عن سلوك قيادات المعارضة، وليس بالضرورة أننا راضون عن تطلعهم لتسلم زمام الحكم، لأن وضع اليمن قد يكون أسوأ في عهدهم، ولكن ضغوط المعارضة على النظام للمطالبة بالتغيير تبعث لدينا الأمل في إمكانية تغيير الحال الاقتصادي'. *المصدر : القدس العربي