أكدت الأنباء الواردة من إيران أن عناصر الأمن المنتشرة في العاصمة الإيرانية وفي مدن أخرى قمعت وبوحشية آلاف المتظاهرين في مسيرات خرجت إلى الشوارع تلبية لدعوة المعارضة للمطلبة بالتغيير على النمط المصري والتونسي. وقامت عناصر من وحدات "الباسيج" كان بعضهم في ملابس مدنية بمهاجمة المحتجين الذين كانوا يهتفون "الموت للديكتاتور." بينما سدت الشرطة الايرانية الطريق المؤدي الى منزل احد قادة المعارضة رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، وقطعت ايضا عنه خطوط الهاتف لمنعه من المشاركة في تظاهرة حسب ما ذكر موقعه على الانترنت الاثنين. ونقل شهود عيان أن المواجهة الأعنف وقعت في ساحة "الإمام الحسين" في طهران، كما قامت الشرطة بإطلاق قنابل مسيلة للدموع ضد المعارضين قرب جامعة طهران، واستخدمت المسدسات التي تطلق كرات الطلاء لمواجهتهم، واعتقلت عدداً منهم. وأضاف الشهود أن الآلاف ساروا في جادة "الثورة" وهم يطلقون الهتافات المؤيدة للزعمين الإصلاحيين، مير حسين موسوي، ومهدي كروبي، اللذين كانا قد دعيا للمظاهرة بهدف دعم التحركات الشعبية في مصر وتونس من جهة، وتأكيد معارضة النظام الإيراني الحالي من جهة أخرى. واندلعت الاشتباكات في ساحة ازادي (الحرية) وسط طهران عندما بدأ حشد من انصار المعارضة بالهتاف "الموت للديكتاتور" وهو الشعار الذي اطلقه متظاهرون ضد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد عقب اعادة انتخابه في 2009. وجاء في موقع "كلمة.كوم" التابع للمعارض مير حسين موسوي ان "تقارير غير مؤكدة ذكرت انه تم اعتقال مئات المتظاهرين في طهران. وتعتبر هذه التظاهرات التي جرت رغم الحظر المفروض عليها، الاولى المناهضة للحكومة التي تشهدها طهران منذ 11 شباط/فبراير 2010 عندما خرج نشطاء الى الشوارع للاحتفال بالذكرى ال31 للثورة الاسلامية. وذكر موقع "راهيسابز.نت" المعارض ان المتظاهرين رددو هتافات ضد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي، وهتفوا "بن علي مبارك، انه دورك يا سيد علي". وقال موقع "كلمة.كوم" ان "الشرطة اقتحمت حافلات كانت تقف في زحمة السير على الطريق (بين ساحة ازادي وساحة انقلاب) وقامت بضرب النساء لنشر الخوف بين الركاب". واضاف الموقع ان المتظاهرين استخدموا الهواتف العمومية في الشوارع، وهاجم الشرطة الاشخاص الذين يستخدمون هواتفهم النقالة للتصوير. وذكرت مواقع الانترنت والشهود ان آلاف من انصار المعارضة خرجوا الى شوارع العاصمة لدعم الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العالم العربي رغم الانتشار الكثيف للشرطة. وقام بعضهم باضرام النار في حاويات القمامة اثناء اطلاقهم الشعارات ضد احمدي نجاد. وتم وقف خدمة الهواتف النقالة كما انقطعت الكهرباء عن مناطق كانت تجري فيها التظاهرات، بحسب شهود عيان. وطوقت السلطات الايرانية منزل موسوي لمنعه من المشاركة في المسيرة التي قال انصار النظام انها خطة لتنظيم احتجاجات مناهضة للحكومة مشابهة لتلك التي هزت الجمهورية الاسلامية في عام 2009. ويخضع زعيم المعارضة مهدي كروبي للاقامة الجبرية منذ نحو اسبوع وتمنع عائلته واقاربه من زيارته، بحسب موقعه على الانترنت "سهامنيوز.اورغ"، فيما قال موقع "راهيسابز.نت" انه جرت محاصرة الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يدعم المعارضة. وفيما اعربت ايران عن دعمها للثورة في تونس ومصر، قالت وزارة الداخلية ان طهران منعت مسيرة اليوم التي سعى موسوي وزعيم المعارضة الاخر مهدي كروبي الى تنظيمها. وذكر شهود عيان ومواقع الكترونية ان انصار المعارضة ساروا في جماعات متفرقة بصمت باتجاه ساحة ازادي قادمين من انحاء مختلفة من العاصمة تحت مراقبة شديدة من الشرطة التي حاولت تفرقتهم. وانتشر عناصر شرطة مكافحة الشغب على دراجات نارية مسلحين بالبنادق والغاز المسيل للدموع والهراوات وكرات الطلاء ومعدات اطفاء الحرائق في الساحات الرئيسية في العاصمة لمنع اي تجمعات. وصرح شاهد عيان اخر ان "بعض رجال الشرطة يطاردون المحتجين من اجل تفريقهم"، مضيفا ان نحو الف من رجال شرطة مكافحة الشغب نشروا في ساحة الامام حسين والمنطقة المحيطة بها. وانتشرت اعداد متزايدة من الشرطة وميليشيا الباسيج في مواقع في ساحة حتف التير التي شهدت احتجاجات شديدة مناهضة للحكومة في عام 2009. واكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الاثنين ان الولايات المتحدة تؤيد مطالب المتظاهرين الايرانيين الذين قاموا بمسيرة مناهضة للحكومة في طهران، ودعت في الوقت نفسه النظام الايراني لتبني نظام سياسي "منفتح". وبدأت وزارة الخارجية الاميركية بارسال رسائل تويتر للايرانيين باللغة الفارسية، واشارت الى "الدور التاريخي" الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في الاحتجاجات الواسعة ضد اعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. وبدأ ارسال تلك الرسائل الاحد في الوقت الذي اتهم مسؤولون اميركيون ايران بالنفاق من خلال دعمها للثورة المناهضة للحكومة في مصر وفي الوقت ذاته منع التظاهرات ضد الحكومة الايرانية. وعلى موقع "يواس دارفارسي" على تويتر قالت وزارة الخارجية انها "تدرك الدور التاريخي للاعلام الاجتماعي بين الايرانيين" وانها "تريد الانضمام الى محادثاتكم. وفي رسالة اخرى قالت الخارجية "ايران اظهرت ان النشاطات التي اشادت بالمصريين لقيامهم بها، تعتبرها غير قانونية وغير مشروعة لشعبها". وفي رسالة ثالثة، قالت الوزارة ان اميركا تدعو "ايران الى السماح لشعبها بالحصول على نفس الحقوق العالمية بالتجمع السلمي والتظاهر كما حدث في القاهرة". وفي السياق انتقدت منظمة العفو الدولية السلطات الايرانية لفضها مظاهرة نظمت دون ترخيص في طهران يوم الاثنين واعتقالها عشرات المحتجين وقالت ان هدف حملة القمع هو منع عمل النشطاء واخراس المعارضة. وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في منظمة العفو الدولية "للايرانيين الحق في التجمع للتعبير سلميا عن تأييدهم لشعبي مصر وتونس." واضافت "السلطات مسؤولة عن الحفاظ على الامن العام لكن هذا ليس مبررا لحظر احتجاجات من اختاروا ممارسة هذا الحق وفضها." وورد ان احتجاجات نظمت في مدن اخرى في شتى انحاء ايران من بينها اصفهان وشيراز وكرمنشاه. وقالت منظمة العفو الدولية ان المظاهرة تأتي في غمرة موجة من عمليات الاعتقال الوقائية التي شملت العديد من النشطاء السياسيين وغيرهم على مدى الايام الاخيرة. ومنعت السلطات الاعلام الاجنبية من تغطية التظاهرات. وفي وقت لاحق الاثنين ذكر موقع التلفزيون الرسمي ان التظاهرات انتهت وان حشودا تظاهرات كذلك دعما للنظام. ولا يزال الزعيمان وانصارهما يصران على رفض رئاسة احمدي نجاد ويقولان ان انتخابات الرئاسة التي جرت في حزيران/يونيو 2009 تعرضت لعمليات تزوير واسعة. وشارك في التظاهرات التي اعقبت اعلان نتيجة الانتخابات مئات الالاف خرجوا الى شوارع طهران وغيرها من المدن الايرانية محدثين اهتزازا في اركان الجمهورية الاسلامية. وقامت السلطات الايرانية بقمع هذه التظاهرات ما ادى الى مقتل واصابة العشرات واعتقال الالاف على يد قوات الامن وميليشيا الباسيج. وكانت الدبلوماسية الإيرانية ووسائل الإعلام الرسمية في إيران قد دخلت بقوة على خط الأحداث الجارية في مصر في أواخر الشهر الماضي، عبر بيانات تأييد لتحركات المحتجين، وصل بعضها إلى حد اعتبار ما يحصل بالقاهرة من آثار "الصحوة التي أطلقتها الثورة الإسلامية." وتحدثت قائد بارز بالحرس الثوري عن انتقال الأحداث من مصر لدول أخرى، بينما صدر بيان ترحيب عن لجنة أشرفت على إنتاج الفيلم المثير للجدل، "إعدام فرعون." (ا ف ب – رويترز – سي ان ان )